قال شيخ الإسلام- يعني الحافظ ابن حجر -: مع أنَّه يمكن للنَّاظر المُتقن ترجيح بعضها على بعض, من حيث حفظ الإمام الَّذي رجَّح وإتقانه, وإن لم يتهيأ ذلكَ على الإطلاق, فلا يخلُو النَّظر فيهِ من فائدة, لأنَّ مجموع ما نُقل عن الأئمة من ذلك يُفيد ترجيح التَّراجم الَّتي حَكمُوا لها بالأصحية, على ما لم يقع له حكم من أحد منهم.
وعِبَارة ابن الصَّلاح: ولهذا نَرَى الإمْسَاك عن الحكم لإسْنَادٍ أو حديثٍ بأنَّه أصحُّ على الإطلاق.
قال العَلائي: أمَّا الإسْنَادُ فقد صرَّح جَمَاعة بذلك, وأمَّا الحديث فلا يُحفظ عن أحد من أئمة الحديث, أنَّه قال: حديث كذا أصح الأحاديث على الإطْلاق, لأنَّه لا يَلْزم من كَوْن الإسْنَاد أصح من غيره, أن يَكُون المتن كذلك, فلأجل ذلكَ ما خاضَ الأئمة إلاَّ في الحُكم على الإسْنَاد.
وكأنَّ المُصَنِّف حذفهُ لذلك, لكن قال شيخ الإسْلام : سيأتي أنَّ من لازم ما قاله بعضهم: إنَّ أصح الأسَانيد ما رواه أحمد عن الشَّافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر, أن يكون أصح الأحاديث الحديث الَّذي رواه أحمد بهذا الإسناد, فإنَّه لم يرو في «مسنده» به غيره, فيَكُون أصح الأحاديث على رأي من ذهب إلى ذلك.
قلتُ: قد جزمَ بذلكَ العلائي نفسه في عَوَالي مالك, فقال في الحديث المذكُور: إنَّه أصح حديث في الدُّنيا.
وقيل أصحُّها مطلقا ما رواه أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه وهذا مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه, صرح بذلك ابن الصَّلاح(1).
مثال : كما في صحيح البخارى برقم (919 ) حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ « مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ » .
وقيل أصحُّها محمَّد ابن سيرين عن عَبيدة السَّلماني بفتح العين عن علي بن أبي طالب, وهو مَذْهب ابن المديني والفلاَّس وسُليمان بن حرب, إلاَّ أن سُليمان قال: أجودها أيُّوب السِّخْتياني عن ابن سيرين, وابن المديني: عبد الله بن عون عن ابن سيرين, حكاه ابن الصَّلاح.
كما في صحيح البخارى برقم (3707 ) حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ: اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ ، فَإِنِّى أَكْرَهُ الاِخْتِلاَفَ حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِى . فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَلَى عَلِىٍّ الْكَذِبُ .
وقيل: أصحها سليمان الأعمش عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود وهو مذهب ابن معين, صرح به ابن الصَّلاح .
كما في سنن الترمذى برقم (395 ) حَدَّثَنَا هَنَّادٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ سَجْدَتَىِ السَّهْوِ بَعْدَ الْكَلاَمِ. قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ.
وقيل أصحها [الزُّهْري عن زين العابدين علي بن الحُسين عن أبيه الحُسين عن أبيه [علي] بن أبي طالب, حكاهُ ابن الصَّلاح عن أبي بكر بن أبي شيبة, والعِرَاقي عن عبد الرزاق .
كما في مسند أحمد برقم (585) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ كَتَبَ إِلَىَّ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِخَطِّى وَخَتَمْتُ الْكِتَابَ بِخَاتَمِى يَذْكُرُ أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ « أَلاَ تُصَلُّونَ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا. وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِين قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ « (وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً) ».
وقيل: أصحها مالك بن أنس عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر وهذا قول البُخَاري, وصدَّر العراقي به كلامه, وهو أمر تميل إليه النفوس وتنجذب إليه القلوب.
روى الخَطِيب في «الكفاية» عن يحيى بن بُكير أنَّه قال لأبي زرعة الرَّازي: يا أبا زرعة ليس ذا زعزعة عن زوبعة, إنَّما ترفع السِّتر فتنظر إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - والصَّحابة, حدثنا مالك عن نافع عن ابن عُمر.
