النتائج 1 إلى 28 من 28

الموضوع: ابو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة

ابو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة إسمه ونسبه وكنيته وألقابه وصفته وأسرته وحياته في الجاهلية أولاً: أسمه ونسبه وكنيته وألقابه: هو عبدالله بن عثمان بن عامر بن

  1. #1
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي ابو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة

    ابو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة

    إسمه ونسبه وكنيته وألقابه وصفته
    وأسرته وحياته في الجاهلية



    أولاً: أسمه ونسبه وكنيته وألقابه:
    هو عبدالله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي( )، ويلتقي مع النبي  في النسب في الجد السادس مرة بن كعب( ) ويكنى بأبي بكر، وهي من البكر وهو الفتى من الإبل، والجمع بكارة وأبكر وقد سمَّت العرب بكراً، وهو أبو قبيلة عظيمة( ) ولُقب أبوبكر ، بألقاب عديدة كلها تدل على سمو المكانة، وعلو المنزلة وشرف الحسب منها:
    1- العتيق:
    لقبّه به النبي ؛ فقد قال له : (أنت عتيقُ الله من النار) فسُمِّيَ عتيقاً( ) وفي رواية عائشة قالت: دخل أبو بكر الصديق على رسول الله ، فقال له رسول الله : (أبشر فأنت عتيق الله من النار)( )، فمن يؤمئذ سُمي عتيقاً( )، وقد ذكر المؤرخون أسباباً كثيرة لهذا اللقب، فقد قيل: إنما سمي عتيقاً لجمال وجهه( )، وقيل لأنه كان قديماً في الخير( )، وقيل سمي عتيقاً لعتاقة وجهه( )، وقيل إن أم أبي بكر كان لايعيش لها ولد، فلما ولدته استقبلت به الكعبة وقالت: اللهم إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي( )، ولا مانع للجمع بين بعض هذه الأقوال، فأبي بكر جميل الوجه، حسن النسب، صاحب يد سابقة الى الخير، وهو عتيق الله من النار بفضل بشارة النبي له( ).
    2- الصديق:
    لقبه به النبي  ففي حديث أنس  أنه قال: أن النبي  صعد أحداً، وأبوبكر، وعمر، وعثمان، فوجف بهم فقال: اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان( ).
    وقد لقب بالصديق لكثرة تصديقه للنبي ، وفي هذا تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فتقول: لما أسري بالنبي  الى المسجد الاقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناسُ، كانوا آمنوا به وصدقوه وسعى رجال الى أبي بكر، فقالوا: هل لك الى صاحبك؟ يزعم أن أسري به الليله الى بيت المقدس! قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك فقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة الى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟!! قال نعم ، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبوبكر الصديق( ).
    وقد أجمعت الأمة على تسميته بالصديق لأنه بادر الى تصديق الرسول  ولازمه الصدق فلم تقع منه هناة أبداً( )، فقد اتصف بهذا اللقب ومدحه الشعراء:
    قال ابو محجن الثقفي:
    وسُمِّيت صديقاً وكل مهاجر
    سواك يُسَمَّى باسمه غير منكر
    سبقت الى الاسلام والله شاهد
    وكنت جليساً في العريش المشهر
    ( )
    وأنشد الأصمعي( )، فقال:
    ولكني أحبّ بكل قلبي
    وأعلم أن ذاك من الصواب
    رسول الله والصدِّيق حبَّاً
    به أرجو غداً حسن الثواب
    ( )
    3- الصاحب:
    لقبه به الله عز وجل في القرآن الكريم: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة، الآية:40) وقد أجمع العلماء على أن الصاحب المقصود هنا هو أبوبكر ( )، فعن أنس أن أبا بكر حدثه فقال: قلت للنبي  وهو في الغار: لو أن أحدهم نظر الى قدميه لأبصرنا تحت قدميه!! فقال النبي : (ياأبابكر ماظنك باثنين الله ثالثهما)( ).
    قال الحافظ رحمه الله: ومن أعظم مناقبه قول الله تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا......... إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}فإن المراد بصاحبه هنا أبوبكر بلا منازع( )، والاحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة شهيرة ولم يشركه في المنقبة غيره( ).
    4- الأتقى:
    لقبه به الله عز وجل في القرآن العظيم في قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} (سورة الليل، الآية: 17). وسيأتي بيان ذلك في حديثنا عن المعذبين في الله الذين أعتقهم أبوبكر .
    5- الأواه:
    لقب أبو بكر بالأواه وهو لقب يدل على الخوف والوجل والخشية من الله تعالى، فعن ابراهيم النخعي قال: كان أبوبكر يسمى بالأواه لرأفته ورحمته( ).
    ثانياً: مولده وصفته الخَلْقية:
    لم يختلف العلماء في أنه ولد بعد عام الفيل، وإنما اختلفوا في المدة التي كانت بعد عام الفيل، فبعضهم قال بثلاث سنين، وبعضهم ذكر بأنه ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وآخرون قالوا بسنتين وأشهر ولم يحددوا عدد الأشهر( )، وقد نشأ نشأة كريمة طيبة في حضن أبوين لهما الكرامة والعز في قومهما مما جعل أبا بكر ينشأ كريم النفس، عزيز المكانة في قومه( ).
    وأما صفته الخِلقية، فقد كان يوصف بالبياض في اللون، والنحافة في البدن، وفي هذا يقول قيس بن أبي حازم: دخلت على أبي بكر، وكان رجلاً نحيفاً، خفيف اللحم أبيض( )، وقد وصفه أصحاب السير من افواه الرواة فقالوا: أن أبا بكر  اتصف بأنه: كان أبيض تخالطه صُفرة، حسن القامة، نحيفاً خفيف العارضين، أجنأ( )، لايستمسك إزاره يسترخي عن حقويه( ) رقيقاً معروق الوجه( )، غائر العينين( )، اقنى( )، حمش الساقين( )، ممحوص الفخذين( )، وكان ناتئ الجبهة، عاري الأشجاع( ) ويخضب لحيته، وشيبه بالحناء والكتم( ).
    ثالثاً: أسرته:
    أما والده، فهو عثمان بن عامر بن عمرو يكنى أبا قحافة أسلم يوم الفتح، وأقبل به الصديق على رسول الله  فقال: ياأبا بكر هلا تركته، حتى نأتيه، فقال أبوبكر: هوأولى أن يأتيك يارسول الله، فأسلم أبو قحافة وبايع رسول الله ( )، ويروى أن رسول الله  هنأ أبا بكر بإسلام أبيه( )، وقال لأبي بكر غيروا هذا من شعره، فقد كان رأس أبي قحافة مثل الثغامة( ).
    وفي هذا الخبر منهج نبوي كريم سنَّهُ النبي  في توقير كبار السن واحترامهم ويؤكد ذلك قوله  (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا)( ).
    وأما والدة الصديق، فهي سلمى بن صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وكنيتها أم الخير أسلمت مبكراً وسيأتي تفصيل ذلك في واقعة إلحاح أبي بكر على النبي  على الظهور بمكة( ).
    وأما زوجاته؛ فقد تزوج  من أربع نسوة أنجبن له ثلاثة ذكور وثلاث إناث وهنّ على التوالي:
    1- قتيلة بنت عبدالعزى بن أسعد بن جابر ابن مالك:
    اختلف في إسلامها( )، وهي والدة عبدالله وأسماء وكان أبوبكر طلقها في الجاهلية- وقد جاءت بهدايا فيها أقط وسمن الى إبنتها أسماء بنت أبي بكر بالمدينة، فابت أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فأرسلت الى عائشة تسأل النبي  فقال النبي : (لِتُدْخِلها ولتقبل هديتها)، وأنزل الله عز وجل {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (سورة المتحنة، الآية:8) أي لايمنعكم الله من البر والإحسان وفعل الخير الى الكفار الذين سالموكم ولم يقاتلوكم في الدين كالنساء، والضعفة منهم كصلة الرحم، ونفع الجار، والضيافة، ولم يخرجوكم من دياركم، ولايمنعكم أيضاً من أن تعدلوا فيما بينكم وبينهم، بأداء مالهم من الحق، كالوفاء لهم بالوعود، وأداء الأمانة، وإيفاء أثمان المشتريات كاملة غير منقوصة، إن الله يحب العادلين، ويرضى عنهم، ويمقت الظالمين ويعاقبهم( ).
    2- أم رومان بنت عامر بن عويمر:
    من بني كنانة بن خزيمة، مات عنها زوجها الحارث بن سخبرة بمكة، فتزوجها أبوبكر، وأسلمت قديماً، وبايعت، وهاجرت الى المدينة وهي والدة عبدالرحمن وعائشة رضي الله عنهم، وتوفيت في عهد النبي  بالمدينة سنة ست من الهجرة( ).
    3- أسماء بن عُمَيس بن معبد بن الحارث:
    أم عبدالله، من المهاجرات الأوائل، أسلمت قديماً قبل دخول دار الأرقم، وبايعت الرسول ، وهاجر بها زوجها جعفر بن أبي طالب  الى الحبشة، ثم هاجرت معه الى المدينة فاستشهد يوم مؤتة، وتزوجها الصديق فولدت له محمداً روى عنها من الصحابة : عمر، وأبو موسى، وعبدالله بن عباس، وأم الفضل امرأة العباس، فكانت أكرم الناس أصهاراً فمن أصهارها: رسول الله وحمزة، والعباس وغيرهم( ).
    4- حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير:
    الانصارية، الخزرجية وهي التي ولدت لأبي بكر أم كلثوم بعد وفاته وقد أقام عندها الصديق بالسُّنح( ).



