النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: مساكن قوم عاد

مساكن قوم عاد بقلم قسطاس ابراهيم النعيمي مقدمة: ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أخباراً عن بعض الأمم البائدة، وجاء أيضاً الإخبار عن منازلهم ومساكنهم، وكيف كانت نهاية هؤلاء المكذبين،

  1. #1

    افتراضي مساكن قوم عاد


    مساكن قوم عاد

    بقلم قسطاس ابراهيم النعيمي

    مقدمة:
    ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أخباراً عن بعض الأمم البائدة، وجاء أيضاً الإخبار عن منازلهم ومساكنهم، وكيف كانت نهاية هؤلاء المكذبين، ومن هؤلاء الأقوام قوم عاد، الذين أرسل الله إليهم نبيه هوداً عليه السلام، فدعاهم إلى عبادة الله وحده، فكذبوه واتهموه بالسفاهة والطيش، فأهلكهم الله تعالى بعد أن كذبوا رسوله ولم يؤمنوا به.
    وفي هذا البحث سنتطرق إلى الآيات التي جاء فيها ذكر قوم عاد، والأوصاف التي وصفهم القرآن الكريم بها، وبقية أخبارهم، وكيف كانت نهايتهم، وبعد ذلك سنشير إلى الكشوف الحديثة التي وصل إليها العلم الحديث بشأن مساكن قوم عاد، وسنجلّي وجه الإعجاز في هذه المسألة، والآن نبدأ في الآيات القرآنية التي ذكرت أخبار قوم عاد.
    ظ…ط³ط§%D
    ظ…ط³ط§%D
    الآيات التي جاء فيها الإخبار عن قوم هود:
    1. قال تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ * أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 65-72].
    وقد جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَة﴾: أي زاد طولكم على الناس، (بسطة): أي جعلكم أطول من أبناء جنسكم(1). وفي هذه الآيات ذكر الله عز وجل قصة نبيه هود مع قومه، وأنه دعاهم إلى عبادة الله وحده، وذكرهم بالنعم التي ميزهم الله بها عن غيرهم، فقد أعطاهم زيادة في الأجسام والطول، لكنهم كذبوه واتهموه بالسفاهة والكذب، وأصروا على ذلك، فأخذهم الله بالعذاب، وأنجى الله هوداً ومن معه.
    2. وقال تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾ [هود: 50-52]. وفي هذه الآيات دعاهم نبي الله هود عليه السلام للاستغفار وهو هنا بمعنى الإيمان(2)، ثم دعاهم إلى التوبة من كل الذنوب، ووعدهم إن هم فعلوا ذلك أن الله تعالى سيرسل عليهم الأمطار الكثيرة، وأنه سيزيدهم قوة بالإضافة إلى القوة التي يتمتعون بها.
    3. وقال تعالى على لسان نبيه هود: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الشعراء: 128-135].
    ففي هذا السياق جاء الوصف للبناء الذي كانوا يبنوه، ومعنى (ريع): كل مكان مشرف من الأرض مرتفع أو طريق أو واد(3)، وقال ابن كثير: يبنون هناك بنياناً محكماً هائلاً باهراً، ولهذا قال ﴿أتبنون بكل ريع آية﴾، أي معلماً بناءاً مشهوراً، ﴿تعبثون﴾ أي وإنما تفعلون ذلك عبثاً لا للاحتياج إليه بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة، ولهذا أنكر عليهم نبيهم عليهم السلام ذلك لأنه تضييع للزمان وإتعاب للأبدان في غير فائدة، واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة، وقيل هي بروج الحمام(4).
    ومعنى قوله تعالى: ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾، المصانع هي القصور المشيدة، وقيل هي الحصون المرتفعة، وفي قول آخر هي الأحواض التي يجمع فيها ماء المطر(5).
    ومعنى ﴿لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾: أي لكي تقيموا فيها أبداً، وذلك ليس بحاصل لكم بل زائل عنكم كما زال عمن كان قبلكم(6)، وقيل أن (لعل) استفهام بمعنى التوبيخ أي فهل تخلدون(7).
    ومعنى ﴿وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾: البطش هو الأخذ بعنف ظلماً، وهذا وصف لهم بالغلظة والقوة والجبروت(8). ثم دعاهم نبي الله هود عليه السلام للإيمان بالله وطاعته؛ لأن الله تعالى قد أنعم عليهم بكثرة الأبناء والأنعام، وأعطاهم البساتين والعيون والأنهار والآبار.
    4. وقال تعالى: ﴿وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ [العنكبوت: 38].
    5. وقال تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ﴾ [فصلت: 13-16].
    في هذه الآيات أخبر الله تعالى عن إهلاكهم بالصاعقة، والصاعقة هي كل ما أفسد الشيء وغيّره عن هيئته، وقيل في هذا الموضع عني بها وقيعة من الله وعذاب(9)، ثم بيّن الله عز وجل نوع هذه الصاعقة المهلكة، وهو إهلاكهم بالريح الصرصر التي استمرت عدة أيام، واختلف العلماء في معنى الصرصر، فقيل: هي الريح الشديدة الهبوب والسموم، وقيل هي الريح الباردة، وقيل الصرصر هي الريح ذات الصوت الشديد، ولا مانع من حمل الكلمة على جميع هذه المعاني، فقد كانت ريحاً باردة شديدة الهبوب ولها صوت مخيف(10).
    6. وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾ [الأحقاف: 21-26].
