(مستوحى من كتاب محمد علي الصلابي: الأيوبيون بعد صلاح الدين)
كان صلاح الدين قد قدم ابنه الملك الأفضل لخلافته من بعده ، وبعد انتهاء العزاء طلب الملك الأفضل من بعض الأمراء والمماليك أن يجددوا مبايعته ويحلفوا يمين الولاء والطاعة، فاشترط بعضهم شروطا، وامتنع بعضهم رجاء تحقيق منفعة، عن البيعة ، وكان تخوف بعض العلماء ممن ساهموا مع صلاح الدين في ارساء قواعد الدولة من سقوطها في الشقاق والنزاع ، ومن اشدهم خوفا على الدولة القاضي الفاضل، الذي كتب إلى الملك الظاهر غياث صاحب حلب، إثر وفاة السلطان كتاب تعزية جاء فيه:( إن وقع اتفاق بينكم، فما عدمتم شخصه الكريم، وإن غير ذلك فالمصائب المستقبلية أهونها موته وهو الهول العظيم) .
و لكن وصيته لم تنفع أمام أطماع المتصارعين على التركة و الملك ،كما لم تنفع وصايا الأصدقاء المخلصين، و اشتد الصراع في البيت الأيوبي بعد وفاة صلاح الدين ، خصوصا بين أبناء صلاح الدين وإخوته وكان أكثرهم تشبثا بالارث الملك العادل أخو صلاح الدين و ظهر اثره على الوضع الإسلامي بمصر والشام والعراق وتركيا.
- يقول الدكتورفهد بن ناصر الجديد إن الباحثين ينقسمون إلى ثلاث فرق في تحديد السر في انتصار صلاح الدين الأيوبي ؛ فمنهم من يرى أن تكريمه للعلماء هو السبب الرئيس لتحقيق نصر الله في الأرض، ومنهم من يرى أن جهاد العدو الخارجي هو العامل الأساسي، وفريق ثالث يرى أن نصر منهج أهل السنة والجماعة هو الداعم الأول لذلك.
ثم يعلق على ذلك برايه :( نلاحظ أن تعلُّق القلب بالله في السراء والضراء، ودوام الاتصال بالله في المنشط والمكره هو المحرك الأساسي والدافع الرئيس مستدلا في ذلك بالرسائل التي كتبها صلاح الدين من خلال كاتب القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني -رحمه الله-، وأرسلها إلى الخليفة العباسي في بغداد ، و التي كانت مواضيعها و مقاصدها :
1- تحقيق التوحيد (جهاد العدو الداخلي المتمثل في الشرك).
2- إبطال المكوس وربط السبب بالله.
3- الاجتماع ونبذ الفرقة لنيل رضاء الله.
و قد كان دور علماء الإسلام هاما جدا ،في الفترة الأيوبية بدءا بالقاضي الفاضل، وإخوانه كابن قدامة، والعز بن عبد السلام و غيرهم ، و أثرا مميزا على إرساء أركان الدولة و ازدهارها و وحدتها و اتساع فتوحاتها ، بما وفقهم الله من نصر على العدو الصليبي . و ليس أدلَّ على عظمة دور هؤلاء العلماء الأجلاء من انعكاس اتصالهم الفكري على أعدائنا النصارى المحاربين لنا ، حتى دخل الكثير منهم و حتى من قساوستهم في الاسلام ، و تغيرت تلك النظرة السلبية لديهم عن الاسلام و المسلمين بالأحسن ، و نفذ هذا التاثير حتى في نفوس بعض ملوك أوربا ، الذين أُعجبوا بالاسلام و مبادئه في التسامح و العدل و المساواة بين الناس .
و نذكر أن عهد ظهور الدولة الأيوبية عُرف بعهد صراع المشاريع المذهبية المتطاحنة : المشروع الصليبي الممثل في أوربا والمشروع السني الممثل في الدول الأيوبية والمشروع الشيعي الممثل في الدولة الفاطمية و انضاف إليه بعد وفاة صلاح المشروع المغولي على المسرح السياسي والعسكري ، فإذن لم تكن مهمة علماء الاسلام بالسهلة في مواجهة هذه الصراعات المتلاطمة في منطقتنا العربية الاسلامية ، بالشام و مصر على الخصوص ، ناهيك عن ارتداداتها على باقي أطراف البلاد العربية بالعراق و الجزيرة العربية و المغرب العربي .
و لكن وصيته لم تنفع أمام أطماع المتصارعين على التركة و الملك ،كما لم تنفع وصايا الأصدقاء المخلصين، و اشتد الصراع في البيت الأيوبي بعد وفاة صلاح الدين ، خصوصا بين أبناء صلاح الدين وإخوته وكان أكثرهم تشبثا بالارث الملك العادل أخو صلاح الدين و ظهر اثره على الوضع الإسلامي بمصر والشام والعراق وتركيا.
sv r,m , h.]ihv hg],gm hgHd,fdm td hujlh]ih ugn hguglhx
مواقع النشر (المفضلة)