الحلقة (83) المسلمون في موزمبيق
مجموعة دول شمال شرقي أفريقيا وشرقها: (إثيوبيا - إرتريا - أوجادين وأوروميا - كينيا - تنزانيا - زنجبار - أوغندا - موزمبيق - ملاجاش - موريشيوس - ريونيون - سيشل)
إحدى دول جنوب شرقي أفريقيا، نالت استقلالها في سنة (1395هـ - 1975م)، بعد احتلال برتغالي دام ما يزيد على أربعة قرون ونصف، فلقد بدأت سيطرة البرتغال على سواحل موزمبيق في مستهل القرن العاشر الهجري، أي في بداية القرن السادس عشر الميلادي، ولقد واجه الإسلام طيلة هذا الاحتلال حربًا صليبية متعصبة، انطلقت من أوكارها بعد سقوط الأندلس، لتفتح جبهة جديدة في حصار العالم الإسلامي، وكانت موزمبيق إحدى ميادينها.
الموقع:
توجد موزمبيق في جنوب شرقي القارة الأفريقية، تطل على المحيط الهندي بساحل يزيد على ألفي كيلو متر، ويمثل هذا حدودها الشرقية، وتشترك حدودها الشمالية مع تنزانيا، وفي الغرب تشترك حدودها مع زامبيا وملاوي وزمبابوي، وفي الجنوب سوازي لاند وجمهورية اتحاد جنوب أفريقيا، وتمثل موزمبيق مخرجًا ساحليًّا للعديد من دول جنوب القارة الأفريقية الداخلية، مثل: ملاوي، وزامبيا، وزمبابوي، وبتسوانا، وكذلك مخرجًا لولاية ترنسفال في جمهورية اتحاد جنوب أفريقيا.
وتبلغ مساحة موزمبيق (801.590 كم2) وسكانها 1408هـ - 1988م (14.851.000) نسمة، وعاصمة البلاد مدينة مابوتو، وأهم موانئها بيرا، وتنقسم البلاد إلى 10 ولايات.
الأرض:
أرض موزمبيق تأخذ هيئة مستطيل غير منتظم الأضلاع، أطول أضلاعه الجبهة الساحلية في الشرق وتطل على المحيط الهندي بطول يجاوز ألفي كيلو متر، وتبدأ بسهول ساحلية عريضة تشكل خمسي مساحتها، ويخترقها العديد من الأنهار التي تنتهي مصباتها في المحيط الهندي منها نهر الزمبيري، ونهر لمبوبو، ونهر سافا، ويشكل نهر روفوما الحدود الشمالية بينها وبين تنزانيا، وترتفع أرض موزمبيق بالاتجاه نحو الغرب.
المناخ:
مناخ موزمبيق حار رطب لا سيما في القسم الساحلي، ويزيد من حرارته مرور تيار موزمبيق بسواحلها الطويلة، وتغزر الأمطار في الجنوب، ومعظمها يسقط في النصف الجنوبي، وتقل الحرارة على المرتفعات الداخلية.
السكان:
ينتمي أغلب سكان موزمبيق إلى العناصر الزنجية المعروفة بالبانتو (بانتو الوسط)، ومنهم الياو Yao، والسواحليون في النطاق الساحلي، والشونا، وتسنجا، وهناك أقلية من الآسيويين المهاجرين، وأقلية من البيض معظمهم من البرتغاليين، ويتركز السكان في النطاق السهلي، حيث توجد أغلب المدن مثل: موزمبيق، وبيرا وسوفالا، ومابوتو العاصمة. وكانت تسمى لورنزوماركيز، والمستوى الاقتصادي للدخول منخفض، لذا يهاجر العديد من العمال من موزمبيق إلى زمبابوي، واتحاد جنوب أفريقيا حيث يشتغلون كعمال في الزراعة، والمناجم، ولقد دفعتهم عوامل عديدة إلى الهجرة، منها:
1- عدم استقرار الأمن.
2- معارضة التغير الاجتماعي.
3- فقر البلاد وضعف مواردها.
