اتحاف عقلاء البشر بأخبار المهدي المنتظر.... منقول للفائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
المهدي المنتظر

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّه وخَلِيلُه، وخِيرَتُه مِنْ خَلْقِهِ وحَبِيبُه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، (آل عمران؛ 3: 102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، (النساء؛ 4: 1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، (الأحزاب؛ 33: 70 - 71).
«إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ ْهَدْيِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسَلَّمَ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ».
والصلاة والسلام والتبريكات التامة الكاملة على نبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المخلصين المجاهدين، وهو الأسوة الحسنة، نعم الأسوة، ونعم القدوة.

أَمَّا بَعْدُ: فقد كثر جدل الناس هذه الأيام حول (المهدي المنتظر)، وتضاربت الأقوال، وتناقضت الروايات، فكان لا بد من دراسة حديثية منضبطة، لعلنا نصل إلى يقين معتبر في هذه المسألة الشائكة، التي جمحت بالناس فيها الآمال والعواطف فتركوا قواعد العقل، وأصول النقل المنضبطة.

| فصل: توطئة: إخبار النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بما هو كائن إلى يوم القيامة

قبل أن نسرد الأحاديث ونناقشها لا بد أولاً من الإشارة والتنبيه إلى أن المنهج الحديثي المتبع في أحاديث الفتن وأشراط الساعة يختلف، بلا ريب، عن المنهج المتبع في الأحاديث التي فيها حلال وحرام والتي نرتكز عليها في العقائد والأصول. فقد ضمنا وأمنا أن لا يكون حديث فيه حلال أو حرام إلا وسيصلنا بطريق متصل صحيح عبر رجال كلهم ثقات ضابطين، يقيم الله بهم الحجة علينا. وأما في أحاديث الفتن فهذا غير متحقق في جميع الأحوال، وإن كان ربما تحقق في بعضها.
وقد أعلم الرسول، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الصحابة بالفتن التي ستحصل إلى يوم القيامة، فكان حذيفة بن اليمان العبسي، رضي الله عنهما،من أحفظهم وأكثرهم عناية بها، ومع ذلك فلم يحفظ حذيفة أكثرها، ولم يخبر حذيفة الناس بكل ما حفظ منه، وكذلك أبو هريرة، كما هو ثابت بنقل التواتر:
* فقدأخرج الإمام البخاري في صحيحه (ج3/ص1166/ح3020) عن عمر بن الخطاب: [وروي عيسى عن رقبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال سمعت عمر يقول قام فينا النبي مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه]

* وأخرج الإمام الطيالسي في مسنده (ج1/ص58/ح433)، عن حذيفة بن اليمان، بإسناد في غاية الصحة، على شرط الشيخين، وزيادة: [حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن حذيفة قال قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة]؛وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج5/ص386/ح23329)؛ وربما غيرهم،

* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج5/ص407/ح23507) بإسناد في غاية الصحة عن حذيفة بن اليمان: [حدثنا أبو اليمان قال وأخبرنا شعيب عن الزهري قال كان أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني يقول سمعت حذيفة بن اليمان يقول والله إني لأعلم بكل فتنة وهى كائنة فيما بيني وبين الساعة وما بي أن يكون النبي، صلى الله عليه وسلم، أسر إلى في ذلك شيئا لم يحدث غيري به ولكن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال وهو يحدث مجلسا أنا فيهم عن الفتن قال وهو يعدها منهن ثلاث لا يكدن يذرن، شيئا ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار؛ قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري]؛ وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه (ج4/ص2217/ح2891)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج5/ص388/ح23339)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص518/ح8454)؛ وربما غيرهم،

* وأخرج الإمام ابن حبان في صحيحه (ج15/ص6/ح6636) بإسناد صحيحعن حذيفة بن اليمان: [أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فما ترك شيئا يكون في مقامه إلى أن تقوم الساعة إلا حدث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء وإنه ليكون الرجل منه الشيء قد نسيه فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه فإذا رآه عرفه]؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج5/ص385/ح23322)، و(ج5/ص401/ح23453)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص534/ح8499)، ثم قال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة)؛ وربما أخرجه أيضاً غيرهم.

* وأخرج الإمام الحاكم في مستدركه (ج4/ص519/ح8456) بإسناد حسن عن حذيفة بن اليمان: [أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وحدثني أبو بكر بن بالويه قالا: أنبأ محمد بن أحمد بن النضر الأزدي حدثنا جدي معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن عاصم عن زر عن حذيفة رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مقاما أخبرنا بما يكون فيه إلى قيام الساعة عقله فينا من عقله ونسيه من نسيه]، ثم قال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد رواه أبو عوانة وأبان بن يزيد القطان عن عاصم وعاصم بن أبي النجود إمام متفق على إمامته في القرآن وسائر العلوم إذا انفرد بالحديث لزمنا قبوله)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص519/ح8457)؛ وربما غيره،

* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج4/ص254/ح18249) بإسناد صحيحعن المغيرة بن شعبة: [حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا هاشم يعني بن هاشم عن عمرو بن إبراهيم بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن المغيرة بن شعبةأنه قال قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مقاما فأخبرنا بما يكون في أمته إلى يوم القيامة وعاه من وعاه ونسيه من نسيه]؛ وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير (ج20/ص441/ح1077)؛ وربما غيرهم،

* وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (ج4/ص2218/ح2892) عن عمرو بن أخطب: [وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر جميعا عن أبي عاصم قال حجاج حدثنا أبو عاصم أخبرنا عزرة بن ثابت أخبرنا علباء بن أحمر حدثني أبو زيد يعني عمرو بن أخطب قال صلى بنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا]؛ وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ج15/ص10/ح6638)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج5/ص341/ح22939)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص533/ح8498) ثم قال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وقد أخرجه مسلم كما ترى؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج17/ص28/ح46)؛ أبو يعلى في مسنده (ج12/ص240/ح6845)؛ وربما غيرهم.

* أخرج الإمام الطبراني في مسند الشاميين (ج2/ص248/ح1278) عن أبي سعيد الخدريبإسناد جيد: [حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا عيسى بن يونس الرملي حدثنا ضمرة بن ربيعة عن بن شوذب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فما ترك شيئا بين يدي الساعة إلا حدثنا به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه].
- كذلكأخرجه الإمام الحاكم في مستدركه (ج4/ص551/ح8543) في حديث طويل، فيه مواعظ حسنة: [أخبرني عبد الله بن محمد بن موسى العدل حدثنا محمد بن أيوب حدثنا علي بن عثمان اللاحقي وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا حماد بن سلمة أنبأ علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلاة العصر ثم قام خطيبا بعد العصر إلى مغربان الشمس حفظها من حفظها ونسيها من نسيها، وأخبر فيها بما هو كائن إلى يوم القيامة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ألا أن بني آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت مؤمنا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت مؤمنا ألا أن الغضب جمرة توقد في جوف بن آدم ألم تروا إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئا فليلزق بالأرض ألا أن خير الرجال من كان بطئ الغضب سريع الفيء وشر الرجال من كان سريع الغضب بطئ الفيء فإذا كان الرجل سريع الغضب سريع الفيء فإنها بها وإذا كان الرجل بطئ الغضب بطئ الفيء فإنها بها ألا أن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب وشر التجار من كان سيء القضاء سيء الطلب فإذا كان الرجال حسن القضاء سيء الطلب فإنها بها وإذا كان الرجل سيء القضاء حسن الطلب فإنها بها؛ ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يقول بالحق إذا علمه: ألا أن لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته: ألا وأن أكبر الغدر غدر إمام عامة، ألا وإن الغادر لواؤه عند إسته؛ ألا وأن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر فلما كان عند مغربان الشمس قال إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها كمثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى]، ثم قال الإمام الحاكم: (هذا حديث تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي عن أبي نضرة والشيخان رضي الله عنهما لم يحتجا بعلي بن زيد)؛ وأخرجه الترمذي في سننه (ج4/ص485/ح2191)؛ وابن ماجه في سننه (ج2/ص1326/ح4000)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص61/ح11604)؛ والطيالسي في مسنده (ج1/ص287/ح2156)؛ والحميدي في مسنده (ج2/ص332/ح752)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج2/ص354/ح1101)؛ وربما غيرهم. قلت: علي بن زيد بن جدعان ليس بالقوي، ولا هو بالساقط بالكلية، قد أخرج له مسلم متابعة، وأخرج له الجمهور، وأكثر عنه الإمام أحمد بن حنبل؛ وجملة: (وأخبر فيها بما هو كائن إلى يوم القيامة) تصح عن ابي سعيد الخدري بالحديث السابق،وبالمتابعة التالية:
- فقد أخرج الإمام عبد بن حميد نحو ذلك في مسنده (ج1/ص286/ح912)باختصار شديد، وبإسناد يقبل التحسين: [حدثني يحيى بن حميد حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فحدثنا بما هو كائن إلى يوم القيامة]

* وأخرج الإمام الطبراني في معجمه الكبير (ج19/ص275/ح603) عن أبي مريم: [حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه حدثنا أبي (ح) وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا عثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن يزيد بن أبي مريم عن أبيه قال قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مقاما ثم حدثنا بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة] ولا خوف ها هنا إلا من اختلاط عطاء بن السائب لأن جرير بن عبد الحميد إنما سمع منه بعد الاختلاط؛ وربما أخرجه غيرهم.


| فصل: تخوف أبي هريرة من رأس الستين، وامتناعه عن التحديث عن بعض الفتن

ومن زاوية أخرى امتنع بعض الصحابة عن التحديث ببعضالفتن المتوقعة في عصرهمخشية تكذيب الناس لهم، أو الإصابة ببعض الأذى:
* فقدأخرج الإمام البخاري في صحيحه (ج1/ص56/ح120): [حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ)]؛ وهو من غرائب البخاري، ولم أجده عند غيره.
* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص539/ح10972)، و(ج2/ص540/ح10977) بإسناد صحيح: [حدثنا علي بن ثابت حدثني جعفر (هو: بن برقان الكلابي) عن يزيد بن الأصم قال: قيل لأبي هريرة: (أكثرت أكثرت!)، قال: (فلو حدثتكم بكل ما سمعت من النبي، صلى الله عليه وسلم،رميتموني بالقشع وما ناظرتموني)]
والوعاء الذي خبأه أبو هريرة هو في أحاديث الفتن، كما يظهر بيقين من الروايات التالية.

* فقد أخرج الإمام الحاكم في مستدركه (ج4/ص530/ح8489): [أخبرني محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ عبد الرزاق أنبأ معمر عن إسماعيل بن أمية عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه يرويه قال: (ويل للعرب من شر قد اقترب: على رأس الستين تصير الأمانة غنيمة، والصدقة غرامة، والشهادة بالمعرفة، والحكم بالهوى)]؛ ثم قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الزيادات).

* وأخرج الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص461/ح37236)، و(ج7/ص531/ح37751) بإسناد جيد: [حدثنا غندر عن شعبة عن سماك عن أبي الربيع عن أبي هريرة قال: (ويل للعرب من شر قد اقترب: إمارة الصبيان، إن أطاعوهم أدخلوهم النار، وإن عصوهم ضربوا أعناقهم)]

* وأخرج الإمام الطبراني في معجمه الأوسط (ج2/ص105/ح1397): [حدثنا أحمد قال حدثنا محمد بن معمر البحراني قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي حازم عن أبي هريرة أنه قال: (في كيسي هذا حديث لو حدثتكموه لرجمتموني!)، ثم قال: (اللهم لا أبلغن رأس الستين!)، قالوا: (وما رأس الستين؟!)، قال: (إمارة الصبيان وبيع الحكم وكثرة الشرط والشهادة بالمعرفة ويتخذون الأمانة غنيمة والصدقة مغرما ونشو يتخذون القرآن مزامير)، قال حماد، وأظنه قال: (والتهاون بالدم)]؛ ثم قال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن علي بن زيد إلا حماد تفرد به روح). علي بن زيد بن جدعان ليس بالقوي الحجة، ولا هو بالضعيف الساقط، قد أخرج له مسلم متابعة، وأخرج له الجمهور، وأكثر عنه الإمام أحمد بن حنبل؛ وشيخ الطبراني أحمد ها هنا هو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة، أبو بكر الحافظ، ثقة حافظمأمون، كان من الحذق والضبط على نهاية تُرْضَى بين أهل الحديث، مات أبو بكر بن صدقة الحافظ البغدادي في المحرم سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

* ولكن أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص448/ح9782): [حدثنا وكيع حدثنا كامل أبو العلاء قال سمعت أبا صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (تعوذوا بالله من رأس السبعين، وإمارة الصبيان)]؛ وبعينه، سنداً ومتناً، أخرجه الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص461/ح37235)؛ وأخرجه، من طرق أخرى، الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص355/ح8639)، و(ج2/ص326/ح8302)، و(ج2/ص326/ح8303)، و(ج2/ص326/ح8305)، وزاد بعضهم: (وقال لا تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع). قلت: (رأس السبعين) بدلاً من (رأس الستين) من أفاعيل أبي صالح هذا، وهو ميناء، مولى ضباعة، وهو لين الحديث، فلم يحفظ كما ينبغي ها هنا، وليس هو أبو صالح ذكوان، الثقة الثبت المشهور!

| فصل: لم يتكفل الله بحفظ أخبار الفتن
ما أسلفنا البرهنة عليه بنقل التواتر يدل على أن:
(1) - أحاديث الفتن ليست مما تكفل الله بحفظه وبنقله لنا؛
(2) - وأنها ليست من العلم الذي يأثم حامله بكتمانه.
فمن هنا نقول أنه لا بد من التساهل في أحاديث الفتن والأمور المستقبلية خاصة أن غالب أهل الحديث لم يولوها أهمية بنفس المقدار الذي أعطوه للأحاديث العقائدية والفقهية. حتى قال الميموني سمعت احمد بن حنبل يقول: (ثلاث كتب ليس لها اصول: المغازي والملاحم والتفسير). ولكن قال الإمام الخطيب البغدادي في جامعه: (وهذا محمول على كتب مخصصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها نقلا عن الاحاديث الموضوعة)
ومع ذلك فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما طرفاً حسناً من تلك الأحاديث، وهي التي صمدت للنقد على طريقة المحدثين الصارمة المتشددة، وإن كان أكثر الكتب المخصصة للفتن والملاحم، من مثل: «الفتن لنعيم بن حماد»، و«السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني» قد تساهلت في ذلك تساهلاً بشعاً، فليحذر القارئ.
والآن إلى سرد أحاديث المهدي على وجه الاختصار، أما استيعاب الطرق، ونقد الرجال والأسانيد فمحله الملحق، فراجعه حيث قد فتح الله علينا فتحاً حسناً في أكثر من حديث، ولله الحمد والمنة.


| فصل: أحاديث المهدي

(1) - حديث أبي سعيد الخدري: (لا تقوم الساعة حتى تمتليء الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي (أو: من عترتي)، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا، يسقيه الله، الغيث وتخرج الأرض نباتها، يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين).
(2) - حديث زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود: «لا تذهب الدنيا، (أو: لا تنقضي الدنيا)، (أو: لا تذهب الأيام والليالي)، حتى يملك العرب (أو: يملك الناس) رجل من أهل بيتي، يواطىء اسمه اسمي. يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً».

غير أن هناك إشكالية تتعلق بعدم تطابقه مع رأي الأغلبية من أصحاب عبد الله بن مسعود:
* كما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان القشيري قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو سلمة قال حدثنا عبدالواحد بن زياد قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم قال كان أصحاب عبدالله يقولون: (المهدي: عيسى بن مريم)]
قلت: وهذا اعتراض ليس بوجيه:
أولاً: لأن عبد الله بن مسعود لم يكن معروفاً بالإكثار من الحديث عامة، ومن أحاديث الفتن خاصة، فلا يبعد أن لا يكون أكثر أصحابه على غير علم بما رواه زر بن حبيش، كما سلف، ولا بما رواه علقمة، كما سيأتي.
ثانياً: لأنه ليس قطعي الدلالة في موضع النزاع، فقد يكون مقصودهم: (لا مهدي بحق منذ ولادته، أو لا مهدي هداية تامة إلا عيسى بن مريم) أو أن تسمية من وصف بتلك الصفات بـ(المهدي) إنما هو من أفاعيل الناس، ولم تثبت عندهم عن النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذه التسمية بعينها.
ثالثاً: ولأن الله ما كلفنا قط بتبني رأي عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أو رأي أصحابه، وإنما أمرنا فقط بقبول روايات الثقات الأثبات.

(3) - حديث أبي هريرة: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم: لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي»

(4) - حديث أبي الطفيل عن علي: «لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث الله عز وجل رجلا منا يملؤها عدلا كما ملئت جورا»

(5) - حديث إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي: «المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة». إسناده حسن، ولكن هذا الحديث لا يمكن القطع بصحته، وقد تفرد هذه الطريق بجملة: (يصلحه الله في ليلة)، فلا يحل القطع بنسبتها إلى النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وإن كان الأرجح ثبوتها، وليس فيه نكارة، وربما كانت في الأصل: (يصلح الله به في ليلة).
فهذه هي صفاته المميزة:
(1) - (من أهل بيتي): جاءت في أربعة أحاديث صحاح، وفي خامس حسن. وحديث الرايات السود، الذي سيأتي قريباً في فصل مستقل، شاهد لهذا المعنى، وكذلك حديث جابر بن ماجد الصدفي، رضي الله عنهما؛
(2) - (يملؤها عدلا كما ملئت جورا): جاءت في ثلاث أحاديث صحاح. وربما كان لفظ الحديث بعد تنقيحه: (يصلح الله به في ليلة) من هذا الباب. وحديث أم سلمة، رضي الله عنها، الذي سيأتي قريباً في فصل مستقل، عن الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام شاهد لهذا المعنى، وكذلك حديث الرايات السود، الذي سيأتي قريباً في فصل مستقل، شاهد آخر لهذا المعنى، وكذلك حديث جابر بن ماجد الصدفي، رضي الله عنهما؛
(3) - (يواطئ اسمه اسمي): جاءت في حديثين صحيحين؛
(4) - (يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين): في مدة حكمه، جاءت في حديث واحد صحيح، وهذا ليس بالأمر الجوهري، على كل حال، وحديث أم سلمة، رضي الله عنها، الذي سيأتي قريباً في فصل مستقل، عن الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام شاهد لهذا المعنى؛
(5) - (أجلى الجبهة، أقنى الأنف): في صفته البدنية، جاءت في حديث واحد صحيح، وهذا غير مهم على كل حال.

ونلاحظ أيضاً أن الأحاديث الأربعة الصحاح الأول إنما جاءت بأسانيد حسان، وإنما تم تصحيحها بتعدد الطرق، والشواهد والمتابعات. كما نلاحظ أن صحيحي البخاري ومسلم يخلوان منها، وهو أمر يثير القلق، ولكن هناك أحاديث أخرى كتلك التي تتحدث عن الرايات السود، والسفياني، تعتضد بها بعض الفقرات والمعاني آنفة الذكر!

| فصل: ما قبل المهدي، أولاً: أخبار الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام، والجيش الذي يغزو الكعبة، فيخسف بهم، وغنيمة كلب

* جاء في «سنن أبي داود»، (ج4/ص108/ح4286) بأتم لفظ: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له عن أم سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم،عن النبي، صلى الله عليه وسلم،قال: (يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة: فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه بين الركن والمقام؛ ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثنا فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب: والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب! فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون)، قال أبو داود: (قال بعضهم عن هشام: تسع سنين، وقال بعضهم: سبع سنين)]، وهنا احتاط أبو داود فذكر الرواية المبهمة لاسم شيخ صالح بن أبي مريم، أبي الخليل الضبعي، ولذلك قال الألباني: (ضعيف)؛ ولكن الحق، كما هو مبرهن عليه في الملاحق، أنه عن مجاهد بن جبر (ولعله كذلك عن عبد الله بن الحارث، أو عنهما كليهما، وهو الأرجح)، فالحديث صحيح؛ وقد استقصينا طرقه وألفاظه في الملحق، وإن كان في ترتيب الأحداث كما جاءتفيه بعض نظر؛ وأيضاً لفظ خليفة قد تكون رواية بالمعنى للفظة: أمير أو إمام، بمعنى: رئيس الدولة أو الحاكم، ولا يجور أن يستنبط منها أنه خليفة شرعي.

وهذا الرجل القرشي المجرم، الذي سيكون أخواله من كلب، قد يكون (السفياني)، الذي تحوم حوله الأساطير والقصص المرعبة، لم يرد فيه شيء صحيح أو يحتمل التصحيح إلا الحديث التالي:
* جاء في المستدرك على الصحيحين (ج4/ص565/ح8586): [حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني حدثنا زكريا بن يحيى الساجي حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تَلْعَة ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمهم فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم]؛ وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه)؛ وقال الذهبي قي التلخيص: (على شرط البخاري ومسلم). ولكن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، فيخشى أن يكون قد أسقط ضعيفاً بين الأوزاعي ويحيي بن أبي كثير، وقد روي عنه أنه كان يفعل ذلك، فلا بد من الحذر، وإن كان تسلسل الأحداث ها هنا أكثر معقولية من الحديث السابق!

فهذا الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام، وينصر ذلك النصر الإلاهي المؤزر، ويقسم بين الناس فيئهم بالعدل، ويمكث سبع سنين في عدل وأمان وارف، فيه أكثر الصفات (المهدوية) أهمية، وهو مع ذلك – إن صح حديث السفياني الذي أخرجه الحاكم - من أهل بيت النبي، فلا شك حينئذ أنه (المهدي) قطعاً. وهذا هو الذي تؤكده روايات كثيرة موقوفة على الصحابة والتابعين، لعلنا نسوق طرفاً منها في الملحق.

أما أخبار الجيش الذي يؤم البيت، فيخسف بهم ببيداء من الأرض فكثيرة متواترة قطعية الثبوت، لا يشك فيها إلا مجنون أو كافر:
* كما جاء في «صحيح الإمام مسلم»، (ج4/ص2209/ح2883) عن أم المؤمنين حفصة: [حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر (واللفظ لعمرو) قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان سمع جده عبد الله بن صفوان يقول أخبرتني حفصة أنها سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم،يقول: «ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم، ثم يخسف بهم، فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم»، فقال رجل: (أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة وأشهد على حفصة أنها لم تكذب على النبي، صلى الله عليه وسلم)]؛ وأخرجه النسائي في سننه (ج5/ص208/ح2880)؛ وابن ماجه في سننه (ج2/ص1351/ح4063)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص286/ح26487)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص476/ح8322) وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وقد أخرجه مسلم كما ترى؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج23/ص203/ح345)، و(ج24/ص76/ح197)؛ والنسائي في سننه الكبرى (ج2/ص386/ح3863)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج12/ص472/ح7043) وقال الشيخ حسين أسد: (إسناده جيد)؛ والحميدي في مسنده (ج1/ص137/ح286) في قصة؛ وغيرهم.
وصح نحو هذا عن أمهات المؤمنين: أم سلمة، وعائشة، وصفية بنت حُيَيِّ، رضوان الله وسلامه عليهن، كما تجده في الملحق.

وروا نحوه أيضاً أبو هريرة بلفظ: «لا تنتهي البعوث من غزو هذا البيت حتى يخسف بجيش منهم» أو «يغزو هذا البيت جيش فيخسف بهم بالبيداء»، كما جاء:
* في «المجتبى من السنن للإمام النسائي»، (ج5/ص207/ح2878)، وفي سننه الكبرى (ج2/ص385/ح3861) بإسناد صحيح: [أخبرنا محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي قال حدثنا عمرو بن حفص بن غياث قال حدثنا أبي عن مسعر قال أخبرني طلحة بن مصرف عن أبي مسلم الأغر عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم،قال: «لا تنتهي البعوث من غزو هذا البيت حتى يخسف بجيش منهم»]، وقال الألباني: (صحيح)؛ وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص476/ح8323): [حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان (وأنا سألته): حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي بعينه إلى منتهاه سنداً ومتناً]، وقال الحاكم: (هذا حديث غريب صحيح ولم يخرجاه؛ لا أعلم أحدا حدث به غير عمرو بن حفص بن غياث يرويه عنه الإمام أبو حاتم)، وقال الذهبي: (صحيح غريب).
هذا بخصوص خبر الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف بهم، وهو لم يقع بعد عند كتابة هذه السطور، وهو خبر يقيني متواتر، وهو واقع لا محالة قبل يوم القيامة الكبرى،كما أخبر به نبي الله الخاتم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى آله.

ولم تنفرد أم سلمة بخبر (غنيمة كلب)، وهي والله الثقة الحجة المأمونة، بل رواه غيرها:
* كما جاء في «التاريخ الكبير»: [مجالد أبو عبد العزيز قال: صلينا مع أبي هريرة المغرب في مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم،فقال: (المحروم من حرم غنيمة كلب)، قاله موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن أبي التياح]
* ونجده مرفوعاً في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص478/ح8329) من طريق ثانية: [حدثنا سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا: «المحروم من حرم غنيمة كلب، ولو عقالاً. والذي نفسي بيده لتباعن نساءهم على درج دمشق حتى ترد المرأة من كسر يوجد بساقها»]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وقال الذهبي في التلخيص: (صحيح)، قلت: هو كما قالا، لا سيما مع الاعتضاد بالطرق المذكورة في الملاحق.

والخبر عن الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام ثابت أيضاً:
* فهناك حديث صحيح آخر في «مسند أبي داود الطيالسي»، (ج1/ص313/ح2373): [حدثنا بن أبي ذئب قال أخبرني سعيد بن سمعان مولى المشعل قال سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة وهو يطوف بالبيت فقال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يبايع لرجل بين الركن والمقام؛ وأول من يستحل هذا البيت أهله: فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب؛ ثم يجيء الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده وهم الذين يستخرجون كنزه»]؛ رواه جمع، غير الطيالسي، بألفاظ تكاد تكون متطابقة، عن ابن أبي ذئب، منهم: يزيد بن هارون؛ وعلي بن الجعد؛ وأبو النضر هاشم بن القاسم؛ وزيد بن الحباب؛ وإسحاق بن سليمان الرازي؛ وأسد بن موسى؛ وحسن بن محمد؛ وأخرجه الحاكم في مستدركه (ج4/ص500/ح8395) ثم قال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص291/ح7897)، و(ج2/ص312/ح8099)، و(ج2/ص328/ح8333)، و(ج2/ص351/ح8604)؛ وابن حبان في صحيحه (ج15/ص240/ح6827)؛ وابن الجعد في مسنده (ج1/ص412/ح2810)؛ والإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص462/ح37244)؛ وغيرهم.

| فصل: ما قبل المهدي، ثانياً: حديث الرايات السود
* حديث ثوبان: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم»، ثم ذكر شيئا لا أحفظه، فقال: «فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي». كما جاء في «المستدرك على الصحيحين»»، (ج4/ص510/ح8432)، بإسناد صحيح، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)، وقال الذهبي في التلخيص: (على شرط البخاري ومسلم). قلت: هذا وهم منهما، فليس أبو قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان على شرط البخاري. وأخرجه البزار في مسنده وصحح إسناده، وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها)، وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 32، الصفحة: 279)، وهو بنحوه في «سنن ابن ماجه»، (ج2/ص1367/ح4084)، بإسناد صحيح، وضعفه الألباني بغير حجة، والحق أنه صحيح؛ كما هو محرر في الملحق.وأيضاً يلاحظ هاهنا أن لفظة (خليفة) قد تكون رواية بالمعنى للفظة: أمير أو إمام، بمعنى: رئيس الدولة أو الحاكم، ولا يجور أن يستنبط منها أنه، بالضرورة، خليفة شرعي!

* حديث ابن مسعود: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً حتى يجيء قوم من ها هنا (وأومأ بيده نحو المشرق) أصحاب رايات سود يسألون الحق ولا يعطونه، (مرتين أو ثلاثاً)، فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيُعْطَوْن ما سألوا، فلا يقبلون حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي: يملأها عدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتها ولو حبوا على الثلج». كما جاء في «سنن ابن ماجه»، (ج2/ص1366/ح4082)، وهو في «مسند أبي يعلى»، وفي «ضعفاء العقيلي» عند ترجمة (يزيد بن أبي زياد، أبو عبد الله مولى بنى هشام). وهو أيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من عدة طرق. وجاء في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص511/ح8434)، وتعجَّل الذهبي في التلخيص فزعم أنه (موضوع). ولكن هناك متابعات في غاية الجودة في «المعجم الكبير»، (ج10/ص85/ح10031)، (ج10/ص88/ح10043)، وغيره. والحق أنه حسن قوي، لا سيما مع تطابق أكثر جمله مع حديث ثوبان.
ولا شك أن في متن الحديثين تشابهاً وجملاً مشتركة تؤكد أنهما في قصة واحدة، لا سيما وأن ثوبان، رضي الله عنه، قد نص، صرحةً، بأن هناك كلاماً في الحديث لم يحفظه، مما يسمح بجمعهما - من غير تكلف - في سياق واحد، على النحو التالي: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً حتى يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم يجيء قوم من المشرق(خراسان؟!)، أصحاب رايات سود، يسألون الحق ولا يعطونه، (مرتين أو ثلاثاً)، فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيُعْطَوْن ما سألوا فلا يقبلون، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملأها عدلاً، كما ملئت ظلما ًوجوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأته، ولو حبوا على الثلج، وليبايعه، فإنه (إمام أهل بيتي) خليفة الله المهدي».


| فصل: القحطاني بعد المهدي
* حديث جابر بن ماجد الصدفي، رضي الله عنهما: (سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمَّر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه)

* كما جاء في «المعجم الكبير»، (ج22/ص374/ح937): [حدثنا أبو عامر النحوي حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا حسين بن علي الكندي مولى جرير عن الأوزاعي عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه»]

* وكما جاء في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:405، وما بعدها)، من طريق أخرى: [حدثنا رِشْدِين والوليد عن ابن لهيعة قال حدثني عبد الرحمن بن قيس الصدفي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون بعد المهدي القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه»]؛ قلت: قد صرح ابن لهيعة ها هنا بالتحديث؛ وكل من رِشْدِين بن سعد والوليد بن مسلم قديم السماع من ابن لهيعة؛ ورِشْدِين بن سعد ضعيف، لكنه يعتضد بالوليد؛ والوليد بن مسلم ثقة متقن، ولكنه مدلس، قبيح التدليس، ولكن هذه تنجبر هنا بمتابعة رِشْدِين شيئاً ما. فالحديث يصح بهذه المتابعة مستقلة، كما هو مدروس في الملحق بدقة؛ وكذلك بالشواهد الصحيحة الكثيرة على كل فقرة من فقراته، وسيأتي قريباً طرف طيب من هذه الشواهد، إن شاء الله تعالى.

* ولكن قال الحافظ في «فتح الباري شرح صحيح البخاري»: [وقد روى نعيم بن حماد في الفتن من طريق أرطاة بن المنذر أحد التابعين من أهل الشام: أن القحطاني يخرج بعد المهدي ويسير على سيرة المهدي. وأخرج أيضا من طريق عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده مرفوعا يكون بعد المهدي القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه. وهذا الثاني مع كونه مرفوعا: ضعيف الإسناد، والأول مع كونه موقوفا أصلح إسنادا منه. فإن ثبت ذلك فهو في زمن عيسى بن مريم لما تقدم أن عيسى عليه السلام إذا نزل يجد المهدي إمام المسلمين وفي رواية أرطاة بن المنذر أن القحطاني يعيش في الملك عشرين سنة واستشكل ذلك كيف يكون في زمن عيسى يسوق الناس بعصاه والأمر إنما هو لعيسى ويجاب بجواز أن يقيمه عيسى نائبا عنه في أمور مهمة عامة وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى]؛ قلت: لم يطلع الحافظ على رواية الطبراني؛ كما أنه لم يوفق لحل الإشكالية التي أوردها، وسنعود لها قريباً، إن شاء الله.

قلت: أولاً: تسلسل مجيء الجبابرة بعد الملوك، وهؤلاء بعد الأمراء، وهؤلاء بعد الخلفاء، ثابت بلا شبهة:
* فقد أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج4/ص273/ح18430): [حدثنا سليمان بن داود الطيالسي حدثني داود بن إبراهيم الواسطي حدثني حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال كنا قعودا في المسجد مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان بشير رجلا يكف حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الأمراء فقال حذيفة أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تكون النبوة فيكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله ان يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت قال حبيب فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته كتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه فقلت له انى أرجو ان يكون أمير المؤمنين يعنى عمر بعد الملك العاض والجبرية فادخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه]؛ قلت: (في المسجد مع رسول الله) تصحيف بين، وإنما هو (في مسجد رسول الله) كما هو قطعاً في الكتب الأخرى؛ وأخرجه بعينه الإمام الطيالسي في مسنده (ج1/ص58/ح438)؛ والإمام البيهقي في دلائل النبوة (ج7/ص413/ح2843)؛ والإمام البزار في البحر الزخار (ج7/ص287/ح2429)؛ ولعله عند غيرهم.
- وإليك لفظ البزار، كما هو على الصحيح: [حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُكَيْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ بَشِيرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِيهِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ، فِي الْمَسْجِدِ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، فَقَالَ لَهُ: يَا بَشِيرُ، أَتَحْفَظُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي الْخُلَفَاءِ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: وَهُوَ قَاعِدٌ، أَنَا أَحْفَظُهَا، فَقَعَدَ إِلَيْهِمْ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا شَاءَ، ثُمَّ تَكُونُ الْخِلافَةُ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَتَكُونُ مُلْكًا مَا شَاءَ اللَّهُ (أَنْ تَكُونَ)، ثُمَّ يَرْفَعُهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهُ، (ثُمَّ يَكُونُ) مُلْكًا جَبْرِيَّةً، (مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهُ) ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ، قَالَ حَبِيبٌ: فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ ابْنُ النُّعْمَانِ: أَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هُوَ، قَالَ: فَأُدْخِلَ حَبِيبٌ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَحَدَّثَهُ، فَأَعْجَبَهُ يَعْنِي ذَلِكَ]؛ ثم قال الإمام البزار: (وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ: النُّعْمَانُ عَنْ حُذَيْفَةَ إِلاَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ). قلت: جمل: (أَنْ تَكُونَ)، (ثُمَّ يَكُونُ)، و(مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهُ) سقطت لا شك على بعض النساخ، والسياق يقتضيها، لذلك ألحقناها: كل واحدة بين قوسين.

* ومن طريق أخرى، وبلفظ مغاير، فيه بعض اختصار، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (ج1/ص157/ح368): [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا فِرْدَوْسٌ الأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بن سُلَيْمَانَ، عَنْ حَبِيبِ بن أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْفَعْنِي إِلَى رَجُلٍ حَسَنِ التَّعْلِيمِ، فَدَفَعَنِي إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ دَفَعْتُكَ إِلَى رَجُلٍ يُحْسِنُ تَعْلِيمَكَ وَأَدَبَكَ، فَأَتَيْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ وَهُوَ وَبَشِيرُ بن سَعْدٍ أَبُو النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ يَتَحَدَّثَانِ، فَلَمَّا رَأَيَانِي سَكَتَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، وَاللَّهِ مَا هَكَذَا حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّكَ جِئْتَ وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ حَدِيثًا سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَاجْلِسِ حَتَّى نُحَدِّثَكَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فِيكُمُ النُّبُوَّةَ، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةْ، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَجَبَرِيَّةً]؛ وأخرجه بعينه، من طريق الطبراني، الإمام أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (ج2/ص134/ح573)؛ وربما غيرهما.

* والواقع التاريخي يشهد، كذلك، بوقوع هذا بكل دقة، وهو من دلائل نبوته، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وثانياً: أخبار (القحطاني) ثابتة أيضاً بلا شبهة:
* فقدأخرجه الإمام البخاري في صحيحه (ج3/ص1296/ح3329)، (ج6/ص2605/ح6700): [حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة عن النبي قال: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان، يسوق الناس بعصاه)]؛ وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه (ج4/ص2232/ح2910)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص417/ح9395)؛ وغيرهم.

* وأخرجه الإمام الطبراني في معجمه الكبير (ج12/ص308/ح13198): [حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم عن بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليسوقن رجل من قحطان الناس بعصاً)]؛ وأخرجه في معجمه الأوسط (ج4/ص147/ح3833) بنحوه، إلا أنه قال: (ليسوقن الناس القحطاني بعصاة). وليس في هذا الإسناد ما يضر إلا عنعنة محمد بن إسحاق، فقد جاء في الجرح والتعديل (ج3/ص60): [الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي الرازي: روى عن سلمة بن الفضل وجرير وأبي زهير وعبد الله بن عبد القدوس وأبي تميلة وحكام ومهران وابن المبارك روى عنه أبي؛ سئل أبي عنه فقال صدوق].
وقد استشكل البعض جملة (يسوق الناس بعصاه) فتسائلوا: (هل يسوقهم إلى الخير أم إلى الشر)؛ والذي ظهر لي أن (السوق بالعصا) كناية عن الرعاية والإمارة بقوة، ولكن مع الرفق واللين: فهي قوة من غير عنف، ولين من غير ضعف، تماماً كراعي الغنم؛ بخلاف (السوق بالسياط)، و(والضرب بالعصا أو السياط) فهذه قبيحة ملعونة، كما هو في أحاديث الجبابرة والجلاوزة، لعنهم الله. ويشهد لهذا الفهم أيضاً حديث جابر الصدفي، آنف الذكر، الذي يبين أن (القحطاني) إمام خير وعدل، يأتي بعد المهدي مباشرة.

وجاءت أحاديث (قحطانية) أخرى صحاح، إليك طرفاً منها:
* أخرج الإمام البخاري في صحيحه (ج3/ص1290/ح3309)، و(ج6/ص2611/ح6720): [حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية وهم عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: (أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأولئك جهالكم: فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين)]، ثم قال الإمام البخاري: (تابعه نعيم عن بن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير)؛ وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج4/ص94/ح16898)؛ والدارمي في سننه (ج2/ص315/ح2521)؛ والنسائي في سننه الكبرى (ج5/ص228/ح8750)؛ وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (ج8/ص141/ح16311)؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج19/ص338/ح779 - 781)؛ والطبراني في مسند الشاميين (ج4/ص248/ح3201)؛ والطبراني في معجمه الأوسط (ج3/ص274/ح3128)؛ وغيرهم.
قلت: هذا الملك من قحطان ليس ملكاً من الجبابرة، وليس ملكاً وراثياً، بل هو خليفة راشد؛ واستخدام لفظة ملك ها هنا إنما هو بالمعنى اللغوي المحض: بمعنى (السلطان الأعلى) أو (رئيس الدولة) كما قال جل جلاله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}، (النساء؛ 4:54).

* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج4/ص91/ح16873) بإسناد صحيح: [حدثنا عبد القدوس أبو المغيرة قال حدثنا حريز يعنى بن عثمان الرحبي قال حدثنا راشد بن سعد المقرائي عن أبي حي عن ذي مخمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (كانَ هَذَا الأَمْرُ فِي حِمْيَرَ فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَجَعَلَهُ فِي قُرَيْشٍ وَسَيَعُودُ إِلَيْهِمْ)]؛ قال الإمام عبد الله بن أحمد: (وكذا كان في كتاب أبي مقطع: وس ي ع ود إ ل ي ه م)؛ وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (ج2/ص135/ح1057)؛ وفي معجمه الكبير (ج4/ص235/ح4227).وجاء في التاريخ الكبير للإمام البخاري (3/264/906)؛ وهو في الفتن لنعيم بن حماد (ص 238؛ وص250)؛ وربما غيرهم.

* وقد جوَّد إسناده الإمام الحافظ بن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري (13/116 - 117) عندما شرح حديث معاوية آنف الذكر: [وسنده جيد وهو شاهد قوي لحديثالقحطاني، فإن حمير يرجع نسبها إلى قحطان، وبه يقوى أن مفهوم حديث معاوية ما أقاموا الدين: أنهم إذا لم يقيموا الدين خرج الأمر عنهم، ويؤخذ من بقية الأحاديث أن خروجه عنهم إنما يقع بعد إيقاع ما هددوا به من اللعن أولا وهو الموجب للخذلان وفساد التدبير، وقد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية، ثم التهديد بتسليط من يؤذيهم عليهم، ووجد ذلك في غلبة مواليهم بحيث صاروا معهم كالصبي المحجور عليه يقتنع بلذاته ويباشر الأمور غيره، ثم اشتد الخطب فغلب عليهم الديلم فضايقوهم في كل شيء حتى لم يبق للخليفة إلا الخطبة، واقتسم المتغلبون الممالك في جميع الأقاليم، ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة حتى انتزع الأمر منهم في جميع الأقطار ولم يبق للخليفة إلا مجرد الاسم في بعض الأمصار]

وهذه الأحاديث (القحطانية) آنفة الذكر تبطل كون (القحطاني)، ذلك الرجل المبارك، مجرد وزير أو نائب لعيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته. كما أن هذا أيضاً يبطل كون الرجل الصالح من أمة محمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي يصلي عيسى بن مريم، صلى الله عليه وعلى والدته وسلم، خلفه هو المهدي؛ وبهذا تنحل إشكالية التابعي الكبير محمد بن سيرين، والحافظ الكبير ابن حجر العسقلاني، وغيرهما من العلماء، حلاً جذرياً، والله أعلم.

ويظهر بذلك أيضاً بطلان ما تخرص به أحدهم في أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1 (33/420): [يدل الحديث على إقبالنا على دولة خلافة على منهاج النبوة ولا يستقيم أن يكون المهدي هو مؤسسها لما في عهده من الحروب والفتن والتي لن تستقر حتى بنزول عيسى عليه السلام ففي عهده يأجوج ومأجوج وخروج الشمس من مغربها والدابة وغيرها،مما لا نجد وقتاً للخلافة الراشدة وهذا يدلنا على ان الخلافة قبل خروج المهدي بكثير. وكذلك أحاديث الاثنا عشر خليفة الذين ستجمع عليهم الأمة، وهذا لم يحصل بعد، وسيحصل في دولة الخلافة الراشدة والتي ستدوم لعقود من الزمن وأمور أخرى كثيرة تجول في رأسي]؛ لا سيما أن قوله عن (الاثنا عشر خليفة الذين ستجمع عليهم الأمة) هو في الأرجح الأقوى خطأ: لأنهم مضوا متتابعين وكان آخرهم: يزيد بن عبد الملك بن مروان، كما بيناه في بحثنا: (الملكية الوراثية: نظام كفر وجور)، فليراجع،

| فصل: التسلسل التاريخي المتوقع لهذه الأحداث

إن محاولة الترتيب التاريخي للأحداث آنفة الذكر في غلية الصعوبة، ولكن لا بأس من محاولة مبدئية: فالمهدي يكون أولاً، ثم القحطاني، وأيامهما أيام سلام وازدهار ورخاء، وألفة واتحاد للأمة، ونماء اقتصادي هائل، وتفوق عسكري بيِّن، يتبع ذلك مواجهات ومناوشات مع الروم (أوروبا وأمريكا)، ولعل الخليفة الذي يؤتى بملوك الروم مصفدين في الحديد يكون في تلك المدة، أي: بعد القحطاني وقبل الدجال، وكذلك تقع مواجهات مع الهند فتكون (غزوة الهند)، التي تمناها أبو هريرة، رضي الله عنه، في ذلك العصر.

ثم يأتي الروم في أكبر هجمة عرفها التاريخ: الملحمة الكبرى، ولكن تدور عليهم الدائرة، ويهزمون هزيمة منكرة، وينهار تحالفهم الشيطاني (حلف الأطلسي؟!) فيتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ويغنمون ويفتحون البلدان في الشط الأوروبي: القسطنطينية للمرة الثانية (ولا يستبعد أن تكون قد ارتدت رومانية: أي دخلت في أوروبا، وربما يكون اسمها تغير من اسطنبول إلى القسطنطينية مرة أخرى)، وكذلك رومية؛ ولكن يظهر خطر الدجال في خراسان (بلاد الترك: كازاخستان، واوزبكستان،... إلخ)، ويحشد الجيوش، ويهدد ويتوعد، أو يطالب بتدويل القضية، وعقد مؤتمرات سلام، أو ما شاكل ذلك، فيوقف المسلمون حملتهم في العمق الأوروبي، ويرجعون إلى قواعدهم لمواجهة الخطر الجديد، ولكن الدجال لا يخرج بعد، وتبقى الأمور معلقة بضع سنين.
والظاهر أن قيادة المسلمين ستقع في شيء من الغفلة أو التفريط، فيباغتهم الدجال بهجمة كاسحة من مشرق العالم الإسلامي إلى مغربه، ولن يكون مكتفياً أو مبتدئاً بالعمل العسكري، بل أكثر عمله، وأوله، عقائدي دعوي سياسي:
(1) - يدعي المهدوية والإصلاح أولاً: فهو يريد إصلاح القيادة الإسلامية التي ظهر منها شيء من التقصير والانحراف؛ أو هو رجل الخير والسلام، ورجل الوساطة والمساعي الخيرة الدولية (جائزة نوبل للسلام؟!)،
(2) - ثم يدعي النبوة ثانياً، ويبايعه اليهود على أنه هو المسيح المنتظر؛
(3) - ثم يدعى الألوهية (لعله يزعم أنه تجسد لله، وفق النموذج النصراني البولصي) وأنه عيسى قد عاد الآن إلى العالم، كما هو في النبوءات(!)، فيتبعه جماهير المغفلين والحمقى من النصارى، وتصبح له شعبية هائلة في أوروبا والأمريكتين: تعقد باسمه الطقوس، وتوقد الشموع، وتقدم القرابين والنذور. وهو في نفس الوقت حليف وثيق للصين (يأجوج ومأجوج) التي ترقب الأمور في المشرق الأقصى بطول النفس والأناة التي عرف بها الصينيون.

ويكتسح الدجال بالفعل شرق العالم الإسلامي ولكنه يعجز عن مكة والمدينة، بالرغم من وصوله إلى مشارفها، والظاهر أن الغرب الإسلامي (البر الأفريقي) لا يقع بيده، وهم (الجند الغربي) الذي جاء ذكره والثناء عليه في بعض الأحاديث، ومنه تأتي النصرة، والله أعلم:
* فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه (ج3/ص1525/ح1925): [حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن داود بن أبي هند عن أبي عثمان عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة)]؛ وأخرجه الإمام أبو يعلى في مسنده (ج2/ص118/ح783): [حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة حدثنا عبد الوهاب حدثنا داود عن أبي عثمان به].

* وأخرج الإمام الحاكم في مستدركه (ج4/ص495/ح8387): [حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا بحر بن نصر حدثنا عبد الله بن وهب حدثني أبو شريح (هو: عبد الرحمن بن شريح المعافري) عن عميرة بن عبد الله المعافري عن أبيه عن عمرو بن الحمق رضي الله عنه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ستكون فتنة أسلم الناس فيها، (أو قال: لخير الناس فيها)،الجند الغربي)؛ فلذلك قدمت مصر]؛ وأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط (ج8/ص315/ح8740)؛ والبزار (ج6/ص314/ح2026) وقال: (ولا نعلم له طريقا إلا هذا الطريق ولا نعلم رواه عن ابن شريح إلا عبد الله بن صالح) وقد رواه عبد الله بن وهب كما ترى، وتجده في التاريخ الكبير للبخاري(6/314/2499)؛ وفي معجم الصحابة لابن قانع (4/303/1087)؛ وفي الفوائد المعللة لأبي زرعة الدمشقي (ص 11)؛ وفي تاريخ دمشق (45/492 - 493) وفي المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي (ص 57).
وقال الإمام الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، ووافقه الذهبي، وليس كذلك لأن عميرة بن عبد الله المعافري لا يكاد يعرف، وقد يكون عميرة بن أبي ناجية حريث كما هو في الفوائد المعللة لأبي زرعة الدمشقي (ص 11)، وهو ثقة، نسبوه لجده، ولكن الحديث يتقوى، على كل حال، بشهادة حديث مسلم السابق، وبمرسلة يزيد بن أبي حبيب عند نعيم بن حماد الآتية:
- قال نعيم بن حماد في الفتن (1/54/85): [قال الوليد: وقال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب بلغني أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،قال: (تكون فتنة تشمل الناس كلهم لا يسلم منها إلا الجند الغربي)]

وينزل مسيح الهدى عيسى بن مريم فيقتل الدجال، وتبدأ الهجمة الدجالية في الإنكسار. حينئذ لا تجد الصين (يأجوج ومأجوج) بداً من الخروج بجيوشها الجرارة لحماية (المكتسبات) الدجَّالية، قبل فوات الأوان. جيوش جرارة، لا قبل لأحد بها وتنحصر دولة الإسلام في الجزيرة العربية وأفريقيا، وتكون الجبهة وخطوط التماس في جبال طور سيناء: وبقية القصة معروفة، لنا عودة لها في مستقبل الأيام، بإذن الله.

| فصل: ما هي درجة تواتر أحاديث المهدي؟!

فهذه، إذاً، ستة أحاديث صحاح بلا شبهة، وأربعة جياد حسان، تحتمل التصحيح، عن أكثر من خمسة من أجل وأحفظ أصحاب النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، توجب التصديق بصحة خبر المهدي في جوهره، وهو:
(1) - أنه إمام عدل صالح يملؤ الدنيا عدلاً كما ملئت جوراً، وهذه هي صفته المميزة الأولى الكبرى حيث ما وجدنا هذه العبارة، علمنا أن المقصد هو هذا الرجل بعينه: المهدي؛
(2) - وهو من آل البيت النبوي الشريف، وهذه هي صفته المميزة الكبرى الثانية؛
(3) - وأنه يتولى الأمر ليس فقط بعد امتلاء الأرض ظلماً وجوراً فحسب، بل مباشرة في أعقاب فتن وحروب وسفك مروع للدماء:

فهذا يشبه أن يكون تواتراًمعنوياً، ولكنه ليس بتلك الدرجة التي زعم بعض الأئمة والعلماء، وسوف نستعرض ونناقش طائفة من أقوالهم بعد قليل.
كما أنه من الصحيح الثابت:
(أ) - أن اسمه يواطئ اسم النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وأسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام؛
(ب)ـ وتعظم البركة في عهده، يسقيه الله، الغيث وتخرج الأرض نباتها؛
(ج)ـ ويلي الأمر سبع سنين (أو ثماني سنين أو تسع سنين)؛
(د)ـ وأن نصرته الأولى تأتي بعد التأكد من مهدويته بالجيش الذي يخسف به، ومجيء أبدال الشام وعصبات العراق، ثم يكون كر وفر مع فلول الجبابرة من العرب، ثم تكون نصرته النهائية من الشرق مع الرايات السود، بعد مقتلة عظيمة في العرب.

فالثابت إذاً أن الإمام المهدي خليفة راشد، ورجل صالح من أمة محمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يكون في آخر الزمان، يصلح الله به أمر الناس، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا:
ــ علامة ظهوره فساد الزمان، وامتلاء الأرض بالظلم والعدوان. هذا ثابت يقيناً. وثبت أيضاً أن خروجه مسبوق بفتن وقتال، وخروج رايات سود من المشرق (جهة خراسان) يصاحب خروجها مقتلة عظيمة في العرب.
ــ اسمه يواطئ اسم النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، واسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذا ثابت أيضاً. فهو محمد بن عبد الله المهدي، أو أحمد بن عبد الله المهدي، هذا إذا أخذنا المواطأة على ظاهرها. ولكن قال أقوام: (المواطأة) لا تعني بالضرورة (المطابقة)، فلعل المقصود هو التطابق بحساب الجمل، أو بالمعنى فتكون الأسماء التالية: محمود وممدوح وحميد وحمدان وحماد مواطئة لاسم: محمد. وكذلك الأمر بالنسبة لاسم أبي النبي، بل قد يكون كل من إسماعيل وإبراهيم مقبولاً لأن كل واحد منهما أب أعلى للنبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكل منهما كان نبياً رسولاً.
ــ وينتهي نسبه إلى آل البيت المحمدي، وهم الذين حرمت عليهم الصدقة: بنو هاشم بن عبد مناف، وبنو المطلب بن عبد مناف، وهذا أيضاً ثابت أيضاً. وجاءت روايات أنه من ولد فاطمة. وحتى هذه اختلف فيها، فمن الناس من جعله حسنياً، ومنهم من جعله حسينياً. وهذا لم يثبت؛ وجاءت روايات أخرى أنه من نسل العباس بن عبد المطلب، رضوان الله وسلامه عليه: فهو إذاً عباسي، وليس علوياً، وربما كانت فيه ولادة من جهة فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهذا لم يثبت أيضاً؛
ــ ويلي الأمر سبعة (أو ثمانية أو تسعة) سنين يكون الناس فيها في أمن وارف، وعيش فاره، وألفة واجتماع صف: يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، ويعطي المال صحاحاً، ولفظة (صحاحاً) تعني: بالعدل والسوية.
ــ وهو يسير في المال العام بالسيرة النبوية، ويقسمه على مستحقيه بالعدل والسوية، وهذا ثابت أيضاً؛
ــ والأرجح أنه الذي يبايع بين الركن والمقام، ثم يخسف في بيداء المدينة بالجيش الذي يأتيه غازياً من الشمال.
ــ وهو سخي كثير العطاء، لا يرجع عن منحة، ولكن لم يثبت أنه هو الخليفة (الذي يحثو المال حثياً، ولا يعده عداً)، بل لعل هذا هو (السفاح)، وليس المهدي، كما جاء صريحاً بإسناد محتمل.
ــ ولم يثبت أنه الذي يصلي عيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى والدته، خلفه، بل الصحيح أنه غيره. فالمهدي هذا قبل عيسى، صلوات الله وسلامه عليه وعلى والدته، بمدة.

أسلفنا أن تواتر أحاديث المهدي لا شك فيه، ولكنه ليس بتلك الدرجة التي زعم بعض الأئمة والعلماء، وإليك طائفة من أقوالهم:
ــ فقد قال العلامة الشيخ صدبق حسن خان: [الأحاديث الواردة فيه - أي المهدي - على اختلاف رواياتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر المعنوي، وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد]
ــ وقال الشيخ محمد بن جعفر الكتاني: [والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام]
ــ وقال محمد البرزنجي في كتابه «الإشاعة لأشراط الساعة»: [الباب الثالث في الأشراط العظام والأمارات القريبة التي تعقبها الساعة وهي كثيرة منها المهدي وهو أولها، وأعلم أن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر]؛ وقال أيضاً: [قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من ولد فاطمة عليها السلام بلغت حد التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها]
ــ وجاء في «تفسير القرطبي»، (ج:8 ص:121، وما بعدها): [وقيل المهدي هو عيسى فقط، وهو غير صحيح لأن الأخبار الصحاح قد تواترت على أن المهدي من عترة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز حمله على عيسى. والحديث الذي ورد في أنه لا مهدي إلا عيسى غير صحيح. قال البيهقي في كتاب البعث والنشور: (لأن راويه محمد بن خالد الجَنَدي وهو مجهول يروى عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو منقطع والأحاديث التي قبله في التنصيص على خروج المهدي وفيها بيان كون المهدي من عترة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصح إسناداً). قلت: قد ذكرنا هذا وزدناه بيانا في كتابنا كتاب التذكرة وذكرنا أخبار المهدي مستوفاة والحمد لله].
ــ وقال الحافظ أبو الحسن الآبري: [قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه]. قلت: هذه زلة قبيحة: فلم يثبت أصلاً أنه الأمير الصالح الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى والدته، بل العكس هو الأصوب والأثبت، بل هو وحده الصحيح.
ــ وقال العلامة محمد السفاريني: [وقد كثرت بخروجه - أي المهدي - الروايات حتى بلغت التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم]، ثم ذكر طائفة من الأحاديث والآثار في خروج المهدي وأسماء بعض الصحابة ممن رواها ثم قال: [وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومُدوَّن في عقائد أهل السنة والجماعة].
قلت: قوله: (فالإيمان بخروج المهدي واجب) إن كان يقصد من بلغته الأخبار وعلم بتواترها فهو تحصيل حاصل لأن من بلغته وعلم بتواترها عن نبي الله الخاتم، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، فلا يتصور منه ردها إلا بالكفر. وإن كان قصد أن الله أمرنا بالبحث عنها والتحقق من تواترها، وتعليمها للناس وجوباً، كما هو مثلاً في قوله، جل جلاله، وسما مقامه: {فاعم أنه لا إلاه إلا الله، واستغفر لذنبك}، فهذا غلو وباطل.
ــ وقال العلامة المجتهد الشوكاني: [الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يَصْدُق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك]

قلت: قوله: (الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي لها حكم الرفع) خطأ وزلل، بل قد يجتهد الصحابي في تأليف أكثر من خبر، وربما دمج معها بعض أخبار أهل الكتاب، وليس لهذا حكم الرفع، وقد يسمع من أهل الكتاب نبوءة فيظنها تنطبق على المهدي فيقول بها.
قلت: والأعداد الكبيرة المذكور أعلاه هي لطرق أحاديث قليلة (بين الستة والعشرة) ذكرناها آنفاً، وليست هي أحاديث مستقلة بذاتها، فلا معنى للتهويل بأعدادها، أو الزعم بأنها لا تنحصر!

| فصل: أحاديث أخرى لم تثبت؛ أو ظن بعض الناس أنها مهدوية

* حديث جابر بن عبد الله عن (الخليفة الذي يحثي المال حثياً، ولا يعده عدداً)
* كما جاء في «صحيح الإمام مسلم»: [حدثنا زهير بن حرب وعلي بن حجر (واللفظ لزهير) قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: (يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم!)، قلنا: (من أين ذاك؟!)، قال: (من قبل العجم، يمنعون ذاك!)، ثم قال: (يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدى!)، قلنا: (من أين ذاك؟!)، قال: (من قبل الروم). ثم اسكت هنية ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عددا!!»؛ قال: قلت: لأبي نضرة وأبي العلاء: (أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟!)، فقالا: (لا!)]، وقال الإمام مسلم: (وحدثنا بن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا سعيد يعني الجريري، بهذا الإسناد نحوه)، وهو بنحوه في (مسند الإمام أحمد بن حنبل)، وفي (صحيح ابن حبان) من غير سؤال سعيد الجريري لأبي نضرة وأبي العلاء. وبعضه في (السنن الواردة في الفتن، ج:6 ص:1119) من طريق الإمام مسلم. وهو أيضاً في «المستدرك على الصحيحين» مع زيادات لطيفة. وفي «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها).
قلت: وهذا الخليفة المميز ليس هو (المهدي) بالضرورة، لأن أحاديث المهدي تنص على أن المهدي يقسم المال صحاحاً، وفسِّرت: بالعدل والسوية، كما سبق.
أما ما تفرد بإخراجه الحارث بن محمد بن أبي أسامة في مسنده، وأبو نعيم من طريقه من النص صراحة عليه بلفظ: (المهدي) فلا يمكن الاعتماد عليه لأن الحارث بن محمد بن أبي أسامة، صاحب المسند، وإن كان الجمهور على توثيقه، إلا أنه متكلم فيه، وأكثر الكلام لأخذه الدراهم، ولكن الأزدي، وأبو محمد علي بن حزم ضعفاه من جهة الحفظ. بل قد جادت رواية لا بأس بإسنادها أن الذي (يحثي المال حثياً) اسمه (السفاح)

* حديث عبد الرحمن بن عوف: «ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا أجلا الجبهة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يفيض المال فيضا». كما جاء «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا محمد بن عبدة حدثنا طالوت حدثنا سويد بن حاتم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قاله رسول الله، صلى الله عليه وسلم]. قلت: ولكن سويد بن حاتم ليس بذاك القوي، ولا هو بالذي تقوم به الحجة، ولا هو بالساقط كلية.

* حديث أم سلمة: «نعم: المهدي حق، وهو من بني فاطمة»
* كما جاء في «المستدرك على الصحيحين»: [أخبرني أبو النضر الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا عبد الله بن صالح أنبأ أبو المليح الرقي حدثني زياد بن بيان (وذكر من فضله) قال سمعت علي بن نفيل يقول سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت أم سلمة تقول: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يذكر المهدي فقال: «نعم: هو حق، وهو من بني فاطمة»]، وسكت عنه الذهبي في التلخيص. وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من عدة طرق، وهو في «العلل المتناهية»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863).
وقال ابن الجوزي: (واما حديث ام سلمة فقال إنه لا يعرف الا بعلي بن نفيل ولا يتابع عليه. وهو كلام معروف من كلام سعيد بن المسيب والظاهر ان زياد بن بيان وهم في رفعه قال ابن عدي زياد معروف بهذا الحديث وقد انكره عليه البخاري)
قلت: زياد بن بيان ليس بالمشهور، وليس له إلا هذا الحديث، وحديث آخر عن سالم بن عبد الله: (اللهم بارك في شامنا،... إلخ) وكأنه أخطأ في بعض ألفاظه، وأثر عن أبي بكر الصديق في السلام. وهذا الذي رواه مرفوعاً إنما يعرف من كلام سعيد بن المسيب موقوفاً.
ــحيث قد جاء النقل الثابت عن سعيد بن المسيب كماهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) بإسناد كالشمس: [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا أحمد بن شبويه حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: (المهدي حق؟!)، قال: (حق!)، قلت: (ممن؟!)، قال: (من كنانة!)، قال: قلت:(ثم ممن؟!)، قال: (من قريش!)، قدم أحدهما قبل الآخر، قلت: (ثم ممن؟!)، قال: (من بني هاشم!)، قلت: (ثم ممن؟!)، قال: (من ولد فاطمة!)]،وجاء أيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من طريق ثانية.
قلت: هذا الأثر إذاً صحيح ثابت موقوفاً على سعيد بن المسيب، وليس مرفوعاً، فهذا إذاً هو رأي الإمام التابعي الكبير، وهو أن (المهدي من ولد فاطمة). وحتى لو صح هذا مرفوعاً لما تناقض مع احتمال كونه من ولد (العباس)، رضوان الله وسلامه عليه، فيكون عباسي النسب، وفيه ولادة من جهة (فاطمة)، رضوان الله وسلامه عليها.

| فصل: أحاديث عباسية
* حديث ابن عباس: «يا عم النبي ان الله ابتدأ بي الاسلام، وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يتقدم بعيسى ابن مريم».. كما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863)، وفي (تاريخ بغداد، 323/3 - رقم: 1426).
وهذا حديث باطل، لا يثبت، بل الأرجح أنه موضوع، وحتى لو ثبت فهو في الأمير الصالح الذي يصمد للدجال، ثم ينزل عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليهما، فيصلي، أي عيسى، خلفه.

* حديث عمار: «يا عباس: إن الله فتح هذا الامر بي، وسيختمه بغلام من ولدك: يملؤها عدلا كما ملئت جوراً، وهو الذي يصلي بعيسى ابن مريم». كما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863)، وفي (تاريخ بغداد) أثناء ترجمة (أحمد بن الحجاج بن الصلت)، وفي (تاريخ دمشق لابن عساكر، الجزء: 26، الصفحة: 350)، وفي (لسان الميزان).
وهذا حديث باطل، ولو صح لكان نصاً في المهدي، سلام الله عليه.

* حديث عثمان بن عفان: «المهدي من ولد العباس عمي». كما هو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 53، الصفحة: 414)، في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863).
وهذا حديث باطل، ولو صح لما كان نصاً في المهدي، سلام الله عليه، لأنه قد ينطبق على الخليفة العباسي المشهور: محمد بن عبد الله المهدي. وقد جاء حديث باطل آخر فيه خطاب للعباس: (من ذريتك المهدي: وليس بمهدي)، يعني من ذريتك حاكم أو أمير يتسمَّى بهذا الاسم: (المهدي)، وليس هو من أهل الهداية أصلاً، ولا هو مستحق لمثل هذا اللقب الشريف!

* حديث علي بن أبي طالب: «يا عم: ألا أحبوك؟! إن الله تعالى فتح هذا الأمر بي ويختمه بولدك». كما هو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 26، الصفحة: 349)، وأيضاً في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 26، الصفحة: 349).

* حديث عبد الله بن العباس: «لي النبوة، ولكم الخلافة: بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم». كما هو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 26، الصفحة: 350).

* حديث أبي هريرة: «للعباس النبوة والمملكة»
* كما هو في «ميزان الاعتدال، في نقد الرجال»، (ج:4 ص:118) نقلاً عن ابن عدي.
فهذا إسناد لا يصح، ولا تقوم به حجة، وإن كان أعدل الأحاديث السابقة إسناداً، والواقع التاريخي يشهد له ويقويه. وإن ثبت فهو من دلائل النبوة، فقد كان أكثر خلفاء المسلمين منهم.. وليس هو نصاً في (المهدي) موضع بحثنا.

* حديث العباس: «أما انه يلي هذه الأمة بعددها (يعني: الثريا) من صلبك؛ اثنين في فتنة».
كما أخرجه الإمام أحمد في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، وهو في «المستدرك على الصحيحين»، وأخرجه الإمام الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» في عدة مواضع، وكذلك الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في «تعجيل المنفعة، بزوائد رجال الأئمة الأربعة» وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 26، الصفحة: 135)، في عدة مواضع.
قلت: مناسبة هذا الحديث، إن صح وثبت. لهذا البحث هي قوله، عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «اثنين في فتنة». فالأول هو بلا شك: أبو عبد الله السفاح، مؤسس الدولة العباسية وقد مضى قبل أزيد من اثني عشر قرناً من عامنا هذا (1432 هـ)، والثاني لم يأت بعد، ولعله (المهدي) بعد فتن شاملة، والله أعلم وأحكم.
وقد دار جدل، ولا يزال يدور حول تفرد عبيد بن أبى قرة به عن ليث بن سعد. وأعله بعضهم بأبي قَبِيل حُيَي بن هانئ بن ناضر المعافري المصري، وليس أبو قَبِيل بالضعيف الذي لا يساوي حديثه شيئاً، بل هو من أهل الحديث الحسن. أما الاعتراض بأن أبا قَبِيل كان يكثر النقل عن الكتب القديمة فلا محل له لأن الكتب القديمة ليس فيها ذكر للعباس، ولا ولده، وهذه نبوءة صريحة لا رمز فيها ولا إلغاز، خلافاً لعوائد الكتب القديمة المليئة بالرموز والألغاز!
ولكن ربما شهد لصحة بعض ما تقدم ما جاء عن عبد الله بن العباس، رضوان الله وسلامه عليهما، من كلامه موقوفاً:
* كما جاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514) بإسناد صحيح على شرط الشيخين: [حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس قال: (لا تمضي الأيام والليالي حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن ولم يلبسها)، قال: قلنا: (يا أبا العباس: تعجز عنها مشيختكم وينالها شبابكم؟!)، قال: (هو أمر الله يؤتيه من يشاء!)]
ورواه نعيم بن حماد بتصرف في اللفظ مع التصريح بلفظة (المهدي)، منفرداً بها، وهذا على الأرجح من أفاعيل نعيم بن حماد وتصرفاته القبيحة.
قلت: وليست الصفات التي ذكرها ابن عباس، رضي الله عنه، هي صفات المهدي المشهورة، وإن كان المهدي موصوفاً بها، ولا شك؛ بل قد تنطبقعلى الأمير الذي يصمد مع صحبه لفتنة الدجال، ثم ينزل عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليهما، فيصلي خلفه.

نعم: جاء التصريح بلفظ (المهدي) في سياق آخر، كما هي في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) بإسناد حسن: [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني أخبرنا شريك عن فرات القزاز عن أبي معبد قال: قلت له: سمعت ابن عباس يذكر في (المهدي) شيئا قال نعم سمعته يقول: (والله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لختم الله بنا هذا الأمر كما فتحه)، وقال: (بنا فتح هذا الأمر، وبنا يختم)].
قلت: لفظة (المهدي) ها هنا هذا فهم لأبي معبد، وليس هو من كلام ابن عباس، ولا من فهمه، ولا يقتضيها إعمال نص، أو ضرورة حس أو عقل، ولكنها معقولة جداً!

| فصل: أحاديث أخرى في الرايات السود
* حديث أبي هريرة الأول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة». كما هو بطوله في «فضائل الصحابة»، وفي «الكامل في ضعفاء الرجال» خلال ترجمة (داود بن عبد الجبار، كوفي).
ــوجاء الحديث بطوله بأتم لفظ في «تاريخ بغداد»: [أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق حدثنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن أبى ذهل العصمى الهروي حدثنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس حدثنا عبد الله بن محمد بن منصور حدثنا سويد بن سعيد حدثنا داود بن عبد الجبار حدثنا أبو شراعة (عن أبي هريرة) قال كنا عند بن عباس في البيت فقال: (هل فيكم غريب؟!)، قالوا: (لا!)، قال: (إذا خرجت الرايات السود فاستوصوا بالفرس خيرا فان دولتنا معهم)؛ فقال أبو هريرة: (الا أحدثك ما سمعت من رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (وإنك هاهنا؟! هات!)، قال: سمعت رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة»]، وقد ناقشناه في الملحق وتوقفنا في صحته، وناقشنا بعض القضايا المتعلقة به. وبغض النظر عن صحته من عدمها فهو في الدولة العباسية، وليس له علاقة بموضوع (المهدي).

* حديث أبي هريرة الثاني: «يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء».
* كما جاء في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء: 32، الصفحة: 279)، وفي «سنن الترمذي»: [حدثنا قتيبة حدثنا رِشْدِين بن سعد عن يونس عن بن شهاب عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «تخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء»]، وقال الترمذي: (حديث غريب)، وقال الألباني: (ضعيف الإسناد). قلت: نعم لأن رِشْدِين بن سعد ضعيف،لا تقوم به حجة. ولكنه توبع متابعات غاية في الجودة، فالحديث صحيح. وقد جاء أيضاً من نفس طريق الحديث السابق مما يقوي أنه في الدولة العباسية، وليس له علاقة بموضوع (المهدي).
ولعلنا نتجاسر فنركب متني الحديثين في متن واحد:[عن أبي هريرة قال: (دخل العباس بيتا فيه ناس من بني هاشم فقال: (هل فيكم غريب، أو هل عليكم عين؟!)، قالوا: (ما فينا غريب ولا عين)، قال؛ (وكانوا لا يعدوني من الغرباء إني كنت من ضيفان النبي، صلى الله عليه وسلم، من أصحاب الصفة، وكنت متسانداً، قلم يفطن بي)، قال: (إذا أقبلت الرايات السود فأكرموا الفرس فإن دولتنا معهم)؛ فقال أبو هريرة: (الا أحدثك ما سمعت من رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (وإنك هاهنا؟! هات!)، قال: سمعت رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق، لا يردها شيء حتى تنصب بإيليا: فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة»]



قسم الملاحق
| فصل: دراسة حديث أبي سعيد الخدري: (لا تقوم الساعة حتى تمتليء الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي (أو: من عترتي)، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا، يسقيه الله، الغيث وتخرج الأرض نباتها، يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين).أولاً:دراسة الحديث برواية أبي الصديق بكر بن عمرو الناجي عن أبي سعيد الخدري بلفظ: [لا تقوم الساعة حتى تمتليء الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا، (يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها)، (يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين)].
* كما جاء في «مسند أبي يعلى»، (ج2/ص274/ح987) من طرق عوف بن أبي جميلة عن أبي الصديقبكر بن عمرو بن قيس الناجي: [حدثنا زهير حدثنا يحيى بن سعيد عن عوف حدثنا أبوالصديق عن أبي سعيد الخدري عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقوم الساعة حتى تمتليء الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي (أو قال من عترتي) فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا»]، وقال الشيخ حسين أسد: (رجاله رجال الصحيح)
- وهو في «صحيح ابن حبان»، (ج15/ص236/ح6823): [أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا عوف قال حدثنا أبو الصديق عن أبي سعيد الخدري به إلى منتهاه]، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)
- وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص600/ح8669): [حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق وعلي بن حمشاذ العدل وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه قالوا حدثنا بشر بن موسى الأسدي حدثنا هوذة بن خليفة حدثنا عوف بن أبي جميلة (ح) وحدثني الحسين بن علي الدارمي حدثنا محمد بن إسحاق الإمام حدثنا محمد بن بشار حدثنا بن أبي عدي عن عوف حدثنا أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري، رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا»]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والحديث المفسر بذلك الطريق وطرق حديث عاصم عن زر عن عبد الله كلها صحيحة على ما أصلته في هذا الكتاب بالاحتجاج بأخبار عاصم بن أبي النجود إذ هو إمام من أئمة المسلمين)، وقال الذهبي في التلخيص: (على شرط البخاري ومسلم).
- وهو بنحوه في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج3/ص36/ح11331): [حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عوف عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قاله] * وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص601/ح8674)، من طريق مطر بن طهمان الوراق عن أبي الصديق: [حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا حجاج بن الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن مطر وأبي هارون عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه به]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
- والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص70/ح11683): [قال الحسن بن موسى: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي ومطر الوراق عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تملأ الأرض جورا وظلما فيخرج رجل من عترتي يملك سبعا أو تسعا فيملأ الأرض قسطا وعدلا]
- وهو في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج3/ص17/ح11146): [حدثنا أبو النضر حدثنا أبو معاوية شيبان عن مطر بن طهمان عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلي أقنى يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يكون سبع سنين»]، قلت: مطر بن طهمان كثير الخطأ، فالأرجح أن لفظتي: (أجلي)، و(أقنى)، من أوهامه، دخل في ذهنه حديث في حديث آخر!
ممنوع وضع روابط لمواقع اخرى - وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ج15/ص239/ح6826): [أخبرنا محمد بن علي بن العباس المروزي بالبصرة قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن مطر الوراق عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أقنى يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يملك سبع سنين].
- وأبو يعلى في مسنده (ج2/ص367/ح1128): [حدثنا قطن بن نسير حدثنا عدي بن أبي عمارة حدثنا مطر الوراق عن أبي الصديق عن أبي سعيد عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال ليقومن على أمتي من أهل بيتي أقنى أجلى يوسع الأرض عدلا كما وسعت ظلما وجورا يملك سبع سنين]
- وهو بنحوه في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج3/ص28/ح11239): [حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا مطر والمعلي عن أبي الصديق عن أبي سعيد أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (تملأ الأرض ظلما وجورا ثم يخرج رجل من عترتي يملك سبعا أو تسعا فيملأ الأرض قسطا وعدلا)]؛ قلت: ها هنا اعتضد مطر الوراق بالمعلى بن زياد، وهو ثقة، وإن كان هناك بعض التخوف من أن المعلى بن زياد إنما أخذه من العلاء بن بشير (كما سيأتي قريباً)؛ هذا بالإضافة إلى متابعة أبي هارون العبدي التي سبقت، فعلى هذا تصح هذه الجمل على شرط مسلم. * وجاء في «العلل المتناهية»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863) عن مقاتل بن حيان عن ابي الصديق الناجي: [أنبأنا الحريري قال أنبأنا العشاري قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبدة قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثنا شبيب بن عبد الملك عن مقاتل بن حيان عن ابي الصديق الناجي عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون في امتي المهدي يكون سبع سنين او ثمان سنين او تسعا يملأ الارض عدلا كما ملئت قبل ذلك ظلما وجوراً»]؛ قلت: أعله ابن الجوزي بتفرد شبيب بن عبد الملك عن مقاتل بن حيان فلم يصب؛ وكلاهما ثقة، والحديث ثابت من وجوه أخرى.* وجاء في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص601/ح8673)، من طريق سليمان بن عبيد عن أبي الصديق الناجي: [أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو حدثنا سعيد بن مسعود حدثنا النضر بن شميل حدثنا سليمان بن عبيد حدثنا أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله، الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطى المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثمانيا»، يعني حججا]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)، وقال الذهبي في التلخيص:صحيح، ووافقهما الألباني.
قلت: (سعيد بن مسعود) تصحيف، وإنما هو: (سعد بن مسعود الرازي) له ترجمة مختصرة في (الجرح والتعديل) وهو صدوق. ولكن في النفس شئ من هذا التصحيح لأن سليمان بن عبيد هذا هو الناجي السلمي البصري، ليس بالمشهور، لا يكاد يوجد له إلا هذا الحديث، ولكنه وثِّق: قال ابن معين: (ثقة)، وقال أبو حاتم: (صدوق)، ولكنه توبع في بعض جمله في الأحاديث السابقة، وكذلك الآتية.* وأخرجه الحاكم في مستدركه (ج4/ص603/ح8675) من طريق زيد العمي عن أبي صديق الناجي: [حدثنا عبد الله بن سعد الحافظ حدثنا إبراهيم بن أبي طالب وإبراهيم بن إسحاق وجعفر بن محمد بن أحمد الحافظ قالوا حدثنا نصر بن علي حدثنا محمد بن مروان حدثنا عمارة بن أبي حفصة عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع تنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتى الأرض أكلها لا تدخر عنهم شيئا والمال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ»]]، ولكن زيداً العمي، وهو أبو الحواري زيد بن الحواري، ضعيف.
- وابن ماجه في سننه (ج2/ص1367/ح4083): [حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا محمد بن مروان العقيلي حدثنا عمارة بن أبي حفصة عن زيد العمي عن أبي صديق الناجي عن أبي سعيد الخدري أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتى أكلها ولا تدخر منهم شيئا والمال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ]
- وكما هو في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج7/ص512/ح37638): [حدثنا أبو معاوية وابن نمير عن موسى الجهني عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون في أمتي المهدي إن طال عمره أو قصر عمره يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جوراً، (تُنْزِل) السماء مطرها، وتخرج الأرض بركتها»، قال: «وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك»].
- وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص27/ح11228): [حدثنا بن نمير حدثنا موسى يعني الجهني قال سمعت زيد العمي قال حدثنا أبو الصديق الناجي قال سمعت أبا سعيد الخدري قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، يكون من أمتي المهدي فان طال عمره أو قصر عمره عاش سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها]
- وهو في «العلل المتناهية»، لابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا الكروخي قال اخبرنا أبو عامر الازدي وابو بكر الغورجي قالا أخبرنا الجراحي قال حدثنا المحبوبي قال حدثنا الترمذي قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة قال سمعت زيد العمي قال سمعت ابا الصديق الناجي يحدث عن ابي سعيد الخدري عن النبي، صلى الله عليه وسلم،، قال: «إن في امتي المهدي يخرج يعيش خمسا او سبعا او تسعا»، (زيد الشاك) قال: قلنا: (وما ذاك؟!)، قال: «سنين»، قال: «فيجيء اليه الرجل فيقول يا مهدي اعطني فيحثي له ثوبه ما استطاع ان يحلمه»]
- وهو أيضاً في «العلل المتناهية»، لابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [واخبرنا عبد الوهاب الحافظ قال أخبرنا عاصم بن الحسن قال حدثنا أبو عمر بن مهدي قال حدثنا الحسين بن اسماعيل قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن مروان قال اخبرنا زيد العمي عن ابي الصديق الناجي عن ابي سعيد الخدري عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يكون في امتي المهدي ان قصر فسبع وإلا فثمان والا فتسع تنعم امتي نعمة لم ينعموا مثلها قط يرسل السماء عليهم مدارا ولا تدخر الارض شيئا من النبات والمال كدوس يقوم الرجل فيقول يا مهدي اعطني فيقول خذ»]
- وهو أيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج2/ص153/ح553)، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا أحمد بن ثابت حدثنا سعيد بن عثمان حدثنا نصر بن مرزوق حدثنا على بن معبد حدثنا خالد بن سلام عن محمد بن مهران البجلي عن عمارة بن أبي حفصة عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع تنعم فيها أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط ترسل السماء عليهم مدرارا لا تدخر الأرض شيئا من نباتها والمال عنده يقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ»]
- وجاء هذا أيضاً في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:136 وما بعدها): [حدثنا محمد بن مروان عن عمارة بن أبي حفصة عن زيد العمي عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه عن الني، صلى الله عليه وسلم، قال تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط ترسل السماء عليهم مدرارا ولا تزرع الأرض شيئا من النبات إلا أخرجته والمال كدوس يقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ]
- وجاء هذا أيضاً في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:136 وما بعدها): [حدثنا أبو معاوية عن موسى عن زيد عن أبي الصديق عن أبي سعيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، نحوه، إلا أنه لم يذكر المال]
- وجاء بعض هذا أيضاً في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها): [حدثنا محمد بن مروان العجلي عن عماره بن أبي حفصة عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكون المهدي في أمتي إن قصر فسبعا وإلا فثمان وإلا فتسعا]
- وجاء بعضه أيضاً في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها): [حدثنا أبو معاوية عن موسى الجهني عن زيد العمي عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال المهدي يعيش في ذلك يعني بعدما يملك سبع سنين أو ثمان أو تسع]* وجاء في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج3/ص52/ح11502)، من طريق العلاء بن بشير المزني عن أبي الصديق الناجي: [حدثنا زيد بن الحباب حدثني حماد بن زيد حدثنا المعلى بن زياد المعولي عن العلاء بن بشير المزني عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ويملأ الله قلوب أمة محمد غنى فلا يحتاج أحد إلى أحد فينادي مناد من له في المال حاجة قال فيقول أنا فيقال له ائت السادن يعني الخازن فقل له قال لك المهدي اعطني قال فيأتي السادن فيقول له فيقال له احتثي فيحتثي فإذا أحرزه قال كنت أجشع أمة محمد نفسا أو عجز عني ما وسعهم قال فيمكث سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في الحياة أو في العيش بعده»]، ولكن العلاء بن بشير المزني مجهول، لا يعرف.
- وهو في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج3/ص37/ح11344): [حدثنا عبد الرزاق حدثنا جعفر عن المعلى بن زياد حدثنا العلاء بن بشير عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قاله بنحوه]* جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا قاسم حدثنا ابن أبي خيثمة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا القاسم بن الفضل حدثني ابن عمير الهجري عن أبي الصديق قال: قال أبو سعيد الخدري وهو قاعد في أصل منبر النبي، صلى الله عليه وسلم، وله حنين قلت: (ما يبكيك؟!)، قال تذكرت النبي، صلى الله عليه وسلم، ومقعده على هذا المنبر قال: «إن من أهل بيتي الأقنى الأجلى يأتي الأرض وقد ملئت ظلما وجورا فيملأها قسطا وعدلا يعيش هكذا»، وأومأ بيده سبعا أو تسعا)]* وأخرج الحاكم في مستدركه (ج4/ص512/ح8438): [أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي أنبأ أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن حيدر الحميري بالكوفة حدثنا القاسم بن خليفة حدثنا أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني حدثنا عمر بن عبيد الله العدوي عن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال نبي الله، صلى الله عليه وسلم: (ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتى يملأ الأرض جورا وظلما لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم؛ فيبعث الله عز وجل رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا يعيش فيها سبع سنين أو ثمان أو تسع تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره)]؛ ثم قال الإمام الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)؛ قلت: عمر بن عبيد الله العدوي هو إما: عمر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أو: عمر بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب؛ كلاهما مقل، ليس بالمشهور، وثقه ابن حبان؛ وتابعه أبو هارون العبدي، كما سيأتي فوراً، وإن كانت متابعته لا يفرح بها كثيراً:
- كما جاء في «ضعفاء العقيلي»: [حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أبي هارون عن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال ذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم، «فيبعث الله تبارك وتعالى رجلا من عترتي من أهل بيتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض فلا يدع السماء من قطرها شيئا إلا صبته مدرا ولا يدع الأرض من نباتها شيئا إلا أخرجته حتى يتمنى الأحياء الأموات يعيش في ذلك سبع أو ثمان سنين أو تسع سنين»]
- وجاء هذا أيضاً بطوله في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) بإسقاط معاوية بن قرة وأبي الصديق الناجي: [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن معمر عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يصيب الناس بلاء شديد حتى لا يجد الرجل ملجأ فيبعث الله رجلا من عترة أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يحبه ساكن السماء وساكن الأرض وترسل السماء قطرها وتخرج الأرض نباتها لا تمسك منه شيئا يعيش في ذلك تسع سنين»]
- وبعضه أيضاً بإسقاط معاوية بن قرة وأبي الصديق الناجي في «مسند الشاميين»، (ج1/ص135/ح215): [حدثنا محمد بن علي الطرائفي الرقي حدثنا أيوب بن محمد الوزان حدثنا الوليد بن الوليد حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله، صلى الله عليه وسلم: «يليكم أئمة يملؤون الأرض عدوانا وجورا ثم يليكم رجل يملأ ما بين السماء والأرض عدلا كما ملئت عدوانا وجورا»]، قلت: أبو هارون عمارة بن جوين ضعيف متروك، ولعله هو الذي دلَّسه.
* وجاء في «المعجم الكبير»، (ج19/ص33/ح68)، ما يبدو كأنه حديث آخر: [حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج حدثنا أحمد بن محمد بن نيزك (ح) وحدثنا أحمد بن محمد بن صدقة حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قالا: حدثنا داود بن المحبر بن قحذم حدثني أبي المحبر بن قحذم عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لتملأن الأرض ظلما وجورا كما ملئت قسطا وعدلا حتى يبعث الله رجلا مني اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يلبث فيكم سبعا أو ثمانيا فإن كثر فتسعا لا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها»]، ولكن داود بن المحبر بن قحذم متروك ساقط، لا يحتج به، ولا بحال من الأحوال.
- وهو بعينه في «بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث»، (ج2/ص784/ح788): [حدثنا داود بن المحبر بن قحذم حدثني أبي عن أبيه قحذم بن سليمان عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لتملأن الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما بعث الله عز وجل رجلا مني اسمه اسمي أو اسم نبي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا فلا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها فيلبث فيكم سبعة أو ثمانية فان كثر فتسعة يعني سنين»]
- وجاء في «ضعفاء العقيلي»: [حدثنا محمد بن يحيى الواسطي قال حدثنا داود بن المحبر قال حدثني أبي المحبر بن قحذم عن أبيه قحذم بن سليمان عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لتملأن الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما بعث الله عز وجل رجلا مني اسمه اسمى، (واسم أبيه اسم أبي) يملؤها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا فلا يمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها يلبث فيكم سبعا أو ثمانيا فإن كثر فتسعا»]
- ولكن جاء في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا أحمد بن علي المديني حدثنا محمد بن بحر بن مطر حدثنا داود بن محبر بن قحذم أخبرني أبي محبر بن قحذم عن أبيه قحذم بن سليمان عن معاوية بن قرة المزني عن أبيه قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لتملأن الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما بعث الله رجلا مني اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فلا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها يلبث فيكم سبعا أو ثمانيا فأكثر فتسعا يعني التسع سنين»]، ثم قال الإمام بن عدي: (كذا قال داود في هذا الحديث عن أبيه عن جده عن معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وغيره يرويه عن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري)، قلت: وقد سبقت تلك الرواية، التي أشار إليها الإمام بن عدي، قبل قليل. فحديث معاوية بن قرة عن أبيه لا وجود له، وإنما وهم بعض الرواة فجعله هكذا، وإنما هو حديثنا هذا: حديث أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري.قلت: على هذا تتقوى جملتا: (يسقيه الله، الغيث وتخرج الأرض نباتها)، (يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين)، بتعدد الطرق.
وعلى هذا فيكون الحديث ثابتاً صحيحاً بتمامه، إن شاء الله تعالى: [لا تقوم الساعة حتى تمتليء الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا، (يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها)، (يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين)]* ولكن جاء في «المعجم الأوسط»، (ج2/ص15/ح1075)، ما يبدو أنه متابعة لأبي الصديق الناجي: [حدثنا أحمد قال حدثنا أبو جعفر قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبى الواصل عن أبي الصديق الناجي عن الحسن بن يزيد السعدي أحد بني بهدلة عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «يخرج رجل من أمتي يقول بسنتي ينزل الله عز وجل له القطر من السماء وتخرج له الأرض من بركتها تملأ الأرض منه قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يعمل عل هذه الأمة سبع سنين وينزل بيت المقدس»]، ثم قال الإمام الطبراني: (روى هذا الحديث جماعة عن أبي الصديق فلم يدخل أحد ممن رواه بينه وبين أبي سعيد أحد إلا أبو واصل). قلت: وهذا التفرد يدل على: إما وهم أبي واصل، وإما، وهو الأرجح، أنه في أصله هكذا: (عن أبي الصديق الناجي وعن الحسن بن يزيد السعدي) فتصحفت على بعض الرواة أو النساخ، فإن كان كذلك فهذا إسناد صحيح؛ ولكن الرواية التالية تعكر على هذا، وتوجب الحذر والتوقف:
* فقد جاءفي «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالله بن عمرو حدثنا عتاب بن هارون حدثنا الفضل بن عبيدالله حدثنا عبدالله بن عمرو حدثنا محمد بن سلمة حدثنا أبو الواصل عن أبي أمية الحبطي عن الحسن بن يزيد السعدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يخرج رجل من أمتى يعمل بسنتي ينزل الله له البركة من السماء وتخرج له الأرض بركتها يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يعمل سبع سنين على هذه الأمة وينزل بيت المقدس»]
قلت: هذا إسناد ساقط: أيوب بن خوط، أبوأمية الحبطي البصري، متروك هالك، والحسن بن يزيد السعدي ليس بذاك المشهور. ثانياً: دراسة الحديث برواية أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري بلفظ: (المهدي مني: أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين)
* كما هو في «سنن أبي داود»، (ج4/ص107/ح4285): [حدثنا سهل بن تمام بن بزيع حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني: أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين»]، وقال الألباني: حسن
- وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص600/ح8670): [حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي حدثنا عمران القطان حدثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«المهدي منا أهل البيت: أشم الأنف أقنى أجلى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يعيش هكذا»، وبسط يساره وإصبعين من يمينه المسبحة والإبهام وعقد ثلاثة]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)، وقال الذهبي في التلخيص: (عمران ضعيف، ولم يخرج له مسلم)، قلت: بالغ الذهبي ها هنا، وقد أخرج البخاري له متابعة، والجميع إلا مسلم، وأنصف الحافظ إذ قال: (صدوق يهم)، فليس هو من أهل الصحيح، ولكنه صالح الحديث يكتب حديثه، ويصح الحديث بأي متابعة جيدة.
- وفي «المعجم الأوسط»، (ج9/ص176/ح9460)،صرح قتادة بالسماع: [حدثنا يعقوب بن إسحاق حدثنا عفان حدثنا عمران حدثني قتادة حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يملك رجل من أهل بيتي: أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يعيش هذا»، وبسط كفه اليمنى وبسط إلى جنبها أصبعين وبسط كفه اليسرى]
- وبعضه في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها): [حدثنا الوليد عن سعيد عن قتادة عن أبي نضرة (أو أبي الصديق) عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «المهدي أجلى الجبين أقنى الأنف»]؛ قلت: هذه متابعة جيدة، ولو لبعض الحديث.
- وهو في «العلل المتناهية»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [حدثنا سهل بن تمام قال حدثنا عمران القطان عن قتادة عن ابي نضرة عن ابي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني: اجلى الجبهة أقنى الانف يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع سنين»]
- ومتابعة أخرى في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا علي ابن الحسين الجهني بدمشق حدثنا هشام بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، «يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي شاب حسن الوجه أجلى الجبين أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك كذا وكذا سبع سنين»]، ولكن عطاء بن عجلان متروك ساقط!
- وهي في «تاريخ واسط»، (ج:1 ص:135): [حدثنا أسلم قال حدثنا سعيد بن يحيى قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا اسماعيل بن عياش عن عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي حسن الوجه أجلى الجبين أقنى الأنف يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا يملك كذا وكذا»]، وقال أسلم: (قال أبو حاتم الرازي: عطاء بن عجلان واسطي).
- وبعضه في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها): [حدثنا ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن عمرو بن دينار عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضى الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال هو رجل مني]
- وبعضه في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها): [حدثنا ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن عمرو بن دينار عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال يملك سبع سنين]
قلت: الحارث بن نبهان الجرمي متروك ساقط.
قلت: أعدل الأمور هو اعتماد حديث أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري، وهو صحيح لا شك في صحته، أصلاً، وإلحاق بقية الطرق: عمران القطان عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، وداود عن أبي نضرة عن أبي سعيد، والأعمش عن عطية عن أبي سعيد به شواهد ومتابعات مع اعتماد الزيادة: [أجلى الجبهة، أقنى الأنف]، فيكون بذلك الحديث بطوله: [لا تقوم الساعة حتى تمتليء الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي (أو: من عترتي)، (أجلى الجبهة، أقنى الأنف)، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا، (يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها)، (يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين)]
وبذلك يظهر لك خطأ الإمام ابن الجوزي الفادح، عندما لم يستوعب الطرق فقال: (واما حديث ابي سعيد ففي طريقه الاول محمد بن مروان قال ابن نمير كذاب وقال النسائي والرازي متروك الحديث وقال ابن حبان لا يحل كتب حديثه الا اعتباراً).
| فصل: دراسة حديث زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود: «لا تذهب الدنيا، (أو: لا تنقضي الدنيا)، (أو: لا تذهب الأيام والليالي)، حتى يملك العرب (أو: يملك الناس) رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي. يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً»* كما هو في «سنن أبي داود»، (ج4/ص107/ح4282)، من عدة طرق في سياق واحد: [حدثنا مسدد أن عمر بن عبيد حدثهم (ح) وحدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر يعني بن عياش (ح) وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان (ح) وحدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا زائدة (ح) وحدثنا أحمد بن إبراهيم حدثني عبيد الله بن موسى عن فطر (المعنى واحد كلهم) عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم (قال زائدة في حديثه: «لطول الله ذلك اليوم»، ثم اتفقوا) حتى يبعث فيه رجلا مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي»، (زاد في حديث فطر: «يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»)، وقال في حديث سفيان: «لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]، وقال الإمام أبو داود: (لفظ عمر وأبي بكر بمعنى سفيان)، وقال الألباني: حسن صحيح.
قلت: أما قول الألباني: حسن صحيح، فإن كان يعني أن هذا الإسناد حسن لذاته، بسبب الكلام اليسير في عاصم بن أبي النجود بهدلة، ولكنه صحيح بمتابعاته وشواهده، بعد التأكد من سلامته من الشذوذ والعلل، فقد أصاب، وإن كان يعني أنه صحيح لذاته، حسن المعنى جميل (كما هو مقصود الترمذي أحياناً) فهذه مبالغة، لا برهان عليها، في تصحيح حديث عاصم بن أبي النجود، وإن كان حديثه عن شيخه زر بن حبيش من أقوى حديثه وأنظفه!
أما ألفاظ الحديث كما ذكرها الإمام أبو داود فهي:
لفظ أبي داود الأول:لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»، وهذا هو لفظ زائدة وفطر، وغيرهما كما سنبين قريباً. وهذا اللفظ الأول هو في الأرجح لفظ أبي صالح عن أبي هريرة، كما سيأتي بعد الفراغ من حديث زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود هذا.
لفظ أبي داود الثاني: «لا تذهب الدنيا، (أو: لا تنقضي الدنيا)، (أو: لا تذهب الأيام والليالي)، حتى يملك العرب (أو: الناس) رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي»، هذا هو لفظ سفيان الثوري، وبمعناه رواه عمر بن عبيد، وأبو بكر بن عياش. وهو اللفظ الذي جاءت متابعة عاصم به، مما يجعلنا نكاد نقطع أنه اللفظ الأصلي لحديث زر عن عبد الله. أما زيادة فطر التي ذكرها أبو داود، وهي: «يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا». فقد جاءت من طريق زائدة أيضاً، كما هو في الطبراني. ولم ينفردا بها، بل قد جاءت من طريق سفيان بن عيينة، وغيره، فهي ثابتة عن عاصم بن أبي النجود بدون شبهة!
والظاهر أن عاصم بن أبي النجود بهدلة، وهو ليس في القمة من الإتقان كما هو معروف، خلط اللفظين لتقاربهما في المعنى، فكان يحدث تارة بهذا اللفظ، وتارة بذاك.* والحديث في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»،(ج1/ص377/ح3573)، و(ج1/ص430/ح4098)، من طريق سفيان الثوري: [حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تذهب الدنيا أو قال لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي ويواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص134/ح10218)، من طرق عدة سفيان الثوري أيضاً: [حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي حدثنا أبو إسحاق الفزاري (ح) وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد حدثنا أبي كلهم: عن سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]؛ واللفظ لحديث مسدد.
- وهو في «سنن الترمذي»، (ج4/ص505/ح2230)، من طريق سفيان الثوري: [حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي الكوفي قال حدثني أبي حدثنا سفيان الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]،و قال أبو عيسى: (وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح)، وقال الألباني: حسن صحيح، قلت: سبق تعليقنا على كلام الألباني عند ابي داود، وهذا هو ها هنا مثله بالضبط.
- كما هو أيضاً في «العلل المتناهية»، للإمام ابن الجوزي، (ج:2 ص:855 إلى ص:863)، من طريق سفيان الثوري، بواسطة الترمذي: [أخبرنا الكروخي قال أخبرنا أبو عامر الازدي وابو بكر الغورجي قالا أخبرنا الجراح قال المحبوبي قال حدثنا الترمذي به»].
- وهو في «المحدث الفاصل»، (ج:1 ص:329)، من طريق سفيان الثوري: [حدثنا أبو جعفر الحضرمي حدثنا سقير بن عداس أبو عروة المالكي البصري قال سمعت يحيى بن سعيد يحدث عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي (أو قال: من عترتي) يواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها)، من طريق سفيان الثوري: [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا قاسم حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا سفيان حدثنا عاصم عن زر عن عبدالله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في «سير أعلام النبلاء»، (ج:11 ص:472)، من طريق سفيان الثوري: [اخبرنا الشيخ العالم صاحب مسند الوقت أبو المعالي أحمد بن القاضي الامام المحدث رفيع الدين ابي محمد اسحاق بن محمد المؤيد الهمذاني ثم المصري بقراءتي عليه قال اخبرنا المبارك بن ابي الجود ببغداد سنة عشرين وست مئة اخبرنا أبو العباس أحمد بن الطلاية اخبرنا عبد العزيز بن علي اخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا محمد بن هارون حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في «صحيح ابن حبان»، (ج15/ص236/ح6824)، بلفظ دمجت فيه جمل اللفظ الأول في اللفظ الثاني، مع زيادة فطر مختصرة، من طريق سفيان الثوري: [أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا بن مهدي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها قسطا وعدلا»]، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده حسن) * وهو عند الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج1/ص376/ح3571)، من طريق سفيان بن عيينة: [حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي]؛ وقال الإمام أحمد: (حدثنا به في بيته في غرفته أراه سأله بعض ولد جعفر بن يحيى أو يحيى بن خالد بن يحيى). - ومع زيادة فطرفي «المعجم الكبير»،(ج10/ص134/ح10219): [حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا حامد بن يحيى البلخي حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما»] * وهو مع زيادة فطر في «المعجم الكبير»، (ج10/ص134/ح10220)، من طريق شعبة: [حدثنا عمر بن إبراهيم البغدادي ومحمد بن أحمد بن أبي خيثمة حدثنا محمد بن علي بن خالد العطار حدثنا عمرو بن عبد الغفار حدثنا شعبة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يلي رجل من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في الكامل في الضعفاء (5/147): [حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار حدثنا عمرو بن عبد الغفار حدثنا شعبة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهذا من حديث شعبة لا أعلم رواه عن شعبة غير عمرو بن عبد الغفار وعن عمرو محمد بن علي العطار وهو متهم إذا روى شيئا من الفضائل وكان السلف يتهمونه بأنه يضع في فضائل أهل البيت وفي مثالب غيرهم ولعمرو غير ما ذكرت من الحديث] * وهو في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج7/ص513/ح37647)، من طريق فطر بن خليفة: [حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا فطر(عن عاصم عن) عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي»]
- وهو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص133/ح10213)، من طريق فطر بن خليفة: [حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا فطر بن خليفة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود يرفعه إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطى اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي»]، وهو عن فطر بن خليفة، من غير زيادة فطر! * وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج1/ص448/ح4279)، و(ج1/ص377/ح3572)، من طريق عمر بن عبيد الطنافسي: [حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي)]
- وهو في «المعجم الكبير»،(ج10/ص135/ح10223): [حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا محمد بن أبان الواسطي حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي عن عاصم عن زر بن حبيش عن بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الدنيا أو لا ينقضي الأيام حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]* وهو باختصار وتصرف في اللفظ في «المعجم الكبير»، (ج10/ص136/ح10227)، من طريق أبي بكر بن عياش: [حدثنا أحمد بن محمد الجمال الأصبهاني حدثنا إبراهيم بن عامر بن إبراهيم حدثنا أبي عن يعقوب القمي عن سعد بن الحسين عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يلي أمر هذه الأمة في آخر زمانها رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في «العلل المتناهية»، للإمام ابن الجوزي، (ج:2 ص:855 إلى ص:863)، من طريق أبي بكر بن عياش، وغيره: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال اخبرني أبو القاسم عبد العزيز ابن محمد بن نصر الستوري وابو الحسن علي بن أحمد بن محمد الرزاز قالا اخبرنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال حدثني محمد بن أحمد بن الهيثم الدوري قال حدثني أحمد بن الهيثم قال حدثني سورة بن الحكم قال حدثنا سليمان بن قرم ويحيى ابن ثعلبة وقيس بن الربيع وابو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يملك الناس رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم ابيه اسم ابي، يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا»]
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من طريق أبي بكر بن عياش وعدة رجال: [حدثنا سلمون بن داود حدثنا محمد بن عبدالله حدثنا محمد بن أحمد بن الهيثم الدوري حدثنا أبي حدثنا سورة بن الحكم حدثنا سليمان بن قرم ويحيى بن ثعلبة وحماد بن سلمة وقيس وأبو بكر ابن عياش عن عاصم عن زر عن عبدالله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي اسمه اسمى واسم ابيه اسم أبي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما»]
- وأيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا جعفر بن محمد السوسي وعلي بن العباس المقانعي والقاسم بن زكريا قالوا أخبرنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر ابن عياش حدثنا عاصم عن زر عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الليالي والأيام حتى يملك رجل من أهلي يواطئ اسمه اسمي»]* وهو، مع اختصار طفيف، في «المعجم الكبير»، (ج10/ص136/ح10228)، من طريق مسلم بن كيسان الضبي الملائي، وهو مسلم الأعور، عن أبي الجَحَّاف داود بن سويد، عن عاصم: [حدثنا أحمد بن عمرو البزار حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي عن أبي الجحاف عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي»] * وهو مع زيادة فطر في «المعجم الكبير»، (ج10/ص133/ح10214)، من طريق الأعمش: [حدثنا موسى بن هارون حدثنا عبد الله بن داهر الرازي حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا»]
- وجاء أيضاً في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا علي بن سعيد حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن داهر ومحمد بن حميد قالا: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تنقضي الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يملؤها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجوراً»]
- وهو في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا بن زيدان حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن زر عن عبد الله قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا»]، وقال بن عدي: (ولم يذكر في إسناده عاصم).
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا القاسم ابن زكريا المطرز وأحمد بن عبدالله بن زيد الحبلي قالا حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا عبدالله بن عبدالقدوس حدثنا الأعمش عن عاصم عن زر عن عبدالله قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهلي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا»»] - وهو مع زيادة فطر في «المعجم الكبير»، (ج10/ص136/ح10226)، من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم: [حدثنا يحيى بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي حدثنا جعفر بن علي بن خالد بن جرير حدثنا أبو الأحوص قال سألت عاصم بن أبي النجود فقلت: (يا أبا بكر: ذكرت عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»»، قال: (نعم)]
- وهو مع زيادة فطر في «المعجم الصغير»،(ج2/ص290/ح1181)، بتصرف طفيف في صياغة الإسناد، من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم: [حدثنا يحيى بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن محمد بن زياد بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي حدثنا جعفر بن علي بن خالد بن جرير بن عبد الله البجلي حدثناأبو الأحوص سلام بن سليم عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما»]، ثم قال الإمام الطبراني: (لم يروه عن أبي الأحوص إلا جعفر بن علي تفرد به يحيى بن إسماعيل).* وهو مع زيادة فطر في «المعجم الكبير»، من طريق هشام الدستوائي: [حدثنا يعقوب بن إسحاق النيسابوري حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا أبو غسان المسمعي حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يذهب الأيام حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»] * وهو مع زيادة فطر في «المعجم الكبير»، (ج10/ص136/ح10225)، من طريق يوسف بن حوشب عن واسط بن الحارث: [حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا يوسف بن حوشب حدثنا واسط بن الحارث عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كنا ملئت جورا وظلما»]
- كما هو في «العلل المتناهية»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا بن خيرون قال أخبرنا ابن المأمون قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا البغوي قال حدثنا عبد الله بن عمر بن ابان قال حدثنا يوسف بن حوشب قال حدثنا باسط بن الحارث عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الامر حتى يملك رجل من اهل بيتي يوافق اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما»]* وهو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص133/ح10215)، من طريق أبي إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني: [حدثنا الحسن بن علي المعمري حدثنا عبد الغفار بن عبد الله الموصلي حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الليالي والأيام حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]
- وهو في «معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي»، (ج:2 ص:513)، من طريق أبي إسحاق الشيباني: [قال: وحدثنا علي بن المنذر حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا جعفر الأحمر عن أبي إسحاق الشيباني عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي»، وقال الشيباني: «من أهل بيتي»]
- كما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن على حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا قاسم المطرز حدثنا على بن المنذر حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا جعفر الأحمر عن أبى إسحاق الشيباني عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تذهب الدنيا حتى يلي على أمتي رجل من أهل بيتى يواطئ اسمه اسمي»]* وهو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص135/ح10221)، من طريق عبد الملك بن أبي غنية: [حدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي حدثنا أبي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الملك بن أبي غنية أخبرني عاصم عن زر عن عبد الله قال سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا ينقضي الدنيا حتى يلي رجل من أهل بيتييواطئ اسمه اسمي»]
- وهو بنحوه في «المعجم الأوسط»، من طريق عبد الملك بن أبي غنية: [حدثنا محمد بن أحمد بن لبيد حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الملك بن حميد بن أبي غنية أخبرني عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا تنقضي الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»] * وهو في «صحيح ابن حبان»،(ج15/ص238/ح6825)، من طريق عثمان بن شبرمة: [أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني قال حدثنا علي بن المنذر قال حدثنا بن فضيل قال حدثنا عثمان بن شبرمة عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن عبد الله قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»]، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده ضعيف)
- وهو بنحوه في «المعجم الكبير»، (ج10/ص137/ح10229)، من طريق عثمان بن شبرمة: [حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن فضيل عن عثمان بن عبد الله بن شبرمة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا»]
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من طريق عثمان بن شبرمة: [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا قاسم المطرز حدثنا علي بن المنذر الطريقي حدثنا محمد بن فضيل حدثنا عثمان بن شبرمة عن عاصم عن زر عن عبدالله قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما»]* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من طريق محمد بن عياش بن عمرو العامري: [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا أحمد بن مسعود الوزان بحلب حدثنا محمد بن عبدالملك الدقيقي حدثنا أبوعلي الحنفي حدثنا محمد بن عياش بن عمرو العامري حدثنا عاصم عن زر عن عبدالله أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لن تذهب الدنيا حتى يملك الدنيا رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»، قلت: (يا أبا عبدالرحمن: ما يواطئ؟!)، قال: (يشبه)] * وجاء في الكامل في الضعفاء (2/86) عن حمزة الزيات عن عاصم: [حدثنا احمد بن محمد بن سعيد حدثنا جعفر بن محمد بن سعيد حدثنا حسن بن حسين حدثنا تليد بن سليمان عن حمزة الزيات عن عاصم عن زر عن عبد الله قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا تذهب الدنيا حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي)]؛ ثم قال الشيخ: (وهذا من حديث حمزة الزيات عن عاصم لا اعرفه الا من هذا الطريق). | وهو باللفظ الأول، لفظ حديث أبي هريرة، في الطرق التالية:
* وهو باللفظ الأول في «المعجم الكبير»، (ج10/ص135/ح10222)، من طريق زائدة بن قدامة: [حدثنا العباس بن محمد المجاشعي الأصبهاني حدثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني حدثنا عبيد الله بن موسى عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا مني (أو من أهلي أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي»]
- وهو مع زيادة فطر في «المعجم الأوسط»، (ج2/ص56/ح1233)، من طريق زائدة بن قدامة: [حدثنا أحمد قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهلي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي؛ يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»]، ثم قال الإمام الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن زائدة إلا عبيد الله).
- وهو من طريق زائدة بن قدامة في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا علي بن الحسين الجهني بدمشق حدثنا محمد بن خلف العسقلاني حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبدالله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي»]* وجاء في «موضح أوهام الجمع والتفريق»، (ج:2 ص:71)، من طريق فطر بن خليفة: [كتب إلى أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر الدمشقي وحدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي عنه قال أخبرنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف أخبرنا أبو الحسن بن سليمان، (وهو أبو الحسن بن سليمان الذي روى عنه أبو علي محمد بن أبي نصر الدمشقي)، حدثنا أبو عمرو الكوفي أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا فطر بن خليفة عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملؤها عدلا كما ملئت ظلما وجورا»]وجاء في «موضح أوهام الجمع والتفريق»، (ج:2 ص:71)، من طريق فطر بن خليفة: [أخبرنا علي بن الحسين بن أحمد التغلبي أبو الحسن بدمشق أخبرنا الحسين بن عبد الله بن أبي كامل حدثنا خيثمة بن سليمان القرشي حدثنا ابن أبي غزرة حدثنا عبيد الله بإسناده مثله]
- وهو في حديث خيثمة (ص 192): [قال أبو الحسن خيثمة بن سليمان حدثنا أبو عمرو الكوفي أخبرنا عبيد الله بن موسى اخبرنا فطر بن خليفة عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث الله رجلا من اهل بيتي يواطيء اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا)]* وهو مع زيادة فطر في «المعجم الكبير»،(ج10/ص135/ح10224)، من طريق عمرو بن أبي قيس الرازي: [حدثنا الحسين إسحاق التستري حدثنا حميد بن محمد الرازي حدثنا هارون بن المغيرة عن عمرو بن أبي قيس عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لطول الله تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا»] * وهو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص134/ح10216)، باختصار شديد، من طريق محمد بن إبراهيم الكناني: [حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا مسدد حدثنا أبو شهاب محمد بن إبراهيم الكناني حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم»]
- وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ج13/ص285/ح5954): [وحدثنا الفضل بن الحباب في عقبة حدثنا مسدد حدثنا محمد بن إبراهيم أبو شهاب حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لو لم يبق من الدنيا الا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي اسمه اسمي)]* وهو في «المعجم الكبير»،(ج10/ص134/ح10217)، من طريق حكيم بن جبير الأسدي: [حدثنا القاسم بن محمد الدلال الكوفي حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني حدثنا عبد الله بن حكيم بن جبير عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]، قلت: إبراهيم بن إسحاق الصيني متروك، وحكيم بن جبير ليس بذاك! * وهو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص137/ح10230)، عن عمرو بن قيس الملائي عن عاصم: [حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا الحسين بن عمرو العنقزي حدثنا تميم بن الجعد عن عمرو بن قيس الملائي عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الأيام والليالي ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم حتى يبعث الله رجلا من أمتي يواطئ اسمه اسمي»] قلت: فهذا نقل تواتر عن عاصم يفيد القطع واليقين بصدور الحديث عنه، وأنه كان ينوع الألفاظ، وربما استخدم لفظ حديث أبي هريرة (والذي سيأتي)، وهذا لا يضر لأنه من غير تغيير جوهري في المعنى، فالحديث، حديث عاصم عن زر عن عبد الله، حسن جيد لذاته، وهو صحيح ثابت بأي متابعة مقبولة لعاصم، وقد وجدنا المتابعة المطلوبة في كتاب «تاريخ واسط»، للإمام أسلم بن سهل الرزاز الواسطي، المتوفى سنة 292 هـ، الملقب بـ(بحشل)، وهو من الثقات الحفاظ الأثبات الكبار:
* كما هي في «تاريخ واسط»، (ج:1 ص:105)، وهي باللفظ الثاني: [حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن فهد بن هلال قال حدثنا عبد الله بن علي السمسار قال حدثنا يوسف بن حوشب قال حدثنا أبو يزيد الأعور عن عمرو بن مرة عن زر بن حبيش عن عبدالله بن مسعود عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]
- وهي أيضاً في «المعجم الكبير»، (ج10/ص131/ح10208): [حدثنا محمد بن السري بن مهران الناقد حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا يوسف بن حوشب الشيباني حدثنا أبو يزيد الأعور عن عمرو بن مرة عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي»]
- والمتابعة أيضاً في «حلية الأولياء»، (ج:5 ص:75): [حدثنا محمد بن عمر بن مسلم قال حدثنا عبدالله بن محمد بن ناجية وعلي بن اسحاق ومحمد بن أبان قالوا: حدثنا يوسف بن حوشب قال حدثنا أبو يزيد الأعور عن عمرو بن مرة عن زر بن حبيش عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»، قال محمد بن عمر: (سألت أبا العباس بن عقدة عن أبي يزيد الأعور فقال: هو خلف بن حوشب)]، وقال الإمام أبو نعيم الأصفهاني: (غريب من حديث يوسف بن حوشب، وخلف: لم نكتبه إلا من هذا الوجه).
- وهي أيضاً في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا محمد بن أبان بن ميمون وعلي بن سعيد قالا حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا يوسف بن حوشب حدثنا أبو يزيد الأعور عن عمرو بن مرة عن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي»، قال علي بن سعيد أبو يزيد الأعور يرون انه عمرو بن قيس]، وقال الإمام ابن عدي: (ولا اعلم رواه عن أبى يزيد الأعور غير يوسف بن حوشب، وليوسف أحاديث وليست بالكثيرة، وأحاديثه محتملة).
- أبو يزيد الأعور، هو في الأرجح خلف بن حوشب الكوفي، ثقة، وإن كان هو عمرو بن قيس فهذا ثقة ثبت، فهو إذاً أقوى وأحفظ.
- يوسف بن حوشب بن يزيد الشيباني الربعي،أخو العوام بن حوشب، الراوية المشهور، شيخ لا بأس به، قليل الحديث.
قلت: فهذه متابعة حسنة جيدة، متنها واحد، لا اضطراب فيه، وبها يصبح حديث عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود صحيحاً ثابتاً بلا شبهة من ناحية الإسناد، والحمد لله رب العالمين.غير أن هناك إشكالية تتعلق بعدم تطابق متنه مع رأي الأغلبية من أصحاب عبد الله بن مسعود:
* كما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان القشيري قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو سلمة قال حدثنا عبدالواحد بن زياد قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم قال كان أصحاب عبدالله يقولون: (المهدي: عيسى بن مريم)]
قلت: وهذا اعتراض ليس بوجيه:
أولاً: لأن عبد الله بن مسعود لم يكن معروفاً بالإكثار من الحديث عامة، ومن أحاديث الفتن خاصة، فلا يبعد أن لا يكون أكثر أصحابه على غير علم بما رواه زر بن حبيش، كما سلف، ولا بما رواه علقمة، كما سيأتي.
ثانياً: لأنه ليس قطعي الدلالة في موضع النزاع، فقد يكون مقصودهم: (لا مهدي بحق منذ ولادته، أو لا مهدي هداية تامة إلا عيسى بن مريم) أو (لا يستحق من جاء الحديث بوصفه لقب المهدي) أو (أن لقب المهدي إنما هو – حسب علمهم – من اختراع الناس، أما النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلم يستخدمه).
| فصل: دراسة حديث أبي هريرة: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم: لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي»
أولاً: رواية أبي صالح عن أبي هريرة* كما جاء في «سنن الترمذي»، (ج4/ص506/ح2231): [حدثنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار العطار حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»]، ثم قال الإمام أبو عيسى الترمذي: (قال عاصم: وأخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي»)، وقال الإمام أبو عيسى الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
قلت: دمج الإمام الترمذي روايتين في واحدة، لفظ الأولى هو اللفظ الثاني لرواية عاصم عن زر عن عبد الله مختصراً جداً، ومعنى كلام الترمذي بخصوص الرواية الثانية إذا بسطناه فهو الحديث التالي:
* قال الإمام الترمذي: [حدثنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار العطار حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم قال: وأخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»].
ولفظ هذه الرواية عن أبي هريرة لفظ ثالث، يجمع اللفظين الواردين من طريق عاصم عن زر عن عبد الله:
اللفظ الثالث: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»، هذا هو لفظ حديث أبي هريرة عند الترمذي من طريق سفيان بن عيينة.
- وهو في «صحيح ابن حبان»، (ج13/ص284/ح5953)، مرفوعاً: [أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا محمد بن إبراهيم أبو شهاب عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا الا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم»].
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا أبو خليفة حدثنا مسدد حدثنا أبو شهاب عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي»]
قلت: أبو شهاب محمد بن إبراهيم، ليس بالمشهور، يكتب حديثه، وهذه متابعة لسفيان بن عيينة، وإن كان الإمام سفيان بن عيينة لا يحتاج إلى متابعة.* وهو في «سنن ابن ماجه»،(ج2/ص929/ح2779): [حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو داود (ح) وحدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي حدثنا يزيد بن هارون (ح) وحدثنا علي بن المنذر حدثنا إسحاق بن منصور كلهم: عن قيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله الله عز وجل حتى يملك رجل من أهل بيتي: يملك جبل الديلم والقسطنطينية»]، وقال الألباني: ضعيف.قلت: هو كذلك لأن قيس بن الربيع الأسدي صدوق في نفسه، ولكن أنبأنا له صار يلقنه لما كبر فأفسد حديثه، وإنما يقبل من حديثه ما رواه القدامى (شعبة والثوري، ونحوهم: وهم من أقرانه وطبقته، أو من بعدهم بقليل)، فهذه متابعة لعاصم بن بهدلة نفسه عن أبي صالح. ولكن فقرة: «يملك جبل الديلم والقسطنطينية» لا تثبت بهذا، ولا تجوز نسبتها إلى النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا يحل الاحتجاج بها، إلا إذا اعتضدت من طريق أخرى.
- وقال يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده: [حدثنا قيس ابن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينية وجبل الديلم ولو لم يبق إلا يوم طول الله ذلك اليوم حتى يفتحها»].* وجاء بعضه في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها)، لكنه موقوف على أبي هريرة: [قال حماد عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: (هو رجل من آل محمد، صلى الله عليه وسلم)]، والظاهر أن هذا من كلام أبي هريرة تعليقاً على الحديث، واستنباطاً منه، أو جواباً لسؤال سائل، وليس هو الحديث محل البحث نفسه.قلت: حديث أبي صالح عن أبي هريرة ثابت بمجموع هذه الطرق (باستثناء الفقرة المذكورة آنفاً: «يملك جبل الديلم والقسطنطينية»)، لا سيما أن الجميع رواه متناً واحداً: ««لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»»، وكلهم يرويه عن أبي صالح ذكوان، عن أبي هريرة من غير اضطراب.ثانياً: رواية محمد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ: «لو لم يبق من الدنيا الا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم»
* كما هو في «المعجم الأوسط للإمام الطبراني»، (ج:5 ص:311، رقم: 5406): [حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال حدثنا أبو بريد الجرمي قال حدثنا محمد بن مروان عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع تنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها يرسل الله السماء عليهم مدرارا ولا تدخر الارض بشىء من النبات والمال كدوس يقوم الرجل فيقول يا مهدي اعطني فيقول خذه!»]
_ وكما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا محمد بن عمر الارموي قال اخبرنا عبد الصمد بن علي بن ميمون قال أخبرنا الدارقطني قال حدثنا يوسف بن يعقوب النيسابوري قال حدثنا أبو بريد عمرو بن يزيد قال حدثنا محمد بن مروان عن هشام بن حسان عن محمد عن ابي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون المهدي في امتي إن قصر فسبع والا فثمان والا فتسع تنعم فيها امتي نعمة لم ينعموا مثلها: يرسل السماء عليهم مدرار،ا ولا يدخر الارض شيئا من النبات، ويكون المال كدوسا يقوم الرجل فيقول يا مهدي اعطني فيقول خذ»]
قلت: محمد بن أحمد بن أبي خيثمة هو محمد بن أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب، أبو عبد الله النسائي ثم البغدادي، ثقة حافظ ناقد، توفي يوم الأربعاء لأربع بقين ذي القعدة 297 هـ، كان يشبه بالإمام الطبري في العلم والفهم والدراية، إمام ابن أمام ابن إمام: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
- وأبو بريد الجرمي هو أبو بريد عمرو بن يزيد الجرمي البصري، ثقة من شيوخ الإمام النسائي، من وسطى أتباع التابعين.
- محمد بن مروان في هذه الأسانيد هو أبو بكر محمد بن مروان بن قدامة العقيلي البصري، يعرف بالعجلي، الملقب بـ(إذنه):
سمع: يونس بن عبيد وعبد الملك بن أبي نضرة وعمارة بن أبي حفصة وهشام بن حسانوأبى نعامة العدوى وأبى العوام السدوسي؛
روى عنه: عبد الرحمن بن مهدى ومحمد بن سعيد بن الوليد ومسدد ومحمد بن سلام وضرار بن صرد وابن أبى شيبة وإبراهيم بن مهدى ومحمد بن عمرو بن جبلة وأبو حفص الصيرفي ومحمد بن المثنى ونصر بن على ونعيم بن حماد وآخرون. قال يحيى بن معين: (محمد بن مروان، إذنه، صالح)، وسئل أبو زرعة عن محمد بن مروان إذنه فقال: (ليس عندي بذاك)، وقال أبو داود: (صدوق). وقال الإمام أحمد في «العلل ومعرفة الرجال»، (ج:3 ص:131): [رأيت محمد بن مروان إذنه وحدث بأحاديث وأنا شاهد فلم أكتبها وكتبها أصحابنا وكان يروي عن عمارة بن أبي حفصة تركته على عمد ولم أكتب عنه شيئا]، ثم عقَّب الإمام عبد الله بن أحمد: [كأنه ضعفه. قال أبي: (قد حدث عنه بن مهدي)]. قلت: ولكن هذا يناقض ما جاء في موضع آخر من «العلل ومعرفة الرجال»، (ج:3 ص:12): [سألت أبي قلت: (محمد بن مروان، إذنه، شيخ بصري حدثنا عنه بن أبي شيبة؟!)، قال: (ليس به بأس؛ قد كتبت عنه أحاديث عن عمارة بن أبي حفصة!)؛ قلت له: (كان عنده حديث عن عبد الملك بن أبي نضرة عن أبيه عن أبي سعيد؟!)، قال: (نعم سمعته منه عن عبد الملك عن أبيه عن أبي سعيد: إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى]؛ فالظاهر أن الكلام في الموضع الأول (ج:3 ص:131) فيه تخليط، ولعله عن محمد بن مروان آخر، أما الموضع الثاني فهو صريح مفسر، لا لبس فيه.وإنما استنكر عليه رفع بعض الأحاديث الموقوفة، وقال الحافظ ملخصاً: (صدوق له أوهام).
وقطعاً ليس هو: محمد بن مروان، الكوفي، مولى الخطابيين، وهو السدي الصغير، متروك هالك.
ولا هو: محمد بن مروان الذهلي، أبو جعفر الكوفي، لا يكاد يعرف روى عنه أبو أحمد الزبيري وأبو نعيم، سمع أبا حازم الأشجعي عن أبي هريرة مرفوعا: (أن ملكا استأذن الله في زيارتي، فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة). وهذا من طبقة شيوخ صاحبنا هذا، فهو أقدم منه.
ولا هو: محمد بن مروان الواسطي روى عن أبيه، قال أبو حاتم: (هو مجهول).
وفي الأرجح أنه ليس هو: محمد بن مروان الباهلي روى عن هشام بن حسان روى عنه محمد بن بشار.وبذلك يظهر لك خطأ ابن الجوزي الفاحش حيث ظن أن محمد بن مروان هو السدي الصغير المتروك المتهم، كما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:861)، عندما قال: [وأما حديث أبي سعيد ففي طريقه الأول محمد بن مروان قال ابن نمير كذاب وقال النسائي والرازي متروك الحديث وقال ابن حبان لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا (ومحمد بن مروان في حديث أبي هريرة ايضا) وقد تفرد به عمارة وهو أبو هارون العبدي وكان كذابا وأما زيد العمي فقال يحيى ليس بشيء]
فهذا الإسناد: (محمد بن مروان عن هشام بن حسان عن محمد عن ابي هريرة) إذاً حسن بذاته تكاد تقوم به الحجة بمفرده، وهو صحيح مرفوع بشهادة طريق أبي صالح عن أبي هريرة.فصحة حديث أبي هريرة ثابتة إذاً بلا شبهة.
| فصل: دراسة حديث أبي الطفيل عن علي: «لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث الله عز وجل رجلا منا يملؤها عدلا كما ملئت جورا»
* كما هو في «سنن أبي داود»، (ج4/ص107/ح4283): [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا الفضل بن دكين حدثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا»]، وقال الألباني: صحيح.
- وهو في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج1/ص99/ح773): [حدثنا حجاج وأبو نعيم قالا: حدثنا قطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل، (قال حجاج) سمعت: عليا رضي الله تعالى عنه، يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث الله عز وجل رجلا منا يملؤها عدلا كما ملئت جورا»، قال أبو نعيم: «رجلا منا» قال وسمعته مرة (يعني فطراً) يذكره عن حبيب عن أبي الطفيل عن علي رضي الله تعالى عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم]
قلت: ليس هذا من الاضطراب في شئ، بل إن فطراً قد سمعه من كل من: القاسم بن أبي بزة المخزومي، وحبيب بن أبي ثابت.
- وهو في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج7/ص513/ح37648): [حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا»]
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا أبو الحسن طاهر بن غلبون المقرئ حدثنا عبدالله بن محمد بن المفسر حدثنا أحمد بن علي القاضي حدثنا يحيى بن معين حدثنا حجاج بن محمد حدثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل قال سمعت عليا رضى الله عنه يقول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا يملأها عدلا كما ملئت جورا»»]
- وفي «الاعتقاد للإمام البيهقي»، (ج:1 ص:215 إلى ص:216): [حدثنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الصاحب رحمه الله أخبرنا حامد ابن محمد الهروي أخبرنا علي ابن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا فطر بن خليفة عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي»]
- وفي «الاعتقاد للإمام البيهقي»، (ج:1 ص:215 إلى ص:216): [وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة قالا أخبرنا يحيى بن منصور القاضي حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي بن أبي طالب عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا»]
- وفي «الاعتقاد للإمام البيهقي»، (ج:1 ص:215 إلى ص:216): [قال وحدثنا فطر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه قال فطر رواه عن النبي، صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جوراً»]
قلت: وهذا الحديث صحيح ثابت أيضاً، وكل من القاسم بن أبي بزة المخزومي، وحبيب بن أبي ثابت ثقة مأمون.
| فصل: دراسة حديث إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي: «المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة»
* كما جاء في «سنن ابن ماجه»،(ج2/ص1367/ح4085): [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو داود الحفري حدثنا ياسين عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة»]، وقال الألباني: حسن.
- والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج1/ص84/ح645): [حدثنا فضل بن دكين حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن على رضي الله عنه به]
- وأبو يعلى في مسنده (ج1/ص359/ح465): [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو داود عمر بن سعد عن ياسين عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن علي به]
- وهو في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج7/ص513/ح37644): [حدثنا الفضل بن دكين وأبو داود عن ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية عن أبيه عن علي به]
- وهو في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو داود عمر بن سعد عن ياسين عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن علي به]
- وهو في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا أحمد بن إبراهيم بن أبى سفيان بقيسارية أخبرنا محمد بن حماد الطهراني أخبرنا أبو نعيم حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قاله]
- وهو في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا عبد الله بن أبى سفيان حدثنا زكريا بن الحكم حدثنا أبو نعيم حدثنا ياسين (وكان يجالسنا عند الثوري) عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي قاله رسول الله، صلى الله عليه وسلم]
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن أبي خيثمة حدثنا أبو نعيم حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي به]
- وهو في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد أخبرني يحيى بن إسماعيل قراءة حدثنا جعفر عن علي حدثنا بن يمان عن ياسين بن شيبان عن إبراهيم بن محمد بن علي عن أبيه عن علي قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي منى يصلحه الله في ليلة»]
- وهو في «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها»: [حدثنا سلم قال حدثنا بن أخي هلال قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي منا أهل البيت»]
* وجاء في «الكامل في ضعفاء الرجال»: [ياسين بن شيبان العجلي كوفي سمعت بن حماد يقول قال البخاري ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية فيه نظر حدثنا بن أبى بكر حدثنا عباس سمعت يحيى يقول ياسين العجلي ليس به باس]، ثم قال: [قال بن يمان سمعت سفيان يسأل ياسين عن هذا الحديث، وياسين العجلي هذا يعرف بهذا الحديث المهدي، ورواه أبو داود الحفري وأبو نعيم والثوري على ما ذكرناه وهو يعرف به] * وجاء في «الجرح والتعديل»: [ياسين بن شيبان العجلي روى عن إبراهيم بن محمد بن على بن الحنفية روى عنه وكيع والقاسم بن مالك المزني وعبد الله بن نمير وأبو نعيم سمعت أبى يقول ذلك:
- حدثنا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول ياسين العجلي ليس به بأس. * حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن ياسين العجلي فقال لا بأس به] * وجاء في «تهذيب التهذيب»: [ياسين بن شيبان ويقال بن سنان العجلي الكوفي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «المهدي منا أهل البيت يصلحه الله تعالى في ليلة». وعنه وكيع وابن نمير والقاسم بن مالك المزني وأبو داود الحفري وأبو نعيم قال الدوري عن بن معين ليس به بأس وقال إسحاق بن منصور عن بن معين صالح وقال أبو زرعة لا بأس به وقال البخاري فيه نظر ولا أعلم له حديثا غير هذا قلت وقال يحيى بن يمان رأيت سفيان الثوري يسأل ياسين عن هذا الحديث قال بن عدي وهو معروف به انتهى. ووقع في سنن بن ماجة عن ياسين غير منسوب فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به فلم يصنع شيئا] * أما كلام البخاري فهو في «التاريخ الكبير» أثناء ترجمة (إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي وهو بن الحنفية أخو الحسن وعبد الله): [سمع منه محمد بن إسحاق وعمر مولى غفرة قال لي أبو نعيم قال حدثنا ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه عن علي رفعه قال: «المهدي منا أهل البيت»، وفي إسناده نظر]، فكلام البخاري إنما هو عن هذا الإسناد، ولقلة الرواية عن إبراهيم هذا، وليس الكلام أصلاً عن شخص ياسين العجلي، وقد جاء في «التاريخ الكبير» أثناء ترجمة (ياسين العجلي) فقط: [ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية روى عنه أبو نعيم والعكلي يعد في الكوفيين]. فليس الأمر إذاً كما وهم الإمام عبد الرحمن بن الجوزي عندما قال في «العلل المتناهية»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [واما حديث علي عليه السلام ففيه ياسين العجلي قال البخاري فيه نظر]، ولا هو كما وهم الإمام الحافظ بن حجر في «تهذيب التهذيب»، كما سلف قريباً. * وجاء في «تقريب التهذيب»: [ياسين بن شيبان أو بن سنان أو بن سيار العجلي الكوفي لا بأس به من السابعة ووهم من زعم أنه بن معاذ الزيات] * ولعل هذا الوهم، أي خلط ياسين العجلي بياسين بن معاذ الزيات هو سبب كلام ابن حبان في «المجروحين من المحدثين، والضعفاء والمتروكين»: [ياسين العجلي شيخ من أهل الكوفة يروي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية روى عنه أهل الكوفة منكر الحديث على قلة روايته يجب التنكب عما انفرد من الروايات وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من غير أن يحتج به لم أر بذلك بأسا]
قلت: فإسناد حديث إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي حسن لذاته،ليس به بأس في الجملة. وأعدل الطرق ها هنا هو اعتماد الحديث الصحيح آنف الذكر، حديث أبي الطفيل عن علي، رضي الله عنهما، أصلاً، وإلحاق هذا الحديث به متابعة وشاهداً، ولكن جملة: (يصلحه الله في ليلة) لم تثبت ثبوتاً تقوم به الحجة القاطعة.| حديث أبي هريرة الثاني: (لا تقوم الساعة حتى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتى يرجعوا إلى الحق)
* كما أخرج أبو يعلى في مسنده (ج12/ص19/ح6665): [حدثنا أبو بكر بن أبي النضر حدثنا أبو النضر قال حدثنا المرجى بن رجاء اليشكري حدثنا عيسى بن هلال عن بشير بن نهيك قال سمعت أبا هريرة يقول حدثني خليلي أبو القاسم، صلى الله عليه وسلم، قال: (لا تقوم الساعة حتى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتى يرجعوا إلى الحق)؛ قال وقلت: (وكم يكون؟!)، قال: (خمس واثنتين)؛ قال: قلت: (ما خمس واثنتين؟!)، قال: (لا أدري)]؛ أبو رجاء المُرَجَّى بن رجاء اليشكري العدوي البصري الضرير مختلف فيه: [قال الدوري عن بن معين ضعيف. وقال أبو زرعة ثقة هو خال أبي عمر الحوضي. وقال الآجري عن أبي داود ضعيف وقال في موضع آخر صالح. وعلَّق له البخاري في العيدين فقال: (قال مرجي بن رجاء عن عبد الله بن أبي بكر عن أنس في الأكل يوم الفطر). وقال الساجي عن بن معين ليس حديثه بشيء. وقال الدارقطني ثقة. وذكره العقيلي في الضعفاء/ونقل عن بن معين أنه قال مرجي بن وداع ضعيف ومرجي بن رجاء أصلح حديثا. وقال بن عدي له أحاديث وفي بعضها ما لا يتابع عليه] نقلاً عن (تهذيب التهذيب ج10/ص75) بتصرف، ولخص الحافظ في (التقريب) تلخيصاً جيداً، فقال: (صدوق ربما وهم)؛ فالحديث حسن لذاته، ويصح بشواهده.
| فصل: دراسة حديث ابن عباس: «يا عم النبي ان الله ابتدأ بي الاسلام، وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يتقدم بعيسى ابن مريم»
* كما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [فأخبرنا القزاز قال اخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال حدثنا محمد ابن المظفر قال حدثنا محمد بن مخلد بن حفص قال حدثنا محمد بن نوح بن سعيد بن دينار المؤذن قال حدثني ابي قال حدثنا عبد الصمد بن علي عن ابيه عن جده ابن عباس قال كان النبي، صلى الله عليه وسلم، راكبا اذ التفت الى العباس فقال: «يا عباس!»، قال: (لبيك يا رسول الله)، فقال: «يا عم النبي: إن الله ابتدأ بي الاسلام، وسيختمه بغلام من ولدك، وهو الذي يتقدم بعيسى ابن مريم»]، وجازف ابن الجوزي فقال في (العلل المتناهية): (وأما حديث عمار فلا باس بإسناده؛ وكذلك حديث ابن عباس).
- وهو في (تاريخ بغداد، 323/3 - رقم: 1426خلال ترجمة (محمد بن نوح بن سعيد بن دينار المؤذن): [حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن المظفر حدثنا محمد بن مخلد بن حفص حدثنا محمد بن نوح بن سعيد بن دينار المؤذن حدثني أبى حدثنا عبد الصمد بن على عن أبيه عن جده بن العباس قال كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، راكبا إذ التفت فنظر الى العباس فقال يا عباس قال لبيك يا رسول الله فقال يا عم النبي ان الله ابتدا بي الإسلام وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يتقدم لعيسى بن مريم]
- وقال الخطيب عن محمد بن نوح بن سعيد هذا: [حدث عن أبيه روى عنه محمد بن مخلد]، ولم يزد على ذلك شيئاً، ثم ساق الحديث السابق.
قلت: محمد بن نوح بن سعيد بن دينار المؤذن، وأبوه نوح بن سعيد، لم أجد لهما ذكراً إلا في الموضع المذكور أعلاه من (تاريخ بغداد) وفي (الميزان) و(لسان الميزان) مع ذكر هذا لحديث، لا غير. والظاهر أنهما لا يعرفهما أحد من خلق الله. وجاء في (ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج:6 ص:357) أثناء الكلام عن محمد بن نوح هذا: [ضعفه الدارقطني]، ولكنها حذفت في (اللسان)، فلا أدري هل الضمير في (ضعفه) عائد على الحديث أو على هذا الرجل، فالله أعلم!
وأما عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب فهو من رجالات الدولة العباسية ونبلائها، وله ترجمة ممتعة في (تاريخ بغداد)، لا أظن به بأساً، فقد جاء ذكره في (الجرح والتعديل): [عبد الصمد بن على بن عبد الله بن عباس روى عن أبيه عن جده روى عنه]
وأما الحديث الذي استنكره العقيلي عليه: (أكرموا الشهود فإن الله يستخرج بهم الحقوق ويرفع بهم الظلم) فهو من رواية: [عبد الصمد بن موسى الهاشمي (وكان أميرا بمكة) قال: حدثني عمى إبراهيم بن محمد، عن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فذكره]، فليست العهدة فيه فقط على صاحبنا عبد الصمد بن علي، بل قد تكون على عبد الصمد بن موسى أو على عمه إبراهيم بن محمد، على فرضية الجزم ببطلان الحديث، ولا أرى وجهاً للجزم ببطلانه، فليس المتن بمستنكر، وهو مستقيم لفظاً ومعنى. وهو في باب الآداب والرقائق التي لا يهتم الرواة عادة بها اهتمامهم بالحلال والحرام فلا يستغرب تفرد عبد الصمد بن علي بذلك عن أبيه وجده.
فهذا الحديث عن ابن عباس: «يا عم النبي: إن الله ابتدأ بي الاسلام، وسيختمه بغلام من ولدك، وهو الذي يتقدم بعيسى ابن مريم» لا يثبت. وحتى إن ثبت فليس هو في موضوع المهدي، وإنما هو في الرجل الصالح الذي يصمد للدجال وفتنته حتى ينزل عيسى فيصلي خلفه. ولكن ربما شهد لصحته ما جاء عن عبد الله بن العباس، رضوان الله وسلامه عليهما، من كلامه موقوفاً:
* حيث جاء في «مصنف ابن أبي شيبة»،(ج7/ص513/ح37641): [حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس قال: (لا تمضي الأيام والليالي حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن ولم يلبسها)، قال: قلنا: (يا أبا العباس: تعجز عنها مشيختكم وينالها شبابكم؟!)، قال: (هو أمر الله يؤتيه من يشاء!)]؛ وأخرجه الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة، (ج2/ص966/ح1890)، بعينه من طريق ابن أبي شيبة؛ وهذا إسناد صحيح من أسانيد البخاري ومسلم.
- وهو كذلك في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:364 وما بعدها): [حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس قال: (المهدي شاب منا أهل البيت)، قال: قلت: (عجز عنها شيوخكم وترجوها شبابكم؟!)، قال: (يفعل الله ما يشاء!)]، قلت: التصريح بلفظة (المهدي) في هذا الحديث، هو في الأرجح، من أفاعيل نعيم بن حماد وتصرفاته!!
- وهو بأتم لفظ في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: (إني لأرجو ألا تذهب الأيام والليالي حتى يبعث الله منا أهل البيت غلاما شابًا حدثاً لم تلبسه الفتن ولم يلبسها يقيم أمر هذه الأمة كما فتح الله هذا الأمر بنا، فأرجو أن يختمه الله بنا)، قال أبو معبد: فقلت لابن عباس: (أعجزت عنه شيوخكم، ترجوه لشبابكم؟!)، قال: (إن الله عز وجل يفعل ما يشاء!)]
- وهو بنحوه في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:32، الصفحة:279): [وحدثنا أبو عروبة حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي سعيد عن ابن عباس قال أني لأرجو إلا تذهب الأيام والليالي حتى يبعث الله منا غلاما شابا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لم يلبس الفتن ولم يلبسه الفتن وأني لأرجو أن يختم الله بنا هذا الأمر كما فتحه بنا فقال له رجل يا أبا عباس عجزت عنها شيوخكم وترجوها لشبابكم قال إن الله يفعل ما يشاء]
قلت: هذه أسانيد جياد صحاح على شرط البخاري ومسلم، بل هي بعينها في صحيحيهما.* وجاءت متابعة لما سبق في سياق آخر، كما هي في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني أخبرنا شريك عن فرات القزاز عن أبي معبد قال: قلت له: سمعت ابن عباس يذكر في (المهدي) شيئا قال نعم سمعته يقول: (والله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لختم الله بنا هذا الأمر كما فتحه)، وقال: (بنا فتح هذا الأمر، وبنا يختم)]؛ قلت: لفظة (المهدي) ها هنا هذا فهم لأبي معبد، وليس هو من كلام ابن عباس، ولا من فهمه!* ولكن جاء التصريح بلفظة (المهدي) عن ابن عباس في سياق آخر، وقصة مختلفة كل الاختلاف، كما هو في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا وكيع عن فضيل بن مرزوق سمعه من ميسرة بن حبيب عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (منا ثلاثة: منا السفاح ومنا المنصور ومنا المهدي)]
قلت: هذا إسناد حسن لأن فضيل بن مرزوق صدوق، ربما وهم، وقد أخرج له مسلم، وكذلك المنهال بن عمرو، صدوق ربما وهم، وقد أخرج له البخاري. ولا يجوز أن يعكر على هذا ما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثني أحمد بن إبراهيم بن فراس قال حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن يزيد قال حدثنا جدي محمد بن عبدالله بن يزيد قال حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: (إن كان ما يقول أبو هريرة حقا فهو عيسى بن مريم عليه السلام: {وإنه لعلم للساعة}، لا أدري كيف قرأها)]؛ لأن الكلام ها هنا عن موضوع لا ندري ما هو، وليس عن المهدي على نحو قطعي، وإنما هو عن أشراط الساعة، وعن معنى قوله، تعالى ذكره: {وإنه لعلم للساعة}، وأوجه قرائتها: عِلْم أو عَلَم.
| فصل: دراسة حديث عمار: «يا عباس: إن الله فتح هذا الامر بي، وسيختمه بغلام من ولدك: يملؤها عدلا كما ملئت جوراً، وهو الذي يصلي بعيسى ابن مريم»
* كما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا أبو منصور القزاز قال حدثنا أبو بكر أحمد ابن علي بن ثابت قال اخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد عبد الله بن مهدي قال أخبرنا محمد بن مخلد قال أخبرنا أحمد بن الحجاج بن الصلت قال حدثنا سعيد بن سليمان قال حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن ابراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر قال بينا النبي، صلى الله عليه وسلم،، راكب اذ حانت منه التفاتة فإذا هو بالعباس فقال: «يا عباس!»، قال: (لبيك يا رسول الله)، قال: «إن الله فتح هذا الامر بي، وسيختمه بغلام من ولدك: يملؤها عدلا كما ملئت جوراً، وهو الذي يصلي بعيسى ابن مريم»]
وجازف الإمام ابن الجوزي ها هنا أيضاً فقال: (واما حديث عمار فلا باس باسناده).
* وكما هو في (تاريخ بغداد) أثناء ترجمة (أحمد بن الحجاج بن الصلت، أبو العباس الأسدي، ابن أخي محمد بن الصلت. مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين ومائتين): [أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدى أخبرنا محمد بن مخلد الدوري حدثنا أحمد بن الحجاج بن الصلت حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر قال بينا النبي، صلى الله عليه وسلم، راكب إذ حانت منه التفاتة فإذا هو بالعباس فقال يا عباس قال لبيك يا رسول الله قال ان الله فتح هذا الأمر بي وسيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلا كما ملئت جورا وهو الذي يصلى بعيسى]
* وهو أيضاً في (تاريخ دمشق لابن عساكر، الجزء:26، الصفحة:350): [أخبرنا أبو غالب بن البنا أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي أخبرنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا أبو ذر أحمد بن محمد بن أبي بكر الواسطي حدثنا أحمد بن الحجاج (ح) وأخبرنا أبو القاسم العلوي وأبو الحسن الغساني قالا حدثنا أبو منصور بن خيرون حدثنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي أخبرنا محمد بن مخلد الدوري قالا: حدثنا أحمد بن الحجاج بن الصلت حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر قال بينما النبي راكب إذ حانت التفاتة فإذا هو العباس فقال يا عباس قال لبيك قال إن الله بدأ الإسلام بي وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يصلي بعيسى عليه الصلاة والسلام]، وفي حديث ابن مخلد: (بينا النبي راكب إذ حانت منه التفاتة فإذا هو العباس فقال يا عباس قال لبيك يا رسول الله قال إن الله فتح هذا الأمر وسيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلا كما ملئت جورا وهو الذي يصلي بعيسى)، ثم عقب ابن عساكر فقال: (قال الدارقطني: تفرد به سعيد بن سليمان عن خلف بن خليفة عن مغيرة)
* وذكره في (لسان الميزان) وقال: [فأحمد آفته والعجب أن الخطيب ذكره في تاريخ بغداد ولم يضعفه وكأنه سكت عنه لانتهاك حاله]
قلت: هذا غير مسلم، لأنه يبعد أن يكون التفرد من أحمد بن الحجاج بن الصلت ثم ينسبه الدارقطني إلى سعيد بن سليمان (سعدويه) فقط، كما جاء آنفا في (تاريخ دمشق)!
قلت: فهذا الحديثبهذا الإسناد لا يثبت لجهالة حال أحمد بن الحجاج بن الصلت، ولكن لا يمكن القطع بوضعه، كما زعم الذهبي. وقد تساهل ابن الجوزي فقال في (العلل المتناهية): [وأما حديث عمار فلا باس بإسناده؛ وكذلك حديث ابن عباس]، والظاهر أنه على مذهب ابن حبان في توثيق المجاهيل!
| فصل: دراسة حديث عثمان بن عفان: «المهدي من ولد العباس عمي»
* كما هو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:53، الصفحة:414): [أخبرنا أبو غالب بن البنا أخبرنا أبو يعلى بن الفراء أخبرنا أبو الحسن علي بن معروف بن محمد البزاز وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين وأبو غالب بن البنا حدثنا أبو الغنائم بن المأمون أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قالا حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي حدثنا محمد بن الوليد القرشي حدثنا أسباط بن محمد (زاد ابن الفراء الضبي؛وقال: وصلة بن سليمان الواسطي) عن سليمان التيمي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: «المهدي من ولد العباس عمي»]، ثم عقب الإمام ابن عساكر قائلاً: [قال الدارقطني: هذا حديث غريب من حديث قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان وهو غريب من حديث سليمان عن قتادة تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم بهذا الإسناد ولم نكتبه إلا عن شيخنا أبي إسحاق].
قلت: ومن ناحية أخرى نص الخطيب على أن أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي سمع من محمد بن الوليد البسري (وليس من محمد بن الوليد مولى بني هاشم)؛ وهذا لا يعني بالضرورة أنه لم يسمع من مولى بني هاشم هذا!
- وهو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [فأما حديث عثمان أخبرنا محمد بن عمر ومحمد بن عبد الملك بن خيرون وعبد الرحمن بن محمد القزاز قالوا أخبرنا عبد الصمد بن المأمون قال أخبرنا الدارقطني قال حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي قال حدثنا محمد بن الوليد القرشي قال حدثنا اسباط بن محمد عن سليمان التيمي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «المهدي من ولد العباس عمي»].
ثم عقَّب ابن الجوزي قائلاً: [أما حديث عثمان فتفرد به محمد بن الوليد قال ابن عدي كان يضع الحديث ويصله ويسرق ويقلب الاسانيد والمتون قال سمعت الحسين بن أبي معشر يقول هو كذاب]
قلت: محمد بن الوليد القرشي الذي يروي عن أسباط بن محمد هو أبو عبد الله محمد بن الوليد بن عبد الحميد بن زيد البسري القرشي البصري، الملقب بـ(حمدان)، ثقة إجماعاً، من شيوخ البخاري ومسلم. و(البسري) لأنه من ولد بسر بن أرطأة عمير بن عويمر بن عمران العامري القرشي، الصحابي المعروف. فمحمد بن الوليد إذاً قرشي من أنفسهم، وليس من الموالي. وهو من طبقة كبار تبع الأتباع، قيل أنه توفي سنة 250 هـ.، أو بعدها.
- وهناك أيضاً: محمد بن الوليد بن أبي الوليد الفحام البغدادي، أخو أحمد بن الوليد، روى أيضاً عن أسباط بن محمد القرشي، صدوق من شيوخ الإمام النسائي، وهو أيضاً من نفس الطبقة: كبار تبع الأتباع، توفي سنة 252 هـ.
- وهناك أيضاً: محمد بن الوليد الأموي الخياط من أهل المدينة، لعله من نفس الطبقة، من عباد الله الصالحين الأخفياء الأتقياء، وليس بالمشهور بالحديث، له ترجمة لطيفة في (طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها) جاء فيها: [روى عن بن عيينة وهشام بن سليمان حكى ابنه عن أبيه قال: (أنا من ولد سليمان بن عبد الملك بن مروان، ولا تخبر به أحدا فإني رجل خياط: وإياك أن يسمع منك أحد!). وقال محمد بن يحيى بن منده: (كان محمد بن الوليد من الأبدال)]
- ومن نفس الطبقة أيضاً: محمد بن الوليد الزبيري المدني، جاء في (الجرح والتعديل): [روى عن عبد العزيز بن أبى حازم ومحمد بن طلحة التيمي وعبد العزيز الدراوردي وأبى ضمرة أنس بن عياض روى عنه موسى بن سهل الرملي وأبى. حدثنا عبد الرحمن قال: سألت أبى عنه فقال شيخ كتبت عنه بالمدينة ما رأينا به بأسا]
- ومن نفس الطبقة أيضاً، أو بعدها بقليل: محمد بن الوليد الهاشمي أبو هبيرة الدمشقي، جاء في (الجرح والتعديل): [روى عن أبي مسهر ويحيى بن صالح الوحاظي سمع منه أبي في الرحلة الثانية وقصدته بدمشق ولم يقض لي السماع منه وهو صدوق]
- وهناك أيضاً: محمد بن الوليد بن أبان بن حيان أبو الحسن العقيلي المصري، يروي عن نعيم بن حماد وهانئ بن المتوكل وهشام بن عمار وهشام بن خالد، قدم بغداد وحدث بها، وله ترجمة في تاريخ بغداد. وهو من الطبقة التالية: الوسطى من تبع الأتباع، مات سنة 287 هـ.. وقال الذهبي: (ما علمت به بأسا).
- وهناك أيضاً: محمد بن الوليد الجرجاني، كما هو في (تاريخ جرجان): روى عن هشام بن عمار روى عنه كميل بن جعفر، ليس بالمشهور، ولعله أيضاً من الوسطى من تبع الأتباع.
- وهناك أيضاً من:محمد بن الوليد بن أبان البغدادي، ذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: [سكن الشام وحدثهم بها يروى عن عبيد الله بن موسى وأهل العراق حدثنا عنه القطان وشيوخنا. ربما أخطأ وأغرب]، قلت: أخشى أن يكون هو أحد المجروحين الذين سنذكرهم بعدقليل، فقد جاء في (لسان الميزان): [وقال بن حبان في الثقات محمد بن الوليد بن أبان البغدادي سكن الشام وحدثهم يروي عن عبد الله بن موسى وأهل العراق حدثنا عنه القطان وشيوخنا ربما أخطأ وأغرب وأورد له بن عدي عدة أحاديث فجزم في بعضها بالبطلان وفي بعضها بأنه سرقه ووصف أيضا بأنه يقلب الأسانيد والمتون]
* أما المتهم بالكذب فهو: محمد بن الوليد بن أبان القلانسي البغدادي، مولى بني هاشم، يروى عن روح بن عبادة ومكي بن إبراهيم وعثمان بن عمر وزكريا بن نافع الأرسوفي سمع منه أبو حاتم بالري وبسامرا، وتساهل فقال عنه: (لم يكن يصدق!)، كما هو في أثناء ترجمته في (الجرح والتعديل). ولم يلقب هذا بـ(القرشي)، ولا ذكرت له رواية عن أسباط بن محمد أصلاً. وقال الذهبي: (قلت: وهو محمد بن الوليد بن أبان أبو جعفر القلانسي المخرمي)، ولكن الإمام الخطيب البغدادي فرق بين مولى بني هاشم وبين المخرمي، والظاهر أنهما واحد كما قاله الذهبي لأن تطابق رجلين من الرواة في الاسم إلى الجد، مع كون اسم الجد (أبان) وهو ليس من أكثر الأسماء شيوعاً، وهما مع ذلك من نفس الطبقة، مع الاشتراك في بعض الشيوخ، والاتصاف بالضعف البين، مع التهمة بالكذب، يكاد يقترب من المعجزات، فالله أعلم. ولكن الإمام الذهبي أخطأ خطئاً فاحشاً عندما زعم أنه (البسري)، حيث قال: (قلت: وهو محمد بن الوليد بن أبان أبو جعفر القلانسي المخرمي يروي عن روح بن عبادة ومكي ويزيد بن هارون، ويقال له: (البسري)، كما هو في (لسان الميزان؛ 417/5 - رقم: 8121)
- وهناك أيضاً: محمد بن الوليد اليشكري، وهو محمد بن عمر بن الوليد نسب لجده، يروي عن مالك، فهو أقدم ممن سبق ذكرهم، كذبه الأزدي، كما هو مذكور في (لسان الميزان).
والذي نرجحه أن كلام الدارقطني وابن الجوزي صحيح وأن محمد بن الوليد القرشي، كما جاء في الإسناد، إنما هو مولى بني هاشم، المتروك المتهم، وهو المتهم بوضع هذا الحديث، لأن من فوقه في الإسناد ثقات مشاهير. ويشهد لصحتنا قولنا أن الثابت عن سعيد بن المسيب (كما سلف ذكره) أنه يقول بكون المهدي من (ولد فاطمة)، فمن أين جاءت هذه الرواية إذاً؟!
| فصل: دراسة حديث علي بن أبي طالب: «يا عم: ألا أحبوك؟! إن الله تعالى فتح هذا الأمر بي ويختمه بولدك»* كما هو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:26، الصفحة:349): [أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أخبرنا محمد بن محمد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن يونس القرشي حدثنا إبراهيم بن سعيد الشقري حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن محمد بن الحنفية عن علي قال لقي رسول الله العباس يوم فتح مكة وهو على بغلته الشهباء فقال: «يا عم: ألا أحبوك؟!»، قال رسول الله: «إن الله تعالى فتح هذا الأمر بي ويختمه بولدك»]
- وأيضاً في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:26، الصفحة:349): [أخبرناه أبو القاسم هبة الله بن عبد الله أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز أخبرنا أبوبكر أحمد بن سلمان بن النجاد حدثنا محمد بن يونس بن موسى حدثنا إبراهيم بن سعيد الأشقر (ح) وأخبرنا أبو الفتح نصر بن القاسم أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي البري (ح) وأخبرنا أبو نصر غالب بن أحمد بن المسلم وأبو الحسين أحمد بن سلامة بن يحيى قالا أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل (ح) وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد أخبرنا أبو محمد بن البري وأبو الفضل بن الفرات قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن المقابري حدثنا محمد بن يونس بن موسى حدثنا إبراهيم بن سعيد السعيدي حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب قال: لقي رسول الله العباس بن عبد المطلب يوم فتح مكة وهو على بغلته الشهباء فقال يا عم ألا أحبوك ألا أجيزك قال بلى فداك أبي وأمي يا رسول قال إن الله فتح هذا الأمر بي ويختمه (وقال المقابري ويختم) بولدك]
قلت: محمد بن يونس بن موسى بن سليمان، أبو العباس الكديمي البصري، حافظ مكثر معمر بلغ المائة، أو جاوزها، كان متماسكاً أول أمره ثم استحوذ عليه شيطان شهوة التحديث وعلو الأسانيد، فانهمك في سرقة الحديث ووضعه، عياذاً بالله!
قلت: ولم أجد في الرواة من اسمه (إبراهيم بن سعيد الأشقر) أو (إبراهيم بن سعيد السعيدي) فإن لم يكن أحمد بن سعيد بن إبراهيم الأشقر، شيخ البخاري، ولم يضبط اسمه محمد بن يونس هذا، أو أن يكون اخترعه اختراعاً وليس له وجود في العالم أصلاً فقد ذكر عنه أنه اخترع شيوخاً لم يخلقوا قط!
| فصل: دراسة حديث عبد الله بن العباس: «لي النبوة، ولكم الخلافة: بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم»
* كما هو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:26، الصفحة:350): [أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب وأبو الحسن علي بن أحمد الفقيه قالا: حدثنا، وأبو منصور بن زريق أخبرنا، أبو بكر الخطيب حدثنا محمد بن أحمد بن رزق البزاز ومحمد بن الحسين بن الفضل القطان قالا: حدثنا محمد بن عمر القاضي الحافظ حدثنا محمد بن الحسن بن سعدان المروزي حدثنا محمد بن عبد الكريم بن عبيد الله السرخسي حدثني المهتدي بالله أمير المؤمنين حدثني علي بن هاشم بن طبراخ عن محمد بن الحسن الفقيه عن ابن ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس قال: قال العباس: (يا رسول الله: ما لنا في هذا الأمر؟!)، قال: «لي النبوة ولكم الخلافة بكم يفتح هذا الأمر وبكم يختم» هذا آخر حديث ابن الفضل وزاد ابن رزق قال وقال النبي للعباس من أحبك نالته شفاعتي ومن أبغضك فلا نالته شفاعتي]
قلت: إنما الصحيح هو: علي بن أبي هاشم بن طبراخ شيخ البخاري، ثقة ما به بأس، تركوه لوقفه في القرآن!
وابن ليلى تصحيف أو سقط، وإنما هو في الأرجح ابن أبي ليلى، وهو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، صدوق فقهيه، إلا أنه كثير الغلط، وإن كان غيره فهو مجهول.
ولكن محمد بن الحسن الفقيه، هومحمد بن الحسن، أبو عبد الله الشيباني، صاحب أبي حنيفة، الفقيه الشهير، إلا أنهم أجمعوا على ضعفه في الرواية، إلا عن الإمام مالك فهو قوي في روايته عنه، وليست هذه منها.فهذا إسناد لا يصح، ولا تقوم به حجة.
| فصل: دراسة حديث أبي هريرة: «للعباس النبوة والمملكة»
* كما هو في «ميزان الاعتدال، في نقد الرجال»، (ج:4 ص:118) نقلاً عن ابن عدي: [ابن عدي حدثنا محمد بن منير حدثنا عبد الله بن شبيب حدثني إسماعيل بن أبي أويس حدثني بن أبي فديك عن محمد بن عبد الرحمن العامري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال للعباس النبوة والمملكة]
- عبد الله بن شبيب، أبو سعيد الربعي، أخباري علامة، لكنه ضعيف ساقط. قال أبو أحمد الحاكم: (ذاهب الحديث)، وقال الحافظ عبدان: (قلت لعبد الرحمن بن خراش هذه الأحاديث التي يحدث بها غلام خليل من أين له قال سرقها من عبد الله بن شبيب وسرقها ابن شبيب من النضر بن سلمة شاذان ووضعها شاذان). وقال ابن حبان: (يقلب الأخبار ويسرقها)، وبالغ فضلك الرازي فقال: (يحل ضرب عنقه).
| فصل: دراسة حديث العباس: «أما انه يلي هذه الأمة بعددها (يعني: الثريا) من صلبك؛ اثنين في فتنة».
* وأخرج الإمام أحمد في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج1/ص209/ح1786)، حديثاً فريداً: [حدثنا عبيد بن أبى قرة حدثنا ليث بن سعد عن أبى قَبِيل عن أبى ميسرة عن العباس قال كنت عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة فقال: «انظر هل ترى في السماء من نجم؟!»، قال: قلت: (نعم!)، قال: «ما ترى؟!»، قال: قلت: (أرى الثريا!)، قال: «أما انه يلي هذه الأمة بعددها من صلبك؛ اثنين في فتنة»]
- وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج3/ص368/ح5414)، بحذف الفقرة الأخيرة: [حدثنا الشيخ الإمام أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه في آخرين قالوا حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني يحيى بن معين حدثنا عبيد بن أبي قرة حدثنا الليث بن سعد عن أبي قَبِيل عن أبي ميسرة مولى العباس قال سمعت العباس رضي الله تعالى عنه يقول كنت عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة فقال لي أنظر في السماء فنظرت فقال هل ترى في السماء من شيء قلت نعم قال ما ترى قلت الثريا فقال: «أما أنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك»]، ثم قال الإمام الحاكم: (هذا حديث تفرد به عبيد بن أبي قرة عن الليث، وإمامنا أبو زكريا رحمه الله لو لم يرضه لما حدث عنه بمثل هذا الحديث).* وأخرج الإمام الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: [قرأنا على الجوهري عن محمد بن العباس قال حدثنا محمد بن القاسم الكوكبي حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال سئل يحيى بن معين وأنا أسمع عن عبيد بن أبي قرة فقال: (ما كان به بأس كان من التجار في القطيعة وكان من أهل الهيئة والكرم وكان عنده كتاب عن عبد الجبار بن الورد وكتاب لسليمان بن بلال ما سمعت منه عن الليث إلا ذاك الحديث الواحد). قلت يعني يحيى الحديث الذي أخبرناه محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الصواف إجازة حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي وأبو خيثمة قالا: حدثنا عبيد بن أبي قرة (ح) وأخبرناه محمد بن علي بن يعقوب المعدل والحسن بن علي التميمي قالا: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا عبيد بن أبي قرة حدثنا ليث بن سعد عن أبي قَبِيل عن أبي ميسرة عن العباس كنت عند النبي، صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة فقال أنظر هل ترى في السماء نجما قلت نعم قال ما ترى قلت أرى الثريا قال: «أما إنه يلي هذه الأمة بعددها من ولدك اثنين في فتنة»، واللفظ لحديث بن رزق]، انتهى نصالخطيب البغدادي كما هو في «تاريخ بغداد» بحروفه، إلا علامة التحويل، وعلامات التنقيط، فهي مني. * وأخرج الإمام الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: [أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن شعيب الروياني أخبرنا محمد بن الحسن السروي حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيد بن أبي قرة بإسناده نحوه؛ قال أبو محمد سمعت أبي وذكر هذا الحديث فقال: (هذا حديث لم يروه إلا عبيد بن أبي قرة وكان ببغداد عند أحمد بن حنبل أو يحيى بن معين أنا أشك وكان يضن به ورأيته يستحسن هذا الحديث وسر به حيث وجده عنده عند يحيى بن سعيد)]، قلت: الحديث كان عند كليهما: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، كما هو بيِّن من أعلاه. * وأخرج الإمام الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: [أخبرني الحسن بن أبي طالب حدثنا أحمد بن محمد بن عمران حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا أبي حدثنا حجاج حدثنا عبيد بن أبي قرة بهذا الحديث قال عبد الله بن سليمان: (كتب هذا الحديث عن أبي أحمد بن صالح؛ والثريا تختلف في عددها يقولون ثمانية ويقول قوم لا يوقف على عددها كثرة)] * وأخرج الإمام الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: [أخبرني عبيد الله بن أحمد بن عثمان وعبيد الله بن أحمد بن علي الصيرفيان قالا: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة حدثنا جدي قال: روى أبو ميسرة مولى العباس عن العباس أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال للعباس أنظر كم في الثريا من نجم، رواه عبيد بن أبي قرة تفرد به وهو ثقة صدوق عن ليث بن سعد عن أبي قَبِيل عنه] * وقال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في «تعجيل المنفعة، بزوائد رجال الأئمة الأربعة»: [عبيد بن أبي قرة البغدادي عن مالك وابن لهيعة والليث وابن عيينة وعنه أحمد وأبو الوليد ومسدد وحجاج بن الشاعر وغيرهم قال بن معين ما به باس وقال البخاري: (لا يتابع في حديثه)، قلت بقية كلام البخاري: (في قصة العباس)، وأشار بذلك الى حديثه عن الليث عن أبي قَبِيل عن أبي ميسرة عن العباس رضي الله تعالى عنه رفعه: «أما إنه يملك هذه الأمة بعددها يعني الثريا من صلبك» وهذا في المسند وساق له بن عدي من روايته عن بن لهيعة عدة مناكير وقال يعقوب بن شيبة ثقة صدوق وذكره بن حبان في الثقات فقال كان من أهل بغداد سكن مصر ربما خالف وزعم الذهبي في الميزان أن حديث الليث المذكور باطل وفي كلامه نظر فإنه من أعلام النبوة وقد وقع مصداق ذلك واعتمد البيهقي في الدلائل عليه وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي عن عبيدة بسنده وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيدة بن أبي قرة فذكره قال فسمعت أبي يقول هذا الحديث لم يروه إلا عبيد بن أبي قرة وكان عند أحمد بن حنبل أو قال يحيى بن معين وكان يظن به قال وكان أبي يستحسن هذا الحديث ويسر حين وجده عند يحيى القطان وقال عبد الله بن أبي داود حدثنا أبي حدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا عبيد فذكر هذا الحديث ثم قال كتب أحمد بن صالح هذا الحديث عن أبي والله اعلم ثم تذكرت أن للحديث علة أخرى غير تفرد عبيد به تمنع إخراجه في الصحيح وهو ضعف أبي قَبِيل ولأنه كان يكثر النقل عن الكتب القديمة فاخراج الحاكم له في الصحيح من تساهله وفيه أيضا أن الذين ولوا الخلافة من ذرية العباس أكثر من عدد انجم الثريا إلا إن أريد التقييد فيهم بصفة ما وفيه مع ذلك نظر] * وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:26، الصفحة:135): [أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد أخبرنا أبو طالب بن غيلان حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا ابن ناجية يعني عبد الله أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قاضي مصر بمكة في المسجد الحرام أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن حامد بن محمود بن ثرثال البغدادي حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قالا حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد حدثنا عبيد بن أبي قرة حدثنا ليث بن سعد عن أبي قَبِيل عن أبي ميسرة قال سمعت العباس يقول كنت عند رسول الله ذات ليلة فقال انظر هل ترى في السماء من شيء قال قلت نعم قال ما ترى قال قلت أرى الثريا قال أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك زاد ابن ناجية فقيل لأبي سعيد بن يحيى وقد ترك من الحديث: (اثنين منهم في الفتنة)، قال هو كما قلت] * وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:26، الصفحة:135): [أخبرنا أبو عبيد الله الفراوي أخبرنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو سعد الماليني وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أخبرنا إسماعيل بن مسعدة أخبرنا حمزة بن يوسف قالا أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال سمعت ابن حماد يقول قال البخاري: (عبيد بن أبي قرة سمع الليث بن سعد بغدادي لا يتابع في حديثه في قصة العباس)]قلت: مناسبة هذا الحديث، إن صح. لهذا البحث هي قوله، عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «اثنين في فتنة». فالأول هو بلا شك: أبو عبد الله السفاح، مؤسس الدولة العباسية وقد مضى قبل أزيد من اثني عشر قرناً من عامنا هذا (1431 هـ)، والثاني لم يأت بعد، ولعله (المهدي) بعد فتن شاملة، والله أعلم وأحكم.
وليس أبو قَبِيل بالضعيف الذي لا يساوي حديثه شيئاً، بل هو من أهل الحديث الحسن. أما الاعتراض بأن أبا قَبِيل كان يكثر النقل عن الكتب القديمة فلا محل له لأن الكتب القديمة ليس فيها ذكر للعباس، ولا ولده، وهذه نبوءة صريحة لا رمز فيها ولا إلغاز، خلافاً لعوائد الكتب القديمة المليئة بالرموز والألغاز!
| فصل: دراسة حديث جابر بن عبد الله عن (الخليفة الذي يحثي المال حثياً، ولا يعده عدداً)؛ وحديث أبي سعيد الخدري بنحوه.
* كما جاء في «صحيح الإمام مسلم»، (ج4/ص22352913) بإسناد في غاية الصحة عن جابر بن عبد الله: [حدثنا زهير بن حرب وعلي بن حجر (واللفظ لزهير) قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: (يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم!)، قلنا: (من أين ذاك؟!)، قال: (من قبل العجم، يمنعون ذاك!)، ثم قال: (يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدى!)، قلنا: (من أين ذاك؟!)، قال: (من قبل الروم). ثم اسكت هنية ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عددا!!»؛ قال: قلت: لأبي نضرة وأبي العلاء: (أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟!)، فقالا: (لا!)]، وقال الإمام مسلم: (وحدثنا بن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا سعيد يعني الجريري، بهذا الإسناد نحوه)، وهو بنحوه في مسند الإمام أحمد بن حنبل، (ج3/ص317/ح14446)، وفي(صحيح ابن حبان، (ج15/ص76/ح6682)، من غير سؤال سعيد الجريري لأبي نضرة وأبي العلاء. وبعضه في (السنن الواردة في الفتن، ج:6 ص:1119) من طريق الإمام مسلم.
- وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص501/ح8400)، مع زيادات لطيفة: [أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب عن عطاء أنبأ سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم درهم ولا قفيز قالوا مم ذاك يا أبا عبد الله قال من قبل العجم يمنعون ذاك ثم سكت هنيهة ثم قال يوشك أهل الشام أن لا يجيء إليهم دينار ولا مد قالوا مم ذاك قال من قبل الروم يمنعون ذلك ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون في أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عداً»؛ ثم قال والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها حتى يكون كل إيمان بالمدينة ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه وليسمعن ناس برخص من أسعار وريف فيتبعونه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون]، وقال الإمام الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة إنما أخرج مسلم حديث داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، يكون في آخر الزمان خليفة يعطي المال لا يعده عدا وهذا له علة)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.* وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (ج4/ص2235/ح2914) بإسناد في غاية الصحة عن أبي سعيد: [حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا بشر يعني بن المفضل (ح) وحدثنا علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل يعنى بن علية كلاهما عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من خلفائكم خليفة يحثوا المال حثياً، لا يعده عدداً)؛ (وفي رواية بن حجر: يحثي المال)]؛ وأخرجه بنحوه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص49/ح11474)، و(ج3/ص60/ح11598)؛ وغيرهما.* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص5/ح11025): [حدثنا بن أبي عدي عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر الزمان خليفة يعطي المال ولا يعده عداً)] - والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص38/ح11357): [حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر قالا قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده)]؛ وأخرجه أيضاً الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص333/ح14607)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج2/ص422/ح1216)؛ والإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص513/ح37640)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص501/ح8401)؛ وغيرهم.* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا إسماعيل بن علية عن سعيد بن إياس عن أبي نضرة عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر أمتي خليفة يحثى المال حثيا لا يعده عددا»، قال: فقلت لأبي نضرة وأبي العالية: (أتريانة عمر بن العزيز؟!)، قالا: (لا!)]* وأخرج الإمام أبو يعلى في مسنده (ج2/ص357/ح1105): [حدثنا سليمان بن عبد الجبار أبو أيوب حدثنا سهل بن عامر حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر الزمان تظاهر العمر وانقطاع من الزمان إمام يكون أعطى الناس يجيئه الرجل فيحثوا له في حجره يهمه من يقبل عنه صدقة ذلك المال ما بينه وبين أهله لما يصيب الناس من الخير)]؛ وأخرجه ابن الجعد في مسنده (ج1/ص302/ح2044)؛ وغيرهم.* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج3/ص80/ح11774): [حدثنا عثمان (وقال عبد الله بن أحمد: وسمعته أنا من عثمان) حدثنا جرير عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يخرج عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له السفاح فيكون إعطاؤه المال حثياً)]؛ وأخرجه الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص513/ح37639) بلفظ: [حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثياً)]؛ لاحظ لفظة (السفاح) في رواية أحمد.قلت: وهذا الخليفة المميز ليس هو (المهدي) بالضرورة، لأن الصحاح قالت عن المهدي أنه يقسم المال صحاحاً، وفسِّرت: بالعدل والسوية، كما سبق. بل قد جاءت رواية تسميه صراحة: (السفاح)، ولكن عطية العوفي ليس بالذي تقوم به الحجة!
أما ما تفرد بإخراجه الحارث بن محمد بن أبي أسامة في مسنده، وأبو نعيم من طريقه، من النص صراحة على أنه (المهدي)، حيث قال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: [حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال: صل بنا فيقول لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة»]فلا يمكن الاعتماد عليه لأن الحارث بن محمد بن أبي أسامة، صاحب المسند، وإن كان الجمهور على توثيقه، إلا أنه متكلم فيه، وأكثر الكلام لأخذه الدراهم على التحديث، ولكن الأزدي، وأبو محمد علي بن حزم ضعفاه من جهة الحفظ، فلعل هذا سبق ذهن مه، سامحه الله. ولعل شطحات الناس، ونسبتهم كل منقبة متخيلة إلى (المهدي) هي التي جعلت أصحاب عبد الله بن مسعود يقولون: (المهدي: عيسى بن مريم)!
| فصل: دراسة حديث عبد الرحمن بن عوف: «ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا أجلا الجبهة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يفيض المال فيضا»
* كما جاء «الكامل في ضعفاء الرجال»: [حدثنا محمد بن عبدة حدثنا طالوت حدثنا سويد بن حاتم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا أجلى الجبهة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً يفيض المال فيضاً»].
* وقال أبو نعيم: [حدثنا خلف بن أحمد بن العباس الرامهرمزي في كتابه حدثنا همام بن أحمد بن أيوب حدثنا طالوت بن عباد حدثنا سويد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا أجلى الجبهة يملأ الأرض عدلا يفيض المال في زمنه فيضاً].، ولكن قال الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي الدمشقي في «المنار المنيف»، (ج:1 ص:141): [ولكن طالوت وشيخه ضعيفان، والحديث ذكرناه للشواهد]
قلت: ولكن سويد بن حاتم (وهو نفسه: سويد بن إبراهيم) ليس بذاك القوي، ولا هو بالذي تقوم به الحجة، ولا هو بالساقط كلية؛ ومع ذلك فلا تقوم بهذا الحديث حجة.
| فصل: القحطاني بعد المهدي؛ ودراسة حديث جابر بن ماجد الصدفي، رضي الله عنهما: (سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمَّر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه)
* كما جاء في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:121، ص:383، ص:401) في عدة مواضع بنفس الإسناد: [حدثنا الوليد عن ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون بعد الجبابرة رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يجيء بعده القحطاني، والذي بعثني بالحق ما هو دونه»]، قلت: وهذا وإن كان يظهر كأنه مرسل، إلا أنه في حقيقته متصل مرفوع بهذا الإسناد: (عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه (قيس) عن جده (جابر))؛ أو (عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه (قيس) عن جده (أي جد أبيه) (ماجد)) كما هو بين من بعضالطرق التالية:
* كما جاء في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:405، وما بعدها): [حدثنا رِشْدِين والوليد عن ابن لهيعة قال حدثني عبد الرحمن بن قيس الصدفي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون بعد المهدي القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه»]؛ قلت: قد صرح ابن لهيعة ها هنا بالتحديث؛ وكل من رِشْدِين بن سعد والوليد بن مسلم قديم السماع من ابن لهيعة؛ ورِشْدِين بن سعد ضعيف، لكنه يعتضد بالوليد؛ والوليد بن مسلم ثقة متقن، ولكنه مدلس، قبيح التدليس، ولكن هذه تنجبر هنا بمتابعة رِشْدِين شيئاً ما. فهذا الحديث يصح بأي متابعة مستقلة، وستأتي قريباً، إن شاء الله.
* وجاء في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:397، وما بعدها): [حدثنا رِشْدِين عن ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس الصدفي عن أبيه عن جده عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «القحطاني بعد المهدي والذي بعثني بالحق ما هو دونه»]
* وقد قال الحافظ في «فتح الباري شرح صحيح البخاري»: [وقد روى نعيم بن حماد في الفتن من طريق أرطاة بن المنذر أحد التابعين من أهل الشام أن القحطاني يخرج بعد المهدي ويسير على سيرة المهدي. وأخرج أيضا من طريق عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده مرفوعا يكون بعد المهدي القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه. وهذا الثاني مع كونه مرفوعا: ضعيف الإسناد، والأول مع كونه موقوفا أصلح إسنادا منه. فإن ثبت ذلك فهو في زمن عيسى بن مريم لما تقدم أن عيسى عليه السلام إذا نزل يجد المهدي إمام المسلمين وفي رواية أرطاة بن المنذر أن القحطاني يعيش في الملك عشرين سنة واستشكل ذلك كيف يكون في زمن عيسى يسوق الناس بعصاه والأمر إنما هو لعيسى ويجاب بجواز أن يقيمه عيسى نائبا عنه في أمور مهمة عامة وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى]
- وجاء أيضاً في «الجرح والتعديل»: [جابر الصدفي روى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، انه قال: «يكون بعدي خلفاء وبعد الخلفاء امراء وبعد الأمراء ملوك وبعد الملوك جبابرة وبعد الجبابرة يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا،». روى بن لهيعة عن بن ابنه عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده عن النبي، صلى الله عليه وسلم]
- وجاء في «الجرح والتعديل» أيضاَ: [عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده عن النبي، صلى الله عليه وسلم، روى عنه بن لهيعة]
- وجاء في «الاستيعاب»، (ج:1 ص:221): [جابر بن عبدالله الصدفي، روى عن النبي ثم أنه قال: «يكون بعدي خلفاء وبعد الخلفاء إمراء وبعد الإمراء ملوك وبعد الملوك جبابرة وبعد الجبابرة يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا»، رواه ابن لهيعة عن ابن ابنه عبدالرحمن بن قيس بن جابر بن عبدالله الصدفي عن أبيه عن جده عن النبي الحديث بتمامه]
- وجاء في «الإكمال لابن ماكولا»، (ج:7 ص:154): [أما ماجد،...، فجماعة منهم: جابر بن ماجد الصدفي وفد على النبي، صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مصر حدث عنه ابنه قيس بن جابر، وحدث عنه ابنه عبد الرحمن، وروى عن ابنه عبد الرحمن: ابن لهيعة وأبو عبد الملك الصدفي] - وجاء كذلك في «الإصابة في تمييز الصحابة»: [جابر بن ماجد الصدفي ذكره بن يونس وقال وفد على النبي، صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مصر. وروى بن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده حديثا متنه: «سيكون بعدي خلفاء ثم أمراء ثم ملوك جبابرة،... الحديث»، خالفه فيه الأوزاعي فرواه عن قيس بن جابر عن أبيه عن جده فعلى هذا فالرواية لماجد والد جابر، ويكون الضمير في رواية بن لهيعة في قوله عن جده يعود على قيس والله أعلم]
- وجاء كذلك في «الإصابة في تمييز الصحابة»: [أبو جابر الصدفي ذكره الطبراني فيمن أبهم اسمه، واستدركه أبو موسى في الكنى من طريقه عن الأوزاعي عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «سيكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا،.. الحديث». والراوي له عن الأوزاعي حسين بن علي الكندي لا أعرفه ولا أعرف حال جابر والد قيس].
قلت: لم يتفرد به نعيم بن حماد. وهو كثير الخطأ إذا حدث من حفظه، كما هو معروف، بالرغم من كونه شيخاً للبخاري، ومن رجاله في «الجامع الصحيح المختصر»:* فقد جاء الحديث في «المعجم الكبير»، (ج22/ص374/ح937)، من طريق آخرى: [حدثنا أبو عامر النحوي حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا حسين بن علي الكندي مولى جرير عن الأوزاعي عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه»]
قلت: ولكن هناك احتمالان:
(1) - أن يكون حسين بن علي الكندي قد أخطأ، أو هناك سقط من النساخ، ويكون الصحيح هو: (عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده) أو (عن الأوزاعي عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده) ويكون الحديث عن ماجد الصدفي والد جابر، وقد وفدا كلاهما على النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم،وبالرغم من جهالة حسين بن علي الكندي هذا إلا أن رواية «المعجم الكبير» ترتقي بالرواية في «الفتن لنعيم بن حماد» إلي درجة الحسن القوي على أقل تقدير.
(2) - أن يكون الأوزاعي قد رواه عن عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه جابر عن جده ماجد؛ أو عن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه جابر وجده ماجد سمعه منهما في مجلس واحد أو مجالس متعددة: وهذا ليس بمستغرب، بل يقع بكثرة عند كل الناس، خصوصاً مع أبناء وأحفاد الصحابة إذا تذاكروا أخبارهم مع النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ وهذا ممكن ميسور من ناحية المعاصرة أيضاً: ماجد (وهو ابن أربعين سنة) يفد على النبي في العام العاشر من الهجرة مع ولده جابر (وهو ابن عشرين) ويبقى حياً (متجاوزاً الثمانين) إلى نحو 50 - 55 هـ، وقيس بن جابر يولد نحو سنة 30 هـ (فهو من دون وسطى التابعين) ويجالس جده، ويكتب عنه، كثيراً قبل وفاته؛ ويبقى حياً (متجاوزاً الثمانين) إلى 110هـ، أو بعدها، وهو نزيل الشام. ومعلوم أن الأوزاعي كان قد بدأ بطلب العلم مبتدئا بشيوخ بلده بزمان قبل سنة 110هـ، وهي السنة التي دخل فيها البصرة فوجد الناس راجعين من دفن محمد بن سيرين والحسن البصري مريضاً على فراش الموت.
* وجاء في «فتح الباري شرح صحيح البخاري»: [قوله عن ثور بن زيد هو الديلي المدني وأبو الغيث شيخه اسمه سالم قوله: «لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان»، لم أقف على اسمه، ولكن جوز القرطبي أن يكون (جهجاه) الذي وقع ذكره في مسلم من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ: «لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له جهجاه»، أخرجه عقب حديث القحطاني]؛ قلت: كلام القرطبي بعيد، فجهجاه رجل من الموالي، والقحطاني من العرب!قلت: خبر (القحطاني) ثابت بلا شبهة:
* فقدأخرجه الإمام البخاري في صحيحه (ج3/ص1296/ح3329)، (ج6/ص2605/ح6700): [حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة عن النبي قال: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان، يسوق الناس بعصاه)]؛ وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه (ج4/ص2232/ح2910)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص417/ح9395)؛ وغيرهم.* وأخرج الإمام الطبراني في معجمه الكبير (ج12/ص308/ح13198): [حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم عن بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليسوقن رجل من قحطان الناس بعصاً)]؛ وأخرجه في معجمه الأوسط (ج4/ص147/ح3833) بنحوه، إلا أنه قال: (ليسوقن الناس القحطاني بعصاة). وليس في هذا الإسناد ما يضر إلا عنعنة محمد بن إسحاق، فقد جاء في الجرح والتعديل (ج3/ص60): [الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي الرازي: روى عن سلمة بن الفضل وجرير وأبي زهير وعبد الله بن عبد القدوس وأبي تميلة وحكام ومهران وابن المبارك روى عنه أبي؛ سئل أبي عنه فقال صدوق].
وقد استشكل البعض جملة (يسوق الناس بعصاه) فتسائلوا: (هل يسوقهم إلى الخير أم إلى الشر)؛ والذي ظهر لي أن (السوق بالعصا) كناية عن الرعاية والإمارة بقوة، ولكن مع الرفق واللين: فهي قوة من غير عنف، ولين من غير ضعف، تماماً كراعي الغنم؛ بخلاف (السوق بالسياط)، و(والضرب بالعصا أو السياط) فهذه قبيحة ملعونة، كما هو في أحاديث الجبابرة والجلاوزة، لعنهم الله.
ويشهد لهذا الفهم حديث جابر الصدفي الذي يبين أن (القحطاني) إمام خير وعدل، يأتي بعد المهدي مباشرة.
وهذا يبطل كون الرجل الصالح من أمة محمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي يصلي عبسى بن مريم، صلى الله عليه وعلى والدته وسلم، خلفه هو المهدي؛ والله أعلم.وجاءت أحاديث (قحطانية) أخرى صحاح، إليط طرفاً منها:
* أخرج الإمام البخاري في صحيحه (ج3/ص1290/ح3309)، و(ج6/ص2611/ح6720): [حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية وهم عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: (أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأولئك جهالكم: فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين)]، ثم قال الإمام البخاري: (تابعه نعيم عن بن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير)؛ وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج4/ص94/ح16898)؛ والدارمي في سننه (ج2/ص315/ح2521)؛ والنسائي في سننه الكبرى (ج5/ص228/ح8750)؛ وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (ج8/ص141/ح16311)؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج19/ص338/ح779 - 781)؛ والطبراني في مسند الشاميين (ج4/ص248/ح3201)؛ والطبراني في معجمه الأوسط (ج3/ص274/ح3128)؛ وغيرهم.
قلت: هذا الملك من قحطان ليس ملكاً من الجبابرة، بل هو خليفة راشد؛ واستخدام لفظة ملك ها هنا إنما هو بالمعنى اللغوي المحض: بمعنى (السلطان الأعلى) أو (رئيس الدولة) كما قال جل جلاله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}، (النساء؛ 4:54). وهذا يبطل كون هذا الرجل المبارك مجرد وزير أو نائب لعيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته.
* وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج4/ص91/ح16873) بإسناد صحيح: [حدثنا عبد القدوس أبو المغيرة قال حدثنا حريز يعنى بن عثمان الرحبي قال حدثنا راشد بن سعد المقراني عن أبي حي عن ذي مخمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (كانَ هَذَا الأَمْرُ فِي حِمْيَرَ فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَجَعَلَهُ فِي قُرَيْشٍ وَسَيَعُودُ إِلَيْهِمْ)]؛ قال الإمام عبد الله بن أحمد: (وكذا كان في كتاب أبي مقطع: وس ي ع ود إ ل ي ه م)؛ وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (ج2/ص135/ح1057)؛ وفي معجمه الكبير (ج4/ص235/ح4227).
- وجاء في التاريخ الكبير للإمام البخاري (3/264/906): [ذو مخبر الحبشي ابن اخي النجاشي ويقال ذى مخمر الحبشي: قال أبو اليمان حدثنا حريز بن عثمان عن راشد عن ابى حي المؤذن عن ذي مخبر الحبشي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: (كان هذا الامر في حمير فنزعه الله منهم وجعله في قريش وسيعود إليهم)]
- وهو في الفتن لنعيم بن حماد (ص 238؛ وص 250): [حدثنا أبو المغيرة وبقية جميعا عن حريز بن عثمان قال حدثنا راشد بن سعد المقرائي عن أبي حي المؤذن عن ذي مخبر قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (كان هذا الأمر في حمير فنزعه الله منهم فجعله في قريش وسيعود إليهم)]* ومما سبق يظهر لك فداحة خطأ ما جاء في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (2/281/1278): [روى إسماعيل بن عياش عن حريز بن عثمان عن راشد بن سعد عن أبي حي عن ذي مخمر بن أخي النجاشي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (كان هذا الأمر في حمير فنزعه الله منهم وسيعود إليهم)؛ وقال المؤلف: (ورواه بقية عن حريز فقال فيه فنزعه الله منهم فجعله في قريش وسيعود إليهم، وهذا حديث منكر، وإسماعيل بن عياش قد ضعفوه وكذلك بقية وكان بقية يدلس ويروي عن الضعفاء).
قلت: هذا أخطاء متراكمة، وظلمات بعضها فوق بعض:
(1) - إسماعيل بن عياش ثقة فقيه، وإنما ضعفوا حديثه عن غير الشاميين، وبخاصة الحجازيين، وليس هذا منها.
(2) - بقية كان يدلس تدليس التسوية، ولكنه في ذاته صدوق، وليس ضعيفاً.
(3) - لم ينفرد به هذان، بل قد رواه: أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني كما هو عند أحمد ونعيم بن حماد في (الفتن)، وأبو اليمان الحكم بن نافع كما هو عند البخاري والطبراني. وهذا عيب الاستعجال، وعدم تتبع الطرق!
(4) - المتن في غاية الاستقامة: يشهد عليه التاريخ، وتصدقه أحاديث القحطاني؛ فأين النكارة؟!وقد جوَّد إسناده الإمام الحافظ بن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري (13/116 - 117) عندما شرح حديث معاوية آنف الذكر: [وسنده جيد وهو شاهد قوي لحديثالقحطاني، فإن حمير يرجع نسبها إلى قحطان، وبه يقوى أن مفهوم حديث معاوية ما أقاموا الدين: أنهم إذا لم يقيموا الدين خرج الأمر عنهم، ويؤخذ من بقية الأحاديث أن خروجه عنهم إنما يقع بعد إيقاع ما هددوا به من اللعن أولا وهو الموجب للخذلان وفساد التدبير، وقد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية، ثم التهديد بتسليط من يؤذيهم عليهم، ووجد ذلك في غلبة مواليهم بحيث صاروا معهم كالصبي المحجور عليه يقتنع بلذاته ويباشر الأمور غيره، ثم اشتد الخطب فغلب عليهم الديلم فضايقوهم في كل شيء حتى لم يبق للخليفة إلا الخطبة، واقتسم المتغلبون الممالك في جميع الأقاليم، ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة حتى انتزع الأمر منهم في جميع الأقطار ولم يبق للخليفة إلا مجرد الاسم في بعض الأمصار]
| فصل: دراسة حديث أم سلمة: «نعم: المهدي حق، وهو من بني فاطمة»
* كما جاء في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص600/ح8671): [أخبرني أبو النضر الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا عبد الله بن صالح أنبأ أبو المليح الرقي حدثني زياد بن بيان (وذكر من فضله) قال سمعت علي بن نفيل يقول سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت أم سلمة تقول: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يذكر المهدي فقال: «نعم: هو حق، وهو من بني فاطمة»]، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
- وأخرجه أبو داود في سننه (ج4/ص107/ح4284): [حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (المهدي من عترتي، من ولد فاطمة)؛ قال عبد الله بن جعفر وسمعت أبا المليح يثني على علي بن نفيل ويذكر منه صلاحاً]
- وأخرجه ابن ماجه في سننه ج2/ص1368/ح4086): [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا أبو المليح الرقي عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب قال كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (المهدي من ولد فاطمة)]
- وأخرجه الإمام الطبراني في معجمه الكبير (ج23/ص267/ح566): [حدثنا الحسين بن إسحاق، حدثنا عبد السلام بن عبد الحميد حدثنا أبو المليح الرقي عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت ذكر المهدي عند النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: (من ولد فاطمة)، رضي الله عنها]
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا أبو المليح عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي من ولد فاطمة»]
- وأيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا محمد بن أحمد بن علي النسائي حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي حدثنا سعيد بن واقد الحراني حدثنا أبوالمليح الحسن بن عمرو الرقي عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المهدي من عترتي من ولد فاطمة]
- وأيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا ابن أبي خيثمة حدثنا عبدالله بن جعفر حدثنا أبو المليح عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول المهدي من عترتي من ولد فاطمة]
- وهو في «العلل المتناهية»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين المزرقي قال حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال أخبرنا أبو أحمد بن عبد الله بن جامع قال حدثنا أبو علي محمد بن سعيد الحراني قال حدثنا عبد الملك الميموني قال حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد قال حدثنا أبو المليح الرقى عن زياد بن بيان شيخ من اهل الرقة عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن ام سلمة قالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول المهدي من ولد فاطمة عليها السلام]
قلت: زياد بن بيان ليس بالمشهور، وليس له إلا هذا الحديث، وحديث آخر عن سالم بن عبد الله: (اللهم بارك في شامنا،... إلخ) وكأنه أخطأ في بعض ألفاظه، وأثر عن أبي بكر الصديق في السلام. وهذا الذي رواه مرفوعاً إنما يعرف من كلام سعيد بن المسيب موقوفاً.
وقال ابن الجوزي: (واما حديث ام سلمة فقال إنه لا يعرف الا بعلي بن نفيل ولا يتابع عليه. وهو كلام معروف من كلام سعيد بن المسيب والظاهر ان زياد بن بيان وهم في رفعه قال ابن عدي زياد معروف بهذا الحديث وقد انكره عليه البخاري)قال المؤلف وقد رواه أبو داود وقال أخبرنا أحمد بن ابراهيم قال حدثني عبد الله بن جعفر الرقى قال حدثنا أبو المليح وقال وفيه المهدي من عترتي من ولد فاطمة وقد رواه إذنه عن هارون بن كامل عن علي بن معبد بن شداد عن ابي المليح
* وأما النقل الثابت عن سعيد بن المسيب فقد جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا أحمد بن شبويه حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: (المهدي حق؟!)، قال: (حق!)، قلت: (ممن؟!)، قال: (من كنانة!)، قال: قلت: (ثم ممن؟!)، قال: (من قريش!)، قدم أحدهما قبل الآخر، قلت: (ثم ممن؟!)، قال: (من بني هاشم!)، قلت: (ثم ممن؟!)، قال: (من ولد فاطمة!)]؛قلت: وهذا إسناد كالشمس!
* وجاء أيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا خالد بن سلام عن رجل عن معمر عن قتادة قال: قلت لابن المسيب: (المهدي أحق هو؟!)، قال: (نعم!)، قلت: (ممن هو؟!)، قال: (من قريش!)، قلت: (من أي قريش؟!)، قال: (من بني هاشم!)، قلت: (من أي بني هاشم؟!)، قال: (من بني عبد المطلب!)، قلت: (من أي بني عبدالمطلب؟!)، قال: (من ولد فاطمة!)]قلت: هذا الأثر إذاً صحيح ثابت موقوفاً على سعيد بن المسيب، وليس مرفوعاً، فهذا إذاً هو رأي الإمام التابعي الكبير، وهو أن (المهدي من ولد فاطمة). وحتى لو صح هذا مرفوعاً لما تناقض مع احتمال كونه من ولد (العباس)، رضوان الله وسلامه عليه، فيكون عباسي النسب، وفيه ولادة من جهة (فاطمة)، رضوان الله وسلامه عليها.
| فصل: دراسة حديث حذيفة: «المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري: اللون لون عربي، والجسم جسم اسرائيلي، يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا فرضي خلافته اهل الارض واهل السماء والطير في الجو يملك عشرين سنة»
* كما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [فحدثت عن ماجد بن بكر الصاحب قال أخبرنا يوسف بن محمد الخطيب قال حدثنا العباس بن تركان قال حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الحلاب قال حدثنا محمد بن ابراهيم بن كثير الصوري قال حدثنا رواد بن الجراح قال حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري اللون لون عربي والجسم جسم اسرائيلي يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا فرضي خلافته اهل الارض واهل السماء والطير في الجو يملك عشرين سنة»]
قال ابن الجوزي: (واما حديث حذيفة فرواه ابن الجراح قد ضعفه الدارقطني قال ابن حمدان الراوي بهذا الحديث باطل قال ومحمد بن ابراهيم لم يسمع من رواد شيئا ولم يره وكان مع هذا غاليا في التشيع).
قلت: رواد بن الجراح، أبو عصام العسقلاني، صدوق صاحب سنة، إلا أنه اختلط ولم يروى عنه حديث قائم يعتد به.وأما محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري فالأظهر أنه ثقة، كما قال ابن حبان، ولا يعرف له حديث منكر إلا هذا.
قلت: كيف يكون هذا عن سفيان الثوري بإسناد كالشمس إلى حذيفة، وينفرد به ابن الجراح؟! ونكارة المتن، ومخالفته لما ورد بجياد الأسانيد، وبعده عن الأسلوب النبوي الشريف أوضح وأظهر من سقوط الإسناد.* ولكن جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا أبو محمد عبدالله بن عمرو المكتب قراءة منى عليه قال حدثنا عتاب بن هارون قال حدثنا الفضل بن عبيد الله قال حدثنا عبدالصمد بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن سنان القلانسي بحلب قال حدثنا عبدالوهاب الخزاز أبو أحمد الرقي قال حدثنا مسلمة بن ثابت عن عبدالرحمن عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن ربعي بن حراش عن حذيفة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد قصص فتن طويلة (نحو نصف صفحة)، قال: «فعند ذلك ينادى من السماء مناد أيها الناس إن الله عز وجل قد قطع عنكم مدة الجبارين والمنافقين وأشياعهم وأتباعهم وولاكم خير أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فالحقوا به بمكة فإنه المهدي واسمه أحمد بن عبدالله»، قال حذيفة: فقام عمران بن الحصين الخزاعي فقال: (يا رسول الله: كيف لنا بهذا حتى نعرفه؟!)، فقال: «هو رجل من ولد كنانة، (كأنه) من رجال بني إسرائيل، عليه عباءتان قطوانيتان كأن وجهه الكوكب الدري في اللون في خده الأيمن خال أسود ابن أربعين سنة فيخرج الأبدال من الشام وأشباههم ويخرج إليه النجباء من مصر وعصائب أهل المشرق وأشباههم حتى يأتوا مكة فيبايع له بين زمزم والمقام،... إلخ]،
قلت: مسلمة بن ثابت لم أجد له ترجمة، والمتن منكر جداً، وعليه علامات التلفيق والكذب والاختراع.
قلت: لعل هناك حديثاً مختصراً عن حذيفة رضي الله عنه، ولكنه لم يقع لنا، سرقه هؤلاد الكذابون وأضافوه إليه من خيالاتهم الجامحة.* ثم وجدناه، فقد ذكر أبو نعيم في كتاب المهدي من حديث حذيفة: قال الطبراني: [حدثنا محمد بن زكريا الغلابي (في الأصل: الهلالي، وهو خطأ) حدثنا العباس بن بكار حدثنا عبد الله بن زياد عن الأعمش عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: خطبنا النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكر ما هو كائن، ثم قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي)]؛ ولكن حتى هذا إسناده ضعيف: العباس بن بكار الضبي البصري متروك متهم، وعبد الله بن زياد هو إما: عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان متروك ساقط أو عبد الله بن زياد البحراني مجهول.
| فصل: دراسة حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي: «يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي يعني سلطانه»
* كما جاء في «سنن ابن ماجه»، (ج2/ص1369/ح4088): [حدثنا حرملة بن يحيى المصري وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا حدثنا أبو صالح عبد الغفار بن داود الحراني حدثنا بن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي»، يعني سلطانه]، وقال الألباني: (ضعيف).
- وهو في «المعجم الأوسط»،(ج1/ص94/ح285): [حدثنا أحمد بن رِشْدِين قال حدثنا محمد بن سفيان الحضرمي قال حدثنا بن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يخرج قوم من قبل المشرق فيوطئون للمهدي سلطانه]، ثم قال الإمام الطبراني: (لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن الحارث إلا بهذا الإسناد تفرد به بن لهيعة).
قلت: أبو زرعة عمرو بن جابر الحضرمي مختلف فيه أشد الاختلاف: من التوثيق إلى الاتهام بالكذب. ويضاف إلى ذلك الكلام المعروف في ابن لهيعة، فلا تقوم بهذا حجة.
| فصل: دراسة حديث ثوبان: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم»، ثم ذكر شيئا لا أحفظه، فقال: «فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي».
* جاء في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص510/ح8432): [أخبرنا أبو عبد الله الصفار حدثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة حدثنا الحسين بن حفص حدثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم»، ثم ذكر شيئا فقال: «إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج:فإنه خليفة الله المهدي»]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)، وقال الذهبي في التلخيص: (على شرط البخاري ومسلم). قلت: هذا وهم منهما، فليس أبو قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان على شرط البخاري.
- وأخرج بعضه الحاكم في مستدركه (ج4/ص547/ح8531) موقوفاً على ثوبان رضي الله عنه: [أخبرنا الحسين بن يعقوب بن يوسف العدل حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأ خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان رضي الله عنه قال: إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبوا فإن فيها خليفة الله المهدي]؛ وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)؛
- وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج5/ص277/ح22441) بإسناد دون ذلك: [حدثنا وكيع عن شريك عن على بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فان فيها خليفة الله المهدي]؛ وربما غيرهما.
وقد نقل هذا الإسناد، كما سبق ذكره في «المستدرك على الصحيحين»، الحافظ ابن حجر في (إتحاف المهرة 3/53 رقم 2513)، مما يُبعد احتمال وقوع خطأ مطبعي فيه.
وإسناد الحاكم رجاله ثقات مشاهير، إلا محمد بن إبراهيم بن أرُومــة، وهو الذي روى الحاكم من طريقه من جامع سفيان الثوري في مواضع من المستدرك. وهو محمد بن إبراهيم بن أبان، أبو عبد الله الجيراني الأصبهاني المؤدّب، توفي سنة 278هـ، وهو مترجم في «طبقات المحدثين بأصبهان» لأبي الشيخ (3/300)، وكذلك في «ذكر أخبار أصبهان»، (2/210) وفي «الإكمال لابن ماكولا»، (2/248 - 249) و«تاريخ الإسلام للذهبي»، (ص427 - 428). قال ابن منده: (مشهور ثقة)، وقال أبو نعيم: (أحد الثقات).
قلت: هذه الطرق الصحيحة تنقض ما قاله البيهقي عقب إخراجه في (الدلائل 6/515): (تفرد به عبد الرزاق عن الثوري).* وأخرجه ابن ماجه في سننه (ج2/ص1367/ح4084) بإسناد صحيح من عبد الرزاق عن سفيان الثوري: [حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالا حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي]؛ ولكن زعم الألباني: (ضعيف) غير أنه لم يبين السبب في هذا الموضع، كعادته السيئة. ولكنه حكم في (السلسلة الضعيفة، رقم: 85) على حديث خالد الحذاء بالنكارة وقال: [وقد ذهل من صححه عن علته، وهي عنعنة أبي قلابة، فإنه من المدلسين،... لكن الحديث صحيح المعنى دون قوله: فإن فيها خليفة الله المهدي. فقد أخرجه ابن ماجة من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعاً نحو رواية ثوبان الثانية، وإسناده حسن. وليس فيه: خليفة الله. وهذه الزيادة (خليفة الله) ليس لها طريق ثابت]، انتهى كلامه.
قلت: أبو قلابة ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الأولى من المدلّسين الذين لا يضر تدليسهم. وفي تلك الطبقة أيضاً الأئمة الجبال الرواسي: البخاري ومسلم، فهل ترد أحاديث هؤلاء أيضاً؟! فكلام الألباني لا معنى له إذاً، وليست عنعنة أبي قلابة بالعلة المعتبرة، فالإسناد متصل.
- وأخرجه البزار في مسنده (المخطوط، النسخة الكتانية - 223)، من طرق صحيحة عن عبد الرزاق الصنعاني، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، بنحوه مطولاً مرفوعاً. وقال البزار عقبه: (إسناده إسناد صحيح).
- كما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا عثمان بن إسماعيل السكري حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا عبدالرزاق حدثنا سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ثوبان قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يقتتل ثم كنزكم نفر ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير الملك إلى أحد منهم، ثم تقبل الرايات السود من قبل خراسان فائتوها ولو حبوا على الركب فإن فيها خليفة الله المهدي»]
- وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:32، الصفحة: 279): [أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل أنبأ أبو بكر البيهقي أخبرنا علي بن احمد بن عبدان أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا إبراهيم بن سويد الشبامي حدثنا عبد الرزاق قال: (وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن أبان الجوهري ببغداد حدثنا عبد الله بن احمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد الرزاق) أخبرنا الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال: قال رسول الله: «يقتتل عند داركم هذا ثلاثة كلهم ولد خليفة لا يصير إلى واحد منهم ثم تقبل الرايات السود من خراسان... مقتلة لم تروا مثلها»، ثم ذكر شيئا، «فإذا كان ذلك فأتوه ولو حبوا على الثلج فانه خليفة الله». وفي رواية ابن عبدان: «ثم تجيء الرايات السود فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم يجيء خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فاتوه فبايعوه فانه خليفة الله المهدي»]
- وحتى سفيان الثوري لم ينفرد به، بل نجده موقوفاً على ثوبان في «المستدرك على الصحيحين»: [أخبرنا الحسين بن يعقوب بن يوسف العدل حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأ خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان، رضي الله تعالى عنه، قال: (إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبوا فإن فيها خليفة الله المهدي)]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، ولم يعقب عليه الذهبي. قلت: سبق التعليق على أنه ليس على شرط البخاري.
قلت: عبد الوهاب بن عطاء، أبو نصر الخفاف العجلي البصري ثم البغدادي، أحد الحفاظ، من رجال مسلم، ولكن قال الإمام أحمد: (ضعيف الحديث، مضطرب)، وقال البخاري: (ليس بالقوي)، وقال أيضاً: (كان يدلس عن ثور الحمصي وأقوام أحاديث منكرة)، ولم يخرج البخاري له شيئاً في الصحيح، وقال الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم: (سألت أبى عن عبد الوهاب بن عطاء فقال يكتب حديثه محله الصدق، قلت هو أحب إليك أو أبو زيد النحوي في بن أبى عروبة فقال عبد الوهاب وليس عندهم بقوي الحديث)، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: (سئل أبو زرعة عن عبد الوهاب الخفاف فقال روى عن ثور بن يزيد حديثين ليسا من حديث ثور وذكر ليحيى بن معين هذين الحديثين فقال لم يذكر فيهما الخبر)، وقال الإمام النسائي عنه: (ليس بالقوي)، ولكن روى عنه الأئمة، ووثقه كثيرون، لذا قال الحافظ في (تقريب التهذيب) ملخصاً: (عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، أبو نصر العجلي مولاهم البصري، نزيل بغداد: صدوق ربما أخطأ. أنكروا عليه حديثا في العباس يقال دلسه عن ثور من التاسعة مات سنة أربع ويقال سنة ست ومائتين).
قلت: ليس وقف عبد الوهاب بن عطاء اضطراباً معتبراً في الإسناد فمثله لا يسامي سفيان الثوري أصلاً، ولا تعتبر مخالفته مطلقاً.
ولكن جاء إعلالٌ خاصّ واستنكار لهذا الحديث على خالد الحذاء (مع ثقته)، فقد جاء في العلل للإمام أحمد برواية ابنه عبد الله رقم (2443): [حدثني أبي، قال: قيل لابن عُليّة في هذا الحديث: كان خالد يرويه، فلم يلتفت إليه، ضعف ابن عليّه أمره. يعني حديث خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في الرايات]؛ راجع أيضاً (الضعفاء للعقيلي)، ترجمة خالد بن مهران الحذاء، (2/351 رقم 403)؛ والمنتخب من علل الخلال لابن قدامة (رقم 170).
قلت: ولكن هذا تضعيف مجرد بالرأي، وليس إسماعيل بن عُليّة، مع وثاقته وتثبته، من أئمة النقد، أو أساطين الجرح والتعديل. ولكن هذا الرواية تدل على أن إسماعيل بن عُليّة سمعه من خالد الحذاء، وربما سمعه غيره كثير، ولكنهم هابوا روايته لسبب أو لآخر. * ولكن جاء نحوه في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج5/ص277/ح22441)، من غير طريق خالد الحذاء: [حدثنا وكيع عن شريك عن على بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم:«إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فان فيها خليفة الله المهدي»]
- وكما هو في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني ابي قال حدثنا وكيع عن شريك عن علي بن زيد عن ابي قلابة عن ثوبان قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من خراسان فائتوها فإن فيها خليفة الله المهدي»].
وقال ابن الجوزي: (اما حديث ثوبان ففيه علي بن زيد قال أحمد ويحيى ليس بشيء). قلت: نعم: علي بن زيد بن جدعان ليس بذلك القوي، ولا هو بالساقط كلية، وقد جاء هذا عن غيره، فلا معني لتضعيف الحديث بسببه كما فعل الإمام ابن الجوزي، رحمه الله. وفي هذا الطريق، طريق ابن الجوزي بلية أخرى: عنعنة شريك، وهو كثير الخطأ، كما أنه يدلس المنكرات عن الثقات، فلا بد من تصريحه بالتحديث، لا سيما في هذا الباب الذي كثرت فيه التخاليط والخيالات والأكاذيب والخرافات، ولكن هذا لا يهم ها هنا، لأنه جاء من غير طريق شريك، كما مضى، ولأنه يبعد جداً أن يسقط شريك خالد الحذاء الثقة المشهور، ويجعل بدلاً منه علي بن زيد بن جدعان لأن تدليسه (وهو: تدليس المنكرات عن الثقات) يكون عادة بالعكس، أي إسقاط الضعيف من أشياخه من السند وإبقاء الثقات، وليس العكس!
| فصل: دراسة حديث ابن مسعود: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً حتى يجيء قوم من ها هنا (وأومأ بيده نحو المشرق) أصحاب رايات سود يسألون الحق ولا يعطونه، (مرتين أو ثلاثاً)، فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيُعْطَوْن ما سألوا، فلا يقبلون حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتها ولو حبوا على الثلج».
* كما جاء في «سنن ابن ماجه»، (ج2/ص1366/ح4082): [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال بينما نحن عند رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي، صلى الله عليه وسلم، اغرورقت عيناه وتغير لونه قال فقلت: (ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه؟!)، فقال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج»]، وقال الألباني: ضعيف، وقد أصاب في ذلك فيما يتعلق بهذا الإسناد لأن يزيد بن أبي زياد ضعيف لا تقوم به حجة. فإن كان في الحديث بلاء فإنما هو من يزيد بن أبي زياد هذا، كما يظهر من الطرق التالية:
- فقد أخرجه الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص527/ح37727): [حدثنا معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال بينا نحن عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي، صلى الله عليه وسلم، اغرورقت عيناه وتغير لونه قال فقلت له ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه قال: (إنا أهل البيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتى يدفعوا إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج)]
- وهو أيضاً في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا حمزة بن علي بن حمزة حدثنا أبو بكر عبدالله بن محمد بن القاسم بن أبي خلاد إملاءً حدثنا أحمد بن محمد بن عبدالعزيز بن الجعد الوشاء حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله بن مسعود قال بينما نحن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي، صلى الله عليه وسلم، اغرورقت عيناه وتغير لونه قلت له: (ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه)، فقال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا. إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءا شديداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئت جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأته حبوا على الركب»]
- والطبراني في معجمه الأوسط (ج6/ص29/ح5699): [حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا طاهر بن أبي أحمد الزبيري قال حدثنا أبي قال حدثنا صباح بن يحيى المزني عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال بينما نحن جلوس عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأقبل نفر من بني هاشم أو فتية من بني هاشم فلما رآهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحمر وجهه واغرورقت عيناه فقلنا يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك الشيء تكرهه فقال: (إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي هؤلاء سيلقون من بعدي تطريدا وتشريدا حتى يجيء قوم من ها هنا من قبل المشرق وأصحاب رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألون الحق فلا يعطونه قال ذلك مرتين أو ثلاثا فيقاتلون فيعطون ما يسألوا فلا يقبلون حتى يدفعونها إلىرجل من أهلي بيتي يملأها عدلا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك الزمان فليأتهم ولو حبوا على الثلج)]
- وجاء في «مسند أبي يعلى»، (ج9/ص17/ح5084)، بلفظ: [حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد بن رفاعة حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «تجيء رايات سود من قبل المشرق وتخوض الخيل الدماء إلى ثنتها يظهرون العدل ويطلبون العدل فلا يعطونه فيظهرون فيطلب منهم العدل فلا يعطونه»]، وقال الشيخ حسين أسد: (إسناده ضعيف)، قلت: وذلك بسبب يزيد بن أبي زياد.
- وجاء هذا أيضاً بطوله في «ضعفاء العقيلي» عند ترجمة (يزيد بن أبي زياد، أبو عبد الله مولى بنى هشام): [وهذا الحديث حدثناه محمد بن إسماعيل حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا خلف عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن عبد الله قال كنا جلوسا عند النبي، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه فتية من قريش فتغير لونه فقلنا: (يا رسول الله: إنا لا نزال نرى في وجهك الشيء تكرهه؟!)، قال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا حتى يجيء قوم من ها هنا (وأومأ بيده نحو المشرق) أصحاب رايات سود يسألون الحق ولا يعطونه مرتين أو ثلاثا فيقاتلون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتها ولو حبوا على الثلج»]
- كما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا محمد بن بكير الحضرمي حدثنا خالد بن عبدالله عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال بينما نحن ثم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ قال: «يجيء قوم من هاهنا وأشار بيده نحو المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه مرتين أو ثلاثا فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فملأها عدلا كما ملئوها ظلما فمن أدرك ذلك () ولو حبوا على الثلج»]؛ () بياض في الأصل.
- كما أن ابن عدي روى خلال ترجمة (عمرو بن القاسم) طرفاً من هذا الحديث هكذا: (حدثنا محمد بن حفص حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا عمرو بن القاسم بن حبيب عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرايات السود قد خرجت فأتوها ولو حبوا على الثلج»). وعمرو بن القاسم بن حبيب التمار، يكنى أبا علي، ليس بالقوي، ولكن يكتب حديثه، كما قال ابن عدي.
قلت: هذا نقل تواتر عن يزيد بن أبي زياد * وجاء في «ضعفاء العقيلي» عند ترجمة (يزيد بن أبي زياد، أبو عبد الله مولى بنى هشام): [حدثنا عبد الله قال سمعت أبي يقول حديث إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، ليس بشيء، يعنى حديث يزيد بن أبي زياد. قلت لعبد الله: (الرايات السود؟!)؛ قال: (نعم!)]* وجاء أيضاً في «ضعفاء العقيلي» عند ترجمة (يزيد بن أبي زياد، أبو عبد الله مولى بنى هشام): [حدثنا محمد بن حفص الجورجاني قال سمعت أبا قدامة يقول سمعت أبا أسامة يقول في حديث يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله في الرايات السود فقال: (لو حلف عندي خمسين يمينا قسامة ما صدقته: أهذا مذهب إبراهيم؟! أهذا مذهب علقمة؟! أهذا مذهب عبد الله؟!)].
* وذكرالإمام الذهبي هذا الحديث في (السير 6/131 - 132)، فقال بعد كلام أبي أسامة: (قلت: معذور والله أبو أسامة! وأنا قائل كذلك، فإن من قبله ومن بعده أئمة أثبات، فالآفة منه: عمداً، أو خطأ).
ولكن كل هذه الأقوال تعبر عن أمزجة وآراء مجردة، وهي لا تحسم القضية لأن:
(1) - يزيد بن أبي زياد ليس بفاحش الضعف، ولا هو بالساقط كلية، وإن كان لا يحتج به بمفرده، وقد أخرج له مسلم متابعة، وكذلك الأربعة والدارمي، وأكثر عنه أحمد، وكذلك جمهور الأئمة؛
(2) - ولأنه لم ينفرد به، بل هو قد توبع متابعات مستقلة جياد للغاية:* فقد توبع في بعضه، كما هو في «المعجم الكبير»، (ج10/ص88/ح10043)، من طريق ثانية مستقلة بحق: [حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الحراني حدثنا محمد بن فضيل قال: قال لي مغيرة سمعت من عمارة بن القعقاع شيئا ذكره عن إبراهيم (وكان عمارة قد خرج الى مكة) فاكتريت حماراً فأتيته بالقادسية فحدثني عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كان رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، يمر به الفتية من أهل بيته فيتغير لذلك لونه فمر به يوما فتية من أهل بيته فتغير لذلك لونه فقلنا: (يا رسول الله ما نزال نرى منك ما يشق علينا: الفتية من أهل بيتك يمرون بك فيتغير لذلك لونك؟!)، فقال: «إن أهل بيتي هؤلاء اختار الله لهم الآخرة ولم يختر لهم الدنيا»]
قلت: عبد الرحمن بن عمرو الحراني شيخ كما قاله أبو حاتم، فهو لا بأس به، وبقيته ثقات مشاهير فالإسناد حسن قوي معتبر، بل لعله بمفرده صحيح تقوم به الحجة، بل هو كذلك بالمتابعات التالية.
- وهو بعينه في «الرحلة في طلب الحديث»، للإمام أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، (ج:1 ص:145): [أنبا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي وأبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن.... حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا محمد بن المهلب الحراني حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الحراني حدثنا محمد بن الفضيل قال: قال لي مغيرة سمعت من عمارة بن القعقاع حديثا ذكره عن إبراهيم؛ قال: وكان عمارة قد خرج إلى مكة، فاكتريت حماراً فلحقته بالقادسية: فحدثني عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كان النبي، صلى الله عليه وسلم، تمر به الفتية من قريش فلا يتغير لونه وتمر الفتية من أهل بيته فيتغير لونه فقلنا: (يا رسول الله: لا نزال نرى منك علينا تمر بك الفتية من قريش فلا يتغير لونك، وتمر بك الفتية من أهل بيتك فيتغير لونك؟!)، قال: «إن أهلي هؤلاء اختارهم الله للآخرة ولم يخترهم للدنيا وسيلقون بعدي تطريدا وتشريدا وبلاء شديداً»]
* وأيضاً في «الرحلة في طلب الحديث»، (ج:1 ص:145): [أنبا الحسن بن أبي بكر أنبا مكرم بن أحمد القاضي حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله الرازي مولى بني هاشم حدثنا عبد المؤمن بن علي حدثنا ابن فضيل قال: قال مغيرة بن مقسم سمعت من عمارة بن القعقاع حديث إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا رأى الفتية من أهل بيته تغير لونه قال: قال لي المغيرة كان عمارة قد خرج إلى مكة فاكتريت حمارا فصرت إلى القادسية فلما رآني قال: (ما جاء بك؟!) قال قلت حديث إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم حدثني إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا نظر إلى الفتية من أهل بيته تغير لونه وقال: «إن أهل بيتي هؤلاء اختار الله لهم الآخرة ولم يختر لهم الدنيا وسيلقون بعدي تطريدا وتشريداً»، وذكر حديثا طويلا]
قلت: وهذهمتابعة من عبد المؤمن بن على الزعفراني الأسدي الكوفي لصاحبنا: عبد الرحمن بن عمرو الحراني. أما عبد المؤمن بن على الزعفراني الأسدي الكوفى، أبو على نزيل الري، راوية عبد السلام بن حرب، فهو ثقة، روى عنه أبو حاتم، ووثقه، كما وثقه ابن حبان.
وليس في هذه الرواية ما يعاب إلا ما جاء في أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله الرازي من الجرح الشديد، فقد تركوه، واتهموه بالتحديث عن قوم لم يدركهم وذلك بالأخذ من كتبهم من غير سماع، أو بإسقاط الواسطة طلباً لعلو الإسناد، والعياذ بالله، كما هو في (تاريخ بغداد، 404/1 - 385)،وكذلك في (لسان الميزان، 22/5 - 6873). ولكن هذا قليل التأثير هاهنا:
(1) - لأن الحديث ثابت من طرق أخرى، فلا وجود للوضع والاختراع المحض،
(2) - ولأن غايته أن يكون مأخوذاً من كتب عبد المؤمن بن على الزعفراني أو مسموعاً منه بواسطة تم اسقاطها.
والظاهر أن بعض الرواة في الأسانيد المذكورة أعلاه هاب أن يذكر الحديث بطوله فاكتفى الفقرة الأولى منه، أو بالقول: (وذكر حديثاً طويلاً)، ونحو ذلك، وهو في الحقيقة بطوله كما رواه يزيد بن أبي زياد حيثألمحإلى ذلك الإمام الدارقطني:
* كما جاء في «العلل الواردة في الأحاديث النبوية»، (5/185 - رقم: 808) للإمام الدارقطني: [وسئل عن حديث عبيدة عن عبد الله مر على النبي، صلى الله عليه وسلم، فتية من بني هاشم الحديث فقال يرويه عمرو بن قيس الملائي عن الحكم واختلف عنه فرواه حنان بن سدير من شيوخ الشيعة عن عمرو بن قيس عن الحكم عن عبيدة عن عبد الله قال ذلك عباد بن يعقوب ومحمد بن ثواب الهباري عنه، وخالفهما محمد بن أحمد القطواني فرواه عن حنان عن عمرو بن قيس عن الحكم عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله، وخالفه داهر بن يحيى الرازي فرواه عن بن أبي ليلى عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله، ورواه يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، وكذلك قال عمارة بن القعقاع عن إبراهيم عن علقمة: وهو أصحها والله أعلم]* وأيضاً في «المعجم الكبير»، (ج10/ص85/ح10031)، من طريق ثالثة: [حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا عبد الله بن داهر الرازي حدثنا أبي عن بن أبي ليلى عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن بن مسعود قال بينما نحن عند رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، فأقبل نفر من بني هاشم فلما رآهم رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، احمر وجهه واغرورقت عيناه فقلنا: (يا رسول الله ما نزال نرى بوجهك شيئا نكرهه)، فقال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون من بعدي بلاء وتطريداً»]
- وجاء بطوله في «الكامل في ضعفاء الرجال» من هذه الطريق الثالثة: [حدثنا علي بن سعيد بن بشير حدثنا عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي حدثني أبي عن بن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود قال بينما نحن عند رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، أقبل نفر من بني هاشم أو فتية فلما رآهم أحمر لونه، أو أحمر وجهه، واغرورقت عيناه، فقلت: (يا رسول الله: والله ما نزال نرى في وجهك ما تكره؟!)، قال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي هؤلاء سيلقون بعدي بلاء وتطريداً وتشريداً؛ حتى يجيء قوم من هاهنا من قبل المشرق أصحاب رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألون الحق فلا يعطونه قال ذلك مرتين أو ثلاثا فيتقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ثم يعطون ما سألوا فلا يقبلونه قال ذلك مرتين أو ثلاثا حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملؤها قسطا كما ملئت ظلما أو كما ملأها القوم ظلما فمن أدرك منكم ذلك الزمان فليجئهم ولو حبوا على الثلج»]
قلت: ليس في هذه الأسانيد ما يوجب النظر إلا:
(1) - كثرة غلط محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو فقيه عالم مقرئ صاحب سنة، مفتي الكوفة وقاضيها، ولكن لا يرتقي حديثه لمرتبة الصحيح، ولكنه يقبل التحسين، وهو فوق الكفاية في المتابعات والشواهد؛
(2) - ما جاء في عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي من الكلام القبيح؛
وعبد الله بن داهر بن يحيى الرازي هو عبد الله بن محمد بن يحيى الرازي، وداهر لقب لمحمد، ولعل جدهم الأعلى يسمى أيضاً داهر، فلقب محمد بذلك لتمييزه عن غيره: فيقال عن محمد بن يحيى بن داهر الرازي: داهر، ويقال لولده عبد الله بن محمد: عبد الله بن داهر.وقد ترجم له الإمام ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» وذكر له حديثين باطلين، هما:
* كما هو في «الكامل في ضعفاء الرجال» [حدثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي حدثنا عبد الله بن داهر الرازي حدثني أبي عن الأعمش عن عباية الأسدي عن بن عباس عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال لام سلمة: «يا أم سلمة: إن عليا لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»]
* وكما هو في «الكامل في ضعفاء الرجال» [حدثنا علي حدثنا عبد الله (هو ابن داهر) حدثنا أبي عن الأعمش عن عباية عن بن عباس قال ستكون فتنة فإن أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين كتاب الله وعلي بن أبي طالب فإني سمعت رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، يقول وهو آخذ بيد علي: «هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة وهو الصديق الأكبر وهو بابي الذي أوتي منه وهو خليفتي من بعدي»]
ثم قال الإمام ابن عدي معقباً: (ولابن داهر هذا غير ما ذكرت من الحديث وعامة ما يرويه في فضائل علي، وهو فيه متهم).
قالت: غفر الله للإمام ابن عدي فقد ظلم الرجل ظلماً فادحاً، وفاته أن هذين الحديثين الباطلين معروفان مشهوران، والتهمة فيها تتجه إلى عباية الأسدي، وهو سبئي يقول بالرجعة، غال ملحد، له أحاديث أشنع وأخبث منها، كما هو في ضعفاء العقيلي، وغيره.
نعم: الأرجح أن عبد الله بن داهر، وربما أبوه، كان يتشيع، وله حرص في تتبع روايات مناقب علي بن أبي طالب، رضوان الله وسلامه عليه، غير مفرق بين سقيمها وصحيحها، وهذا كله لا يضر ما دام صادقاً ضابطاً آتياً بالحديث سنداً ومتناً على وجهه. وأما الأب، محمد بن يحيى الرازي، الملقب بـ(داهر)، فقد قال عنه الإمام صالح (جزرة) بن محمد: (شيخ صدوق).
ولا يعرف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بالرواية عن يزيد بن أبي زياد، ولا بصحبة له، أو ملاقاة، بالرغم من كونه بلديه. فاحتمال أن يكون بن أبي ليلى أخذه من يزيد بن أبي زياد، ثم أسقطه من الإسناد وهماً أو تدليساً في غاية البعد، بل هو إلى الاستحالة أقرب. لا سيما أن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان، كما قيل: (صاحب سنة) لم يعرف بتشيُّع قط، وقد ولي القضاء لبني أمية، ولَّاه يوسف بن عمر (والي هشام بن عبد الملك على العراق) سنة 120 هـ، أو بعدها بقليل، فليس هو شديد المعارضة لدولتهم، في أقل تقدير؛ بخلاف يزيد بن أبي زياد المعروف بالتشيع!
فهذه إذاً طريق مستقلة، إن شاء الله، تعتضد بها رواية يزيد بن أبي زياد بتمام طولها، وترتقي إلى مرتبة الحسن الجيد في أقل تقدير. أما مقدمة الحديث، وهي القطعة: [عن عبد الله بن مسعود قال بينما نحن عند رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، أقبل نفر من بني هاشم أو فتية فلما رآهم أحمر لونه، أو أحمر وجهه، واغرورقت عيناه، فقلت: (يا رسول الله: والله ما نزال نرى في وجهك ما تكره؟!)، قال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي هؤلاء سيلقون بعدي بلاء وتطريداً وتشريداً»]، فهذه صحيحة ثابتة قطعاً، كما ظهر من الطريق الثانية المستقلة. والواقع التاريخي يشهد أيضاً بذلك.* ولكن جاء في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص511/ح8434) متابعة رابعة: [أخبرني أبو بكر بن دارم الحافظ بالكوفة حدثنا محمد بن عثمان بن سعيد القرشي حدثنا يزيد بن محمد الثقفي حدثنا حبان بن سدير عن عمرو بن قيس الملائي عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: أتينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به ولا سكتنا إلا ابتدأنا حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه فقلنا: (يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه؟!)، فقال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا؛ وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما»]، ولكن قال الذهبي في التلخيص:هذا موضوع. قلت: الحكم بوضعه هكذا مطلقاً بكامل طوله فيه استعجال ومجازفة، وهو خطأ جسيم. وحبان بن سدير هذا مجهول لم أجد له ترجمة، ولعله: (حبان بن مدير الصيرفي الكوفي) وتصحف اسمه، وليس بالمعروف:
* جاء في (لسان الميزان): [(739): حبان بن مدير الصيرفي الكوفي قال الأزدي ليس بالقوي عندهم روى عن عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيدة عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن فيها المهدي انتهى. وأخرج الحاكم في الفتن من المستدرك من روايته عن عمرو بن قيس عن الحاكم عن إبراهيم عن علقمة عن بن مسعود حديثا في المهدي وتعقبه المصنف بأنه موضوع وأنا أخشى أن يكون هذا هو حنان بفتح المهملة ونونين مخففا وأبوه سدير بفتح السين المهملة بوزن قدير تصحف اسمه واسم أبيه]
وقد يكون حنان بن سدير الصيرفي الكوفي، وهو حنان بن سدير بن حكيم بن سهيل بن صهيب الكندي الصيرفي الكوفي، وليس بالمشهور، من شيوخ الشيعة، ومعروف بالرواية عن عمرو بن قيس الملائي:
* فقد جاء في الجرح والتعديل: [(1331): حنان بن سدير بن حكيم بن سهيل بن صهيب الكندي الصيرفي؛ روى عن: عمرو بن قيس الملائي وأبيه سدير الصيرفي ومحمد بن طلحة بن مصرف؛ روى عنه: العلاء بن عمرو الحنفي وعلي بن محمد الطنافسي وعيسى بن سعيد المرادي الرازي ومحمد بن ثواب الهباري سمعت بعض هذا من أبي وبعضا من عندي]
- وذكره ابن حبان في (الثقات): [(13091): حنان بن سدير الصيرفي؛ يروى عن: عمرو بن قيس الملائي؛ روى عنه: محمد بن الجنيد العابد]
- وجاء في (لسان الميزان): [(1510): حنان بالتخفيف بن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي الكوفي؛ عن: أبيه وعمرو بن قيس الملائي وغيرهما؛ وعنه: عباد بن يعقوب ومحمد بن ثواب الهنائي. ومن مناكيره عن حسن بن حسن عن فاطمة أمه عن أبيها مرفوعا: (من شرب شربة فلذ منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما وليلة... الحديث). قال الدارقطني في المؤتلف والمختلف وفي العلل: أنه من شيوخ الشيعة]
والأرجح، بل هو الصحيح إن شاء الله، أن هؤلاء: (حبان بن سدير) هكذا غير منسوب، و(حبان بن مدير الصيرفي الكوفي)، شخص واحد هو: حنان بن سدير بن حكيم بن سهيل بن صهيب الكندي الصيرفي الكوفي. لا غير. وهو شيخ معروف، لم يتكلم فيه أبو حاتم بجرح أو تعديل، ووثقه ابن حبان. فهو بالقطع ليس بالمتهم، وحديثه حسن لا يجوز رده إلا ببرهان.
وإسناد الحاكم مجود لا سقط فيه، ولا ترد عليه اعتراضات الإمام الداقطني، التي سلفت قريباً، لأنه(عن عمرو بن قيس الملائي عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود) فلم يسقط منه إبراهيم، كما وقع لبعض الرواة عن حنان بن سدير، وجمع بين علقمة وعبيدة، فهو مروي عنهما، والحكم بن عتيبة أثبت وأحفظ من عمارة بن القعقاع، وكذلك عمرو بن قيس الملائي؛ فليس ثمة تناقض أو معارضة لإسناد عمارة بن القعقاع عن إبراهيم عن علقمة؛ الذي هو أصحها وأنظفها! * ولحنان بن سدير رواية مشابهة: (عن عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيدة عن عبد الله أن رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، وآله وسلم قال: «إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن فيها المهدي»)، رواه الأزدي فقال: (حدثنا العباس بن إبراهيم حدثنا محمد بن ثواب حدثنا حنان بن سدير به)، فالظاهر أن عمرو بن قيس الملائي، وهو من الثقات الأثبات،قد روى حديثين: عن الحكم بن عتيبة حديثنا الرئيس هذا، وعن الحسن البصري هذه الرواية المختصرة. وليس فيها ما يخشى منه إلا عنعنة الحسن. ومهما يكن من أمر فكلام ابن الجوزي: (لا أصل له، عمرو لا شيء ولم يسمع من الحسن ولا سمع الحسن من عبيدة) خطأ فادح، ومجازفة جسيمة: عمرو بن قيس الملائي ثقة ثبت؛ ولم يوصف بتدليس قط فروايته عن الحسن البصري لا يجوز أن ترد إلا ببرهان، وعبيدة بن عمرو السلماني توفي سنة 74 هـ، وقد عاصره الحسن البصري أكثر من نصف قرن من الزمان: فكيف نجزم بأنه لم يأخذ عنه؟! نعم: الحسن البصري، رحمه الله، معروف بالإرسال خاصة، وشيء من التدليس، فلا بد من الحذر فقط من عنعنته!ونص يزيد بن أبي زياد يكاد يتطابق مع نص الحاكم، إلا من زيادات وضعناها داخل أقواس مزخرفة:
نص يزيد بن أبي زياد: [إنا أهل البيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعوا إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج
نص الحاكم: [إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا؛ وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا فيقاتِلون، فيُنْصَرون، {} فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت {إمام أهل بيتي} ولو حبوا على الثلج فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي {يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي} فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما]
(1) - {فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه} سقطت من نص الحاكم وهي في نص يزيد بن أبي زياد فرمزنا لها بأقواس فارغة، وليس لها كبير أهمية، والسياق يشهد لها، وكذلك حديث ثوبان؛
(2) - {إمام أهل بيتي} زيادة عند الحاكم، وليس لفظها أو معناها بمستنكر عند ملاحظة كل النصوص الثابتة الواردة في المهدي، وهو يستحق أن يقال عنه: {إمام أهل بيتي}؛
(3) - {يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي}ليس فيها أدنى نكارة، بل هي موافقة للنصوص الأخرى الواردة؛
فمن أراد التشدد جزم بصحة النص المشترك، وهو: [إنا أهل البيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتِلون، فيُنْصَرون، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج]ومن أراد التساهل جزم بصحة النص الشامل المركب: [إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا؛ وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت {إمام أهل بيتي} ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى: يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، {يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي} فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما]والحديث في جوهره، على كل حال، صحيح ثابت، والحمد لله رب العالمين، ونسأله مزيداً من فضله ومنه.
| فصل: الجمع بين حديثي ثوبان: «يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة،... إلخ»، وعبد الله بن مسعود: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا حتى يجيء قوم... إلخ«.
لا شك أن في متن الحديثين تشابهاً وجملاً مشتركة تؤكد أنهما في قصة واحدة، لا سيما وأن ثوبان، رضي الله عنه، قد صرح بأن هناك كلاماً في الحديث لم يحفظه، مما يسمح بجمعهما - من غير تكلف - في سياق واحد، على النحو التالي: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً حتى يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم يجيء قوم من المشرق (خراسان؟!)، أصحاب رايات سود، يسألون الحق ولا يعطونه، (مرتين أو ثلاثاً)، فيقاتِلون، فيُنْصَرون، فيُعْطَوْن ما سألوا فلا يقبلون، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملأها عدلاً، كما ملئت ظلما ًوجوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأته ولو حبوا على الثلج، وليبايعه، فإنه (إمام أهل بيتي) خليفة الله المهدي».
| فصل: دراسة حديث أبي هريرة الأول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة».
* جاء في «فضائل الصحابة»، (ج2/ص947/ح1832)، حديث رابع ملفت للنظر: [حدثنا عبد الله قال حدثني أبو الربيع العتكي سليمان بن داود قال: حدثنا داود بن عبد الجبار قال: حدثنا سلمة بن المجنون قال سمعت أبا هريرة قال: (دخل العباس بيتا فيه ناس من بني هاشم فقال: هل فيكم غريب، أو هل عليكم عين؟! قالوا: ما فينا غريب ولا عين قال؛ وكانوا لا يعدوني من الغرباء إني كنت من ضيفان النبي، صلى الله عليه وسلم، من أصحاب الصفة، وكنت متسانداً قلم يفطن بي، قال: (إذا أقبلت الرايات السود فأكرموا الفرس فإن دولتنا معهم)]
* وهو في «الكامل في ضعفاء الرجال» خلال ترجمة (داود بن عبد الجبار، كوفي): [أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا داود بن عبد الجبار حدثنا سلمة بن المجنون سمعت أبا هريرة يقوله...، بعينه]* وجاء بلفظ أتم، أو لعله خبر آخر، في «تاريخ بغداد» أثناء ترجمة: (محمد بن العباس بن أحمد بن عصم، أبو عبد الله بن أبى ذهل الضبي، ويعرف بالعصمي من أهل هراة): [أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق حدثنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن أبى ذهل العصمي الهروي حدثنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس حدثنا عبد الله بن محمد بن منصور حدثنا سويد بن سعيد حدثنا داود بن عبد الجبار حدثنا أبو شراعة (عن أبي هريرة) قال كنا عند بن عباس في البيت فقال هل فيكم غريب قالوا لا قال: (إذا خرجت الرايات السود فاستوصوا بالفرس خيرا فان دولتنا معهم)؛ فقال أبو هريرة: (الا أحدثك ما سمعت من رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (وإنك هاهنا؟! هات!)، قال: سمعت رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة»]، ثم عقَّب الإمام الخطيب البغدادي قائلاً: (أبو شراعة مجهول، وداود بن عبد الجبار متروك).* وجاء في «لسان الميزان»: [أبو شراعة عن بن عباس وعنه داود بن عبد الجبار أحد الهلكى في الرايات السود لا يعرف انتهى. وهذا ذكره بن عدي في ترجمة داود المذكور فاخرج من طريق أبي الربيع الزهراني عن داود بن عبد الجبار عن سلمة بن المجنون سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول دخل العباس بيتا فيه ناس من بني هاشم فقال هل فيكم غيركم قالوا لا، وكنت متباعدا فلم يفطن بي فقال إذا أقبلت الرايات السود فالزموا الفرس فان دولتنا معهم.
ثم اخرج من طريق سويد بن سعيد عن داود بن عبد الجبار عن أبي شراعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء».
قال بن عدي: (هذا يدل على ان أبا شراعة هو سلمة بن المجنون لان هذا المتن يقرب من ذلك المتن). قلت: لكن ذاك موقوف وهذا مرفوع فأمره يحتمل.
وسلمة تقدم له ذكر في ترجمة داود بن عبد الجبار واعرف في آخر دور له من أبيه شخصا يقال له أبو شراعة لكنه كان من المجاذيب ذكره في الاغاني لأبي الفرج الأصبهاني فما أدري أهو ذا أم غيره فان لم يكن هذا فهو لا شيء]، انتهى نص «لسان الميزان».
قلت: ولكن جاء في «التاريخ الكبير للإمام البخاري»: [سلمة بن المجنون أبو عثيمة الشيباني سمع أبا هريرة قوله روى عنه الثوري وشريك قال الفضل بن موسى عن شريك عن سلمة الحنفي]
- وهو أيضاً في «الجرح والتعديل»: [سلمة بن المجنون أبو عثيمة الشيباني روى عن أبى هريرة روى عنه الثوري وشريك سمعت أبى يقول ذلك]
* وجاء في «الثقات لابن حبان»: [سلمة بن المجنون أبو عثيمة (وقد قيل غنيمة) الشيباني من أهل الكوفة يروى عن أبى هريرة روى عنه الثوري وشريك]
فهو إذاً ليس بذاك المجهول، بل روى عنه الثوري وشريك، ولم يتكلم فيه لا البخاري، ولا أبو حاتم بشيء، ووثقه ابن حبان، وكنيته معروفة: أبو عثيمة (أو: غنيمة) وليس: أبو شراعة، ولعل ولادة سلمة بن المجنون كانت في عام 40 هـ، أو قبلها، ووفاته في حدود 115 هـ، أو بعدها، فهو من طبقة الوسطى أو دون الوسطى من التابعين، بحيث يدركه الثوري وشريك ويأخذان عنه.
* كما جاء في «التاريخ الكبير للإمام البخاري»: [صباح بن عبد الله، أبو شراعة البجلي الكوفي سمع أنساً ويحيى بن الجزار قولهما]
- وهو أيضاً في «الجرح والتعديل»: [صباح بن عبد الله، أبو شراعة البجلي كوفي روى عن أنس بن مالك ويحيى بن الجزار روى عنه عقبة بن إسحاق ومروان بن معاوية سمعت أبى يقول ذلك]
* وجاء في «الثقات لابن حبان»: [صباح بن عبد الله، أبو شراعة، البجلي كوفي همداني يروى عن أنس بن مالك عداده في أهل الكوفة روى عنه أهلها أبو إسحاق السبيعي وغيره]
فهذا أيضاً ليس بذاك المجهول، بل روى عنه مروان بن معاوية وعقبة بن إسحاق، وأبو إسحاق السبيعي، ولم يتكلم فيه لا البخاري، ولا أبو حاتم بشيء، ووثقه ابن حبان، وليس هو سلمة بن المجنون، ولا كنية هذا كنية ذاك، وإن كان من نفس طبقته فيما يبدو، والله أعلم وأحكم.
ومع ذلك لم يعرفهما الإمام ابن عدي، ولا الذهبي كما هو بين من كلامهما، وكما جاء في «لسان الميزان» صراحة: [سلمة بن المجنون في ترجمة أبي شراعة في الكنى]، ولم يعرفهما الإمام ابن حجر العسقلاني لأنه لم يستدرك على كلام الذهبي.| فصل: دراسة حديث أبي هريرة الثاني: «يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء».
* كما جاء في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج2/ص365/ح8760): [حدثنا يحيى بن غيلان وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا رِشْدِين بن سعد، قال يحيى بن غيلان في حديثه قال: حدثني يونس بن يزيد عن بن شهاب عن قبيصة عن أبي هريرة عن رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء»]
- وأخرجه الترمذي في سننه (ج4/ص531/ح2269): [حدثنا قتيبة حدثنا رشدين بن سعد عن يونس عن بن شهاب عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء»]؛ ثم قال الإمام الترمذي: (هذا حديث غريب)؛ وقال الألباني: (ضعيف الإسناد). قلت: نعم لأن رِشْدِين بن سعد ضعيف، لا تقوم به حجة. ولكنه توبع، كما سيأتي قريباً.
- والطبراني في معجمه الأوسط (ج4/ص31/ح3536): [حديثنا حبوش بن رزق الله قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا رشدين بن سعد عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن ابي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء»]
- وهو في «تاريخ دمشق لابن عساكر»، (الجزء:32، الصفحة: 279): [أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك أخبرنا أبو طاهر احمد بن محمود أخبرنا أبو بكر بن المقرئ حدثنا أبو عروبة حدثنا أبو كريب حدثنا رِشْدِين عن عقيل ويونس عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «يخرج رايات سود من قبل خراسان فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء»]
وإليك المتابعة آنفة الذكر:
* قال إبراهيم بن أبي ثابت في حديثه: [حدثنا علي بن داود القنطري، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا عبد الله بن سويد ورِشْدِين بن سعد، عن يونس، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «تخرج رايات سود من قبل المشرق فلا يردّها شيء حتى تنصب بإيليـاء»]
- ومن طريقه رواه ابن الظاهري في مشيخة ابن البخاري (2/ص1099 - 1100).
فهذه متابعة جيدة من عبد الله بن سويد المصري لرِشْدِين:
- عبد الله بن سويد بن حيان، أبو سليمان المصري، قال فيه أبو زرعة الرازي: (صدوق)، كما هو في الجرح والتعديل (5/66 - 7644): [عبد الله بن سويد بن حيان مصري روى عن عياش بن عباس وأبى صخر حميد بن زياد روى عنه بن وهب وابن أبى مريم ويحيى بن عبد الله بن بكير؛ سمعت أبى يقول ذلك. حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبا زرعة عنه فقال: هو صدوق]. قلت: روى عنه أيضاً: حسان بن غالب بن نجيح الرعيني، وسعيد بن عفير. ووثقه ابن حبان (8/343). وذكره البخاري في (التاريخ الكبير) وروى له في كتاب القراءة خلف الإمام حديثاً واحداً. وقال الحافظ في (تقريب التهذيب): [عبد الله بن سويد بن حيان، بالتحتانية، المصري أبو سليمان: صدوق، من السابعة مات سنة اثنتين ومائة]
- وابن أبي مريم؛ هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري. ثقة ثبت إمام متفق عليه.
- علي بن داود القنطري وثقه ابن حبان في ثقاته (8/473) والخطيب في تاريخه (11/424)، وذكره ابن بطال في الثقات. توفي سنة اثنتين وسبعين ومئتين. وقال الحافظ في «تقريب التهذيب» ملخصاً: [علي بن داود بن يزيد القَنْطَري، بفتح القاف وسكون النون، الأدمي: صدوق، من الحادية عشرة مات سنة اثنتين وسبعين (ق)].
ولكن قال الذهبي في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»، (ج:5 ص:154، رقم: 5843): [علي بن داود (ق) القنطري صالح الحديث روى عن سعيد بن أبي مريم، ولكنه روى خبرا منكراً فتكلم فيه لذلك، وثقه ابن حبان والخطيب وروى عنه ابن ماجه ومحمد بن مخلد والصفار].
وأكد ذلك في «المغني في الضعفاء للذهبي»، (ج:2 ص:447 - رقم: 4261): [علي بن داود القَنْطَري صالح سمع سعيد بن أبي مريم روى خبراً منكراً فتكلم فيه لذلك]
وعلي بن داود القَنْطَري هو علي بن أبي سليمان الذي روى عنه عبد الله بن محمد البغوي، كما جاء في «موضح أوهام الجمع والتفريق للإمام الخطيب البغدادي»، (ج:2 ص:311 - رقم: 356): [(ذكر علي بن داود القنطري): أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد ابن الأثرم حدثنا علي بن داود القنطري حدثنا ابن أبي مريم وعبد الله بن صالح قالا حدثنا نافع بن يزيد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، «إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين إلا النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة فجعلهم خير أصحابي يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وفي كل أصحابي خير»، وزاد فيه عبد الله بن صالح: «واختار أمتي على جميع الأمم فبعثني في خير قرن ثم الثاني ثم الثالث تترى ثم الرابع فرادى». وهو علي بن أبي سليمان الذي روى عنه عبد الله بن محمد البغوي هذا الحديث أخبرني أبو القاسم علي بن الحسن بن محد بن أبي عثمان الدقاق حدثنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقرئ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز حدثنا علي بن أبي سليمان حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثنا نافع بن يزيد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار من أصحابي أربعة وذكر بقية الحديث]
قلت: بحثنا في كل المظان ولم نجد أحداً تكلم في علي بن داود القنطري هذا أصلاً، بل الجميع على توثيقه والرواية عنه. ولم نجده في «لسان الميزان» لأن الإمام الحافظ ابن حجر استبعده وفق قاعدته هناك، حيث يقول في مقدمة «لسان الميزان»: [ومن اجمع ما وقفت عليه في ذلك كتاب الميزان الذي الفه الحافظ أبو عبد الله الذهبي وقد كنت أردت نسخه على وجهه فطال علي فرأيت ان احذف منه أسماء من اخرج له الأئمة الستة في كتبهم أو بعضهم فلما ظهر لي ذلك استخرت الله تعالى وكتبت منه ما ليس في تهذيب الكمال وكان لي من ذلك فائدتان:
إحداهما: الاختصار والاقتصار فان الزمان قصير والعمر يسير؛
والأخرى: ان رجال التهذيب اما أئمة موثوقون، واما ثقات مقبولون، واما قوم ساء حفظهم ولم يطرحوا، واما قوم تركوا وجرحوا فان كان القصد بذكرهم انه يعلم انه تكلم فيهم في الجملة فتراجمهم مستوفاة في التهذيب وقد جمعت أسماءهم اعني من ذكر منهم في الميزان وسردتها في فصل أم الكتاب ثم اني زدت في الكتاب جملة كثيرة فما زدته عليه من التراجم المستقلة جعلت قبالته أو فوقه (ز) ثم وقفت على مجلد لطيف لشيخنا حافظ الوقت أبي الفضل بن الحسين جعله ذيلا على الميزان ذكر فيه من تكلم فيه، وفات صاحب الميزان ذكره، والكثير منهم من رجال التهذيب فعلمت على من ذكره شيخنا في هذا الذيل صورة فيه إشارة الى انه من الذيل لشيخنا وما زدته في أثناء ترجمة ختمت كلامه بقول انتهى وما بعدها فهو كلامي وسميته «لسان الميزان»]، انتهى كلام الحافظ.
وراجعنا تراجم علي بن داود القنطري هذا في «تهذيب الكمال»، و«تهذيب التهذيب»، فعجزنا أن نجد ما يدعم مزاعم الإمام الذهبي، رحمه الله.
ولكن وجدنا في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»، (ج:5 ص:154، رقم: 5844)، وهي الترجمة التالية مباشرة لترجمة (علي بن داود القنطري): [علي بن داود عن محمد بن زياد الميموني، وعنه جعفر بن أبي عثمان الطيالسي بخبر منكر].
فلعل هذا الرجل تداخل في ذهن الإمام الذهبي مع صاحبنا لتطابق الاسمين. وعلي بن داود القنطري، وهو من الطبقة الحادية عشر، لا يمكن أن يكون قد أدرك محمد بن زياد الميموني، وهو من السابعة، فليس هو هذا (علي بن داود) غير المنسوب. وحتى لو كان هو هو (وسقط بينهما رجال في الإسناد)، فالعهدة هي قطعاً على محمد بن زياد الميموني، وهو أحد الهالكين المتهمين بالكذب، قال الحافظ في «تقريب التهذيب»، (479/1 - رقم: 6666): [محمد بن زياد اليشكري الطحان الأعور الفأفاء الميموني الرقي ثم الكوفي كذبوه من السابعة (ت)]
وكذلك وجدنا في «المغني في الضعفاء للذهبي»، (ج:2 ص:447 - رقم: 4260)، وهي الترجمة السابقة مباشرة لترجمة (علي بن داود القنطري): [علي بن داود الدمشقي كان بعد المائتين لا يعرف وحديثه كذب]
قلت: ويحتمل أن يكون هذا هو الذي تداخل في ذهن الذهبي مع صاحبنا.
قلت: كما يحتمل أن يكون الكلام في محمد بن داود القنطري، وهو أخو صاحبنا علي بن داود القنطري، قد تداخل في ذهن الإمام الذهبي، حيث جاء في «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»، (ج:6 ص:138، رقم: 7506): [محمد بن داود القنطري عن جبرون الإفريقي بحديثين باطلين ذكرهما ابن عدي في ترجمة جبرون وقال تفرد بهما محمد قلت هو أخو علي بن داود]
ولكن تعقبه الحافظ في «لسان الميزان»، (ج:5 ص:161 - رقم: 544): [محمد بن داود القنطري عن جبرون الأفريقي بحديثين باطلين ذكرهما بن عدي في ترجمة جبرون. وقال تفرد بهما محمد قلت هو أخو علي بن داود انتهى وهذا الرجل روى أيضا عن آدم بن أبي إياس وسعيد بن أبي مريم وعنه القاسم بن زكريا وابن صاعد وابن مخلد واثنى عليه ووثقه الخطيب مات سنة ثمان وخمسين ومائتين واحسب الآفة في الحديث من جبرون وقد ساق المؤلف الحديثين في ترجمته وصرح بأنهما موضوعان وأشار الى انه المشتهر بهما ولم أر في أصلي من بن عدي ما حكاه عنه الذهبي انه تفرد بهما محمد بن داود، ثم راجعت نسخة أخرى فلم أر ذلك فيه]
قلت: لم يتفرد بها محمد بن داود القنطري إذاً، فالبلاء في تلك الأخبار من جبرون الإفريقي، أو غيره. ومحمد بن داود القنطري أسن وأعبد من أخيه علي بن داود القنطري، وإن كان أقل حديثاً وأقل شهرة. وأيا ما كان الأمر فلا علاقة لعلي بن داود القنطري بهذا كله.
* كما وجدنا في «سير أعلام النبلاء»، (ج:10 ص:414 وما بعدها) خلال الكلام عن أبي صالح عبد الله بن صالح، كاتب الليث بن سعد: [وقال علي بن المديني ضربت على حديث كاتب الليث ولا أروي عنه شيئا. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: حديث «إن الله اختار اصحابي» موضوع والحمل فيه على ابي صالح. قلت: ومن أنكر ما نقموا على أبي صالح روايته عن نافع بن يزيد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن جابر مرفوعاً: «إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين،... الحديث بطوله». لكن قد تابعه عليه سعيد بن ابي مريم عن نافع رواه علي بن داود القنطري ومحمد بن الحارث العسكري عن ابن أبي مريم، فتخلص أبو صالح. وقال أبو زرعة الرازي وغيره هو من وضع خالد بن نجيح المصري وكان يضع في كتب الشيوخ قلت لعله أدخله على نافع بن يزيد مع أن نافعا صدوق قد احتج به مسلم قال أبو أحمد بن عدي أبو صالح عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في حديثه غلط ولا يتعمد الكذب،].
قلت: ولا عهدة في هذا أصلاً على علي بن داود القنطري لأن أبا صالح اشتهر بذلك الحديث، ولم ينفرد علي بن داود القنطري برواية المتابعة المذكورة، بل تابعه محمد بن الحارث العسكري، فمن المحال أن يكون هذا هو الحديث المنكر الذي أشار إليه الذهبي في «الميزان».
* وأخيراً: قد تناقض الذهبي مع نفسه في «سير أعلام النبلاء»، (ج:13 ص:143): [القنطري (ق) الإمام المحدث أبو الحسن علي بن داود بن يزيد التميمي البغدادي القنطري الأدمي الحافظ سمع محمد بن عبد الله الأنصاري وآدم بن أبي إياس وعبد الله بن صالح الكاتب وسعيد بن أبي مريم وطبقتهم حدث عنه ابن ماجة وإبراهيم الحربي رفيقه والهيثم الشاشي ومحمد بن أحمد الحكمي وإسماعيل الصفار وآخرون وثقه أبو بكر الخطيب توفي أيضا سنة اثنتين وسبعين ومئتين]
فثبت أن الإمام المحدث أبو الحسن علي بن داود بن يزيد التميمي البغدادي القنطري الأدمي الحافظ ثقةٌ مأمون، وأن الإمام الحافظ الحجة الذهبي كان واهماً فيما زعمه في «لسان الميزان»: فلم يثبت مطلقاً أن القنطري قد تفرد بخبر منكر أوجب أن يتكلم فيه بسببه، والله أعلم وأحكم.
وثبتت صحة حديث أبي هريرة من هذه الطريق، لا سيما إذا انضافت إليها طريق ابن عدي المستقلة، تمام الاستقلال، كما أخرجها ابن عدي من طريق سويد بن سعيد عن داود بن عبد الجبار عن أبي شراعة (وسلمة بن المجنون) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول، الله، صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء» وصحة حديث أبي هريرة هذا يدفع أكثر التهمة عن داود بن عبد الجبار الذي يدور عليه حديث أبي هريرة الأول، كما سبق قبل قليل.
| فصل: الجمع بين حديثي أبي هريرة الأول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة»، والثاني: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق، لا يردها شيء حتى تنصب بإيليا».
فأعدل الجمع بين الروايات، سنداً ومتناً، هو التالي: [عن داود بن عبد الجبار حدثنا أبو شراعة (وسلمة بن المجنون) قال سمعت أبا هريرة يقول: (دخل العباس بيتا فيه ناس من بني هاشم فقال: هل فيكم غريب، أو هل عليكم عين؟! قالوا: ما فينا غريب ولا عين قال؛ وكانوا لا يعدوني من الغرباء إني كنت من ضيفان النبي، صلى الله عليه وسلم، من أصحاب الصفة، وكنت متسانداً، قلم يفطن بي، قال: (إذا أقبلت الرايات السود فأكرموا الفرس فإن دولتنا معهم)؛ فقال أبو هريرة: (الا أحدثك ما سمعت من رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (وإنك هاهنا؟! هات!)، قال: سمعت رسول، الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق، لا يردها شيء حتى تنصب بإيليا: فان أولها فتنة، واوسطها هرج، واخرها ضلالة»]
ولكن داود بن عبد الجبار لضعفه كان تارة يسقط بعض الرواة، وتارة يختصر بعض المتن، أو لعل اختصار المتون إنما هو ممن بعده، كما هي عادة الرواة كثيراً.
فآفة هذا الحديث، إن كانت هناك آفة أصلاً، هو داود بن عبد الجبار هذا، وهو كالمجمع على تضعيفه وتركه، فقد روى العباس الدوري عن بن معين: (ليس بثقة)؛ وقال: (مرة يكذب: قد رأيته وكان قائدا ببغداد)، وقال سعيد بن محمد الجرمي: (كان مؤذن الجسر، سمعت منه)، وقال البخاري: (منكر الحديث)، وقال النسائي: (متروك)، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: (منكر الحديث)، وقال الساجي المتعنت: (فيه لين)، وقال الآجري عن أبي داود: (داود بن عبد الجبار الكوفي ضعيف الحديث)، وقال ابن عدي: (ولداود شيء يسير من الحديث غير ما ذكرته ويتبين على رواياته ضعفه)؛ والعجيب أن بن خراش المتعنت قال: (كوفي لا بأس به).
فإن كان هذا الحديث رغم ذلك محفوظاً، كما تشهد به المتابعات والشواهد، فهو من دلائل النبوة لأنه ينطبق بدقة على الدعوة العباسية، واعتمادها على الفرس، وما تطور من أحوالها بعد ذلك.
وإن كان موضوعاً مخترعاً فلا شك أن مخترعه، والأرجح أنه حينئذ داود بن عبد الجبار:
(1) - أتقن فن القصة وإخراجها؛
(2) - استوعب الواقع التاريخي لنشوء الدعوة والدولة العباسية؛
(3) - كان كارها للدعوة العباسية وللدولة العباسية فجعل أوسطها هرجاً وآخرها ضلالة. أما كون أولها فتنة واضطراب فهو الواقع التاريخي المعروف لمخترع القصة، والأرجح أنه، إن كانت مخترعة، صاحبنا: داود بن عبد الجبار كما أسلفنا.
(4) - لم يخترعه من عدم، وإنما استند على قطعة ثابتة من الحديث، ألا وهي: «إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق، لا يردها شيء حتى تنصب بإيليا»،
والغريب أن كثرة الهرج والقتل (ثورات الخوارج، ومنها ثورة الزنج، واستقلال الأمصار وانفصالها شبه التام عن المركز، والتقاتل بينها) ثم الضلالات في أواخر الدولة العباسية (القرامطة، والدولة الفاطمية، وهي دولة كفر باطنية إسماعيلية، الهجمات الصليبية، إلخ) تحقق فعلاً بالرغم أن ذلك إنما كان بعد موت داود بن عبد الجبار بمدة طويلة، ولكن هذه الجزئية بمفردها قد يكون تشاؤماً أو أمنيةً صدف أن تحققت، وليس بالضرورة هو من النبوءات المفصلة المعتبرة التي لا يتصور صدورها إلا من نبي.ومهما يكن من أمر فهذا الحديث، إن صح، وهو ما نرجحه، إنما هو متعلق بالدعوة العباسية، وراياتها السوداء، ولا علاقة له بأخبار المهدي، والرايات السود التي تخرج من المشرق (خراسان؟!) قُبِيل ولايته.وعلى كل حال فإن الرايات السود رايات يمن وبركة، وقد كانت رآية النبي، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، سوداء، وهي راية (العٌقَاب) المشهورة.
| فصل: أخبار الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام، والجيش الذي يغزو الكعبة، فيخسف بهم، وغنيمة كلب
* كما هو مخرَّج في «مسند أبي يعلى»، (ج12/ص370/ح6940): [حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا وهب بن جرير حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له (وربما قال صالح: عن مجاهد) عن أم سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من قريش من أهل المدينة إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعهم بين المقام والركن فيبعثون إليه جيشاً من الشام فإذا كانوا بالبيداء خسف بهم فإذا بلغ الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام وعصائب من أهل العراق فيبايعونه. وينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثاً أو قال جيشاً فيهم مؤمنهم ويظهرون عليهم فيقسم بين الناس فيئهم ويعمل فيهم سنة نبيهم ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض يمكث سبع سنين»]، وقال الشيخ حسين أسد: (إسناده من طريق مجاهد حسن)، وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي الدمشقي في «المنار المنيف»، (ج:1 ص:144) بعد أن ساق رواية أبي داود: [ورواه الإمام أحمد باللفظين ورواه أبو داود من وجه آخر عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة نحوه ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له وربما قال صالح عن مجاهد عن أم سلمة والحديث حسن ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح]؛ وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (ج4/ص170/ح141): [حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثنا هشام صاحب الدستوائي عن قتادة، به سنداً ومتناً].
قلت: هو كما قالا، بل لعله خير مما قالا. وأبو هشام الرفاعي، وهو محمد بن يزيد بن رفاعة الكوفي، قاضي بغداد، ليس بالمتقن، يخطئ ويخالف، ولكنه وافق الثقات ها هنا كما مضي (متابعة الإمام الحافظ الحجة إسحاق بن راهويه) وكما سيأتي. وإليك أولاً الطرق والألفاظ الأخرى، مع مناقشتها:
- فقد جاء في «سنن أبي داود»، (ج4/ص108/ح4286): [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له عن أم سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة: فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه بين الركن والمقام؛ ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثنا فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب: والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب! فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون)، قال أبو داود: (قال بعضهم عن هشام: تسع سنين، وقال بعضهم: سبع سنين)]، وهنا احتاط أبو داود فذكر الرواية المبهمة لاسم شيخ صالح بن أبي مريم، أبي الخليل الضبعي، ولذلك قال الألباني: (ضعيف).
- وهو في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج6/ص316/ح26731)، بإبهام شيخ صالح بن أبي مريم، أبي الخليل الضبعي: [حدثنا عبد الصمد وحرمي (المعنى) قالا حدثنا هشام عن قتادة عن أبى الخليل عن صاحب له عن أم سلمة ان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من المدينة هارب إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام فيبعث إليهم جيش من الشام فيخسف بهم بالبيداء فإذا رأى الناس ذلك أتته إبدال الشام وعصائب العراق فيبايعونه ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليه المكي بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس سنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض يمكث تسع سنين» قال حرمي: (أو سبع)]
- وأقدم الإمام ابن حبان في «صحيح ابن حبان»، (ج15/ص158/ح6757)، فجزم باسم شيخ صالح بن أبي مريم، فأحسن وأصاب: [أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن يزيد بن رفاعة قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن مجاهد عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من قريش من أهل المدينة إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام فيبعثون إليه جيشا من أهل الشام فإذا كانوا بالبيداء خسف بهم فإذا بلغ الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام وعصابة أهل العراق فيبايعونه وينشأ رجل من قريش أخواله من كلب فيبعث إليهم جيشا فيهزمونهم ويظهرون عليهم فيقسم بين الناس فيأهم ويعمل فيهم بسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض يمكث سبع سنين]
قلت: الجزم بأن شيخ صالح بن أبي مريم، أبي الخليل الضبعي، إنما هو الإمام مجاهد هو الصحيح الذي لا مرية فيه، كما جاء من غير شك عن طريق معمر عن قتادة، وكذلك بسماع ليث من مجاهد:
* كما هو في «المعجم الأوسط»، (ج2/ص35/ح1153): [حدثنا أحمد قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن معمر عن قتادة عن مجاهد عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من بني هاشم فيأتي مكة فيستخرجه الناس من بيته وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام فيجهز إليه جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيأتيه عصائب العراق وأبدال الشام وينشأ رجل بالشام وأخواله كلب فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله فتكون الدائرة عليهم فكذلك يوم كلب الخائب من خاب من غنيمة كلب فيستفتح الكنوز ويقسم الأموال ويلقي الإسلام بجرانه الى الأرض فيعيش بذلك سبع سنين أو قال تسع سنين» قال عبيد الله بن عمرو فحدثت به ليثاً فقال: حدثني به مجاهد]، وعقَّب الإمام الطبراني قائلاً: [لم يرو هذا الحديث عن معمر إلا عبيد الله]
قلت: أحمد هذا هو هنا: أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني، أبو الفوارس، ليس بالمتقن، جاء في «لسان الميزان»، (ج:1، ص:213 - رقم: 660): [أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني: عن أبي جعفر النفيلي قال أبو عروبة ليس بمؤتمن على دينه. قلت يروي عنه بن عدي والطبراني يكنى أبا الفوارس انتهى. وقال بن عدي حدثنا أبو الفوارس هذا حدثنا النفيلي حدثنا مسكين عن الأوزاعي عن أنس في النهي عن الشرب قائما قال وهذا شبه عليه لأن عند مسكين بهذا الإسناد أن النبي، صلى الله عليه وسلم، شرب قائما كذا رواه النفيلي وغيره عنه فرواه هو بالضد ولم أر له أنكر من هذا وهو ممن يكتب حديثه]
عبد الله بن جعفر، هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي المعيطي، ثقة حافظ، وقد وهم الحافظ وهماً فاحشاً عندما قال فقط: (مقبول).
والكلام في أحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني لا يضر ها هنا لأنه توبع:
- كما هو أيضاً في «المعجم الكبير»،(ج23/ص391/ح931): [حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن معمر عن قتادة عن مجاهد عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من بني هاشم من المدينة إلى مكة فيجيئه ناس فيبايعونه بين الركن والمقام وهو كاره فيجهز إليهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيأتيهم عصائب أهل العراق وأبدال الشام وينشو رجل بالشام أخواله كلب فيجهز إليهم جيشا فيهزمهم الله وتكون الدائرة عليهم وذلك يوم كلب والخائب من خاب من غنيمة كلب ويستخرج الكنوز ويقسم الأموال ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض يعيش في ذلك سبع سنين أو تسع سنين» قال عبيد الله فحدثت به ليثاً فقال حدثنيه مجاهد]
قلت: حفص بن عمر بن الصباح الرقي، من كبار شيوخ الطبراني، ليس بالمتقن. جاء في (لسان الميزان، 2/328 - رقم: 2867): [حفص بن عمر بن الصباح الرقي معروف من كبار مشيخة الطبراني مكثر عن قبيصة وغيره قال أبو أحمد الحاكم حدث بغير حديث لم يتابع عليه انتهى وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ]
ولم ينفرد به حفص بن عمر بن الصباح الرقي وأحمد بن عبد الرحمن بن عقال الحراني عن عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي عن عبيد الله بن عمرو، بل رواه غيرهما:
* كما جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان قال حدثنا أحمد بن ثابت قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا نصر بن مرزوق قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن معمر عن قتادة عن مجاهد عن الخليل أو أبي الخليل عن أم سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: (يكون اختلاف ثم موت خليفة فيخرج رجل من بني هاشم من المدينة إلى مكة فيبايعونه بين الركن المقام يجهز إليه جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فتأتيه عصائب العراق وأبدال الشام ثم ينشأ رجل بالشام أخواله كلب فيجهز إليهم جيشا فيهزمهم الله وتكون الدائرة عليهم وذلك يوم كلب والخائب من خاب من غنمية كلب فتستخرج الكنوز وتقسم الأموال ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض يعيش في ذلك سبع سنين)]. قلت: (مجاهد عن الخليل أو أبي الخليل) انقلب على أحد الرواة أو على بعض النساخ، وإنما هو: (عن الخليل أو أبي الخليل عن مجاهد)، كما أن ظاهره الوقف، والصحيح أنه مرفوع بلا شبهة.
فهذا برهان على أن مجاهداً هو الراوي - أو أحد الرواة - لهذا الحديث عن أم سلمة. وقد سقط من هذه الطرق صالح بن أبي مريم، أبو الخليل الضبعي، فإما أن يكون ذلك تدليساً من قتادة، وإما أن يكون قتادة قد سمعه أيضاً من مجاهد، وهو قد أدرك مجاهداً وأخذ عنه، فصار تارة يرويه هكذا، وتارة هكذا.* أما ما أخرجه الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص460/ح37223): [حدثنا عفان قال حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله ابن الحارث عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يبايع لرجل بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فتأتيه عصائب العراق وأبدال الشام فيغزوهم جيش من أهل الشام حتى إذا كانوا بالبيداء يخسف بهم ثم يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب فيلتقون فيهزمهم الله»، فكان يقال: (الخائب من خاب من غنيمة كلب)]
- وما جاء في «المعجم الكبير»، (ج23/ص389/ح930): [حدثنا يعقوب بن إسحاق المخرمي حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عمران القطانأبو العوام عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:: «يبايع لرجل بين الركن والمقام، عدة أهل بدر، فيأتيه عصائب أهل العراق وأبدال أهل الشام فيغزوه جيش من قبل الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فيغزوهم رجل من قريش أخواله من كلب فيلتقون فيهزمهم الله فالخائب من خاب من غنيمة كلب»]؛ وكذلك في «المعجم الأوسط»، (ج9/ص175/ح9459).
وعقب الإمام الهيثمي قائلاً في «مجمع الزوائد»: (قلت في الصحيح طرف منه رواه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح).
قلت: ليس يعقوب بن إسحاق المخرمي، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم أبو الحسن الضبي المعروف بالبيهسي، من رجال الصحيح، بل هو ضعيف متهم، كما جاء في «تاريخ بغداد»، (14/290 - رقم: 6590)، وفي «لسان الميزان»، (6/303 - رقم: 9287).
* وكذلك ما جاء في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص478/ح8328): [حدثنا علي بن حمشاذ العدل حدثنا إبراهيم بن الحسين الهمداني حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي حدثنا أبو العوام القطان حدثنا قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يبايع لرجل من أمتي بين الركن والمقام، كعدة أهل بدر، فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام فيأتيهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ثم يسير إليه رجل من قريش أخواله كلب فيهزمهم الله» قال وكان يقال: (إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب)]، وقال الذهبي في التلخيص معقباً: (أبو العوام عمران ضعفه غير واحد وكان خارجياً).
* وأيضاً في «المعجم الكبير»، (ج23/ص295/ح656): [حدثنا أحمد بن موسى الشامي البصري حدثنا سهل بن تمام بن بزيع حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يبايع لرجل بين الركن والمقام، عدة أهل بدر، فيأتيه عصائب أهل العراق وأبدال أهل الشام فيغزوهم جيش من أهل الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب فيلتقون فيهزمهم»، فكان يقال: (الخائب من خاب من غنيمة كلب)]
قلت: الظاهر أن تسمية (صاحب) أبي الخليل بـ(عبد الله بن الحارث)، إنما هو وهم من عمران القطان، وذلك لكثرة رواية أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث؛ ويحتمل أن يكون عن كليهما: عبد الله بن الحارث ومجاهد. ومهما يكن من أمر فكل من عبد الله بن الحارث ومجاهد ثقة مأمون.وليس في رواية أبي العوام عمران القطان جديد إلا قوله عن أهل البيعة: (عدة أهل بدر) فلا يجوز القطع بصحتها إلا إذا اعتضدت من طريق أخرى. قلت: فصحة الحديث بطوله لا ينبغي أن تكون فيها شبهة، وهو كالتالي: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من قريش من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام. ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة. فإذا بلغ الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه. ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثاً (أو قال جيشاً)، فيهزمونهم ويظهرون عليهم، وذلك بعث كلب: والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب؛ فيقسم بين الناس فيئهم، ويعمل فيهم بسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، يعيش في ذلك سبع سنين (أو: تسع سنين)، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون»، أو كما قال عليه وعلى آله الصلاة والسلام.

| فصل: خبر الجيش الذي يؤم البيت، فيخسف بهم ببيداء من الأرض
أما أخبار الجيش الذي يؤم البيت، فيخسف بهم ببيداء من الأرض فكثيرة متواترة قطعية الثبوت، لا يشك فيها إلا مجنون أو كافر:
* كما جاء في «صحيح الإمام مسلم»، (ج4/ص2209/ح2883): [حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر (واللفظ لعمرو) قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان سمع جده عبد الله بن صفوان يقول أخبرتني حفصة أنها سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم، ثم يخسف بهم، فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم»، فقال رجل: (أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة وأشهد على حفصة أنها لم تكذب على النبي، صلى الله عليه وسلم)]؛ وأخرجه النسائي في سننه (ج5/ص208/ح2880)؛ وابن ماجه في سننه (ج2/ص1351/ح4063)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص286/ح26487)؛ والحاكم في مستدركه (ج4/ص476/ح8322) وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وقد أخرجه مسلم كما ترى؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج23/ص203/ح345)، و(ج24/ص76/ح197)؛ والنسائي في سننه الكبرى (ج2/ص386/ح3863)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج12/ص472/ح7043) وقال الشيخ حسين أسد: (إسناده جيد)؛ والحميدي في مسنده (ج1/ص137/ح286) في قصة؛ وغيرهم.* وإليك كامل القصة كما جاءت في «مسند الحميدي»، (ج1/ص137/ح286): [حدثنا سفيان قال حدثنا أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان الجمحي قال سمعت جدي عبد الله بن صفوان في إمارة بن الزبير بالحجر يقول سمعت حفصة تقول سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأوسطهم فينادي أولهم آخرهم فلا يفلت منهم أحد، إلا الشريد الذي يخبر عنهم»، فقال رجل لجدي: (فاشهد أنك لم تكذب على حفصة، وأن حفصة لم تكذب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم)، قال سفيان: (وكان عمير بن قيس يحدثه عن أمية، وكنت لا أجتريء أن أسأله عنه. كان يجالس خالد بن محمد وعبد الله بن شيبة وكانوا من أكبر قريش يومئذ. وكانوا يجلسون في سوق الليل، وهم يومئذ على باب المسجد، واستعانني أمية أنظر له خالد بن محمد فما أدري وجدته له أم لا فلما استعانني اجترأت عليه فسألته فحدثني به)]؛ وها هنا لطيفة إضافية، وهي: أن سوق الليل، المعروف بهذا الإسم هذه الأيام (1430هـ) هو نفسه باسمه من أيام الإمام سفيان بن عيينة (150 هـ، أو نحوها).
فظهر بذلك أن الجملة: (فاشهد أنك لم تكذب على حفصة، وأن حفصة لم تكذب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم) كانت موجهة لعبد الله بن صفوان الجمحي في الأصل، وليس لحفيده أمية بن صفوان بن عبد الله. فمن جعلها موجهة لأمية فهو في الأرجح واهم، ولكننا لا نستبعد أن يكون أحد سامعي الحديث من أمية قد خاطبه أيضاً بجملة مماثلة، وهو والله الثقة المأمون الذي يستحق مثل ذلك الخطاب، والله أعلم وأحكم!
- وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من طريق الإمام مسلم: [أخبرني عبدالملك بن الحسن قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا مسلم قال حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر واللفظ لعمرو قالا: فساقه بعينه]* وهو أيضاً في «صحيح مسلم»، (ج4/ص2210/ح2883)، من طرق أخرى: [وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا الوليد بن صالح حدثنا عبيد الله بن عمرو وحدثنا زيد بن أنيسة عن عبد الملك العامري عن يوسف بن ماهك أخبرني عبد الله بن صفوان عن أم المؤمنين أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «سيعوذ بهذا البيت يعني الكعبة قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم». قال يوسف: (وأهل الشام يومئذ يسيرون إلى مكة) فقال عبد الله بن صفوان: (أما والله ما هو بهذا الجيش). قال زيد وحدثني عبد الملك العامري عن عبد الرحمن بن سابط عن الحارث بن أبي ربيعة عن أم المؤمنين بمثل حديث يوسف بن ماهك غير أنه لم يذكر فيه الجيش الذي ذكره عبد الله بن صفوان] * وهو في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج6/ص287/ح26501)، من طريق أخرى، مع زيادات: [حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي (وهو ختن سلمة الأبرش) قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن موسى عن عبد الله بن صفوان عن حفصة ابنة عمر قالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكة حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فرجع من كان امامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم مثل ما أصابهم» فقلت: (يا رسول الله: فكيف بمن كان منهم مستكرهاً؟!)، قال: «يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل امرئ على نيته»]* وهو في «المعجم الكبير»، (ج23/ص206/ح356)،من طريق أخرى: [حدثنا محمد بن موسى بن حماد البربري حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثنا عبد الله بن الأجلح عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن صفوان قال سمعت حفصة أم المؤمنين تقول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«يغزو هذا البيت أناس من أمتي حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأولهم، ولم يؤب أوسطهم (أو ينج)»]* وأخرجه النسائي في سننه (ج5/ص207/ح2879)، وفي سننه الكبرى (ج2/ص385/ح3862)، عن حفصة من طريق أخرى، غير طريق عبد الله بن صفوان: [أخبرني محمد بن داود المصيصي قال حدثنا يحيى بن محمد بن سابق قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد السلام عن الدالاني عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه قال حدثني بن أبي ربيعة عن حفصة بنت عمر قالت قال رسول الله: (يبعث جند إلى هذا الحرم فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وأخرهم ولم ينج أوسطهم)، قلت أرأيت إن كان فيهم مؤمنون قال تكون لهم قبورا)]؛ ثم قال الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي: (هذا حديث غريب والذي قبله غريب).فهذا إذاً حديث أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب، رضوان الله وسلامه عليهما، بتمام طوله: «سيعوذ بهذا البيت (يعني الكعبة) قوم ليست لهم منعة، ولا عدد، ولا عدة، يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم، ثم يخسف بهم، فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم».وقد أهم هذا الأمر الخطير عبد الله بن صفوان وجمعاً من التابعين فسألوا أمهات المؤمنين، غير حفصة، رضوان الله وسلامه عليهن، عن ذلك، لا سيما عند بعث جبابرة بني أمية الجيوش إلى مكة والمدينة:
* فقد جاء في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج6/ص290/ح26530)، بإسناد صحيح: [حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد الله بن القبطية قال دخل الحرث بن أبى ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهم على أم سلمة فسألها عن الجيش الذي يخسف به (وكان ذلك في أيام بن الزبير) فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «يعوذ عائذ بالحجر فيبعث إليه جيشاً فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم»، فقلت: (يا رسول الله: فكيف بمن أخرج كارهاً؟!)، قال: «يخسف به معهم، لكنه يبعث على نيته يوم القيامة»]، فذكرت ذلك لأبي جعفر فقال: (هي بيداء المدينة)]؛ قلت: أبو جعفر هو الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي، رضوان الله وسلامه عليهم جميعاً. وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص323/ح26790)؛ والطيالسي في مسنده (ج1/ص224/ح1611)؛ وأخرجه مسلم في صحيحه (ج4/ص2208/ح2882)؛ وابن حبان في صحيحه (ج15/ص158/ح6756)؛ والحاكم في مستدركه ج4/ص476/ح8321)؛ وابن الجعد في مسنده (ج1/ص393/ح2687)؛ والإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص460/ح37219)؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج23/ص322/ح734)، و(ج23/ص409/ح984)؛ وابن الجعد في مسنده (ج1/ص393/ح2687)؛ والإمام إسحاق بن راهويه في مسنده (ج4/ص121/ح74)؛ وغيرهم.* وجاء أيضاً في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج6/ص318/ح26744)،من طريق أخرى،مختصراً بإسناد صحيح: [حدثنا وكيع عن شعبة عن أبى يونس الباهلي قال سمعت مهاجر المكي عن أم سلمة قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يغزو جيش البيت حتى إذا كانوا بالبيداء من الأرض خسف بهم»، قالت: قلت: (يا رسول الله: أرأيت المكره منهم؟!)، قال: «يبعث على نيته»]؛ وبعينه أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»(ج23/ص410/ح985)؛ وجاء في «مسند الإمام أحمد بن حنبل» (ج6/ص323/ح26790)؛ وهو في «مسند أبي يعلى» (ج12/ص428/ح6995)؛ وغيرهم.* وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) مختصراً من طريق أخرى: [حدثنا سلمون بن داود قال حدثنا محمد بن عبدالله الشافعي قال حدثنا علي بن الحسن بن عبدالصمد قال حدثنا إبراهيم بن المستمر قال حدثنا أشهل بن حاتم قال حدثنا ابن عون عن عبدالملك بن عمير عن عبيدالله بن القبطية عن أم سلمة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «يخسف بجيش ببيداء من الأرض»] * وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط (ج5/ص334/ح5473) شاهداً لبعض هذا: [حدثنا محمد بن عثمان بن ابي شيبة قال حدثنا محمد بن عمران بن ابي ليلى قال حدثنا المطلب بن زياد عن ليث عن ابي جعفر محمد بن علي بن حسين عن ام سلمة قالت قال رسول اله، صلى الله عليه وسلم: (يسير ملك المشرق الى ملك المغرب فيقتله ثم يسير ملك المغرب الى ملك المشرق فيقتله فيبعث جيشا الى المدينة فيخسف بهم ثم يبعث جيشا فيسبى ناسا من اهل المدينة فيعوذ عائذ بالحرم فيجتمع الناس اليه كالطائر الواردة المتفرقة حتى تجمع اليه ثلثمائة واربع عشر فيهم نسوة فيظهر على كل جبار وابن جبار ويظهر من العدل ما يتمنى له الاحياء امواتهم فيحيا سبع سنين فان زاد ساعة فاربع عشرة ثم ما تحت الارض خير مما فوقها]؛ ليث بن أبي سليم مدلس، واختلط فلم يتميز حديثه، فلا تقوم به حجة، وإنما يستأنس ببعضه. * وهو في «سنن الترمذي»، (ج4/ص469/ح2171)، من طريق أخرى، وزاوية أخرى: [حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا سفيان عن محمد بن سوقة عن نافع بن جبير عن أم سلمة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر الجيش الذي يخسف بهم فقالت أم سلمة: (لعل فيهم المكره؟!)، قال: «إنهم يبعثون على نياتهم»]، وقال الإمام أبو عيسى محمد ين عيسى بن سورة الترمذي: (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث عن نافع بن جبير عن عائشة أيضا عن النبي، صلى الله عليه وسلم)، وقال الألباني: (صحيح)، وهو كما قال.وأخرجه هكذا الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص289/ح26518)؛ وابن ماجه في سننه (ج2/ص1351/ح4065)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج12/ص359/ح6926) وقال الشيخ حسين أسد: (إسناده صحيح)؛ وربما غيرهم.فهذا إذاً حديث أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية، رضوان الله وسلامه عليها، بتمام طوله: «يعوذ عائذ بالحجر فيبعث الله جيشًا فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم»، فقالت: (يا رسول الله: فكيف بمن أخرج كارهاً؟!)، قال: «يخسف به معهم، لكنه يبعث على نيته يوم القيامة». وجاء نحو هذا عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر الصديق، رضوان الله وسلامه عليهما:
* كما هو في «صحيح الإمام مسلم»، (ج4/ص2210/ح2884): [وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن محمد بن زياد عن عبد الله بن الزبير أن عائشة قالت: عبث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في منامه فقلنا: (يا رسول الله: صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله؟!)، فقال: «العجب إن ناسًا من أمتي يؤمون بالبيت، برجل من قريش قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم!»، فقلنا: (يا رسول الله: إن الطريق قد يجمع الناس؟!) قال: «نعم: فيهم المستبصر، والمجبور، وابن السبيل: يهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم»]؛ وهو بنحوه عند أحمد (ج6/ص105/ح24782). * وهو في «الجامع الصحيح المختصر»، (ج2/ص746/ح2012)، للإمام البخاري من طريق أخرى، وزاوية مختلفة: [حدثنا محمد بن الصباح حدثنا إسماعيل بن زكريا عن محمد بن سوقة عن نافع بن جبير بن مطعم قال حدثتني عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم»، قالت: قلت: (يا رسول الله: كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟!)، قال: «يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم»]؛ وهو بعينه في «صحيح ابن حبان»، (ج15/ص156/ح6755)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط مسلم).قلت: وقد أخرجه البخاري، فهو صحيح على شرط الشيخين إذاً.
وإليك نصه بالتمام والكمال كما أخرجه الإمام مسلم: «العجب إن ناساً من أمتي يؤمون بالبيت، برجل من قريش قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم!»، فقلنا: (يا رسول الله: إن الطريق قد يجمع الناس، فكيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟!) قال: «نعم: فيهم المستبصر، والمجبور، وابن السبيل: يخسف بأولهم وآخرهم فيهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم»ويحتمل أن يكون نافع بن جبير بن مطعم قد سمعه أيضاً من عائشة، حيث جاء:
* عند ابن ماجه في سننه (ج2/ص1351/ح4065): [حدثنا محمد بن الصباح ونصر بن علي وهارون بن عبد الله الحمال قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن سوقة سمع نافع بن جبير يخبر عن أم سلمة قالت ذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، الجيش الذي يخسف بهم فقالت أم سلمة يا رسول الله لعل فيهم المكره قال إنهم يبعثون على نياتهم]؛ وأخرجه الإمامالترمذي في سننه (ج4/ص469/ح2171) ثم قال: (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث عن نافع بن جبير عن عائشة أيضا عن النبي، صلى الله عليه وسلم)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص289/ح26518)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج12/ص359/ح6926)؛ وربما غيرهم.وجاء نحوه أيضاً عن أم المؤمنين صفية بنت حُيَيِّ بن أخطب الهارونية الإسرائيلية، رضوان الله وسلامه عليها:
* كما هو في «سنن الترمذي»، (ج4/ص479/ح2184): [حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي إدريس المرهبي عن مسلم بن صفوان عن صفية قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش حتى إذا كانوا بالبيداء (أو ببيداء من الأرض)! خسف بأولهم وأخرهم ولم ينج أوسطهم»، قلت: (يا رسول الله: فمن كره منهم؟!)، قال: «يبعثهم الله على ما في أنفسهم»]، وقال أبو عيسى: (هذا حديث حسن صحيح)؛ قلت: هو كذلك، ومسلم بن صفوان معروف روى عنه ثقتان: أبو إدريس سوار المرهبي الكوفي، وعبيد بن أبي الجعد الغطفاني الحجازي. وأخرج الحديث الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج6/ص337/ح26901)، و(ج6/ص337/ح26902)، و(ج6/ص337/ح26903)؛ وابن ماجه في سننه (ج2/ص1351/ح4064)؛ والطبراني في معجمه الكبير (ج24/ص76/ح198)؛ وأبو يعلى في مسنده (ج12/ص494/ح7069)، و(ج13/ص35/ح7116)، وقال الشيخ حسين أسد: (إسناده جيد)؛ والإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص460/ح37224)؛ وهو أيضاً في «الآحاد والمثاني»، (ج5/ص445/ح3122)؛ وأخرجه الإمام إسحاق بن راهويه في مسنده (ج4/ص262/ح15)؛ وغيرهم. * أما ما جاء في «المعجم الكبير»، (ج24/ص75/ح197): [حدثنا أبو مسلم الكشي حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي حدثنا سفيان عن أمية بن صفوان عن جده عن صفية أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأوسطهم فينادي أولهم آخرهم فيخسف بهم جميعا فلا ينجو منهم الا الشريد الذي يخبر عنهم]، فهو غلط ووهم من أفاعيل إبراهيم بن بشار الرمادي، اختلط عليه حديث حفصة مع حديث صفية. فهذا إذاً نص حديث أم المؤمنين صفية بنت حُيَيِّ بن أخطب، رضوان الله وسلامه عليه، وهو حسن جيد الإسناد، صحيح بشهادة الأحاديث الأخرى: «لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش حتى إذا كانوا بالبيداء (أو ببيداء من الأرض)! خسف بأولهم وأخرهم ولم ينج أوسطهم»، قلت: (يا رسول الله: فمن كره منهم؟!)، قال: «يبعثهم الله على ما في أنفسهم»وجاء نحوه أيضاً عن أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان، رضوان الله وسلامه عليها، من طريق فريدة نادرة:
* فقد أخرج الطبراني في معجمه الأوسط (ج4/ص220/ح4030): [حدثنا علي قال حدثنا عبدالرحمن بن سلمة الرازي قال حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي الجراح مولى أم حبيبة عن أم حبيبة قالت سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: (يخرج ناس من قبل المشرق يريدون رجلا عند البيت حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم فيلحق بهم من تخلف عنهم فيصيبهم ما أصابهم)؛ قلت: (يا رسول الله فكيف بمن كان أخرج مستكرهاً؟!)؛ قال: (يصيبه ما أصاب الناس ثم يبعث الله كل امرئ على نيته!)]ورواه أيضاً أبو هريرة بلفظ: «لا تنتهي البعوث من غزو هذا البيت حتى يخسف بجيش منهم» أو «يغزو هذا البيت جيش فيخسف بهم بالبيداء»، كما جاء:
* في «المجتبى من السنن للإمام النسائي»، (ج5/ص207/ح2878)، وفي سننه الكبرى (ج2/ص385/ح3861): [أخبرنا محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي قال حدثنا عمرو بن حفص بن غياث قال حدثنا أبي عن مسعر قال أخبرني طلحة بن مصرف عن أبي مسلم الأغر عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تنتهي البعوث من غزو هذا البيت حتى يخسف بجيش منهم»]، وقال الألباني: (صحيح)؛ وهو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص476/ح8323): [حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان (وأنا سألته): حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي بعينه إلى منتهاه سنداً ومتناً]، وقال الحاكم: (هذا حديث غريب صحيح ولم يخرجاه؛ لا أعلم أحدا حدث به غير عمرو بن حفص بن غياث يرويه عنه الإمام أبو حاتم)، وقال الذهبي: (صحيح غريب).* وجاء أيضاً في «المجتبى من السنن للإمام النسائي»، (ج5/ص206/ح2877)، وكذلك في «السنن الكبرى له»، (ج2/ص385/ح3860): [أخبرني عمران بن بكار بن راشد الحمصي قال حدثنا بشر (يعني بن شعيب بن أبي حمزة) قال أخبرني أبي عن الزهري قال أخبرني سحيم أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يغزو هذا البيت جيش فيخسف بهم بالبيداء»]، وقال الألباني: (حسن صحيح)؛ وأخرجه أبو يعلى في مسنده (ج11/ص275/ح6387).* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) من زاوية أخرى: [حدثنا عبدالوهاب بن أحمد قال حدثنا ابن الأعرابي قال حدثنا عيسى بن أبي حرب قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شريك عن محمد بن عبدالرحمن مولى آل طلحة قال كنت مع إبراهيم بن محمد في طريق مكة فرأى رجلا على راحلته من هذا الخز الموشى له هيئة فقال سمعت أبا هريرة يقول: (والله ليخسفن، أو: لا تقوم الساعة حتى يخسف، بقوم ذوي زي ببيداء من الأرض)]هذا بخصوص خبر الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف بهم، وهو لم يقع بعد عند كتابة هذه السطور، وهو خبر يقيني متواتر، وهو واقع لا محالة قبل يوم القيامة كما أخبر به نبي الله الخاتم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى آله.ولم تنفرد أم سلمة بخبر (غنيمة كلب)، وهي والله الثقة الحجة المأمونة، بل رواه غيرها:
* كما جاء في «التاريخ الكبير»: [مجالد أبو عبد العزيز قال: صلينا مع أبي هريرة المغرب في مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: (المحروم من حرم غنيمة كلب)، قاله موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن أبي التياح]* ونجده مرفوعاً في «المستدرك على الصحيحين»، (ج4/ص478/ح8329): [حدثنا سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا: «المحروم من حرم غنيمة كلب، ولو عقالا. والذي نفسي بيده لتباعن نساءهم على درج دمشق حتى ترد المرأة من كسر يوجد بساقها»]، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وقال الذهبي في التلخيص: (صحيح)، قلت: هو كما قالا، لا سيما مع الاعتضاد بالطريق التالية: * كما جاء «مسند الإمام أحمد بن حنبل»، (ج2/ص356/ح8654): [حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا بن لهيعة عن أبي الأسود عن أبي الجليس عن أبي هريرة قال سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: «المحروم من حرم غنيمة كلب»]
- وكما جاء في «مسند إسحاق بن راهويه»/(ج1/ص394/ح427): [أخبرنا يحيى بن يحيى حدثنا بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن رجل عن أبي هريرة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «المحروم من حرم غنيمة كلب»] والخبر عن الرجل الذي يبايع بين الركن والمقام ثابت أيضاً:
* فهناك حديث آخر في «مسند أبي داود الطيالسي»، (ج1/ص313/ح2373): [حدثنا بن أبي ذئب قال أخبرني سعيد بن سمعان مولى المشعل قال سمعت أبا هريرة يحدث أبا قتادة وهو يطوف بالبيت فقال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «يبايع لرجل بين الركن والمقام؛ وأول من يستحل هذا البيت أهله: فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب؛ ثم يجىء الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده وهم الذين يستخرجون كنزه»]؛ رواه جمع، غير الطيالسي، بألفاظ تكاد تكون متطابقة، عن ابن أبي ذئب، منهم: يزيد بن هارون؛ وعلي بن الجعد؛ وأبو النضر هاشم بن القاسم؛ وزيد بن الحباب؛ وإسحاق بن سليمان الرازي؛ وأسد بن موسى؛ وحسن بن محمد؛ وأخرجه الحاكم في مستدركه (ج4/ص500/ح8395) ثم قال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)؛ والإمام أحمد بن حنبل في مسنده (ج2/ص291/ح7897)، و(ج2/ص312/ح8099)، و(ج2/ص328/ح8333)، و(ج2/ص351/ح8604)؛ وابن حبان في صحيحه (ج15/ص240/ح6827)؛ وابن الجعد في مسنده (ج1/ص412/ح2810)؛ والإمام أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (ج7/ص462/ح37244)؛ وغيرهم.
| فصل: دراسة روايات (لا مهدي الا عيسى)
* جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا محمد بن خليفة بن عبدالجبار قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثنا محمد بن خالد الجَنَدي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنسقال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:«لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدباراً، ولا الناس إلا شحاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم عليه السلام»]
* وجاء في «العلل المتناهية لابن الجوزي»، (ج:2 ص:855 إلى ص:863): [أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال أخبرنا محمد ابن المفرج بن علي البزاز قال حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن عيسى المالكي قال حدثنا أبو العباس الاقطع أحمد بن عبد الله الطائي قال حدثنا يونس بن عبد الاعلى قال حدثنا محمد بن ادريس الشافعي قال حدثنا محمد بن خالد الجندي عن ابان بن صالح عن الحسن عمن يروي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يزداد الامر الا بشدة ولا الدنيا الا ادبارا ولا الناس الا شحا ولا تقوم الساعة الا على اشرار الناس ولا مهدي الا عيسى]
وقال ابن الجوزي: [قال أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي هذا حديث منكر؛ وقال البيهقي تفرد بهذا الحديث محمد بن خالد الجندي قال: قالأبو عبد الله الحاكم محمد بن خالد رجل مجهول قال وقال صامت بن معاذ عدلت الى الجَنَد مسيرة يومين من صنعاء فدخلت على محدث لهم فطلب هذا الحديث فوجدته عنده عن محمد بن خالد الجندي عن ابان بن ابي عياش عن الحسن عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال البيهقي فرجع الحديث الى الجندي وهو مجهول عن ابان بن ابي عياش وهو متروك عن الحسن عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو منقطع والاحاديث قبله في التنصيص على خروج المهدي اصح اسناداً]
وقال الإمام البيهقي: [تفرد به محمد بن خالد هذا وقد قال الحاكم أبو عبد الله هو مجهول وقد اختلف عليه في إسناده فروي عنه عن أبان ابن أبي عياش عن الحسن مرسلا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد وهو مجهول عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو منقطع والأحاديث على خروج المهدي أصح إسناداً].
قلت: ومتنه منكر مناقض لما تواتر عن الخير العميم، والملاحم العظمى، والانتصارات الكبرى في أواخر هذه الأمة، ولا يدعمه الواقع التاريخي، وإنما يقول به بعض المهووسين والموسوسين من المتشائمين.* وجاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا الوليد بن عتبة عن زائدة عن ليث عن مجاهد قال: (المهدي عيسى ابن مريم)]، قلت: ولكن ليث بن أبي سليم مخلط، لا يحتج به فلا تجوز نسبة هذا القول إلى الإمام الكبير مجاهد، رضي الله عنه؛ وإن صح عنه فإنه بمعنى: لا مهدي بحق، أو: ليس ثمة من يستحق هذا اللقب إلا عيسى ابن مريم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته.
قلت: ولا شك أن عيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته، مهدي بحق، بل هو رأس من رؤوس الهداية، ولكنه ليس ذلك الرجل المعين، من عترة أبي القاسم محمد،صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى آله، الذي ينتظر في آخر الزمن، والذي هو، قطعاً، ليس في مرتبة عيسى، ولا في درجة فضله! | أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (...؛ ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في اثني عشر ألفا إن قلوا وخمسة عشرة ألفا إن كثروا إمارتهم أو علامتهم أمت أمت على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك فيقتتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلى الناس إلفتهم ونعمتهم فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال)
* كما أخرجه الإمام الحاكم في مستدركه (ج4/ص596/ح8658) عن علي بن أبي طالب موقوفاً: [أخبرني أحمد بن محمد بن سلمة العنزي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا سعيد بن أبي مريم أنبأ نافع بن يزيد حدثني عياش بن عباس أن الحارث بن يزيد حدثه أنه سمع عبد الله بن زرير الغافقي يقول سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال وسيرسل الله إليهم سيبا من السماء فيغرقهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في اثني عشر ألفا إن قلوا وخمسة عشرة ألفا إن كثروا إمارتهم أو علامتهم أمت أمت على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك فيقتتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلى الناس إلفتهم ونعمتهم فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال)]؛ ثم قال الإمام الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)؛ وهو كما قال في غاية الصحة.* وأخرجه الإمام الطبراني في معجمه الأوسط (ج4/ص176/ح3905) عن علي بن أبي طالب مرفوعاً: [حدثنا علي بن سعيد الرازي قال حدثنا علي بن الحسين الخواص قال حدثنا زيد بن ابي الزرقاء قال ابن لهيعة قال حدثنا عياش بن عباس القتباني عن عبد الله بن زرير الغافقي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (يكون في آخر الزمان فتنة يحصل الناس كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا اهل الشام ولكن سبوا شرارهم فان فيهم الأبدال؛ يوشك ان يرسل على اهل الشام سبب من السماء فيفرق جماعتهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم فعند ذلك يخرج خارج من اهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول هم خمسة عشر الفا والمقل يقول هم اثنا عشر الفا أمارتهم أمت أمت، يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعا ويرد الله الى المسلمين الفتهم ونعمتهم وقاصيهم ودانيهم]؛ ثم قال الإمام الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن ابن لهيعة الا زيد بن ابي الزرقاء)
- وأخرج الإمام الطبراني في معجمه الأوسط (ج1/ص96/ح291): [حدثنا أحمد بن رشدين قال حدثنا محمد بن سفيان الحضرمي قال حدثنا بن لهيعة عن عياش بن عباس وعبد الله بن هبيرة والحارث بن يزيد عن عبد الله بن رزين عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله يكون في آخر الزمان فتنة يحصل الناس فيها كما يحصل الذهب والفضة من المعدن]؛ثم قال الإمام الطبراني: (لا يروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد تفرد به بن لهيعة).
| فصل: آثار متنوعة عن الصحابة
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا خلف بن إبراهيم المقرىء حدثنا عبدالواحد بن أحمد بن علي حدثنا الحسن بن عبد الأعلى حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: (لتملأن الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد: الله الله؛ ثم لتملأن قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا)]* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا أحمد بن ثابت حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا خالد بن سلام الشامي عن يحيى بن اليمان عن كيسان الرؤاسي حدثني مولاي قال سمعت علي بن أبي طالب قال: (لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث)]* أثر مجاهد عن صحابي غير مسمَّى: «إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية،... إلخ».، كما جاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا موسى الجهني قال حدثني عمر بن قيس الماصر قال حدثني مجاهد قال حدثني فلان (رجل من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم): (إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض السماء مطرها وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط)]، قلت: وهذا إسناد جيد، إلا أنه موقوف.* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا خالد بن سلام عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (يحج الناس معا ويعرفون معا (... إمام؟) فبينما هم نزول معا إذ أخذهم كالكلب فثارت القبائل بعضها إلى بعض فاقتتلوا حتى تسيل العقبة من دمائهم فيفزعون إلى خيرهم فيأتونه وهو ملصق وجهه إلى الكعبة يبكي كأني أنظر إلى دموعه فيقولون: (هلم فلنبعايك!)، فيقول: (ويحكم: كم من عهد قد نقضتموه، وكم من دم قد سفكتموه؟!)، فيبايع كرها، فإن أدركتموه فبايعوه فإنه المهدي)]
- وهو بعينه في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:341 وما بعدها): [قال أبو يوسف فحدثني محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قاله]
- وهو بعينه في «المستدرك على الصحيحين»، (ج:4 ص:549)، بعد أن ساق الحديث المرفوع.وقد جاء هذا مرفوعاً، ولكنه لا يثبت مرفوعاً للكلام المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
* كما هو في «المستدرك على الصحيحين»، (ج:4 ص:549): [أخبرني محمد بن المؤمل حدثنا الفضل بن محمد حدثنا نعيم بن حماد حدثنا أبو يوسف المقدسي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ثم في ذي القعدة تجاذب القبائل وتغادر فينهب الحاج فتكون ملحمة بمنى يكثر فيها القتلى ويسيل فيها الدماء حتى تسيل دماؤهم على عقبة الجمرة وحتى يهرب صاحبهم فيأتي بين الركن والمقام فيبايع وهو كاره يقال له إن أبيت ضربنا عنقك يبايعه مثل عدة أهل بدر يرضى عنهم ساكن السماء وساكن الأرض]، ثم قال الحاكم: [قال أبو يوسف فحدثني محمد بن عبيد الله،... إلخ]، بعينه كما هو عند نعيم بن حماد في «الفتن لنعيم بن حماد»، (ج:1 ص:341 وما بعدها).* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو هلال عن قتادة قال: (يجاء إلى المهدى وهو في بيته والناس في فتنة تهراق فيها الدماء فيقال له قم علينا فيأبى حتى يخوف بالقتل فإذا خوف بالقتل قام عليهم فلا يهراق في سببه محجمة دم)]* وجاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا يعلى بن عبيد عن الأجلح عن عمار الدهني عن سالم عن عبد الله بن عمرو قال: (يا أهل الكوفة: أنتم أسعد الناس بالمهدي)]* وهو في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها) مطولاً: [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبدالرحمن بن صالح حدثنا عبدالله عن الأجلح عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد قال خرجنا حجاجا فجئت إلى عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: (ممن أنت يا رجل؟!)، قال: قلت: (من أهل العراق)، قال: (فكن إذاً من أهل الكوفة!)، قال: فقلت: (أنا منهم!)، قال: (فإنهم أسعد الناس بالمهدي)]* عن الخليفة الذي يؤتى بملوك الروم مصفَّدين في الحديد: جاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا أحمد حدثنا سعيد قال حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا هشيم عن سيار عن جبر بن عبيدة عن أبي هريرة قال: (يكون عليكم خليفة، أو أمير، يؤتى بملوك الروم مصفدين في الحديد)]، ولا علاقة لهذا فيما يبدو بـ(المهدي).
| فصل: آثار متنوعة عن التابعين
* وجاء أثر في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا خالد بن سلام الشامي عن عبدالكريم عن محمد ابن الحنفية قال: (تخرج راية من خراسان ثم تخرج أخرى ثيابهم (؟)، وعثمان على مقدمتهم رجل من بني تميم يوطىء للمهدي سلطانه يكون بين خروجه وبين أن يسلم للمهدي سلطانه اثنان وسبعون شهرا)]
* وجاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين قال: (المهدي من هذه الأمة، وهو الذي يؤم عيسى ابن مريم)]
* وجاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا أبو اسامة عن عوف عن محمد قال: (يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر)]
* وجاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا وكيع عن فضيل بن مرزوق عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد قال: لما قام سليمان فأظهر ما أظهر قلت لأبي يحيى: (هذا المهدي الذي يذكر؟!)، قال: (لا ولا المتشبِّه)]
* وجاء في «مصنف ابن أبي شيبة»، (ج:7 ص:512 إلى ص:514): [حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال قلت لطاوس: (عمر بن عبد العزيز المهدي؟!)، قال: (قد يكون مهديا؛ وليس به: إن المهدي إذا كان زيد المحسن في إحسانه، وتيب عن المسيء في إساءته، وهو يبذل المال ويشتد على العمال ويرحم المساكين)]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر قال قيل له: (عمر بن عبدالعزيز مهدي؟!)، قال مطر: (لقد بلغنا عن المهدي شيء لم يبلغه عمر!)، قال: (يكثر المال في زمان المهدي)، قال: (فيأتيه رجل فيسأله فيقول له أدخل فخذ فيأخذ ثم يخرج فيرى الناس شباعاً)، قال: (فيندم فيقول: أنا من بين الناس؟! فيرجع إليه فيسأله أن يأخذ منه ما أعطاه فيأبى فيقول: إنا نعطى ولا ينفذ)]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا ضرار بن صرد حدثني يحيى بن يمان عن سفيان عن أبي إسحاق عن نوف قال: (راية المهدي فيها مكتوب البيعة لله)]* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا أحمد حدثنا سعيد حدثنا نصر حدثنا علي حدثنا شعيب أو غيره عن عمران عن الشميط قال المروزي: (اسمه اسم نبي وهو ابن إحدى أو اثنتين وخمسين سنة يقوم على الناس سبع سنين وربما قال ثمان سنين)]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا شعيب بن إسحاق عن عمران بن حدير عن الشميط فذكره]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا ابن عفان حدثنا قاسم حدثنا أحمد حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن أبي المنهال عن أبي زياد عن كعب قال: (إنى لأجد المهدي مكتوبا في أسفار الأنبياء ما في عمله ظلم ولا عنت)]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان حدثنا أبو محمد البياني حدثنا أحمد بن زهير حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمرة قال: قال ابن شوذب: (إنما سمي المهدى لأنه يهدى إلى جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفارا من أسفار التوارة فيحاج بها اليهود فيسلم على يديه جماعة من اليهود)]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان القشيري قراءة عليه قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا أبو بكر بن الفضل العتكي قال حدثني أبو يعفور عن مولى لهند بنت أسماء قال قلت لمحمد بن علي: (إن الناس يزعمون مهديا!)، قال: (إن ذلك ليس لك، ولكنه من بني عبد شمس!)، كأنه عنى عمر بن عبدالعزيز]
* وجاء في «السنن الواردة في الفتن لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني»، (ج:5 ص:1029 وما بعدها): [حدثنا عبدالرحمن بن عثمان قال حدثنا قاسم ابن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو هلال عن قتادة قال: (كان يقال: (المهدي ابن اربعين سنة يعمل بأعمال بني إسرائيل)، فإن لم يكن عمر فلا أدرى من هو)]
*وجاء في «الجامع لمعمر بن راشد»، (ج:11 ص:399): [أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أو غيره عن ابن سيرين قال: (ينزل ابن مريم عليه لأمته، وممصرتان، بين الأذان والإقامة فيقولون له تقدم فيقول بل يصلي بكم إمامكم أنتم أمراء بعضكم على بعض)]
*وجاء في «الجامع لمعمر بن راشد»، (ج:11 ص:399): أخبرنا عبد الرزاق عن معمر قال كان ابن سيرين يرى أنه المهدي الذي يصلي وراءه عيسى]


hjpht urghx hgfav fHofhv hgli]d hglkj/v lkr,g ggthz]m