    hf, f;v hgw]dr vqd hggi uki td l;m

    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 12:48 PM سبب آخر: تنسيق

  2. #2
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]وأما أولاد أبي بكر رضي الله عنهم فهم:
    1- عبدالرحمن بن أبي بكر:
    أسن ولد أبي بكر: أسلم يوم الحديبية، وحسن إسلامه وصحب رسول الله وقد
    إشتهر بالشجاعة وله مواقف محمودة ومشهودة بعد إسلامه( ).
    2- عبدالله بن أبي بكر:
    صاحب الدور العظيم في الهجرة، فقد كان يبقى في النهار بين أهل مكة يسمع أخبارهم ثم يتسلل في الليل الى الغار لينقل هذه الأخبار لرسول الله وأبيه، فإذا جاء الصبح عاد الى مكة، وقد أصيب بسهم يوم الطائف، فماطله حتى مات شهيداً بالمدينة في خلافة الصديق( ).
    3- محمد بن أبي بكر:

    أمه أسماء بنت عميس، ولد عام حجة الوداع وكان من فتيان قريش، عاش في حجر علي بن أبي طالب، وولاه مصر وبها قتل( ).
    4- أسماء بنت أبي بكر:
    ذات النطاقين أسن من عائشة، سماها رسول الله  ذات النطاقين لأنها صنعت لرسول الله  ولأبيها سفرة لما هاجرا فلم تجد ماتشدها به فشقت نطاقها، وشدت به السفرة فسماها النبي  بذلك، وهي زوجة الزبير بن العوام وهاجرت الى المدينة وهي حامل بعبدالله بن الزبير فولدته بعد الهجرة فكان أول مولود في الاسلام بعدالهجرة، بلغت مائة سنة ولم ينكر من عقلها شيء، ولم يسقط لها سن، روى لها عن الرسول  ستة وخمسون حديثاً، روى عنها عبدالله بن عباس، وأبناؤها عبدالله وعروة، وعبدالله بن أبي مُلَيْكة وغيرهم وكانت جوادة منفقة توفيت بمكة سنة 73هـ( ).
    5- عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها:
    الصديقة بنت الصديق تزوجها رسول الله  وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، وأعرس بها في شوال، وهي أعلم النساء، كناها رسول الله  أم عبدالله، وكان حبه لها مثالاً للزوجية الصالحة( ).
    كان الشعبي يحدث عن مسروق أنه إذا تحدث عن أم المؤمنين عائشة يقول: حدثتني الصديقة بنت الصديق المبرأة حبيبة حبيب الله ، ومسندها يبلغ ألفين ومائتين وعشرة أحاديث (2210) اتفق البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثاً، وانفرد البخاري باربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين( )، وعاشت ثلاثاً وستين سنة وأشهراً، وتوفيت سنة 57هـ، ولا ذرية لها( ).
    6- أم كلثوم بنت أبي بكر:
    أمها حبيبة بنت خارجة. قال أبوبكر لأم المؤمنين عائشة حين حضرته الوفاة: إنما هما أخواك وأختاك فقالت: هذه أسماء قد عرفتها فمن الاخرى قال: ذو بطن بنت خارجة، قد ألقي في خلدي أنها جارية فكانت كما قال: وولدت بعد موته( )، تزوجها طلحة بن عبيدالله وقتل عنها يوم الجمل، وحجت بها عائشة في عدتها فأخرجتها الى مكة( ).
    هذه هي أسرة الصديق المباركة التي أكرمها الله بالاسلام وقد اختص بهذا الفضل أبو بكر  من بين الصحابة وقد قال العلماء: لايعرف أربعة متناسلون بعضهم من بعض صحبوا رسول الله ، إلا آل أبي بكر الصديق وهم: عبدالله بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر بن ابي قحافة، فهؤلاء الأربعة صحابة متناسلون، وأيضاً محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة ( ).
    وليس من الصحابة من أسلم أبوه وأمه وأولاده، وأدركوا النبي  وأدركه أيضاً بنو أولاده: إلا أبوبكر من جهة الرجال والنساء -وقد بينت ذلك- فكلهم آمنوا بالنبي وصحبوه، فهذا بيت الصديق، فأهله أهل إيمان، ليس فيهم منافق ولايعرف في الصحابة مثل هذا لغير بيت أبي بكر رضي الله عنهم.
    وكان يقال: للإيمان بيوت وللنفاق بيوت؛ فبيت أبي بكر من بيوت الإيمان من المهاجرين، وبني النجار من بيوت الإيمان من الانصار( ).
    رابعاً: الرصيد الخُلقي للصديق في المجتمع الجاهلي:
    كان أبو بكر الصديق في الجاهلية من وجهاء قريش وأشرافهم وأحد رؤسائهم، وذلك أن الشرف في قريش قد انتهى قبل ظهور الاسلام الى عشرة رهط من عشرة أبطن، فالعباس ابن عبدالمطلب من بني هاشم، وكان يسقي الحجيج في الجاهلية، وبقي له ذلك في الاسلام وابو سفيان بن حرب من بني أمية، وكان عنده العقاب راية قريش، فإذا لم تجتمع قريش على واحد رأسوه هو وقدموه، والحارث بن عامر بن بني نوفل، وكانت إليه الرفادة، وهي ماتخرجه قريش من أموالها، وترفد به منقطع السبيل، وعثمان بن طلحة بن زمعة بن الاسود من بني أسد، وكانت إليه المشورة فلا يُجمع على أمر حتى يعرضوه عليه، فإن وافق ولاهم عليه، وإلا تخيّر وكانو له أعواناً، وأبو بكر الصديق من بني تيم وكانت إليه الأشناق وهي الديات والمغارم، فكان إذا حمل شيئاً فسأل فيه قريشاً صدقوه، وامضوا حمالة من نهض معه، وإن احتملها غيره خذلوه، وخالد بن الوليد من بني مخزوم، وكانت إليه القبة والأعنة، أما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها مايجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان على خيل قريش في الحرب. وعمر بن الخطاب من بني عدي، وكانت إليه السفارة في الجاهلية، وصفوان بن أمية من بني جمح، وكانت إليه الأزلام. والحارث بن قيس من بني سهم، وكانت إليه الحكومة وأموال آلهتهم( ).
    لقد كان الصديق في المجتمع الجاهلي شريفاً من أشراف قريش وكان من خيارهم، ويستعينون به فيما نابهم وكانت له بمكة ضيافات لايفعلها أحد( ).
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 09:52 AM سبب آخر: تنسيق

  3. #3
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]
    وقد اشتهر بعدة أمور منها:
    1- العلم بالأنساب:
    فهو عالم من علماء الأنساب وأخبار العرب، وله في ذلك باع طويل جعله أستاذ الكثير من النسابين كعقيل بن أبي طالب وغيره، وكانت له مزية حببته إلى قلوب العرب وهي: أنه لم يكن يعيب الأنساب، ولايذكر المثالب بخلاف غيره( )،

