فضل صيام عاشوراء:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام يوم عاشوراء ، ويحثنا عليه ، ويتعاهدنا عليه …
الحديث أخرجه مسلم.
يقول العلامة صالح الفوزان : وأعلم أن كل نص جاء فيه تكفير بعض الأعمال الصالحة للذنوب ، كالوضوء وصيام رمضان وصيام يوم عرفة ، وعاشوراء وغيرها ، أن المراد به الصغائر ، لأن هذه العبادات العظيمة ، وهي الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إذا كانت لا تُكَفَّر بها الكبائر - كما ثبت في السنة - ، فكيف بما دونها من الأعمال ؟)
ولهذا يرى جمهور العلماء أن الكبائر كالربا والزنا والسحر وغيرها ، لا تكفِّرها الأعمال الصالحة ، بل لا بد لها من توبة أو إقامة الحد فيما يتعلق به حد .
وأما صيام الحادي عشر من عاشوراء فقد استدل على صيامه بحديث ابن عباس :
( خالفوا اليهود وصوموا قبله يوماً وبعده يوماً )(23) ،
وهذا حديث ضعيف ، لا يعول عليه وهذا قول نقله ش. عبدالله صالح الفوزان .
لكن الشيخ ناصر العمر قال لاينكر على من صام الحادي عشر من محرم -حتى مع ضعف حديثه-،
فالقول بصيامه قول علماء أئمة، والمسألة من موارد الاجتهاد، ولا إنكار فيما هذا شأنه. والله أعلم
فإن قلت ما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر ؟
فالجواب :
قال النووي رحمه الله : ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا :
( أَحَدُهَا ) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ..
( الثَّانِي ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ ..
( الثَّالِثَ ) الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ , وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ . انتهى
وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ .. فِي عَاشُورَاءَ :
( لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) . الفتاوى الكبرى ج6
وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) :
" ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له ,
وإما مخالفةً لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم " انتهى من فتح الباري 4/245
التربية ألإيمانية في عاشوراء:
عاشوراء يوم يجمع صدق التوكل على الله
( فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون . قال كلا إن معي ربي سيهدين )
الشعراء 61-62
ومقارنة بين جند الله وجند إبليس ومعجزة فلق البحرونجاة المؤمنين وغرق الكفار
(واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إينا لايرجعون . فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) القصص 39-40
لذا نقول (فبذلك فليفرحوا هو خيرمما يجمعون)
عاشوراء في الأديان الوضعية :
اليهود يصومون عاشوراء :
لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء
فقال: ما هذا؟ فسألهم فقالوا: إنه يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى،
فقال - صلى الله عليه وسلم - نحن أحق بموسى منكم فصامه - صلى الله عليه وسلم - وأمر بصيامه)
وروى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال :
صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ
قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رواه مسلم وقال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون : يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا ;
لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر , ونوى صيام التاسع .
و لا شك أن مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً كان في ربيع أول ، ولم يكن في محرَّم ،
وقد رأى طائفة من اليهود يصومون ، ولما سألهم عن صيامهم هذا قالوا :
إنه يومٌ نجَّى الله فيه موسى ومن معه من الغرق ، فنحن نصومه شكراً لله .
فهل كانت هذه الرؤية لليهود أول قدومه المدينة في ربيع الأول أم بعدها في شهر " محرَّم " ؟
.قولان لأهل العلم ،
والراجح : أن تلك الرؤية ، وذلك الحوار ، وهذا الأمر بالصيام : كان في شهر الله المحرَّم ،
أي : في العام الثاني من مقدمه صلى الله عليه وسلم ، ويكون اعتماد اليهود – على هذا – على الأشهر القمرية في الحساب
.قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله - :وقد استشكل بعضُ الناس هذا ،
وقال : إنما قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ في شهر ربيع الأول ،
فكيف يقولُ ابن عباس : إنه قدم المدينة ، فوجد اليهود صُيَّاماً يومَ عاشوراء؟.
وقال – رحمه الله - : أما الإشكالُ الأول :
وهو أنَّه لما قَدِمَ المدينة وجدهم يصُومون يومَ عاشوراء :
فليس فيه أن يومَ قدومِه وجدَهم يصومُونه ، فإنه إنما قَدِمَ يومَ الاثنين فى ربيع الأول ثاني عشرة ،
ولكن أول علمه بذلك بوقوع القصة فى العام الثاني الذي كان بعد قدومه المدينة ، ولم يكن وهو بمكة ،
هذا إن كان حسابُ أهل الكتاب فى صومه بالأشهر الهلالية .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 2 / 66 ) .
قال النووي – رحمه الله - : والحاصل من مجموع الأحاديث :
أن يوم عاشوراء كانت الجاهلية من كفار قريش ، وغيرهم ، واليهود ، يصومونه ،
وجاء الإسلام بصيامه متأكداً ، ثم بقيَ صومه أخف من ذلك التأكد ."
شرح مسلم " ( 8 / 9 ، 10 ) .
وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
وقول عائشة رضي الله عنها : ( كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية ) :
يدل على أن صوم هذا اليوم كان عندهم معلوم المشروعية ، والقدر ، ولعلهم كانوا يستندون في صومه :
إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل ، صلوات الله وسلامه عليهما ؛ فإنهم كانوا ينتسبون إليهما ،
ويستندون في كثير من أحكام الحج ، وغيره ، إليهما .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 3 / 190 ، 191 ) .
وكذلك الصابئة تعظم عاشوراء بالحزن على قتل فرعون وجنوده لبغضهم لموسى عليه السلام
لأنه خالف دينهم وحاربهم وأتباعه – كما يزعمون -
************************
المصدر:صيد الفوائد
مواقع النشر (المفضلة)