4- انتشار البطالة، ولقد انعكس هذا على موارد البلاد.
النشاط البشري:
تمثل الزراعة حرفة أساسية عند السكان، ويعمل بالزراعة 82% من القوة العاملة، وتأتي حرفة الرعي بعدها، غير أن البلاد تعاني من التخلف، والحاصلات الزراعية تتمثل في الأرز، وقصب السكر، والكسافا، والمطاط، وجوز الهند (الكاشو)، والموز، والشاي، والقطن، ولموزمبيق شهرة قديمة في إنتاج الذهب من منطقة سوفالا، غير أن هذه الأهمية تلاشت بمرور الزمن، وكشف عن خامات للفحم، والحديد في بعض مناطق موزمبيق، والثروة الحيوانية، وهناك صناعات خفيفة في حدود ضيقة منها صناعة السكر، وتعبئة الشاي، وصناعة المنسوجات القطنية، واستغلت الطاقة الكهربائية المولدة من الأنهار.
كيف وصل الإسلام إلى موزمبيق؟
وصول الإسلام إلى موزمبيق مرتبط بوصوله إلى شرقي أفريقيا، فلقد ازدهرت التجارة بين العرب وشرقي أفريقيا، وحدثت هجرات عربية إلى المدن الساحلية على طول الساحل الأفريقي، وهكذا أخذ المسلمون نقاط ارتكاز على الساحل الشرقي للقارة الأفريقية، ثم أخذ التجار المسلمون والدعاة يتوغلون للداخل، وعرف المسلمون هذه المنطقة بجزيرة موسى السمبيق، وزادت الهجرات الإسلامية إلى بر الزنج، وكان المهاجرون من العرب والفرس، من ممبسة وكلوة، ونشط المهاجرون المسلمون في تشييد المدن الساحلية. وذكر أخبار بعض الهجرات المبكرة الشيخ محيي الدين الزنزباري في كتابه (السلوى في تاريخ كلوة)، ولم يكد القرن السابع الهجري ينتصف حتى كانت المدن الإسلامية قد انتشرت على طول الساحل الشرقي لأفريقيا من سواكن في الشمال حتى موزمبيق في الجنوب.
وأمام كثرة الأحداث وتعدد الهجرات الإسلامية إلى شرق أفريقيا وموزمبيق، يمكن أن يتلخص تاريخ انتشار الإسلام في موزمبيق في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى:
بدأت هذه المرحلة من انتشار الإسلام في موزمبيق بتأسيس المسلمين لمدينتي موزمبيق وسفالة، وتوجد الأخيرة في منتصف دولة موزمبيق بالقرب من مدينة بيرا، وكانت سلطنة كلوة الإسلامية صاحبة نفوذ على هذه المدن الإسلامية، بل امتد نفوذها إلى مناجم الذهب في سفالة، وهكذا كان نفوذ بني نبهان أصحاب السيادة على سواحل شرقي أفريقيا طيلة القرنين السادس والسابع الهجري، وقد وصف ابن بطوطة في رحلته إلى بر الزنج في القرن الثامن الهجري أحوال المدن الإسلامية في ساحل شرقي أفريقيا وأشاد بازدهارها، وجاء وصف مماثل لرحالة برتغالي يدعى (درتي بربوسا)، وقد زار ساحل موزمبيق في سنة906هـ.
وخلاصة القول أن الإسلام في المرحلة الأولى وصل إلى ساحل موزمبيق وتوغل إلى الداخل مع التجار المسلمين.
المرحلة الثانية:
بدأت هذه المرحلة بظهور البرتغاليين أمام سواحل شرقي أفريقيا، ففي نهاية القرن التاسع الهجري اكتشف (بارثلميو داياز) طريق رأس الرجاء الصالح – وتابع البحار (فسكوداجاما) الرحلات البرتغالية عبر المحيط الهندي، وشهد شرقي أفريقيا صراعًا دمويًّا شنه البرتغاليون بتعصبهم الصليبي ضد الإمارات والمدن الإسلامية على طول سواحل شرقي أفريقيا. ووضعوا السيف في رقاب الناس، ودمروا مدينة كلوة ومساجدها الثلاثمائة، ودمروا مدن لامو، وباتي. واستمر الصراع بين المسلمين والبرتغاليين قرابة قرنين، تدور رحاه في سواحل شرقي أفريقيا.