فعَلَى هذا قيل عِبَارة ابن الصَّلاح : وبَنى الإمام أبو منصُور عبد القاهر بن طَاهر التَّميمي: أن أجل الأسَانيد الشَّافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر واحتجَّ بإجْمَاع أهل الحديث, على أنَّه لم يكن في الرُّواة عن مالك أجل من الشَّافعي.
وبنى بعض المُتأخرين على ذلك أنَّ أجلها رواية أحمد بن حنبل عن الشافعي عن مالك, لاتفاق أهل الحديث على أنَّ أجل من أخذ عن الشَّافعي من أهل الحديث الإمام أحمد, وتُسمَّى هذه الترجمة سلسلة الذَّهب, وليسَ في «مُسنده» على كبره بهذه الترجمة سِوَى حديث واحد, وهو في الواقع أربعة أحاديث جمعها وسَاقها مساق الحديث الواحد, بل لم يقع لنَا على هذه الشريطة غيرها ولا خارج المسند.
كما في موطأ مالك برقم (230 ) وَحَدَّثَنِى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ».
وكما في صحيح ابن حبان برقم (6174 ) أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ، قال : حدثنا حرملة بن يحيى ، قال : حدثنا الشافعي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « الحمى من فور جهنم ، فأطفئوها بالماء »
اعترضَ مَغْلطَاي على التميمي في ذكره الشَّافعي برواية أبي حنيفة عن مالك, إن نظرنا إلى الجلالة, وبابن وهب والقعنبي, إن نظرنا إلى الإتقان.
قال البَلْقِيني في «محاسن الاصْطلاح» : فأمَّا أبو حنيفة فهو وإن روى عن مالك كما ذكره الدَّارقُطْني, لكن لم تشتهر رِوَايته عنه كاشتهار رواية الشَّافعي, وأمَّا القَعْنبي وابن وهب فأين تقع رُتبتهما من رُتبة الشَّافعي.
وقال العِرَاقي, فيما رأيته بخطِّه: رواية أبي حنيفة عن مالك فيما ذكره الدَّارقطني في «غرائبه» وفي «المُدبج» ليست من روايته عن ابن عُمر, والمسألة مفروضة في ذلك, قال: نعم ذكر الخطيب حديثًا كذلك في الرِّواية عن مالك.
وقال شيخ الإسلام : أمَّا اعتراضه بأبي حنيفة فلا يَحْسُن لأنَّ أبا حنيفة لم تثبت روايته عن مالك, وإنَّما أوردها الدَّارقطني, ثمَّ الخطيب لروايتين وقعتا لهما عنه بإسنادين فيهما مقال, وأيضًا فإنَّ رواية أبي حنيفة عن مالك إنَّما هي فيما ذكرهُ في المُذاكرة, ولم يقصد الرِّواية عنه كالشَّافعي, الَّذي لازمه مُدَّة طويلة, وقرأ عليه «الموطأ» بنفسه.
وأمَّا اعتراضه بابن وهب والقَعْنبي, فقد قال الإمام أحمد: أنَّه سمع «الموطأ» من الشَّافعي بعد سَمَاعه له من ابن مهدي الرَّاوي عن مالك بكثرة, قال لأنِّي رأيتهُ فيه ثبتًا, فعلَّل إعادته لِسَماعه وتخصيصها بالشَّافعي بأمر يرجع إلى التثبت, ولا شكَّ أنَّ الشَّافعي أعلم بالحديث منهما.
قال: نعم أطلقَ ابن المَدِيني أنَّ القعنبي أثبتَ النَّاس في «الموطأ» والظَّاهر أنَّ ذلكَ بالنسبة إلى الموجودين عندَ إطلاق تلكَ المَقَالة, فإنَّ القعنبي عاشَ بعد الشَّافعي مُدَّة, ويؤيد ذلك مُعارضة هذه المَقَالة بمثلها, فقد قال ابن معين مثل ذلك في عبد الله بن يوسف التِّنيسي.
قال: ويُحتمل أن يَكُون وجه التقديم من جهة من سمع كثيرًا من «الموطأ» من لفظ مالك, بناء على أنَّ السَّماع من لفظ الشَّيخ أتقن من القِرَاءة عليه, وأمَّا ابن وهب فقد قال غير واحد: إنَّه غير جيد التحمُّل, فيحتاج إلى صحة النقل عن أهل الحديث, إن كان أتقن الرُّواة عن مالك, نعم كان كثير اللزوم له.
قال: والعَجَب من تَرْديد المُعترض من الأجلية والأتقنية, وأبو منصُور إنَّما عبَّر بأجل, ولا يشك أحد أنَّ الشَّافعي أجل من هؤلاء, لمَا اجتمع له من الصِّفات العَلِية المُوجبة لتقديمه, وأيضًا, فزيادة إتْقَانه لا يشك فيها من له علم بأخبار النَّاس, فقد كانَ أكابر المُحدِّثين يأتُونه فيُذَاكرونه بأحاديث أشكلت عليهم, فيبين لهم ما أشكل ويُوقفهم على علل غامضة, فيقُومون وهم يتعجبون, وهذا لا يُنازع فيه إلاَّ جاهل, أو مُتغافل.
قال: لكن إيراد كلام أبي منصور في هذا الفصل فيه نظر, لأنَّ المُراد بترجيح ترجمة مالك عن نافع عن ابن عمر على غيرها, إن كان المُراد به ما وقع في «الموطأ» فرواته فيه سواء من حيث الاشتراك في رواية تلك الأحاديث, ويتم ما عبَّر به أبو منصور من أنَّ الشافعي أجلهم, وإن كان المُراد به أعم من ذلك, فلا شكَّ أنَّ عند كثير من أصحاب مالك من حديثه خارج «الموطأ» ما ليس عند الشَّافعي, فالمُقَام على هذا مقام تأمُّل, وقد نُوزع في أحمد بمثل ما نُوزع في الشافعي من زيادة المُمَارسة والمُلازمة لغيره, كالرَّبيع مثلاً, ويُجَاب بمثل ما تقدَّم."
وقال السيوطي رحمه الله(2):
" ذكر المُصنِّف - يعني الإمام النووي رحمه الله - تبعًا لابن الصَّلاح في هذه المسألة خمسة أقوال, وبقي أقوال أُخر.
فقال حجَّاج بن الشَّاعر: أصح الأسانيد شُعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب, يعني عن شيوخه, هذه عبارة شيخ الإسلام في «نكته»
كما في صحيح البخارى (1292 ) حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِى قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ » .
وعبارة الحاكم : قال حجَّاج: اجتمع أحمد بن حنبل وابن معين وابن المَدِيني في جماعة معهم, فتذاكروا أجود الأسَانيد, فقال رجل منهم: أجود الأسانيد شُعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عامر أخي أم سلمة عن أم سلمة, ثمَّ نقل عن ابن معين وأحمد ما سبق عنهما.
كما في مسند أحمد (27368) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَامِرٍ أَخِى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصْبِحُ جُنُباً فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. قَالَ فَرَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ
وقال ابن معين: عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ليس إسناد أثبت من هذا, أسنده الخطيب في «الكفاية»
كما في موطأ مالك(205 ) وَحَدَّثَنِى عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ إِذَا تَشَهَّدَتِ التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. 92/1
وكما في صحيح البخارى(872 ) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ ، لاَ يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ ، أَوْ لاَ يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا .
الغلس : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح
قال شيخ الإسلام ابن حجر: فعلى هذا لابن معين قولان.
وقال سُليمان بن داود الشَّاذكوني : أصح الأسانيد يحيى بن أبي كثير, عن أبي سلمة عن أبي هُريرة.
كما في صحيح البخارى (1914 ) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :« لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ » .
وعن خلف بن هشام البَزَّار: قال سألتُ أحمد بن حنبل: أي الأسانيد أثبت؟ قال أيُّوب عن نافع عن ابن عمر, فإن كان من رواية حمَّاد بن زيد عن أيُّوب فيالكَ
كما في صحيح البخارى (589 ) حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أُصَلِّى كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِى يُصَلُّونَ ، لاَ أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّى بِلَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ مَا شَاءَ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا .
قال ابن حجر: فلأحمد قولان.
وروى الحاكم في «مستدركه» عن إسْحَاق بن راهويه قال: إذا كان الرَّاوي عن عَمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه ثقة, فهو كأيُّوب عن نافع عن ابن عُمر.
وهذا مُشعر بجلالة إسناد أيُّوب عن نافع عنده.
كما في سنن أبى داود (495 ) حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ - يَعْنِى الْيَشْكُرِىَّ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ سَوَّارٍ أَبِى حَمْزَةَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِىُّ الصَّيْرَفِىُّ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ ».
وروى الخطيب في «الكِفَاية» عن وكيع قال: لا أعلم في الحديث شيئا أحسن إسْنَادًا من هذا: شعبة عن عَمرو بن مُرَّة عن مرة عن أبي موسى الأشْعَري
كما في صحيح البخارى (3769 ) حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ » .
وقال ابن المُبَارك والعِجْلي: أرْجَح الأسَانيد وأحسنها: سُفيان الثَّوري عن منصُور عن إبراهيم عن عَلْقمة عن عبد الله بن مسعود, وكذلك رجَّحها النَّسائي.
كما في صحيح البخارى( 5943 ) حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ، مَا لِى لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ .
المتفلجات : جمع متفلجة وهى التى تطلب الفلج وهو فرجة ما بين الثنايا والرباعيات -المتنمصات : جمع المتنمصة وهى التى تأمر بنتف الشعر من وجهها
الواشمات : الوشم أن يغرز الجلد بإبرة ثم يحشى بكحل أو نيل فيزرق أثره أو يخضر
وقال النَّسائي: أقْوَى الأسَانيد التي تُروى... فذكر منها الزُّهري عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن ابن عبَّاس عن عُمر.
كما في سنن الترمذى (1499 ) حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْخَلاَّلُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ :إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَإِنِّى خَائِفٌ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ فَيَقُولَ قَائِلٌ لاَ نَجِدُ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ أَلاَ وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ حَبَلٌ أَوِ اعْتِرَافٌ. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
ورجَّح أبو حاتم الرَّازي ترجمة يحيى بن سعيد القَطَّان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عُمر.
كما في صحيح البخارى (1644 ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأَوَّلَ خَبَّ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ، وَكَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ . فَقُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْشِى إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَ قَالَ لاَ . إِلاَّ أَنْ يُزَاحَمَ عَلَى الرُّكْنِ فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَلِمَهُ .
وكذا رجَّح أحمد رِوَاية عُبيد الله عن نافع على رِوَاية مالك عن نافع.
ورجَّح ابن معين ترجمة يحيى بن سعيد عن عُبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة. "
كما في مسند أبي عوانة (2225 )حَدَّثَنَا الصَّائِغُ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ بِلالا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، حَدَّثَنَا الصَّائِغُ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، بِمِثْلِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَلا أَعْلَمُ إِلا قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْا إِلا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا.
ــــــــــــــ
تخصيص القول بأصح الأسانيد(3)
" قال الحاكم : ينبغي تَخْصيص القول في أصح الأسَانيد بصحابي أو بلد مخصُوص, بأن يُقَال أصح إسناد فُلان أو الفُلانيين كذا, ولا يُعمم.
قال: فأصح أسانيد الصِّديق: إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عنه.
كما في سنن الترمذى (2321 و2322) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ :« إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ ».
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو عِيسَى وَفِى الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ . وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَأَوْقَفَهُ بَعْضُهُمْ.
وأصح أسانيد عُمر: الزُّهري عن سالم عن أبيه عن جدِّهِ.
كما في سنن أبى داود(3251) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَدْرَكَهُ وَهُوَ فِى رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ ».
(3252 ) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ مَعْنَاهُ إِلَى « بِآبَائِكُمْ ». زَادَ قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَذَا ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا.
__________
(1) - مقدمة ابن الصلاح - (ج 1 / ص 1) والباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث - (ج 1 / ص 2) والتقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث - (ج 1 / ص 1) وقواعد التحديث للقاسمي - (ج 1 / ص 41و45) والكفاية في علم الرواية - (ج 1 / ص 385) وفتح المغيث بشرح ألفية الحديث - (ج 1 / ص 15) وتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي - (ج 1 / ص 35)
(2) - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي - (ج 1 / ص 40)
(3) - انظر تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي - (ج 1 / ص 42)
مواقع النشر (المفضلة)