.gif){kind=icon}
شاهين بن عبيد بن حرب بن عقار بن الذئب السُّلَمِي
رد مع اقتباس
ما قاله علماء الحملة الفرنسية عن أولاد شاهين والعرب الرحل: -
تحدث آدم فرانسوا جومار من علماء الحملة الفرنسية عن عشيرة الشاهين في كتاب وصف مصر. ضمن الطبقة الثانية من العرب وهم العرب الرحل الذين هم محاربين ورعاة في نفس الوقت والذين لم يعملوا بالزراعة الا منذ فترة قريبة، الذين يتكونون بصفة أساسية من العرب القادمون الي مصر من شمال أفريقيا. وهذا في الفصل الثاني من المجلد الثاني تحت عنوان العرب المحاربون أو العربان الرعاة أو الرحل. فقال:
هم أولئك الأكثر عددا والأكبر قوة سواء فيما تملك من خيول وأسلحة أو فيما لديهم من جمال وماشية. وهي التي تمد القوافل بالجمال التي تحتاج اليها لأغراض التجارة. ثم قال لا يَسمَح لنا تغيير هذه القبائل المستمر لأماكن أقامتها، وإن كان يتم هذا في معظم الأحيان في إطار نفس المنطقة أن نعرف أسمائها. ثم قال ان في الفترة التي كان علماء الحملة الفرنسية يجولون فيها بمصر الوسطي (تتكون مصر الوسطي من الجيزة وبني سويف والفيوم والمنيا) كانت قبائل أولاد علي هي أكثر القبائل قوه وكانت مخيماتهم تقع في ادمو بالقرب من المنيا كما ذكر أيضاً قبيلة الفوايد التي تليهم في ترتيب القوة وذلك قبل أن يتحدث عن الفيضان الكبير الذي حدث في مصر عام 1800م فمن خلال ذكر علماء الحملة لهاتين القبيلتين يمكننا أن نصل إلى نتيجة هامة وهي أن المجموعات التي هاجرت الي مصر من عشيرة الشاهين كانت ضمن من نعتوهم بالرحل ولم يتمكنوا من معرفة أسمائهم لأن من المعروف تاريخياً أن هجرة مجموعات الشاهين من الحرابي كانت قرابة سنة 1750م أي قبل هجره الفوايد إلى مصر ونزلوا البحيرة ثم إلي أقاليم مصر الوسطي.
الفيضان الكبير حدث عام 1800 م ووصلت أثاره الي حواف الصحراء الغربية المصرية فدخلت بعده بعام قبائل عربية أخري من شمال أفريقيا الي مصر بعد أن جذبتها أنباء هذا الفيضان. نظرا لما كان يحدثه من نموا لنباتات كثيره على حواف الصحراء بمصر. منها وبوفرة شديدة نوع من البرسيم بالغ القصر شديد الكثافة ذو أوراق بالغة النعومة تتفتح في شواشيه ورود صفراء ويسمونه "كتة" وهو علف جيد بالنسبة للمواشي وهو في جودة البرسيم نفسه بل ويتفوق عليه حسبما يذكر أهل البلاد الذين كانوا كثيرا ما يذهبون الي هناك ويحصدوه لخيولهم. بالإضافة الي بعض النباتات العطرية صغيرة الحجم جميلة اللون والتي تشكل مراعي ممتازة للخراف والماعز. ونتيجة لذلك تقوم الماشية بتسميد هذه الأراضي ويكون من السهل إعادة زراعتها. فلهذه المراعي المليئة بالورود الحمراء والبنفسجية شكل ورائحة جذابة، ولذلك فأن حواف الصحراء على بعض المناطق مثل المير والأنصار وأماكن أخري تبعث على البهجة أكثر مما يبعث عليها أي مكان أخر بمصر التي تعرف بأنها لا تنموا بها الأعشاب. وعام كهذا هو عام مبارك بالنسبة للقبائل العربية التي اتت لتغطي بخيامها كل حواف الصحراء.
ثم تحدث جمار: وصفاً لهؤلاء العرب التي لم يتمكن من معرفة أسمائهم واكتفي بنعتهم بالرحل لما اشتهروا به فقال: أن لون ملابسهم حائل (متغير) كما أنهم أكثر استعصاء على التعب، ولذلك فملامحهم أكثر جموداً، وهي صارمة على الدوام وقاسية، وزي فرسانهم على الدوام أبيض اللون، أما ملابس السيدات وملابس الراجلين منهم فذات لون قاتم. ويُري في مخيماتهم كثير من الرجال يضعون عصابات على أعينهم كما يحدث في مدن مصر، ذلك أنه من الخطأ الاعتقاد بأن هؤلاء البدو لا يصابون بالرمد، وهم لا يبذلون أي جهد ليحصلوا على الشفاء، بل يظلون يلزمون خيامهم وينامون في الظل كما تعودوا. وليس لهؤلاء العربان من عمل ثابت. وأن كانوا على الدوام في حالة حركة وزحف، وهم يذهبون كما الضواري (الحيوانات المفترسة المضربة علي الصيد) الشهباء (بيضاء اللون نسبه لملابس فرسانهم) يبحثون عن فريستهم، ولا يتوقفون الا حيث تستبقيهم الأسلاب.
وفضلا عن ذلك فأن تقاليدهم وعادتهم هي نفس عادات وتقاليد العرب الأخرين. فهم راضون وسعداء بحظهم في الحياة وبما يملكون، وكما ينال الشيخ التقديس من قبل قبيلته فأن رب الأسرة يلقي احترامه من قبل أسرته، وإذا ما امتلك الرجل منهم حصانين وجملين وأربعة خراف وبندقية وخيمة، فلقد نال كل ما يبغي وتحققت كل رغباته وحيث لا توجد لهم في الغالب من قوانين الا القوانين الأسرية. وحيث لا يدفعون أية ضرائب ولا يلتزمون بأي التزامات أخري فان مخيماتهم تبدو صورة مجسمة حقة لحرية لا يتمتع بمثلها مجتمع آخر على الاطلاق.
ولا يهتم فردا ما منهم الا بنفسه ومكاسبه وشئون حياته وبأفعاله، وعندما يتم تجهيز قافلة فانة يؤجر جمالة ويقدر هو الثمن الذي يرتضيه دون أن يكون عليه أن يوضح أمره لا لشيخه ولا لأحد آخر، وهو يضخم من ماله الخاص عن طريق بيع الجمال الصغيرة والفرسان الصغيرة وألبان ضأنه وعن طريق عائدات التجارة التي يمكنه أن يمارسها. وبهذه الطريقة يبلغ سن الشيخوخة وهو مبجل عزيز علي أولاده ويموت بعد أن يكون قد استمتع طيلة حياته بأثمن ثروات الرجل: الصحة والحرية.
وعند موته يترك أبناءه وهم متزوجون، بل وآباء، أغنياء بثروته هو، وبما يكونون قد كسبوه. ويستقبلك العرب الرحل استقبالا طيباً. ومع ذلك فقد يكون من الميسور في بعض الأحيان أن تنتزع قطعان ضخمة من جمالهم، لان هذه القبائل لا تقيم لأنفسها حرسا على الاطلاق إذا لم تكن تعرف انها ملاحقة وأن ثمة من يجد في أثرها.
فهم في العادة يعهدون بمئات من هذه الجمال الي ثلاثة رجال او أربعة ليقودوها الي المراعي، وفي بعض الأحيان تذهب كل جمال القافلة التي يبلغ عددها ألفين لترعي على بعد فرسخ من المخيم دونما حراسة من أي نوع. ولقد استقرت بعض هذه القبائل الجوالة في مصر منذ وقت طويل وظلت على الدوام في حالة سلم مع الحكومات، بل وتقدم اليها المساعدات، ولا يمكن لاحد ان يوجه اليها لوماً، فهو في مجموعه سلوك طيب لا يتعارض مع مصالحهم. ولا يمكن لنا أن نعتبر لهجة البدو جافة، كما انها لا تخلو من زخارف. ففيها بعض الرقة، ويعتريها تناغم في الصوت أكثر رخاوة، وتتآكل على لسانهم بعض المقاطع ولكن يعيبها أنها مبتورة وأكثر صعوبة. وهم يتحدثون علي الدوام بصوت خفيض, وتكون أسنانهم حينذاك مطبقة, ونبراتهم متنوعة, وصوتهم منغما وغنائيا في احاديث البسيطة, وفي المناقشة الاعتيادية, ويرفع أغلبهم صوته حتي يصبح ناقتا, ولم أسمع مطلقا حرفا يلفظونه أكثر نقاء من حرف الزاي, وبشكل أكثر جاذبية حرف الذال ويفعلون ذلك دون أن يختلط هذان الحرفان علي الاطلاق, وأخيراً فان كل مخارج الالفاظ الخاصة باللغة العربية, بل وحروف الخاء والنغمات الحلقية تأخذ في أقوالهم رقة خاصة تقترب من اللغات الأوروبية وتثير الدهشة في مصر, ويتضح هذا بشكل خاص في نطق الجيم التي يلفظها الكثيرون ليس غير معطشة كما يفعل أبناء القاهرة وانما معطشة كما يفعل العرب بشكل عام, ولكن يشوبها نوع من نطق الزاي علي طريقة الأطفال وتسمع في أقوالهم حرف الثاء بشكل قاطع الرقة في الكلمات التي يدخل في تكوينها هذا الحرف.
ثم قال إن العرب المستقرين في مصر يتزايدون أكثر فأكثر سواء في عددهم أو قوتهم وأنهم سيستولون يوما على السلطة إذا لم يوضع حد لوقف غزواتهم. وسواء كانوا ينتمون الي القبائل العربية القادمة من آسيا أو تلك التي قدمت من شمال أفريقيا وسواء تلك التي تعيش في حرب أو سلم مع حكام البلاد، فأننا نري أنه تتوقد فيهم نفس الروح وأنهم ينظرون إلى مصر باعتبارها عقاراً خاصا بهم. ثم واصل قائلا: ان خلاص هذه البلاد (يقصد منهم) يكمن في الانقسام الحالي بين هذه القبائل، الامر الذي يعود بشكل خاص الي غيبة زعيم. يتولى قيادتهم ويكون في ذلك قوياً وقادراً للحد الكافي، وإذا كان هناك حدث هام قد جاء ليشتت اهتمام حكام مصر، فقد تكون الإشارة الاولي كافية لأطلاق الشرارة وإذا كان يحق لنا (يقصد الحملة الفرنسية) ان نوازن بين الترجيحات عندما يتصل الامر بالمستقبل فلابد ان ينظر المرء الي هذا التطور باعتباره واحدا من أكثر التطورات التي تتهدد الشرق احتمالا.
أما عن طبائع العرب كما صورتها فسوف يري القارئ ان هذه الصورة لا تتفق في كثير مع ما اشتهر عن هذه الامة من النزاهة والصراحة (يقصد ما قاله عن العرب غير الرحل والذي لم نذكره في هذا البحث) وغير ذلك مما منحة لهؤلاء القوم هذا العدد الكبير من الرحالة. ومع ذلك فقد أردت أن أنقل الي القارئ بإخلاص نفس الانطباع الذي تكون لدي وأنا بينهم، في مخيماتهم. ومما لا شك فيه أن بدو الصحراء, الذين ينطبق عليهم هذا الوصف, وبخاصة أبناء شبة الجزيرة العربية, يقدمون ملامح مختلفة بعض الشيء عما قيل وانني اميل الي الاقتناع, بأنهم ليسوا فقط أقل جشعا, وبأن لهم تقاليد أكثر لياقة, ولكن فوق ذلك بأنهم يمارسون كرم الضيافة, وبأنهم يصدقون في ارتباطهم, وفي بقية الأمور, بل ان هؤلاء الذين رايتهم في مصر, أنفسهم, لا تنقصهم مطلقا الفضائل الأسرية, لكن وضع هؤلاء يختلف عن وضع الاولين, فثراء البلاد الذين يترددون عليها, في مقابل قحولة الصحراء يثير فيهم أكثر فأكثر, الجشع والنهم والبخل, وكل الجرائم. ومن جه أخري، فأن مثال المصريين والمماليك، لم يفعل سوي أن أضاف الي عيوبهم، فلقد ولد عندهم احتياجات كانوا يجهلونها، وأذواقا غريبة على تقاليدهم البسيطة والابوية، والتي تشكل الطابع المميز للعرب، وهو طابع ملحوظ لحد ظل معهم علي نفس حالة منذ زمان لا تعيه الذاكرة، دون أن تعتريه سوي تحورات بالغة الرهافة، على الرغم من أن دين محمد (صلي الله عليه وسلم)، قد بوأ هذه الأمة عروشا كثيرة، في آسيا، وأفريقيا، وأوربا. أنتهي.
من البحث المبين لنسب آل شاهين
وائل شاهين الْعُبَيْدي السُلَمي
مواقع النشر (المفضلة)