إهداءٌ ومُقَدّمة !

إهداءٌ ومُقَدّمة !

إهداء ومقدّمة !!!

منذ عام مضى رفعنا للقراء الكرام نبذاً من سيَر الصحابة الكرام ! وبدأناها بالخلفاء الراشدين ثم المبشرين بالجنة .. واتبعناهم ببعض ضوء ألقيناه على قصص مختارة من روائع السّير للصحابة رضي الله عنهم جميعا خير صحب لخير خلق الله أجمعين .

واليوم نحن بصدد إكمال هذه السّيَر لكوكبة أخرى من الأعلام الذين رفعوا راية الإسلام وانطلقوا مجاهدين في سبيل الله لا هم لهم بدنيا يصيبونها ! بل هم طلاب آخرة آمنوا بربهم فزادهم هدى ! فكانوا لنا كمشعل نور يضيء لنا الطريق لإتباع نهجهم الذي رباهم عليه الصادق الأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ونهدي هذا العمل :

لكل مؤمن ما زال يرتبط بدينه ويعتز بعقيدته ويفاخر بسلف أمته الصالح .. ويثق بالمستقبل المنشود والموعود .
لكل عاقل منصف لم تبهره المدنية الغربية برموز شياطينها ولا قشور زخرفتها وبريقها الموصل الى كل سراب ووهم .
لكل باحث عن الحقيقة الناصعة والنماذج البشرية الرائعة ممن تربوا على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم وتخرجوا من مدرسته الإيمانية .
لكل من فقد الأمل بنفسه أو بغيره ونقول له : إن الإسلام هو منهج الحق سبحانه وتعالى .. وهو الذي صنع هذه القمم الشامخة والنماذج العالية الراقية الرفيعة .. وما زال حاضراً وقادراً على الصناعة والصياغة من جديد لمن لم تفتر همته وما زال حريصاً على العزة والرفعة .

بعد التوكل على الله نقول :

الحمد لله رب العالمين الذي أكرم البشرية بالأنبياء والمرسلين , دعاة للحق المبين , وهداة الى الصراط المستقيم , وأفضل صلاة وأتم تسليم على خاتم الأنبياء والمرسلين المرسل رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

إن البشرية في كل عصورها ودهورها كانت وما زالت بحاجة إلى من يأخذ بيدها الى الحق والصواب ويجنبها الزلل والارتياب , ولذلك توالت النبوة والرسالات حتى ختمت بالهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم .. ومنذ اليوم الأول لم يكتف صلى الله عليه وسلم بالدعوة الى الخير والعمل به , لكنه ذهب موقفاً يبني للأمة منارات للهدى ونماذج للخير ومثلا في الكرامة والاستقامة ليدلل للقريب قبل الغريب بأن هذا الدين إنما هو دين علم وعمل , يحمله الأكفاء ويتخلى عنه الضعفاء , وأنه دين جاء لينظم الواقع ويعيد ترتيبه بما يرضي الله تعالى ويرضي به عباده , وأثبت لنا ذلك بواقع حي مشاهد ملموس الآثار والثمار لم تزل الأمة بعده بقرون طويلة تتغنى بأمجادهم وتتعطر بشذى عبيرهم آملة العودة أدراج الخير والرحمة بتمثّل خطاهم والسير على منهجهم , منهج النبوة الأولى ليقودهم ذلك – وبقدر حرصهم وتمسكهم وإصرارهم مع إخلاصهم – الى قدر من الخير والعزة والكرامة التي تفيّأ ظلالها كاملة السلف الصالح ممثلا بخير القرون من الذين تربوا على عين المصطفى صلى الله عليه وسلم ورعاهم سنوات طويلة , فأثمرت جهوده جهود الخير والعصمة , جهود منهج الحق مع داعية الصدق , جيلاً ليس كسائر الأجيال قبله ولا بعده , لأنك لن تجد معلماً كمحمد صلى الله عليه وسلم وإن بقي منهجه التعليمي خالداً بحفظ الله سبحانه , فكان جيل الصحابة الكرام الذين قال الله تعالى فيهم { رضي الله عنهم ورضوا عنه } جيلاً استحق بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يكون عبر القرون خير الأجيال في هذه الأمة , أمة خير الأمم .

ولا يعني هذا استحالة السير ومواصلة مسيرة الخير , ولكنه يعني المسارعة الى الخير والتشمير عن سواعد الجد , كما يعني ضرورة العناية الفائقة بالدعاة وحسن إعدادهم لتكون أعينهم دائماً ناظرة للقدوة الأولى محاولة الارتقاء ما استطاعت الى ذلك سبيلا , ومن سلك سبيل الخير كان من أهله , ومن أحب قوماً حشره الله معهم , والدال على الخير كفاعله , والارتقاء دائما يؤدي الى النجاح , والناجحون في ميدان وعصر لا يمكن وصفهم بالفشل أبداً , كما أن الخنوع والقعود والإهمال والتقصير في كل أمر ومع كل جيل يؤدي الى الضياع والفشل وهذا ما لا يرجوه صادق لنفسه أو أمّته .

وعليه فمن أراد أن يرتقي فلينظر باعتبار الى القمم السامقة التي بناها المصطفى صلى الله عليه وسلم فسيجد رهباناً بالليل وفرساناً بالنهار , سيجد الملائكة أطهاراً بصورة بشر يدبون على الأرض , سيجد إنجازات في كل ميدان من ميادين الحياة ونجاحاً يتلوه نجاح , حتى انه ليستشعر وهو يطالع حالة إيمانهم وإخلاصهم , ونماذج إخلاصهم وتضحياتهم وثمار أعمالهم ونتائج بطولاتهم كأنه ينظر الى الخيال مع انه الحقيقة التي خطها الرجال الصادقون في دنيا الواقع وإن قاربت الخيال بتحدي الصعوبات الجمة وعظيم الإنجازات الباهرة .

ونحن أمة الإسلام , أمة محمد صلى الله عليه وسلم أحوج ما نكون لمطالعة أحوال هؤلاء العظماء الذين لن نجد لهم في التاريخ شبيهاً , ناهيك عن عظيم الروابط وشدة أواصر القرب التي تجمعنا بهم , فهم منا ونحن منهم , وصلتنا بهم صلة الأبناء مع الآباء .. فهلا طالعنا أحوالهم وتأثرنا بمواقفهم وسرنا على منهجهم منهج الحق القادر بقدرة الله تعالى وبعونه وتوفيقه على إخراجنا كما أخرج سلف أمتنا من الظلمات الى النور ومن جور الأديان الى عدالة الإسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الآخرة , فاللهم وفقنا وأمّتنا الى هذا الخير العميم وحُل بيننا وبين تنكّب الطريق وثمرات الدنيا قبل عثرات الآخرة وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين


*******

المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: تاريخ الدولة الأموية

---

Yi]hxR ,lErQ]~lm !

خيراً فعلت.

لا ياتي الخير إلا من الخيّرين !