    هذه الآيات أخبرت عن المكان الذي كانت به مساكن قوم عاد، وهي الأحقاف، والأحقاف: جمع حقف وهو ما استطال من الرمل ولم يبلغ أن يكون جبلاً(11)، وهو وادٍ بأرض حضرموت(12)، وقيل هو وادٍ بين عمان والمهرة(13).
    وذكرت الآيات أن العذاب جاءهم في صورة عارض المطر ثم نزل بهم العذاب، والعارض هو السحاب الذي يأتي بالمطر ويكون معترضاً في الأفق(14)، وبعد مجيء هذا العارض وفرحهم به فاجأهم العذاب، وهي الريح التي دمرت كل شيء ورمت كل شيء على بعضه، وقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك أنه قال: أول ما رأوا العارض قاموا فمدوا أيديهم، فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجاً من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح ما بين السماء والأرض مثل الريش، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال فكانوا تحت الرمال سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ولهم أنين، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال واحتملتهم فرمتهم في البحر(15)، ولم تبق إلا آثار لبعض المساكن التي كانوا يسكنونها.
    7. وقال تعالى: ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ [الذاريات: 41-42]. وهنا وصفت الريح بوصف جديد وهو العقم؛ لأنها لا فائدة منها فلا تلقح شجراً ولا تثير سحاباً، أي أنها لا بركة فيها ولا رحمة ولا منفعة، أو لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم(16).
    8. وقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ * تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: 18-21]. وهذه الآيات تصف عمل الريح في قوم عاد، فقد كانت ترفع الواحد منهم إلى السماء ثم تطرحه على رأسه في الأرض فتدق رقبته، وتبين رؤوسهم من أجسادهم، وقيل أنها كانت تقلعهم من الأرض من تحت أقدامهم اقتلاع النخلة من أصلها(17).
    ومعنى ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾: الأعجاز: جمع عجز، وهو مؤخر الشيء،والمنقعر: المنقلع من أصله(18).
    9. وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: 6-8]. وفي هذه الآيات زاد وصف جديد للريح وهو وصفها بأنها (عاتية) أي قوية وشديدة على قوم عاد فلم يستطيعوا ردها(19).
    10. وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ [الفجر: 6-8]. أما هذه الآيات فقد وصفت إرم هنا بأنها ذات العماد.
    وقد اختلف المفسرون في معنى ﴿إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ على عدة أقوال، وأقرب الأقوال في ذلك: هو أن إرم اسم لقبيلة عاد، وذلك نسبة لأحد أجدادهم، أو أن إرم هو اسم لبلدتهم(20).
    وأما معنى ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾: أي ذات الطول، وقيل أن الوصف بالطول هو عائد على قوم عاد، أي أنهم كانوا أصحاب أجسام طويلة، فشبهت قاماتهم بالأعمدة، وقيل أن الوصف بالطول عائد على منازلهم، فقد كانت بيوتهم ترفع بالأعمدة الطويلة(21)، ولا مانع من حمل معنى الآية على القولين، وذلك لعدم التعارض بينهما. ومعنى قوله تعالى: ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾: عائد على (إرم)، فقيل أن قبيلة عاد لم يخلق مثلها في ذلك الزمان، أي أنه لم يكن لهم مثيل في القوة وطول الأجسام، وقيل أن مدينة إرم كانت أعظم مدينة في ذلك الزمان فلم يكن يشابهها أي بلد (22).
    فمن خلال هذه الآيات نعلم أن عاداً سكنوا الأحقاف من أرض حضرموت، وأنهم كانوا أصحاب أجسام طويلة، وقد أعطاهم الله تعالى أنواعاً من العطايا مثل كثرة الأبناء، والأنعام والبساتين والأنهار، واتصفوا بأنهم كانوا يبنون القصور الشاهقة والحصون العالية وأحواض الماء هناك، ولهذا قال تعالى فيهم: ﴿أتبنون بكل ريع آية تعبثون﴾، ومن ذلك بناؤهم لمدينة (إرم) التي وصفها القرآن الكريم بأن مبانيها كانت ذات أعمدة ضخمة، ولم يكن لها مثيل في ما جاورها من المدن في ذلك العصر، وكانوا أيضاً أصحاب عبث ولهو وكفر، فأرسل الله إليهم نبيه هوداً عليه السلام، فدعاهم إلى الإيمان بالله وحده، والتوبة إليه، والاستغفار من ذنوبهم، وذكّرهم بنعم الله عليهم، فرفضوا دعوته وكذبوه واتهموه بالسفاهة والكذب، ثم أخذ يرغبهم ويعدهم بما عند الله لعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة، فوعدهم إن هم آمنوا بالله بالزيادة في القوة والنعم التي أنعم الله بها عليهم من قبل، فلما لم يستجيبوا له انتقل من الوعد والترغيب إلى الوعيد والترهيب، فهددهم وخوفهم من عذاب الله وانتقامه، لكنهم اغتروا بقوتهم وقالوا ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾، ونسوا ﴿أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾، وبعد هذا جاءهم عذاب الله، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية، فأهلكتهم ودفنتهم ومساكنهم تحت الرمال، فصاروا عبرة لمن جاء بعدهم، ممن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.