واستطاع العمانيون وقف التقدم البرتغالي، بل أنهوا نفوذ البرتغال في معظم سواحل شرقي أفريقيا، وأسس أحمد بن سعيد سلطنة عمانية ضمت معظم شرقي أفريقيا، إلا إن البرتغاليين تمسكوا بموزمبيق، ودام احتلالهم من القرن العاشر الهجري حتى الاستقلال في سنة 1395هـ ولم يخضع المسلمون بسهولة للاحتلال البرتغالي، فكثيرًا ما كانت تنشب الاضطرابات ضد البرتغاليين، ومنها ما قام به ابن ملك (المونوموتابا) في سنة ألف ومائتين واثنين وخمسين هجرية، ونشطت البعثات التنصيرية (في ظل الاحتلال البرتغالي)، وقاوم المسلمون في موزمبيق نشاط هذه البعثات، ولم يقبل الأفريقيون من أهل موزمبيق على نشاط البعثات التنصيرية بسبب فساد المنصرين والمقاومة الإسلامية لها.
وكان همّ البرتغاليين منصرفًا إلى الحصول على ذهب موزمبيق مقابل الأقمشة والخرز، والرقيق مقابل الأسلحة الحديثة.
ورغم تحدي البرتغاليين إلا أن الإسلام وصل إلى نياسالاند (ملاوي) وبحيرة تنجانيقا في داخل أفريقيا، غير أن الدعوة الإسلامية اصطدمت بعقبات كثيرة منها:
1- نشاط المنصرين.
2- حصار الاستعمار البرتغالي للدعوة.
3- الجهل الديني الذي أصاب السكان المسلمين بسبب انعدام التعليم الإسلامي وندرة الدعاة.
المرحلة الثالثة:
بدأت هذه المرحلة مع استقلال موزمبيق بعد احتلال طال أمده، وجاء في إحصاء للسلطات البرتغالية أجري قبل استقلال موزمبيق، أن عدد المسلمين وصل إلى ثلاثة ملايين ومائتي ألف (أي إنهم يشكلون نسبة ثلاثة وثلاثين بالمائة)، إلا إن الهيئات الإسلامية في موزمبيق رفضت هذا، وقدرت عدد المسلمين 7.5 مليون نسمة (أي أكثر من 50% )، وهذه نسبتهم حسب إحصاء 1981م، فالمسلمون يشكلون أغلبية لا أقلية، ويتركز المسلمون في الولايات الأربع الشمالية من موزمبيق، وهي (نمبولا، وزمبزيا، ونياسا وكابو دلجادو ). وكذلك في منطقة العاصمة وولاية سوفالا. وحوالي خمسة وتسعين بالمائة من المسلمين من أصول أفريقية وطنية، والباقي من أصل آسيوي، ولقد كافح المسلمون من أجل استقلال موزمبيق، ورغم هذا يعاملهم النظام الماركسي الحالي بقسوة ومعظم المسلمين من الفلاحين والعمال الفقراء، والقليل منهم يعمل بالتجارة.
المساجد والتعليم الإسلامي:
لقد أهملت السلطات الحاكمة في موزمبيق أحوال المسلمين، فالمساجد المنتشرة في القرى والمدن الإسلامية بسيطة متواضعة، ألحقت بها مدارس أقل تواضعًا، ويدرس الدين الإسلامي بها معلمون غير مؤهلين لذلك، ويتلقون أجورًا زهيدة لا تذكر، وبالعاصمة مابوتو 17 مسجدًا و9 مدارس قرآنية، وهناك مشروعان إسلاميان في موزمبيق: مشروع إنشاء مركز إسلامي في العاصمة يقوم بتمويله البنك الإسلامي، ولقد خصصت حكومة موزمبيق الأرض لهذا المشروع، وبدأ التطبيق في سنة 1410هـ-1990م، والمشروع الآخر في مدينة أنكوش في ولاية ناميولا، وهو مشروع تعليمي ومهني وإنتاجي.
أما التعليم العام فلقد أفسدته أفكار الإرساليات في عهد الاحتلال والمبادئ الهدامة عقب الاستقلال، فالمسلمون في موزمبيق في حاجة إلى ثقافة إسلامية نقية، ودعم من دول العالم الإسلامي. أما من حيث الهيئات الإسلامية فهنالك بعض الهيئات الاجتماعية والخيرية ولا وجود للمنظمات السياسية التي تدافع عن حقوقهم، والمنظمات الرئيسية هي منظمة (أنوار الإسلام)، والمجلس الإسلامي، والجمعية الإسلامية المحمدية.
التحديات:
يعاني المسلمون في موزمبيق من التخلف وانخفاض المستوى وضعف التأهيل المهني، لذا يهاجر العديد منهم إلى الدول المجاورة للعمل في الحرف الشاقة، كما يعاني المسلمون من نفوذ إسرائيل الاقتصادي في المنطقة، لا سيما في الأقطار التي يهاجر إليها العمال من موزمبيق، ويعاني المسلمون في موزمبيق من رواسب التنصير في ظل الاستعمار البرتغالي وبعده، فلقد باشر البرتغاليون عدة أساليب للقضاء على الإسلام في موزمبيق، منها استخدام القوة العسكرية ضد المسلمين وتعطيل المدارس الإسلامية، ومنع استعمال اللغة العربية، ووضع التعليم تحت نفوذ المنصرين، وعزل موزمبيق عن العالم الإسلامي، وكانت الضربة القاسية للتعليم الإسلامي في ظل الاحتلال البرتغالي ممثلة في الاتفاقية التي وقعتها البرتغال مع الفاتيكان في سنة 1940م (التي تحول أمر التعليم في موزمبيق إلى سلطة الكنيسة الكاثوليكية).
لهذا منع فتح المدارس الإسلامية وهذا أسهم في تخلف المسلمين في موزمبيق، لذا فالحاجة ماسة لاستدراك ما فات المسلمين من فرص في التعليم انعكست على أحوال المسلمين بالبلاد، وحتى لا يضيع الشباب المسلم حاليًا في بلد اشتدت فيه المعاناة وتعددت به صفوف التحديات ضد المسلمين.
متطلبات العمل الإسلامي في موزمبيق:
تتمثل المتطلبات فيما يلي:
1- تشكيل هيئات إسلامية في مناطق تجمعات المسلمين، وذلك بالتعاون مع المجلس الإسلامي الموزمبيقي.
2- إنشاء معهد على الأقل لإعداد المدرسين والدعاة في القطاع الشمالي من موزمبيق في ولاية نامبولا.
3- تأمين الاحتياجات المادية للدعاة والمدرسين وتأمين الكتاب المدرسي باللغة البرتغالية.
4- الحاجة ماسة للكتب الدينية، وترجمة معاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية.
5- استكمال مشروع المركز الإسلامي في العاصمة مابوتو، والمعهد والمركز الإسلامي في مدينة أنكوش في ولاية نامبولا.
6- تأمين نسخ من القرآن الكريم والعناية بالمدارس القرآنية.
7- البدء بالتخطيط لمشروع للتعليم المتوسط والتعليم العالي والمهني لمقاومة نفوذ بعثات التنصير.
8- تقديم بعض المنح الدراسية بالجامعات الإسلامية لأبناء المسلمين في موزمبيق. وفي موزمبيق 6 مؤسسات إسلامية، منها 4 مؤسسات في مابوتو، وواحدة في كل من بيرار، وزامبيزا.
9- إنشاء سفارات لبعض الدول الإسلامية الغنية.
من موقع وزارة الشئون الإسلامية بالسعودية
hgpgrm (83) hglsgl,k td l,.lfdr
مواقع النشر (المفضلة)