    فقد كان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها، وبما فيها من خير وشر( )، وفي هذا تروي عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله  قال: إن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها( ).
    2-تجارته:
    كان في الجاهلية تاجراً، ودخل بُصرى من أرض الشام للتجارة وارتحل بين البلدان وكان رأس ماله اربعين ألف درهم وكان ينفق من ماله بسخاء وكرم عُرف به في الجاهلية( ).
    3-موضع الألفة بين قومه وميل القلوب إليه:
    فقد ذكر ابن اسحاق في السيرة أنهم كانوا يحبونه، ويألفونه، ويعترفون له بالفضل العظيم، والخلق الكريم، وكانوا يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته( )، وقد قال له ابن الدغنه حين لقيه مهاجراً، إنك لتزين العشيرة، وتعين على النوائب، وتكسب المعدوم وتفعل المعروف( )، وقد علَّق ابن حجر على قول ابن الدغنه فقال: ومن أعظم مناقبه أن ابن الدغنه سيد القارة لما رد عليه جواره بمكة وصفه بنظير ماوصفت به خديجة النبي  لما بعث، فتواردا فيها نعت واحد من غير أن يتواطأ على ذلك، وهذه غاية في مدحه لأن صفاتالنبي  منذ نشأ كانت أكمل الصفات( ).
    4-لم يشرب الخمر في الجاهلية:
    فقد كان أعف الناس في الجاهلية( )، حتى إنه حرّم على نفسه الخمر قبل الإسلام، فقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: حرم أبو بكر الخمر على نفسه، فلم يشربها في جاهلية ولا في إسلام، وذلك أنه مرّ برجل سكران يضع يده في العذرة، ويدنيها من فيه، فإذا وجد ريحها صرفها عنه. فقال أبو بكر: إن هذا لايدري ما يصنع، وهو يجد ريحها فحماها( )، وفي رواية لعائشة ... ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية( ).
    وقد أجاب الصديق من سأله هل شربت الخمر في الجاهلية؟ بقوله: أعوذ بالله، فقيل: ولم؟ قال: كنت أصون عرضي، وأحفظ مروءتي، فإن من شرب الخمر كان مضيّعاً لعرضه ومروءته( ).
    5-ولم يسجد لصنم:
    ولم يسجد الصديق رضي الله عنه لصنم قط، قال أبو بكر رضي الله عنه في مجمع من أصحاب رسول الله ، ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحلم أخذني أبو قحافة بيدي فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام، فقال لي: هذه آلهتك الشّمُ العوالي، وخلاني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: إني جائع فأطعمني فلم يُجبني فقلت: إني عار فأكسني، فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخرَّ لوجهه() وهكذا حمله خلقه الحميد وعقله النير، وفطرته السليمة على الترفع عن كل شيء يخدش المروءة وينقص الكرامة من أفعال الجاهليين، وأخلاقهم التي تجانب الفطرة السليمة، وتتنافى مع العقل الراجح، والرجولة الصادقة( )، فلا عجب على من كانت هذه أخلاقه أن ينضم لموكب دعوة الحق ويحتل فيها الصدارة ويكون بعد إسلامه أفضل رجل بعد رسول الله ، فقد قال : خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا( )، وقد علق الأستاذ رفيق العظم عن حياة الصديق في الجاهلية فقال: اللهم إن امرأً نشأ بين الأوثان حيث لادين زاجر، ولاشرع للنفوس قائد، وهذا مكانه من الفضيلة، واستمساكه بعرى العفة والمروءة ... لجدير بأن يتلقى الإسلام بملء الفؤاد، ويكون أول مؤمن بهادي العباد، مبادر بإسلامه لإرغام أنوف أهل الكبر والعناد، ممهد سبيل الاهتداء بدين الله القويم، الذي يجتث أصول الرذائل من نفوس المهتدين بهديه، المستمسكين بمتين سببه( ).
    لله در الصديق رضي الله عنه فقد كان يحمل رصيداً ضخماً من القيم الرفيعة، والأخلاق الحميدة والسجايا الكريمة في المجتمع القرشي قبل الإسلام وقد شهد له أهل مكة بتقدمه على غيره في عالم الأخلاق والقيم والمثل ولم يُعلمْ أحد من قريش عاب أبا بكر بعيب ولانقصه ولا استرذله كما كانوا يفعلون بضعفاء المؤمنين ولم يكن له عندهم عيب إلا الإيمان بالله ورسوله( ).
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 09:54 AM

  4. #4
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]المبحث الثاني
    إسلامه ودعوته وابتلاؤه وهجرته الأولى
    أولاً: إسلامه:
    كان إسلام أبي بكر رضي الله عنه وليد رحلة إيمانية طويلة في البحث عن الدين الحق الذي ينسجم مع الفطر السليمة ويلبي رغباتها، ويتفق مع العقول الراجحة، والبصائر النافذة، فقد كان بحكم عمله التجاري كثير الأسفار، قَطَعَ الفيافي، والصحاري، والمدن والقرى في الجزيرة العربية وتنقل من شمالها إلى جنوبها، وشرقها إلى غربها، واتصل اتصالاً وثيقاً، بأصحاب الديانات المختلفة وبخاصة النصرانية، وكان كثير الإنصات لكلمات النفر الذين حملوا راية التوحيد، راية البحث عن الدين القويم( )، فقد حدّث عن نفسه فقال: كنت جالساً بفناء الكعبة، وكان زيد بن عمرو بن نُفيْل قاعداً، فمرّ ابن أبي الصَّلْتِ، فقال: كيف أصبحت يا باغي الخير؟ قال: بخير، قال: وهل وجدت؟ قال: لا، فقال:
    كل دين يوم القيامة إلا
    ما مضَى في الحنيفية بُور( )
    أما إنّ هذا النبي الذي ينتظر منا أو منكم، قال: ولم أكن سمعت قبل ذلك بنبي يُنتظر ويُبعث، قال: فخرجت أريد ورقة بن نوفل -وكان كثير النظر إلى السماء، كثير همهمة الصّدر- فاستوقفته، ثم قصصت عليه الحديث، فقال: نعم يا ابن أخي، إنّا أهل الكتب والعلوم، ألا إن هذا النبي الذي يُنتظر من أوسط العرب نسباً -ولي علم بالنسب- وقومك أوسط العرب نسباً. قلت: ياعمّ ومايقول النبي؟ قال: يقول ماقيل له؟ إلا إنّه لايظلم، ولايُظلم ولا يُظالم، فلما بُعث رسول الله  آمنت به وصدّقته( )، وكان يسمع مايقوله أمية بن أبي الصلت:
    في مثل قوله:
    ألا نبي لنا منا فيخبرنا
    مابعد غايتنا من رأس مجرانا
    إني أعوذ بمن حج الحجيج له
    والرافعون لدين الله أركانا