    lsh;k r,l uh] lsh;k r,l uh] hg;at uk l,ru hvl hehv hvl hvl hvl `hj hgulh] r,l uh]


  2. #2

    افتراضي

    إرهاصات قبل الكشف عن إرم:
    في سنة1975م تم اكتشاف آثار لمدينة قديمة في شمال غربي سوريا باسم مدينة(إبلا) (Ebla)، وتم تحديد تاريخها بحوالي4500 سنة مضت، وفي بقايا مكتبة قصر الحكم في هذه المدينة القديمة وجدت مجموعة كبيرة من الألواح الصلصالية (حوالي15000 لوحاً) تحمل كتابات بإحدى اللغات القديمة التي تم معرفة مفاتيحها وتمت قراءتها.
    وفي عددها الصادر بتاريخ ديسمبر1978م نشرت المجلة الجغرافية الأهلية (National Geographic Magazine) مقالاً لكاتب باسم (Howardla Fay) جاءت فيه الإشارة إلى أن من الأسماء التي وجدت على ألواح مدينة إبلا الاسم (إرم) على أنه اسم لمدينة غير معروفة جاء ذكرها في السورة رقم89 من القرآن الكريم.
    وبعد ذلك بعام واحد (أي في سنة1979م) نشر اثنان من غلاة الصهاينة هما: حاييم برمانت وميخائيل ويتزمان كتاباً بعنوان: (Ebla - ARevelation In Archaeology) ذكرا فيه ثلاثة أسماء وجدت مكتوبة على ألواح الصلصال المكتشفة في(إبلا) هي: شاموتو (أو ثمود)، و(عاد)، و(إرم)، وذكرا أن هذه الأسماء الثلاثة ذكرت في السورة رقم89 من القرآن الكريم.
    وأضاف هذان الصهيونيان أن(ثمود) اسم قبيلة ذكرها سارجون الثاني(SargonII) في القرن الثامن قبل الميلاد، بينما الاسم (إرم) قد اختلف فيه، فمن المؤرخين من اعتبره اسماً لإحدى القبائل، ومنهم من اعتبره اسماً لمكان، أما عن الاسم الثالث (عاد) فقد اعتبراه اسماً أسطورياً، وهذا من قبيل تزييف التاريخ الذي برع فيه الصهاينة منذ القدم، وقد سبقهم في ذلك جيش من مزيفي تاريخ الجزيرة العربية على رأسهم Thomas Bertram الذي نشر في الثلاثينيات من القرن العشرين كلاماً مشابهاً. وفي يوليو سنة1990 م تشكل فريق من الباحثين في وكالة الفضاء الأمريكية (NASA)برئاسة (Charles Elachi)ومن معهد الدفع النفاث (J.P.L) برئاسة (Ronald Blom)، للبحث عن (إرم ذات العماد) تحت رعاية وتشجيع عدد من الأسماء البارزة منها:
    (Armand Hammar, Sir Ranulph Fiennes, George Hedge) ولكن البحث تأجل بسبب حرب الخليج(23).

  3. #3

    افتراضي

    الكشف الحديث عن إرم ذات العماد:
    في سنة1984 م زود أحد مكوكات الفضاء بجهاز رادار له القدرة على اختراق التربة الجافة إلى عمق عدة أمتار يعرف باسم جهاز رادار اختراق سطح الأرض Ground Penetrating Radar Or GPR.
    فكشف عن العديد من المجاري المائية الجافة مدفونة تحت رمال الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غرباً إلى أواسط آسيا شرقاً. وبمجرد نشر نتائج تحليل الصور المأخوذة بواسطة هذا الجهاز تقدم أحد هواة دراسة الآثار الأمريكان واسمه نيكولاس كلاب إلى مؤسسة بحوث الفضاء الأمريكية المعروفة باسم ناسا(NASA) بطلب للصور التي أخذت بتلك الواسطة لجنوب الجزيرة العربية(24)، ونيكولاس كلاب هو الذي اكتشف مدينة إرم، وهو عالم آثار مغرم بكل ما هو عربي مع كونه منتجاً للأفلام الوثائقية الساحرة، وتبدأ قصته عندما عثر على كتاب مثير جداً بينما هو يبحث حول التاريخ العربي، و عنوان ذلك الكتاب "أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932، و"أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية والتي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان.
    أطلق اليونان على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد"، وأطلق عليها علماء العرب في العصور الوسطى اسم "اليمن السعيدة"، وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من في عصرهم حظاً، و السبب في ذلك يرجع إلى موقعهم الاستراتيجي من ناحية؛ حيث أنهم اعتُبروا وسطاء في تجارة التوابل بين بلاد الهند وبلاد شمال شبه الجزيرة العربية، ومن ناحية أخرى فإن سكان تلك المنطقة اشتهروا بإنتاج "اللبان" وهو مادة صمغية عطرية تُستخرَج من نوع نادر من الأشجار. وكان ذلك النبات لا يقل قيمة عن الذهب حيث كانت المجتمعات القديمة تُقبل عليه كثيراً(25).
    وأسهب الباحث الإنجليزي "توماس" في وصف تلك القبائل "السعيدة الحظ"، ورغم أنه اكتشف آثاراً لمدينة قديمة أسستها واحدة من تلك القبائل، وفي إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة، أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم، ولكن "توماس" الذي أبدى اهتماماً شديداً بالموضوع، توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه. وبعد أن راجع "كلاب" ما كتبه الباحث الإنجليزي، اقتنع بوجود تلك المدينة المفقودة التي وصفها الكتاب ودون أن يضيع المزيد من الوقت بدأ بحثه.
    استخدم "كلاب" طريقتين لإثبات وجود مدينة"إرم":
    أولاً: أنه عندما وجد أن الآثار التي ذكرها البدو موجودة بالفعل، قدم طلباً للالتحاق بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر الصناعي، وبعد عناء طويل، نجح في إقناع السلطات بأن يلتقط صوراً للمنطقة.
    ثانياً: قام "كلاب" بدراسة المخطوطات والخرائط القديمة بمكتبة"هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة. وبعد فترة قصيرة من البحث وجد واحدة، وكانت خريطة رسمها "بطلمي"عام 200 ميلادية، وهو عالم جغرافي يوناني مصري، وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة والطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة. وفي الوقت نفسه، تلقى أخباراً بالتقاط وكالة ناسا الفضائية للصور التي جعلت بعض آثار القوافل مرئية بعد أن كان من الصعب تمييزها بالعين المجردة وإنما فقط رؤيتها ككل من السماء.
    وبمقارنة تلك الصور بالخريطة القديمة التي حصل عليها، توصل"كلاب"أخيراً إلى النتيجة التي كان يبحث عنها؛ ألا وهي أن الآثار الموجودة في الخريطة القديمة تتطابق مع تلك الموجودة في الصور التي التقطها القمر الصناعي(26)، وبدراسة تلك الصور اتضح وجود آثار مدقات للطرق القديمة المؤدية إلى عدد من أبنية مدفونة تحت الرمال السافية التي تملأ حوض الربع الخالي، وعدد من أودية الأنهار القديمة والبحيرات الجافة التي يزيد قطر بعضها عن عدة كيلو مترات، وقد احتار الدارسون في معرفة حقيقة تلك الآثار، فلجأوا إلى عدد من المتخصصين في تاريخ شبه الجزيرة العربية القديم وفي مقدمتهم الأمريكي جوريس زارينز، والبريطاني رانولف فينيس، وبعد دراسة مستفيضة أجمعوا على أنها هي آثار عاصمة مملكة عاد التي ذكر القرآن الكريم أن اسمها (إرم) كما جاء في سورة الفجر، والتي قدر عمرها بالفترة من3000 ق.م. إلى أن نزل بها عقاب ربها فطمرتها عاصفة رملية غير عادية، وعلى الفور قام معمل الدفع النفاث بكاليفورنيا (معهد كاليفورنيا للتقنية) بإعداد تقرير مطول يضم نتائج الدراسة، ويدعو رجال الأعمال والحكومات العربية إلى التبرع بسخاء للكشف عن تلك الآثار التي تملأ فراغاً في تاريخ البشرية، وكان عنوان التقرير هو: البعثة عبر الجزيرة The Trans-Arabia Expedition، وتحت العنوان مباشرة جاءت الآيتان الكريمتان رقما 8،7 من سورة الفجر، وقد أرسل التقرير إلى الدكتور زغلول النجار لدراسته، وقد قام بذلك وقدم رأيه فيه كتابة إلى المسئولين بالمملكة العربية السعودية.
    وقد ذكر التقرير أن اثنين من العلماء القدامى قد سبق لهما زيارة مملكة عاد في أواخر حكمها، وكانت المنطقة لا تزال عامرة بحضارة زاهرة، والأنهار فيها متدفقة بالماء، والبحيرات زاخرة بالحياة، والأرض مكسوة بالخضرة، وقوم عاد مستكبرين في الأرض، ويشكلون الحضارة السائدة فيها، وذلك قبل أن يهلكهم الله تعالى، وكان أحد هؤلاء هو (بليني الكبير) من علماء الحضارة الرومانية، والآخر كان هو الفلكي والجغرافي (بطليموس الإسكندري) الذي كان أميناً لمكتبة الإسكندرية، وقام برسم خريطة للمنطقة بأنهارها المتدفقة، وطرقاتها المتشعبة والتي تلتقي حول منطقة واسعة سماها باسم (سوق عمان)، ووصف بليني الكبير حضارة عاد الأولى بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى على وجه الأرض، وذلك في ثرائها، ووفرة خيراتها، وقوتها، حيث كانت على مفترق طرق التجارة بين كل من الصين والهند من جهة وبلاد الشام وأوروبا من جهة أخرى، والتي كانت تصدر إليها البخور والعطور والأخشاب، والفواكه المجففة، والذهب، والحرير وغيرها.
    وقد علق كثير من المتأخرين على كتابات كل من بليني الكبير وبطليموس الإسكندري بأنها ضرب من الخرافات والأساطير، كما يتشكك فيها بعض مدعي العلم في زماننا ممن لم يستطيعوا تصور الربع الخالي -وهو من أكثر أجزاء الأرض قحولة وجفافاً اليوم- مليئاً في يوم من الأيام بالأنهار والبحيرات والعمران، ولكن صور المكوك الفضائي جاءت مطابقة لخريطة بطليموس الإسكندري، ومؤكدة لما قد كتبه من قبل كل منه ومن بليني الكبير كما جاء في تقرير معهد الدفع النفاث(27).
    وفي يناير سنة1991م بدأت عمليات الكشف عن الآثار في المنطقة التي حددتها الصور الفضائية واسمها الحالي (الشيصار)، واستمرت إلى مطلع سنة 1998م، وأعلن خلال ذلك عن اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة على أعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلى9 أمتار وقطرها إلى 3 أمتار.
    وفي 17/ 2/ 1992م نشر في مجلة تايم (Time) الأمريكية مقال ذكر فيه الكشف عن إرم.
    وبتاريخ 10/ 4/ 1992م كتب الدكتور زغلول النجار مقالاً بعنوان: "اكتشاف مدينة إرم ذات العماد" ونشر بجريدة الأهرام القاهرية، وقد لخص فيه ما وصل إليه من أخبار ذلك الكشف حتى تاريخه. وفي سنة1993م نشر بيل هاريس كتابه المعنون بـ: (Bill Harris: Lost Civilizations).
    وبتاريخ 23/ 4/ 1998م نشر (Nicholas Clapp) كتابه المعنون: The Road to Ubar وبتاريخ 14/ 6/ 1999م نشر بيكول إير (PicoIyer) كتابه المعنون: (Falling off The Map: Some Lonely Places in The World) وتوالت الكتب والنشرات والمواقع على شبكة المعلومات الدولية منذ ذلك التاريخ، ولكن تكتم القائمون على الكشف نشر مزيد من أخباره حتى يتمكنوا من تزييفه وإلحاقه بأساطير اليهود كما فعلوا من قبل في لفائف البحر الميت وآثار(إبلا) وغيرها من المواقع، ولكن كل ما نشر- على قلته -يؤكد صدق ما جاء به القرآن الكريم عن قوم عاد بأنهم:
    1- كانوا في نعمة من الله عظيمة، ولكنهم بطروها ولم يشكروها، ووصف بليني الكبير لتلك الحضارة بأنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى كأنه ترجمة لمنطوق الآية الكريمة ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾.
    2- أن هذه الحضارة قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية، وهو ما سبق القرآن الكريم بالإشارة إليه.
    3- أن هناك محاولات مستميتة من اليهود لتزييف تاريخ تلك المنطقة ونسبة كل حضارة تكتشف فيها إلى تاريخهم المزيف، ولذلك كان هذا التكتم الشديد على نتائج الكشف حتى يفاجئوا العالم بما قد زيفوه، ومن ذلك محاولة تغيير اسم (إرم) إلى اسم عبري هو أوبار(Ubar)(28).

  4. #4

    افتراضي

    وجه الإعجاز:
    إننا نلاحظ من العرض السابق لما جاء في كتاب الله تعالى ولما وصل إليه علماء الآثار أن هناك تطابقاً واضحاً بين ما جاء في كتاب الله تعالى وبين مكتشفات العلم الحديث وذلك من عدة وجوه، ويمكن أن نلخص هذه الوجوه في هذه النقاط الآتية:
    1. أن قوم هود كانوا يسكنون في الأحقاف، والأحقاف جمع حقف، وهو ما استطال من الرمل ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وقد أكدت الاكتشافات أن المنطقة التي كان يسكنها قوم عاد ينطبق عليها هذا الوصف.
    2. أن المنطقة التي كان يسكنها قوم عاد كانت منطقة زراعية، تنتشر بها البساتين، ويوجد بها الأنهار والعيون، وكأنها واحة غناء في وسط الصحراء، ولذلك امتن الله عليهم بهذه النعمة. وقد جاء ذلك مطابقاً للصور التي التقطتها الأقمار الصناعية للمنطقة التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 1990م عن نظام واسع من القنوات والسدود القديمة التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد والتي يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخص، كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد، أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقة قال: " لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة"(29).
    وأكبر دليل على ذلك هو انتشار المزارع حول هذه المنطقة في الوقت الحالي، وكذلك وفرة المياه الجوفية في هذه المنطقة.
    3. ذكرت الآيات الكريمة أن قوم عاد كانوا يبنون القصور الشاهقة والحصون العالية، وكذلك كانوا يهتمون ببناء الأحواض التي يخزن بها الماء. وقد أكدت الاكتشافات الحديثة هذه المسألة.
    4. جاء في الآيات السابقة أن قوم عاد كانت لهم مدينة تسمى (إرم)، ووصفها القرآن بأنها ذات أعمدة، وقد جاءت الكشوف الحديثة لمساكن قوم عاد لتؤكد هذه الحقيقة، فقد اكتشفوا قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة على أعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلى9 أمتار وقطرها إلى 3 أمتار، وقال د. زارينز-وهو أحد أعضاء فريق البحث وقائد عملية الحفر-: إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة للمدينة المكتشفة، وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها (ذات العماد) أي الأعمدة الضخمة، فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التي ذكرت في القرآن الكريم، والمدينة الأسطورية والتي ذكرت في القرآن باسم إرم Iram والتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن التي اكتشفت حتى الآن كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة، يُقال بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِن الأعمدة التي غطيت بالذهب أَو صنعت من الفضة وكانت هذه الأعمدة رائعة المنظر(30). وهذا تطابق واضح وجلي مع ما ذكرته الآيات الكريمة.
    5. أن قوم عاد لما كذبوا نبي الله هوداً أرسل الله تعالى عليهم ريحاً شديدة محملة بالأتربة قضت عليهم وغمرت دولتهم بالرمال، ومما أكدته الاكتشافات الحديثة لمساكن قوم عاد أن نهاية قوم عاد كانت بسبب عاصفة رملية هوجاء طمرت مساكنهم تحت تلك الرمال.
    وبهذا يكون القرآن الكريم قد أعطى صورة واضحة جلية عن قوم عاد ومساكنهم، وما كانوا فيه من نعمة، وأنهم كذبوا رسول الله هوداً عليه السلام، فأنزل الله بهم أشد العذاب، فأهلكهم وطمر بلدتهم تحت الرمال، وهذا كله صورة من صور الإعجاز التاريخي في كتاب الله تشهد له بأنه كلام البارئ سبحانه وتعالى، وبأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالحمد لله على نعمة القرآن، والحمد لله على نعمة الإسلام، والصلاة والسلام على الرسول الخاتم الذي تلقاه وجاهد في سبيله حتى أتاه اليقين، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين.
    إعداد/ عادل الصعدي.
    مراجعة: علي عمر بلعجم

  5. #5

    افتراضي

    جزاك الله خير ...موضوع مميز

  6. #6
    مشرف الصالون الفكري العربي الصورة الرمزية محمد المرحوم
    تاريخ التسجيل
    20-11-2014
    الدولة
    بلاد الحرمين
    العمر
    62
    المشاركات
    310

    افتراضي زادك الله علما وعملا به

    ماقصرت
    فتح الله عليك وزادك من فضلك

  7. #7
    مشرف عام مجالس قبائل الخليج
    تاريخ التسجيل
    22-12-2014
    الدولة
    الدوحة - قطر
    المشاركات
    61

    افتراضي

    أرجو إعادة نشر الصور ... وشكرا على الموضوع

  8. #8
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    علم الانسان ... سبحانه وتعالى

  9. #9
    مشرف عام مجالس التاريخ وكنانة - عضو مجلس الادارة
    تاريخ التسجيل
    05-02-2010
    الدولة
    الحجاز
    المشاركات
    1,327

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا اخواني الكرام

  10. #10
    عضو منتسب
    تاريخ التسجيل
    07-10-2015
    العمر
    38
    المشاركات
    16

    افتراضي

    شكرا لكم وبارك الله فيكم وجهودكم مثمونه ان شاء الله مع تحيات كلية التربية للعلوم الانسانية

  11. #11
    عضو مشارك
    تاريخ التسجيل
    19-02-2017
    العمر
    33
    المشاركات
    29

    افتراضي

    جميل

  12. #12

    افتراضي

    ما شاء الله معلومات مفيدة

  13. #13

    افتراضي

    جزاك الله خير

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مساكن قبيلة المجانين
    بواسطة الزول الباحث في المنتدى مجلس قبيلة المجانين
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-06-2019, 11:08 AM
  2. مساكن البياضية
    بواسطة كرم البياضي في المنتدى مجلس قبيلة البياضية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 26-03-2019, 09:08 PM
  3. مساكن العليقات بمصر
    بواسطة د موسى العقيلي في المنتدى مجلس قبيلة العليقات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-02-2015, 03:17 PM
  4. اكتشاف مساكن قوم عاد
    بواسطة محمد محمود فكرى الدراوى في المنتدى مجلس قصص الانبياء
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 21-03-2011, 01:43 PM
  5. مساكن ارم ذات العماد
    بواسطة الشافعي في المنتدى عجائب و طرائف الفيديو و الصوتيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-02-2010, 04:53 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum