النهدية وابنتها التي أعتقهما أبو بكر الصديق رضي الله عنهم هل هي من بني نهد نسبا أم ولاءا ؟

النهدية وابنتها التي أعتقهما أبو بكر الصديق رضي الله عنهم هل هي من بني نهد نسبا أم ولاءا ؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :


فما زلنا في سيرة رجال ونساء من قبيلة نهد بن زيد القضاعية ، أذكر فيها من له فضل وسابقة في الإسلام من الأولين سواءا كانوا صحابة أم تابعين او ممن بعدهم ، واليوم نحن في سيرة أحدى الصحابيات ممن أسلم قديما ، وكانا ممن يعذب في الله وهما النهدية وابنتها رضي الله عنهما .

وقد استقصيت جهدي في جمع ما ذكر في سيرتهما رضي الله عنهما ، فلم أجد من سيرتيهما إلا القليل جدا في كتب السيرة النبوية وكتب التاريخ ، ومن أعجب شيء مر علي أني لم أجد أحدا من العلماء المتقدمين ذكر اسم النهدية وابنتها رضي الله عنهما ، بل أعجب من هذا لم أجد أحدا أفردها بترجمة في الكتب التي جمع فيها أسماء الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم ، حتى الحافظ ابن حجر رحمه الله الذي اعتمدت نقل سيرتها من كتابه الإصابة في تمييز الصحابة لم يفردها بترجمة إنما ذكرها ضمن ترجمة أبي بكر رضي الله عنه فيمن اعتقهم .

هذا مع أن كتاب الإصابة يعتبر أضبط مرجع في كتب الصحابة وأهمها وذلك لأن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قد حرر ودقق في كتابه هذا ، والذي ذكر أحد محققي الكتاب أنه مكث أربعين سنة يؤلفه.

إضافة إلى أنه استدرك على من كان قبله من العلماء رحمهم الله تعالى الذين ألفوا في كتب الصحابة كابن عبد البر وابن الأثير والبغوي وأبو نعيم وابن منده وابن فتحون وعلاء الدين مغلطاي وغيرهم ، بل وزاد عليهم كثير من التراجم ، وأضاف قسم أفرده في كتابه الإصابة وهم الذين ذكروا في الصحابة على سبيل الوهم أو الغلط ، ومع ذلك كله لم أجد ترجمة للنهدية مفردة فالكمال لله وحده .

أيضا غالب ما وجدته في الكتب مكرر ولم أجد زيادات في سيرتهما إلا قليل جدا.، لهذا اكتفي بذكر بعض المصادر في بحثي هذا أو ما جاء فيه زيادة لم تذكر في الكتب الأخرى، ولم اقصد حصر جميع المصادر .

فكل ما وجدت في السيرة أنها كانت وابنتها من الموالي اللاتي عذبن في الله مع المستضعفين الذين لم تكن لهم عشيرة او قبيلة تمنعهم ، وقد أعتقها أبو بكر رضي الله عنه فيمن اعتق من المستضعفين رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين .

هذا وقد وجدت إشكالا في كون النهدية رضي الله عنها كانت من الموالي بالرغم من أن قبيلة نهد قبيلة معروفة قبل الإسلام وبعده بأنها من القبائل التي لها منعة وقوة ، فكيف صارت النهدية وابنتها مولتان من الموالي ؟

هذا ما سأبينه في سيرة هذه الصحابية الجليلة رضي الله عنها وابنتها ، فأقول مستعينا بالله الكريم :



اسمها :

لم أعثر على اسم لها في مصدر من المصادر التاريخية أو التراجم ولا لابنتها ، إلا أنها تعرف بالنهدية التي أعتقها أبو بكر رضي الله عنهما .

قال الإمام الذهبي : النهدية وبنتها أسلمتا قديما فعذبوهما ، فاشتراها أبو بكر . قاله ابن سعد . تجريد أسماء الصحابة : 2/345 ( 4189 ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه الإصابة في ترجمة أبي بكر الصديق رضي الله عنه : وقال يعقوب بن سفيان(1) في تاريخه حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا هشام عن أبيه قال : أسلم أبو بكر وله أربعون الفًا فأنفقها في سبيل الله وأعتق سبعة كلهم يعذب في الله أعتق بلالا وعامر بن فهيرة وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بني المؤمل وأم عبيس . انتهى



قصة تعذيبها رضي الله عنها ومرور أبي بكر رضي الله عنه عليها وشراؤها ثم عتقها :

قال ابن هشام: وأعتق النهدية وبنتها –-أي أبو بكر - وكانتا لامرأة من بني عبد الدار ، فمر بهما وقد بعثتهما سيدتهما بطحين لها ، وهي تقول : والله لا أعتقكما أبدا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : حل يا أم فلان ؛ فقالت : حل ، أنت أفسدتهما فأعتقهما ، قال : فبكم هما ؟ قالت : بكذا وكذا ، قال : قد أخذتهما وهما حرتان ، أرجعا إليها طحينها ، قالتا : أونفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها ؟ قال : وذلك إن شئتما .
السيرة النبوية لإبن هشام ص 147

قلت : قول أبي بكر : حل يا أم فلان ، أي: حلي يمنيك ، حين قالت والله لا أعتقهما .


وقال ابن سعد في الطبقات :

وكان مع النهدية يوم اشتراها طحين لسيدتها تطحنه أو تدق له نوى ، فقال لها أبو بكر : ردي إليها طحينها أو نواها ، فقالت : لا ، حتى أعمله لها ، وذلك بعد أن باعتها ، وأعتقها أبو بكر .




القول في رِق النهدية وابنتها رضي الله عنهما :

قد يستشكل كون النهدية وابنتها ممن استرق وهي من قبيلة من قبائل العرب من بني نهد بن زيد من قضاعة ، والمعروف في الجاهلية أن غالب من كانوا يسترقّون هم الذين ليست لهم قبيلة أو جماعة تمنعهم وتدفع عنهم ، فكيف استرقت النهدية وابنتها ؟

الجواب: قد يسترق الحر أو الحرة وهي ابنة قبيلة معروفة ، كما كان يفعل بعض أهل الجاهلية إذا أراد الغدر بالمسافر الذي ضل الطريق أخذه ثم باعه في السوق على أنه عبد له وإنما هو حر فيسترقّ بعد ذلك .
أو كما فُعل بصهيب الرومي رضي الله عنه ، حين سباه الروم صغيرا ً فأخذ لسانهم بعد ذلك ، وإنما هو عربي من بني النمر بن قاسط النمري .

قلت: فقد تكون النهدية وابنتها رضي الله عنهما من ذلك .

لكن بعد اطلاع وبحث وجدت خلاف هذا الأمر فقد ذكر البلاذري في كتابه أنساب الأشراف ، وابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ أن النهدية رضي الله عنها كانت مولاة لبني نهد قبل أن تكون لامرأة من بني عبد الدار من قريش .
قال البلاذري: وكانت النهدية مولدة لبني نهد بن زيد ، فصارت لامرأة من بني عبد الدار ، فأسلمت .

أنساب الأشراف للبلاذري أحمد بن يحي بن جابر : 1/196


وقال ابن الأثير – رحمه الله تعالى _ في الكامل : ذكر تعذيب المستضعفين من المسلمين وهم الذين سبقوا إلى الإسلام ولا عشائر لهم تمنعهم ولا قوة لهم يمنعون بها ، فأما من كانت له عشيرة تمنعه فلم يصل الكفار إليه - إلى أن قال : - ومنهم‏ النهدية مولاة لبني نهد فصارت لامرأة من بني عبد الدار ، فأسلمت وكانت تعذبها وتقول‏:‏ والله لا أقلعت عنك أو يبتاعك بعض أصحاب محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - فابتاعها أبو بكر - رضي الله عنه - فاعتقها‏ ". انتهى
الكامل في التاريخ لابن الأثير عز الدين أبو الحسن الشيباني : 1 /490

قلت : تبين لنا من قولي البلاذري وابن الأثير - رحمها الله تعالى - : ( وكانت النهدية مولدة لبني نهد بن زيد ) ، ( مولاة لبني نهد فصارت لامرأة من بني عبد الدار ) أن النهدية – رضي الله عنها - إنما نسبت لبني نهد بالولاء لا بالنسب ، أي أنها استرقت في السابق عند بني نهد فنسبت لهم بعد ذلك بالولاء .

والولاء في الجاهلية يختلف عن الولاء في الإسلام ، فولاء الجاهلية كان لمن اشترى أولاً وإن باع مملوكه بعد ذلك ، فالولاء يبقى لمن ملك أولا ، ولهذا لما أرادت بريرة رضي الله عنها أن تكاتب على عتاقها ، واستعانت بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أرادت عائشة أن يكون الولاء لهم ، وأراد ملاك بريرة أن يكون الولاء لهم ، فقصت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ما حصل ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إنما الولاء لمن أعتق ) . رواه البخاري ، ومن هذا الحديث يتبين لنا أن الولاء في الإسلام لمن أعتق لا لمن ملك أولا .

ثم إن الولاء في الإسلام على ثلاثة أنواع كما ذكر ذلك أهل العلم :

الأول: ولاء عَتاق ، فمن أعتق مملوكا صار ولاؤه له ، فيقال فيه فلان مولى فلان أو آل فلان ، كما يقال لبلال بن رباح رضي الله عنه مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

الثاني: ولاء إسلام ، فمن أسلم من من غير العرب على يد رجل من المسلمين فإنه يذكر في ولائهم ، كما يقال: للبخاري رحمه الله تعالى الجعفي ، وهو بخاري ليس بجعفي ، وإنما قيل له جعفي نسبة إلى أحد أجداده أسلم على رجل من هذه القبيلة ، فانتقل ولاؤه بالإسلام لهم .

الثالث: ولاء حلف ، وهي القبيلة تدخل في حلف قبيلة أخرى، فينتقل ولاؤها لها .



ومما جاء في خبر النهدية رضي الله عنه وارضاها كذلك ما ذكره الواقدي(2) في المغازي في سرية قتل أبي عفك ، قال :

حدثنا سعيد بن محمد، عن عمارة بن غزية، وحدثناه أبو مصعب إسماعيل بن مصعب بن إسماعيل بن زيد بن ثابت، عن أشياخه، قالا: إن شيخاً من بني عمرو بن عوف يقال له أبو عفك، وكان شيخاً كبيراً، قد بلغ عشرين ومائة سنة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة، كان يحرض على عداوة النبي صلى الله عليه وسلّم، ولم يدخل في الإسلام. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى بدر رجع وقد ظفره الله بما ظفره، فحسده وبغى فقال في النبي صلى الله عليه وسلم شعرا يهجوه.

فقال سالم بن عمير، وهو أحد البكائين من بني النجار : علي نذرٌ أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه. فأمهل فطلب له غرةً ، حتى كانت ليلةٌ صائفةٌ، فنام أبو عفك بالفناء في الصيف في بني عمرو بن عوف ، فأقبل سالم بن عمير، فوضع السيف على كبده حتى خش في الفراش، وصاح عدو الله فثاب إليه أناس ممن هم على قوله، فأدخلوه منزله وقبروه. وقالوا : من قتله ؟ والله لو نعلم من قتله لقتلناه به ، فقالت النهدية في ذلك وكانت مسلمة هذه الأبيات :

تتكذب دين الله والمرء أحمدا
لعمر الذي أمناك إذ بئـس ما يمنى

حباك حنيفٌ آخر الليل طعنةً
أبا عفك خذها على كبر الســن

فإني وإن أعلم بقاتلك الذي
أباتك حلس الليل من إنسٍ أو جنى


قلت : والمشهور أن من قال هذه الأبيات هي أمامة المزيرية ، كما ذكر ذلك ابن هشام في السيرة والله تعالى أجل وأعلم والله تعالى أعلم.

هذه آخر ترجمة النهدية وابنتها رضي الله عنهما.


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كان الفراغ منه ليلة الإثنين الموافق : 12/2/1435 هـ




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1): يعقوب بن سفيان هو الفسوي له تاريخ اسمه المعرفة والتاريخ ، قال أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا من نبلاء الرجال يعقوب بن سفيان يعجز أهل العراق أن يروا مثله ، مات سنة 277 هـ.

(2): الواقدي هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد المديني أحد المؤرخين ، عرف بالمغازي والسير والطبقات والأحداث وأخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي كانت في وقته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه متهم في روايته فهو متروك الرواية عند أهل الحديث ومرمي بالكذب عند أحمد ، قال الحافظ بن حجر : محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي المدني القاضي نزيل بغداد ، متروك مع سعة علمه . التقريب : ص882


__________________


المراجع:

مغازي الواقدي
الطبقات لابن سعد
السيرة لابن هشام
أنساب الأشراف للبلاذري
الكامل في التاريخ لابن الأثير
تجريد أسماء الصحابة للذهبي
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني
تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني

المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: مجلس قبيلة نهد بن زيد

---

hgki]dm ,hfkjih hgjd Hujrilh Hf, f;v hgw]dr vqd hggi ukil ig id lk fkd ki] ksfh Hl ,ghxh ?

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ لا أعلم عن النهدية الكثير ولاشك أن ماقلته ألم بالموضوع ألماما كافيا لكن لو نظرنا لترجمة الصحابية أميمة بنت رقيقة بنت خويلد رضي الله عنها في طبقات ابن سعد لزادت الحيرة ولم تزال الشكوك في نسبها ؛ وقوله أن أميمة كانت أماً لتلك النهديِّة من رجلٌ من ثقيف !!

ولا عجب لو وجدت فوارق في الأعمار بين الصحابيات (خديجة ؛ أميمة ؛ النهدية) فلا تعجب من غيرها .. فالخبر هكذا ورد وعند الله علمه .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ لا أعلم عن النهدية الكثير ولاشك أن ماقلته ألم بالموضوع ألماما كافيا لكن لو نظرنا لترجمة الصحابية أميمة بنت رقيقة بنت خويلد رضي الله عنها في طبقات ابن سعد لزادت الحيرة ولم تزال الشكوك في نسبها ؛ وقوله أن أميمة كانت أماً لتلك النهديِّة من رجلٌ من ثقيف !!

ولا عجب لو وجدت فوارق في الأعمار بين الصحابيات (خديجة ؛ أميمة ؛ النهدية) فلا تعجب من غيرها .. فالخبر هكذا ورد وعند الله علمه .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياك الله مشرفنا العزيز .

نعم الذي ذكرته انت ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله في الاصابة وابن سعد في الطبقات لكني لم اورده لأنه موضع اشكال والكلام غير مفهوم .

فقد قال الحافظ ابن حجر : تغربت أميمة بنت رقيق وتزوجها الثقفي فانجبت له زنيرة وجارية بني مؤمل والنهدية وابنتها .


وهذا من أعجب شيء كيف تلد النهدية وابنتها وزنيرة وجارية بني المؤمل ، كٲن الكلام غير مفهوم او فيه سقط او شيء اخر

لذا لم أضفه .

جزاكم الله خيرا

وقد ذكرت قصتها كذلك في كتب التفسير كما ذكره البغوي في تفسيره عند قول الله تعالى ( الذي يؤتي ماله يتزكى )