    لقد عايش أبو بكر هذه الفترة، ببصيرة نافذة، وعقل نير، و فكر متألق، وذهن وقاد، وذكاء حاد، وتأمل رزين ملأ عليه أقطار نفسه، ولذلك حفظ الكثير من هذه الأشعار، ومن تلك الأخبار، فعندما سأل الرسول الكريم  أصحابه يوماً -وفيهم أبو بكر الصديق قائلاً: من منكم يحفظ كلام -قيس بن ساعدة- في سوق عكاظ؟ فسكت الصحابة، ونطق الصديق قائلاً: إني أحفظها يارسول الله،
    كنت حاضراً يومها في سوق عكاظ، ومن فوق جمله الأورق وقف قيس- يقول: أيها الناس: اسمعوا وَعُوا، وإذا وعيتم فانتفعوا إن من عاش مات ومن مات فات، وكل ماهو آتٍ، آت، إن في السماء لخبراً، وإنَّ في الأرض لعبراً، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لن تغور، ليل داج، وسماء ذات أبراج!!
    يُقسم قيس، إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه. مالي أرى الناس يذهبون، ولايرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا فناموا ثم أنشد قائلاً:
    في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصــــائر
    لمــــــا رأيت موارداً للموت ليس لهــا مصائر
    ورأيت قومي نحوها يسعى الأكابر والأصاغر
    أيقنت أني لامحالـــة حيث صــار القوم صائر
    ( )
    وبهذا الترتيب الممتاز، وبهذه الذاكرة الحديدية، وهي ذاكرة استوعبت هذه المعاني يقص الصديق ماقاله قس بن ساعدة على رسول الله وأصحابه( ).
    وقد رأى رؤيا لما كان في الشام فقصّها على بحيرا الراهب( )، فقال له: من أين أنت؟ قال: من مكة، قال: من أيها؟ قال: من قريش، قال: فأي شيء أنت؟ قال: تاجر، قال: إن صدق الله رؤياك، فإنه يبعث بنبي من قومك، تكون وزيره في حياته، وخليفته بعد موته، فأسر ذلك أبو بكر في نفسه( ).
    لقد كان إسلام الصديق بعد بحث وتنقيب وانتظار وقد ساعده على تلبية دعوة الإسلام معرفته العميقة وصلته القوية بالنبي  في الجاهلية، فعندما نزل الوحي على النبي  أخذ يدعو الأفراد إلى الله وقع أول اختياره على الصديق رضي الله عنه، فهو صاحبه الذي يعرفه قبل البعثة بدماثة خلقه، وكريم سجاياه، كما يعرف أبو بكر النبي بصدقه وأمانته، وأخلاقه التي تمنعه من الكذب على الناس فكيف يكذب على الله( )؟بعثني إلى الله وحده لاشريك له، ولاتعبد غيره، والموالاة على طاعته( )، فأسلم الصديق ولم يتلعثم وتقدم ولم يتأخر، وعاهد رسول الله على نصرته فقام بما تعهد ولهذا قال رسول الله  في حقه: إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ مرتين( ).
    وبذلك كان الصديق رضي الله عنه أول من أسلم من الرجال الأحرار، قال إبراهيم النخعي، وحسان بن ثابت وابن عباس وأسماء بنت أبي بكر: أول من أسلم أبو بكر. وقال يوسف بن يعقوب الماجشون: أدركت أبي ومشيختنا: محمد بن المنكدر، وربيعة بن عبدالرحمن، وصالح بن كيسان وسعد بن ابراهيم وعثمان بن محمد الأخنس وهم لايشكون أن أول القوم إسلاماً أبو بكر( )، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول من صلى أبو بكر ثم تمثل بأبيات حسان:
    إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة
    فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
    خير البرية أتقاها وأعدلها
    إلا النبي وأوفاها بما حملا
    الثاني التالي المحمود مشهده
    وأول الناس صدق الرسلا( )
    وثاني أثنين في الغار المنيف وقد
    طاف العدو به إذ صعد الجبلا
    وعاش حميداً لأمر الله متبعاً
    بهدى صاحبه الماضي وما انتقلا
    وكان حب رسول الله قد علموا
    من البرية لم يعدل به رجلا
    ( )
    هذا وقد ناقش العلماء قضية إسلام الصديق، وهل كان رضي الله عنه أول من أسلم، فمنهم من جزم بذلك، ومنهم من جزم بأن علياً أول من أسلم، ومنهم من جعل زيد بن حارثة أول من أسلم، وقد جمع الامام ابن كثير رحمه الله بين الأقوال جمعاً طيباً فقال: (والجمع بين الأقوال كلها : أن خديجة أول من أسلم من النساء
    -وقيل الرجال أيضاً- وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة، وأول من أسلم من الغلمان علي بن أبي طالب -فإنه كان صغيراً دون البلوغ على المشهور- وهؤلاء كانوا آنذاك أهل بيته ، وأول من أسلم من الرجال الأحرار أبوبكر الصديق، وإسلامه كان أنفع من اسلام من تقدم ذكرهم إذ كان صدراً معظماً، ورئيساً في قريش مكرماً، وصاحب المال وداعية الى الاسلام وكان محبباً متآلفاً يبذل المال في طاعة الله ورسوله) ثم قال: (وقد أجاب أبو حنيفة  بالجمع بين هذه الأقوال فإن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبوبكر، ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد بن حارثة ومن الغلمان علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين( ).
    وبإسلام أبي بكر عم السرور قلب النبي  حيث تقول أم المؤمنين عائشالله  من عنده، ومابين الأخشبين أحد أكثر سروراً منه بإسلام أبي بكر( ). لقد كان ابوبكر كنزاً من الكنوز ادخره الله تعالى لنبيه وكان من أحب قريش لقريش، فذلك الخلق السمح الذي وهبه الله تعالى إياه جعله من الموطئين أكنافاً، من الذين يألفون ويؤلفون، والخلق السمح وحده عنصر كافٍ لإلفة القوم وهو الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: أرحم أمتي بأمتي ابوبكر( )، وعلم الأنساب عند العرب، وعلم التاريخ هما أهم العلوم عندهم، ولدى أبي بكر الصديق  النصيب الأوفر منهما، وقريش تعترف للصديق بأنه أ علمها بأنسابها وأعلمها بتاريخها، ومافيه من خير وشر، فالطبقة المثقفة ترتاد مجلس أبي بكر لتنهل منه علماً لاتجده عند غيره غزارة ووفرة وسعة، ومن أجل هذا كان الشباب النابهون والفتيان الأذكياء يرتادون مجلسه دائماً، إنهم الصفوة الفكرية المثقفة التي تود أن تلقى عنده هذه العلوم، وهذا جانب آخر من جوانب عظمته، وطبقة رجال الأعمال، ورجال المال في مكة، هي كذلك من رواد مجلس الصديق، فهو إن لم يكن التاجر الأول في مكة، فهو من أشهر تجارها، فأرباب المصالح هم كذلك قصاده، ولطيبته وحسن خلقه تجد عوام الناس يرتادون بيته، فهو المضياف الدمث الخلق، الذي يفرح بضيوفه، ويأنس بهم، فكل طبقات المجتمع المكي تجد حظها عند الصديق رضوان الله عليه( )، كان رصيده الأدبي والعلمي والاجتماعي في المجتمع المكي عظيماً، ولذلك عندما تحرك في دعوته للاسلام استجاب له صفوة من خيرة الخلق( ).ة رضي الله عنها: فلما فرغ من كلامه -أي النبي - أسلم أبوبكر فانطلق رسول
    فعندما فاتحه رسول الله  بدعوة الله وقال له: .. إني رسول الله ونبيه،
    ثانياً: دعوته:
    أسلم الصديق  وحمل الدعوة مع رسول الله ، وتعلم من رسول الله  أن الاسلام دين العمل والدعوة والجهاد، وأن الايمان لايكمل حتى يهب المسلم نفسه ومايملك لله رب العالمين( )، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَلا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأنعام، الآيتان: 162،163) وقد كان الصديق كثير الحركة للدعوة الجديدة، وكثير البركة اينما تحرك أثر وحقق مكاسب عظيمة للاسلام، وقد كان نموذجاً حياً في تطبيقه لقول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (سورة النحل، الآية: 125).
    كان تحرك الصديق  في الدعوة الى الله يوضح صورة من صور الايمان بهذا الدين والاستجابة لله ورسوله صورة المؤمن الذي لايقر له قرار، ولا يهدأ له بال، حتى يحقق في دنيا الناس ماآمن به، دون أن تكون انطلاقته دفعة عاطفية مؤقتة سرعان ماتخمد وتذبل وتزول، وقد بقي نشاط أبي بكر وحماسه للاسلام الى أن توفاه الله عز وجل لم يفتر أو يضعف أويمّل أو يعجز( ).


    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 12:51 PM سبب آخر: تنسيق

  5. #5
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]المبحث الثاني
    إسلامه ودعوته وابتلاؤه وهجرته الأولى
    المشاركة مكررة

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 09:57 AM

  6. #6
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]كانت أول ثمار الصديق الدعوية دخول صفوة من خيرة الخلق في الاسلام وهم: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن مضعون، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبدالرحمن بن عوف، وأبوسلمة بن عبدالأسد، والأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنهم، وجاء بهؤلاء الصحابة الكرام فرادى فأسلموا بين يدى رسول الله، فكانوا الدعامات الاولى التي قام عليها صرح الدعوة، وكانوا العدة الأولى في تقوية جانب رسول الله  وبهم أعزه الله و أيده وتتابع الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، رجالاً ونساءً، وكان كل من هؤلاء الطلائع داعية الى الاسلام، وأقبل معهم رعيل السابقين، الواحد والإثنان، والجماعة القليلة، فكانوا على قلة عددهم كتيبة الدعوة، وحصن الرسالة لم يسبقهم سابق ولا يلحق بهم لاحق في تاريخ الاسلام( ).
    وإهتم الصديق بأسرته فأسلمت أسماء وعائشة وعبدالله وزوجته أم رومان وخادمه عامر بن فهيرة، لقد كانت الصفات الحميدة والخلال العظيمة والأخلاق الكريمة التي تجسدت في شخصية الصديق عاملاً مؤثراً في الناس عند دعوتهم للاسلام، فقد كان رصيده الخلقي ضخماً في قومه وكبيراً في عشيرته، فقد كان رجلاً، مؤلفاً لقومه، محبباً لهم، سهلاً، أنسب قريش لقريش بل كان فرد زمانه في هذا الفن، وكان رئيساً مكرماً سخياً يبذل المال، وكانت له بمكة ضيافات لايفعلها أحد، وكان رجلاً بليغاً( ).
    إن هذه الأخلاق والصفات الحميدة لابد منها للدعاة إلى الله وإلا أصبحت دعوتهم للناس صيحة في واد، ونفخة في رماد، وسيرة الصديق وهي تفسر لنا فهمه للإسلام وكيف عاش به في حياته حريٌّ بالدعاة أن يتأسوا بها في دعوة الأفراد إلى الله تعالى.
    ثالثاً: ابتلاؤه:
    إن سنة الابتلاء ماضية في الأفراد والجماعات والشعوب والأمم والدول، وقد مضت هذه السنة في الصحابة الكرام وتحملوا رضوان الله عليهم من البلاء ماتنوء به الرواسي الشامخات وبذلوا أموالهم ودماءهم في سبيل الله، وبلغ بهم الجهد ماشاء الله أن يبلغ، ولم يسلم أشراف المسلمين من هذا الابتلاء، فلقد أوذي أبو بكر  وحُثي على رأسه التراب، وضرب في المسجد الحرام بالنعال، حتى مايعرف وجهه من أنفه، وحمل الى بيته في ثوبه وهو مابين الحياة والموت( )، فقد روت عائشة رضي الله تعالى عنها أنه لمّا اجتمع أصحاب النبي  وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً الحّ أبو بكر  على رسول الله  في الظهور، فقال: يا أبا بكر إنَّا قليل. فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله ، وتفرق المسلمين في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيباً ورسول الله  جالس، فكان أوّل خطيب دعا إلى الله تعالى وإلى رسوله ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضرباً شديداً، ووطئ أبو بكر وضرب ضرباً شديداً، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويُحرِّفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر ، حتى مايعرف وجهه من أنفه، وجاءت بنو تميم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر، وحَمَلت بنو تميم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولايشكون في موته، ثم رجعت بنو تميم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة (والده) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال: مافعل رسول الله ؟ فمسّوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إياه. فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: مافعل رسول الله ؟ فقالت: والله مالي علم بصاحبك. فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: إن أبا بكر سألك عن محمد بن عبدالله. فقالت: ما أعرف أبا بكر ولامحمد بن عبدالله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك. قالت: نعم، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دَنِفاً، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح، وقالت: والله إن قوماً نالوا منك لأهل فسق وكفر إنني لأرجوا أن ينتقم الله لك منهم، قال: فما فعل رسول الله ؟ قالت: هذه أمك تسمع، قال: فلاشيء عليك منها، قالت: سالم صالح، قال: أين هو؟ قالت: في دار الأرقم. قال: فإن لله علي أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله ، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس، خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على رسول الله ، فقال: فأكب عليه رسول الله فقبله، وأكب عليه المسلمون، ورقّ له رسول الله  رقة شديدة فقال أبو بكر : بأبي وأمي يارسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وأدع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار. قال: فدعا لها رسول الله  ودعاها إلى الله فأسلمت( ).
    إن هذا الحدث العظيم في طياته دروس وعبر لكل مسلم حريص على الاقتداء بهؤلاء الصحب الكرام ونحاول أن نستخرج بعض هذه الدروس التي منها:
    1-حرص الصديق على إعلان الإسلام واظهاره أمام الكفار وهذا يدل على قوة إيمانه وشجاعته وقد تحمل الأذى العظيم حتى أن قومه كانوا لايشكون في موته، لقد أشرب قلبه حب الله ورسوله أكثر من نفسه، ولم يعد يهمه -بعد إسلامه- إلا أن تعلوا راية التوحيد، ويرتفع النداء لا إله إلا الله محمد رسول الله في أرجاء مكة حتى لو كان الثمن حياته، وكاد أبو بكر فعلاً أن يدفع حياته ثمناً لعقيدته وإسلامه.
    2-إصرار أبي بكر على الظهور بدعوة الإسلام وسط الطغيان الجاهلي، رغبة في إعلام الناس بذلك الدين الذي خالطت بشاشته القلوب، رغم علمه بالأذى الذي قد يتعرض له وصحبه وماكان ذلك إلا لأنه قد خرج من حظ نفسه.
    3-حب الله ورسوله تغلغل في قلب أبي بكر على حبه لنفسه، بدليل أنه رغم ما ألم به، كان أول ما سأل عنه: مافعل رسول الله ، قبل أن يطعم أو يشرب، وأقسم أنه لن يفعل حتى يأتي رسول الله ، وهكذا يجب أن يكون حب الله ورسوله  عند كل مسلم أحب إليه مما سواهما حتى لو كلفه ذ لك نفسه وماله( ).
    4-إن العصبية القبلية كان لها في ذلك الحين دور في توجيه الأحداث والتعامل مع الأفراد حتى مع اختلاف العقيدة، فهذه قبيلة أبي بكر تهدد بقتل عتبة إن مات أبو بكر( ).
    5-تظهر مواقف رائعة لأم جميل بنت الخطاب، توضح لنا كيف تربت على حُبَّ الدعوة والحرص عليها، وعلى الحركة لهذا الدين، فحينما سألتها أم أبي بكر عن رسول الله قالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبدالله، فهذا تصرف حذر سليم، لأن أم الخير لم تكن ساعتئذ مسلمة وأم جميل كانت تخفي إسلامقريش المعروفين بالعقل والإحسان( ).تكون عيناً لقريش( )، وفي نفس الوقت حرصت أم جميل أن تطمئن على سلامة الصديق ولذلك عرضت على أم الخير أن تصحبها إلى ابنها وعندما وصلت للصديق كانت أم جميل في غاية الحيطة والحذر من أن تتسرب منها أي معلومة عن مكان رسول الله وأبلغت الصديق بأن رسول الله سالم صالح( )، ويتجلى الموقف الحذر من الجاهلية التي تفتن الناس عن دينهم في خروج الثلاثة عندما: هدأت الرجل وسكت الناس( ).
    6-يظهر بر الصديق بأمه وحرصه على هدايتها في قوله لرسول الله : هذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار. إنه الخوف من عذاب الله والرغبة في رضاه وجنته، ولقد دعا رسول الله  لأم أبي بكر بالهداية فاستجاب الله له، وأسلمت أم أبي بكر وأصبحت من ضمن الجماعة المؤمنة المباركة التي تسعى لنشر دين الله تعالى، ونلمس رحمة الله بعباده ونلحظ من خلال الحدث قانون المنحة بعد المحنة.
    7-إن من أكثر الصحابة الذين تعرضوا لمحنة الأذى والفتنة بعد رسول الله  أبا بكر الصديق  نظراً لصحبته الخاصة له، والتصاقه به في المواطن التي كان يتعرض فيها للأذى من قومه فينبري الصديق مدافعاً عنه وفادياً إياه بنفسه، فيصيبه من أذى القوم وسفههم، هذا مع أن الصديق يعتبر من كبار رجال
    رابعاً: دفاعه عن النبي :
    ها، ولاتود أن تعلم به أم الخير، وفي ذات الوقت أخفت عنها مكان الرسول  مخافة أن
    من صفات الصديق التي تميز بها: الجرأة والشجاعة، فقد كان لايهاب أحداً في الحق، ولاتأخذه لومة لائم في نصرة دين الله والعمل له والدفاع عن رسوله  فعن عروة بن الزبير قال سألت ابن عمرو بن العاص بأن يخبرني بأشد شئ صنعه المشركون بالنبي  فقال: بينما النبي  يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي ( ) وقال: (أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله) (غافر، آية:28). وفي رواية أنس رضي الله عنه أنه قال: لقد ضربوا رسول الله  مرة حتى غشي عليه فقام أبو بكر  فجعل ينادي ويلكم ( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله)( ). وفي حديث أسماء: فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقال: أدرك صاحبك. قالت فخرج من عندنا وله غدائر أربع وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله. فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لايمس شيئاً من غدائره إلا رجع معه( )، وأما في حديث علي بن أبي طالب  فقد قام خطيباً وقال: يا أيها الناس من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين فقال: أما إني مابارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر، إنا جعلنا لرسول الله  عريشاً فقلنا من يكون مع رسول الله  لئلا يهوي عليه أحد من المشركين، فوالله مادنا منه أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله ، لايهوي إليه أحد إلاّ أهوى إليه فهذا أشجع الناس. قال ولقد رأيت رسول الله وأخذته قريش فهذا يُحادُه، وهذا يتلتله ويقولون أنت جعلت الآلهة إلهاً واحداً فوالله مادنا منه أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ثم رفع على بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم هو؟ فبكت القوم، فقال عليّ: فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه( ).
    هذه صورة مشرقة تبين طبيعة الصراع بين الحق والباطل والهدى والضلال، والإيمان والكفر، وتوضح ماتحمله الصديق من الألم والعذاب في سبيل الله تعالى كما تعطي ملامح واضحة عن شخصيته الفذة، وشجاعته النادرة التي شهد له بها الإمام علي  في خلافته أي بعد عقود من الزمن، وقد تأثر علي  حتى بكى وأبكى.
    إن الصديق  أول من أوذي في سبيل الله بعد رسول الله، وأول من دافع عن رسول الله، وأول من دعا الى الله( )، وكانت الذراع اليمنى لرسول الله ، وتفرغ للدعوة وملازمة رسول الله وإعانته على من يدخلون الدعوة في تربيتهم وتعليمهم وإكرامهم، فهذا ابوذر  يقص لنا حديثه عن إسلامه ففيه: (...فقال أبوبكر: ائذن لي يارسول الله في طعامه الليلة - وأنه أطعمه من زبيب الطائف( )، وهكذا كان الصديق في وقوفه مع رسول الله يستهين بالخطر على نفسه، ولا يستهين بخطر يصيب النبي  قل أو كثر حيثما رآه واستطاع أن يذود عنه العادين عليه، وانه ليراهم آخذين بتلابيبه فيدخل بينهم وبينه وهو يصيح بهم:

    (ويلكم أتقتلون رجلاً ان يقول ربي الله؟) فينصرفون عن النبي وينحون عليه يضربونه، ويجذبونه من شعره فلا يدعونه إلا وهو صديع)( ).

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 12:52 PM سبب آخر: تنسيق

  7. #7
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]الصحابة الكرام فرادى فأسلموا بين يدى رسول الله

    المشاركة مكررة
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 09:59 AM

  8. #8
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center]
    خامساً: انفاقه الأموال لتحرير المعذبين في الله:
    تضاعف اذى المشركين لرسول الله  ولأصحابه مع انتشار الدعوة في المجتمع المكي الجاهلي حتى وصل الى ذروة العنف وخاصة في معاملة المستضعفين من المسلمين، فنكلت بهم لتفتنهم عن عقيدتهم وإسلامهم، ولتجعلهم عبرة لغيرهم، ولتنفس عن حقدها وغضبها بما تصبه عليهم من العذاب وقد تعرض بلال  لعذاب عظيم ولم يكن لبلال  ظهر يسنده، ولا عشيرة تحميه، ولا سيوف تذود عنه، ومثل هذا الانسان في المجتمع الجاهلي المكي يعادل رقماً من الأرقام، فليس له دور في الحياة إلا أن يخدم ويطيع ويباع ويشترى كالسائمة، أما أن يكون له رأي أو يكون صاحب فكر، أو صاحب دعوة أو صاحب قضية، فهذه جريمة شنعاء في المجتمع الجاهلي المكي تهز أركانه، وتزلزل أقدامه، ولكن الدعوة الجديدة التي سارع لها الفتيان وهم يتحدون تقاليد وأعراف آبائهم الكبار لامست قلب هذا العبد المرمي المنسي، فأخرجته إنساناً جديد في الحياة( )، قد تفجرت معاني الايمان في إعماقه بعد أن آمن بهذا الدين وانضم الى محمد  وإخوانه في موكب الايمان العظيم وعندما علم سيده أميةبن خلف، راح يهدده تارة ويغريه اطوراً فما وجد عند بلال غير العزيمة وعدم الاستعداد للعودة الى الوراء الى الكفر والجاهلية والضلال، وفحنق عليه أمية وقرر أن يعذبه عذاباً شديداً، فأخرجه الى شمس الظهيرة في الصحراء بعد أن منع عنه الطعام والشراب يوماً وليلة، ثم ألقاه على ظهره فوق الرمال المحرقة الملتهبة ثم أمر غلمانه فحملوا صخرة عظيمة وضعوها فوق صدر بلال وهو مقيد اليدين، ثم قال له: لاتزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى) وأجاب بلال بكل صبر وثبات: أحد أحد. وبقي أمية بن خلف مدة وهو يعذب بلالاً بتلك الطريقة البشعة( )، فقصد وزير رسول الله  الصديق موقع التعذيب وفاوض أمية بن خلف وقال له: (ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى! قال: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، فقال أبوبكر: أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به، قال: قد قبلت؛ فقال: هو لك فأعطاه أبوبكر الصديق  غلامه ذلك وأخذه فأعتقه)( )، وفي رواية اشتراه بسبع أواق أو بأربعين أوقية ذهباً( )، ماأصبر بلال وماأصلبه ! فقد كان صادق الاسلام، طاهر القلب، ولذلك صَلُب ولم تلين قناته أمام التحديات وأمام صنوف العذاب، وكان صبره، وثباته مما يغيظهم ويزيد حنقهم، خاصة أن كان الرجل الوحيد من ضعفاء المسلمين الذي ثبت على الاسلام فلم يوات الكفار فيما يريدون مردداً كلمة التوحيد بتحد صارخ، وهانت عليه نفسه في الله وهان على قومه( ).
    وبعد كل محنة منحة فقد تخلص بلال من العذاب والنكال، وتخلص من أسر العبودية، وعاش مع رسول الله بقية حياته ملازماً له، ومات راضياً عنه.
    واستمر الصديق في سياسة فك رقاب المسلمين المعذبين واصبح هذا المنهج من ضمن الخطة التي تبنتها القيادة الاسلامية لمقاومة التعذيب الذي نزل بالمستضعفين فدّعم الدعوة بالمال والرجال والأفراد فراح يشتري العبيد والإماء المملوكين من المؤمنين والمؤمنات منهم عامر بن فهيرة شهد بدراً وأحداً، وقتل يوم بئر معونة شهيداً، وأم عبيس، و زنِّيرة وأصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش: ماأذهب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت: كذبوا وبيت الله ماتضر اللات والعزى وماتنفعان، فرد الله بصرها( )، وأعتق النهدية وبنتها وكانتا لامرأة من بني عبدالدار مرّ بهما وقد بعثتهما سيدتهما بطحين لها وهي تقول: والله لا أعتقكما أبداً: فقال ابو بكر  حِلُّ( ) يأم فلان فقالت: حل أنت، أفسدتهما فأعتقهما؛ قال: فبكم هما؟ قالت: بكذا وكذا. وقال: قد أخذتهما وهما حرتان ألينها طحينها. قالتا: أو نفرغ منه ياأبابكر ثم نرده إليها؟ قال: وذلك إن شئتما( ).
    وهنا وقفة تأمل ترينا كيف سوى الاسلام بين الصديق والجاريتين حتى خطابتاه خطاب الند للند، لاخطاب المسود للسيد، وتقبل الصديق على شرفه وجلالته في الجاهلية والاسلام - منهما ذلك، مع أنه له يداً عليهما بالتعق، وكيف صقل الاسلام الجاريتين حتى تخلقتا بهذا الخلق الكريم، وكان يمكنهما وقد أعتقتا وتحررتا من الظلم أن تدعا لهما طحينها يذهب أدراج الرياح، أو يأكله الحيوان والطير، ولكنهما ابتا - تفضلاً، إلا أن تفرغا منه، وترداه إليها( ).
    ومر الصديق بجارية بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب وكانت مسلمة، وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الاسلام، وهو يومئذ مشركاً يضربها، حتى إذا ملَّ قال: إني أعتذر إليك إني لم أتركك إلا عن ملالة فتقول: كذلك فعل الله بك فابتاعها أبوبكر فأعتقها( ).
    هكذا كان واهب الحريات، ومحرر العبيد، شيخ الاسلام الوقور، الذي عرف بين قومه، بأنه يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، ولم ينغمس في إثم في جاهليته، أليف مألوف يسيل قلبه رقة ورحمة على الضعفاء والأرقاء، أنفق جزءً كبيراً من ماله في شراء العبيد، وعتقهم لله، وفي الله، قبل أن تنزل التشريعات الاسلامية المحببة في العتق، والواعدة عليه أجزل الثواب( ).
    كان المجتمع المكي يتندر بأبي بكر  الذي يبذل هذا المال كله لهؤلاء المستضعفين، أما في نظر الصديق، فهؤلاء إخوانه في الدين الجديد فكل واحد من هؤلاء لايساوي عنده مشركي الأرض وطغاتها، وبهذه العناصر وغيرها تبنى دولة التوحيد، وتصنع حضارة الاسلام الرائعة( ) ولم يكن الصديق يقصد بعمله هذا محمدة، ولا جاهاً، ولا ديناً، وإنما كان يريد وجه الله ذا الجلال والإكرام لقد قال له أبوه ذات يوم: يابني إني أراك تعتق رقاباً ضعافاً، فلو أنك إذ فعلت أعتقت رجالاً جلد يمنعوك، ويقومون دونك؟ فقال أبوبكر : ياأبت إني إنما أريد ماأريد لله عز وجل، فلا عجب إذا كان الله سبحانه أنزل في شأن الصديق قرآناً يتلى الى يوم القيامة قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَىوَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىفَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىوَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَىوَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىفَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىوَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىإِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىوَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَىفَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىلا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَىالَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىوَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَىالَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىوَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَىإِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَىوَلَسَوْفَ يَرْضَى}( ) (سورة الليل، الآيات: 5-21).
    لقد كان الصديق من أعظم الناس إنفاقاً لماله فيما يرضي الله ورسوله.
    كان هذا التكافل بين أفراد الجماعة الاسلامية الأولى قمة من قمم الخير والعطاء، وأصبح هؤلاء العبيد بالاسلام، أصحاب عقيدة وفكرة يناقشون بها وينافحون عنها، ويجاهدون في سبيلها، وكان إقدام إبي بكر  على شرائهم ثم عتقهم دليلاً على عظمة هذا الدين ومدى تغلغله في نفسية الصديق ، وما أحوج المسلمين اليوم أن يحيوا هذا المثل الرفيع، والمشاعر السامية ليتم التلاحم والتعايش، والتعاضد بين أبناء الأمة التي يتعرض ابناءها للابادة الشاملة من قبل أعداء العقيدة والدين.
    سادساً: هجرته الاولى وموقف ابن الدغنة منها:
    قالت عائشة رضي الله عنها: قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله  طرفي النهار: بكرة وعشية فلما ابتلى المسلمون، خرج أبوبكر مهاجراً نحو أرض الحبشة حتى برك الغماد لقيه ابن الدغنة -وهو سيد القارة( )- فقال: أين تريد ياأبابكر؟ فقال ابوبكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك ياأبابكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فأنا لك جار. ارجع وأعبد ربك ببلدك. فرجع، وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبابكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالوا لابن الدغنة: مر أبابكر فليعبد ربه في داره، فليصل فيها وليقرأ ماشاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن الدغنة لابي بكر، فلبث أبوبكر بذلك يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره. ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره، وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقذف عليه نساء المشركين، وأبناؤهم، وهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبوبكر رجلاً بكاءً لايملك عينه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا الى ابن الدغنة، فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبابكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجداً بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمته، فإنا قد كرهنا أن نغفرك ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة الى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع اليّ ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت في رجل عقدت له. فقال أبوبكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار


    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 12:53 PM

  9. #9
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [align=center](ويلكم أتقتلون رجلاً ان يقول ربي الله؟)

    المشاركة مكررة

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حازم زكي البكري ; 13-07-2011 الساعة 10:00 AM

  10. #10
    مشرف عام مجالس القبائل البكرية و التيمية
    تاريخ التسجيل
    24-04-2010
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    222

    افتراضي

    رضي الله تعالى عنه وأرضاه

  11. #11
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المسترسل مشاهدة المشاركة
    رضي الله تعالى عنه وأرضاه
    جزاك الله كل خير
    ربما هذه افضل مختصر عن
    ابي بكر الصديق رضي الله عنه
    واراه صالحا لمقدمة الكتاب
    كتاب نسل ال ابي بكر

  12. #12

    افتراضي

    بارك الله فيك وسلمت اناملك ،واصل وصلك الله ورفع مقامك.

    احفاد ابوبكر الصديق رضي الله عنه من ابناء البطون لا ينسى أمير المؤمنين لمدة تسع سنوات عبد الله بن الزبير ،من ابناء اسماء ، كما لا ينسى احفاده من ام كلثوم زوج طلحة بن عبيد الله ، ومن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابي ربيعة .

  13. #13
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد البكري الطائفي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك وسلمت اناملك ،واصل وصلك الله ورفع مقامك.

    [gdwl]احفاد ابوبكر الصديق رضي الله عنه من ابناء البطون[/gdwl]
    [gdwl]لا ينسى أمير المؤمنين لمدة تسع سنوات عبد الله بن الزبير ،من ابناء اسماء[/gdwl] ،
    [gdwl] كما لا ينسى احفاده من ام كلثوم زوج طلحة بن عبيد الله[/gdwl] ، [gdwl]ومن عبد الرحمن بن عبد الله بن ابي ربيعة [/gdwl].

    جزاك الله على
    الاشارات المهمة نضيفها للمختصر
    ان شاء الله
    ننتظر المزيد

  14. #14

    افتراضي

    2- الصديق

    لقبه به النبي  ففي حديث أنس  أنه قال: أن النبي  صعد أحداً، وأبوبكر، وعمر، وعثمان، فوجف بهم فقال: اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان( ).
    بل لقب الصديق قد لقبه بالله تعالى حيث قال " والذي جاء بالصدق صدق به اولئك هم المتقون " صدق الله العظيم



  15. #15

    افتراضي

    [align=center]
    وأما صفته الخِلقية، فقد كان يوصف بالبياض في اللون، والنحافة في البدن، وفي هذا يقول قيس بن أبي حازم: دخلت على أبي بكر، وكان رجلاً نحيفاً، خفيف اللحم أبيض( )، وقد وصفه أصحاب السير من افواه الرواة فقالوا: أن أبا بكر  اتصف بأنه: كان أبيض تخالطه صُفرة، حسن القامة، نحيفاً خفيف العارضين، أجنأ( )، لايستمسك إزاره يسترخي عن حقويه( ) رقيقاً معروق الوجه( )، غائر العينين( )، اقنى( )، حمش الساقين( )، ممحوص الفخذين( )، وكان ناتئ الجبهة، عاري الأشجاع( ) ويخضب لحيته، وشيبه بالحناء والكتم( ).
    حديث ذو شجون يثيرني كثيرا

    فاسمحوا يا معشر الاخوة ان اخبركم برؤيا رأيتها منذ عدة سنوات

    رايت فيها جدي أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وكانت صفاته هي هي مثلما ذكرت اعلى.

    ------

    رأيت رجلا يلبس لبس المحارب القديمة وهي ملابس قصيرة شيئا ما تصل الى اسفل الركبة بقليل ويمسك في يده اليمنى رمح وفي يده اليسرى درع وكان نحيف الجسم ابيض الملامح ولكن قد يكون يميل لونه قليلا الى اللون الحنطي (قمحي) ، ولكن كان على بعد مني في المسافة ، فلم يتسنى لي التحقق من ملامح وجهه كلها ، وكان يدور حول خيمة من (البوص المبلط بالطين) بغرض حراسة من بداخلها، وكانت الخيمة عن يساره وهو يدور .

    وكان بداخلها سيدنا رسول الله ، حيث ان الحجرة كانت تشع نورا ابيض شديد ، والقي في خلدي في المنام ان رسول الله في هذه الخيمة وانه هو سبب هذا النور الابيض الشديد المنبعث من الحجرة المصنوعة من (البوص او القصب) وكانت في مكان صحراوي.


    هكذا هي الرؤيا مثلما رايتها

    صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله
    ورضي الله عنك يا جدي يا أبا بكر الصديق

    اللهم ارزقني زيارتهم في الدنيا ..ومرافقتهم في الاخرة

    اللهم ااااامين
    [/align]

  16. #16
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالب علم مشاهدة المشاركة


    بل لقب الصديق قد لقبه بالله تعالى حيث قال " والذي جاء بالصدق صدق به اولئك هم المتقون " صدق الله العظيم





    القول في تأويل قوله تعالى :
    ( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ( 33 ) لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ( 34 ) )

    اختلف أهل التأويل في الذي جاء بالصدق وصدق به ، وما ذلك ، فقال بعضهم : الذي جاء بالصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالوا : والصدق الذي جاء به : لا إله إلا الله ، والذي صدق به - أيضا - هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

    ذكر من قال ذلك :

    حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( والذي جاء بالصدق ) يقول : من جاء بلا إله إلا الله ( وصدق به ) يعني : رسوله .

    وقال آخرون : الذي جاء بالصدق : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي صدق به : أبو بكر رضي الله عنه .

    [ ص: 290 ] ذكر من قال ذلك :

    حدثني أحمد بن منصور قال : ثنا أحمد بن مصعد المروزي قال : ثنا عمر بن إبراهيم بن خالد عن عبد الملك بن عمير عن أسيد بن صفوان عن علي - رضي الله عنه - في قوله : ( والذي جاء بالصدق ) قال : محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدق به قال : أبو بكر رضي الله عنه .

    وقال آخرون : الذي جاء بالصدق : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصدق : القرآن ، والمصدقون به : المؤمنون

    ذكر من قال ذلك :

    حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( والذي جاء بالصدق ) قال : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء بالقرآن ، وصدق به المؤمنون .

    حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( والذي جاء بالصدق ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدق به المسلمون .

    وقال آخرون : الذي جاء بالصدق جبريل ، والصدق : القرآن الذي جاء به من عند الله ، وصدق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

    ذكر من قال ذلك :

    حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي في قوله : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) محمد - صلى الله عليه وسلم - .

    وقال آخرون : الذي جاء بالصدق : المؤمنون ، والصدق : القرآن ، وهم المصدقون به .

    ذكر من قال ذلك :

    حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد قوله : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال : الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة ، فيقولون : [ ص: 291 ] هذا الذي أعطيتمونا فاتبعنا ما فيه .

    قال : ثنا حكام ، عن عمرو عن منصور ، عن مجاهد ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال : هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون : هذا الذي أعطيتمونا ، فاتبعنا ما فيه .

    والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - عنى بقوله : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) - كل من دعا إلى توحيد الله ، وتصديق رسله ، والعمل بما ابتعث به رسوله من بين رسل الله وأتباعه والمؤمنين به ، وأن يقال : الصدق هو القرآن ، وشهادة أن لا إله إلا الله ، والمصدق به : المؤمنون بالقرآن ، من جميع خلق الله كائنا من كان من نبي الله وأتباعه .

    وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ؛ لأن قوله - تعالى ذكره - : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) عقيب قوله : ( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه ) وذلك ذم من الله للمفترين عليه ، المكذبين بتنزيله ووحيه ، الجاحدين وحدانيته . فالواجب أن يكون عقيب ذلك مدح من كان بخلاف صفة هؤلاء المذمومين ، وهم الذين دعوهم إلى توحيد الله ، ووصفه بالصفة التي هو بها ، وتصديقهم بتنزيل الله ووحيه . والذين هم كانوا كذلك يوم نزلت هذه الآية - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . ومن بعدهم القائمون في كل عصر وزمان بالدعاء إلى توحيد الله ، وحكم كتابه ؛ لأن الله - تعالى ذكره - لم يخص وصفه بهذه الصفة التي في هذه الآية على أشخاص بأعيانهم ، ولا على أهل زمان دون غيرهم ، وإنما وصفهم بصفة ، ثم مدحهم بها ، وهي المجيء بالصدق والتصديق به ، فكل من كان كذلك وصفه فهو داخل في جملة هذه الآية إذا كان من بني آدم .

    ومن الدليل على صحة ما قلنا أن ذلك كذلك - في قراءة ابن مسعود . " والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به " فقد بين ذلك من قراءته أن الذي من [ ص: 292 ] قوله ( والذي جاء بالصدق ) لم يعن بها واحد بعينه ، وأنه مراد بها جماع ، ذلك صفتهم ، ولكنها أخرجت بلفظ الواحد ؛ إذ لم تكن موقتة . وقد زعم بعض أهل العربية من البصريين ، أن " الذي " في هذا الموضع جعل في معنى جماعة بمنزلة " من " . ومما يؤيد ما قلنا أيضا قوله : ( أولئك هم المتقون ) فجعل الخبر عن " الذي " جماعا ؛ لأنها في معنى جماع . وأما الذين قالوا : عني بقوله : ( وصدق به ) - غير الذي جاء بالصدق ، فقول بعيد من المفهوم ؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا لكان التنزيل : والذي جاء بالصدق ، والذي صدق به أولئك هم المتقون ، فكانت تكون " الذي " مكررة مع التصديق ، ليكون المصدق غير المصدق ، فأما إذا لم يكرر ، فإن المفهوم من الكلام أن التصديق من صفة الذي جاء بالصدق ، لا وجه للكلام غير ذلك . وإذا كان ذلك كذلك ، وكانت " الذي " في معنى الجماع بما قد بينا ، كان الصواب من القول في تأويله ما بينا .

    وقوله : ( أولئك هم المتقون ) يقول - جل ثناؤه - : هؤلاء الذين هذه صفتهم . هم الذين اتقوا الله بتوحيده والبراءة من الأوثان والأنداد ، وأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ، فخافوا عقابه .

    كما حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( أولئك هم المتقون ) يقول : اتقوا الشرك .

    وقوله : ( لهم ما يشاءون عند ربهم ) يقول - تعالى ذكره - : لهم عند ربهم يوم القيامة ما تشتهيه أنفسهم ، وتلذه أعينهم ( ذلك جزاء المحسنين ) يقول - تعالى ذكره - : هذا الذي لهم عند ربهم ، جزاء من أحسن في الدنيا فأطاع الله فيها ، وائتمر لأمره ، وانتهى عما نهاه فيها عنه .

    ننتظر المزيد من المشاركات للوصول الى المختصر في سيرة ابي بكر رضي الله عنه

  17. #17

    افتراضي

    [align=center]
    العلم بالانساب

    فهو عالم من علماء الأنساب وأخبار العرب، وله في ذلك باع طويل جعله أستاذ الكثير من النسابين كعقيل بن أبي طالب وغيره، وكانت له مزية حببته إلى قلوب العرب وهي: أنه لم يكن يعيب الأنساب، ولايذكر المثالب بخلاف غيره( )،
    هل من الممكن يا عمي حازم ان تذكر لي المصدر الذي ذكر فيه ان سيدنا ابي بكر الصديق كان استاذا في النسب لسيدنا عقيل بن ابي طالب ؟؟ فانا استغرب لهذا الامر

    حيث انه على حسب علمي ان الاثنين كانت لهم نفس الخبرة والدراية والمعرفة الجيدة

    وان تلميذ أبي بكر الصديق النجيب في الانساب هو الصحابي جبير بن المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف

    وقد اخذ نسب قريش في كتب الانساب عن الامام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وهو قد اخذه من عقيل بن أبي طالب ولكن لا ادري مباشرة ام عن طريق اخر

    واحب ان ازيد نقطة اخري وهي ان لسيدنا عقيل بن ابي طالب منهج في الانساب

    فعندما كان يأتي اليه خصمين للتحكيم بينهما في الحسب والنسب فكانت طريقته مختلفة عن طرق باقي النسابين ، حيث انه كان يعدد من مساؤء الخصمين ، فمن وجدته مساؤه اقل من الاخر ، نفره على خصمه

    ولكن كان الاسلوب المتبع هو عكس هذا ، حيث كانت تعدد مناقب الرجال والرجل ذو النصيب الاوفر هو الذي يغلب


    رضي الله عن الجميع وصلى وسلم على سيدي رسول الله عليه الصلاة والسلام
    [/align][align=center][/align][align=center][/align]

  18. #18

    افتراضي

    جزاك الله كل خير
    ربما هذه افضل مختصر عن
    ابي بكر الصديق رضي الله عنه
    واراه صالحا لمقدمة الكتاب
    كتاب نسل ال ابي بكر
    بالفعل هو كذلك ويصلح لذلك

    والله يا عم حازم اني احزن اشد الحزن عندما اقارن بين حالنا اليوم وحال جدنا الصديق

    الفرق شاسع بين الثرى والثريا وبين الليل والنهار

    اللهم ارزقنا العفو والعافية والعفاف والتقى يااارب

  19. #19

    افتراضي

    [align=center]أحسنت عمنا حازم في ردك على " الذي جاء بالصدق "

    جزاك الله خيرا
    [/align]

  20. #20

    افتراضي

    [align=center]عندي معلومة طريفة

    وهي ان الله جعل هناك علاقة نسب بين أبي بكر الصديق وبين الفاسق عتبة بن ربيعة

    فسبحانك ربي


    حيث ان جدنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم ، أمه هي قريبة الصغرى بنت زاد الركب أبي أمية بن المغيرة المخزومي

    وأمها هي "عاتكة بت عتبة بن ربيعة "

    ومن اللطائف ايضا ان عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق تكون عمته وخالته من زوجات الرسول وامهات المؤمنين

    فعمته هي السيدة عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين
    وخالته هي السيدة هند بن أبي أمية أم المؤمنين


    [/align]

  21. #21
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    [gdwl]هل من الممكن يا عمي حازم ان تذكر لي المصدر[/gdwl]
    التهذيب (2/183).

  22. #22

    افتراضي

    [align=center]
    التهذيب (2/183).
    اذا نغير ونضيف هذه المعلومة الجديدة الى الذاكرة

    شكرا يا ابا حسام ...يا منبع العلم

    بارك الله فيك
    [/align][align=center][/align]

  23. #23
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالب علم مشاهدة المشاركة
    [align=center]

    اذا نغير ونضيف هذه المعلومة الجديدة الى الذاكرة

    شكرا يا ابا حسام ...يا منبع العلم

    بارك الله فيك
    [/align][align=center][/align]
    [gdwl]ليس من المستغرب ان يخالف التلميذ استاذه
    ويكون لكل واحد منهجه الخاص

    انظر الى المذاهب الاربعة ترى ان احدهم تلميذ الاخر
    [/gdwl]

  24. #24

    افتراضي

    [align=center]
    انظر الى المذاهب الاربعة ترى ان احدهم تلميذ الاخر
    نعم فالامام احمد هو تلميذ الامام الشافعي الذي هو تلميذ للامام مالك الذي هو نظير للامام النعمان
    [/align]

  25. #25
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    بارك الله فيكم يا احفاد الصديق

  26. #26

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد محمود فكرى الدراوى مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم يا احفاد الصديق
    وفيك يا حبيب ال الصديق

    اللهم اجمعنا مع الصديق والفاروق وسيد النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

  27. #27
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    26 ايلول | سبتمبر 2016

  28. #28
    مشرف عام مجالس قريش و كنانة - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية حازم زكي البكري
    تاريخ التسجيل
    27-03-2011
    الدولة
    القدس
    العمر
    64
    المشاركات
    9,330

    افتراضي

    رضي الله عن أبي بكر الصديق

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الرد على من ادعى تخلف سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه في مبايعة ابي بكر الصديق رضي الله عنه
    بواسطة حازم زكي البكري في المنتدى مجلس القبائل البكرية و التيمية العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-10-2016, 08:37 PM
  2. سيرة الصحابي الجليل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ابو بكر الصديق) رضي الله عنه
    بواسطة عبدالمنعم عبده الكناني في المنتدى موسوعة التراجم الكبرى
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-01-2016, 12:02 AM
  3. ابو بكر الصديق وعلي بن ابي طالب رضي الله عنهما امام حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    بواسطة حازم زكي البكري في المنتدى مجلس القبائل البكرية و التيمية العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-01-2012, 11:53 PM
  4. نسب الصديق العتيق ابو بكر الصديق رضي الله عنه
    بواسطة السيد الرضوي الحسيني في المنتدى مجلس قبيلة قريش العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 14-03-2011, 09:10 AM
  5. من كلام الصديق ابي بكر الصديق رضي الله عنه
    بواسطة احمد عبدالنبي فرغل في المنتدى مجلس القبائل البكرية و التيمية العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-12-2010, 09:13 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum