الجانب التعليمي والاقتصادي للبني عامر
كانت قبائل "البني عامر" ولا زالت تعاني في قطاعات واسعة منها التخلف في الجانب التعليمي وتعاني من الفقر والجهل, بحكم عدم اهتمام الحكومات السودانية المتعاقبة بمناطق الشرق, وضعف الامكانيات التي كان يمكن أن تنهض بأبناء الشرق, ولكن بفضل رغبة أبناء "البني عامر" على التركيز في الجانب الديني, درجوا على إقامة الخلاوي القرآنية والتوسع فيها, والاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم, ودراسة الفقه وعلم الكلام من خلال المعاهد الدينية التي كانت قائمة, ولكن شهدت مرحلة السبعينات عملية تحول نوعية, حيث توسع أبناء "البني عامر" في الحصول على التعليم الحديث, والتخرج من الجامعات والكليات في مختلف التخصصات, ونستطيع أن نقول أن نسبة تعليم "البني عامر" في التعليم الديني والأكاديمي, تشكل أعلى نسبة خاصة في عهد "الإنقاذ" وهذا ما أكدته الإحصائيات مؤخراً وبعد أن تم فتح جامعة الشرق.

الجانب الإقتصادي
فإنه بحكم وجود "البني عامر" في المناطق الزراعية الشاسعة خاصة "القضارف" وحوليها ومنطقة "القاشي" إلى جانب وجود أكبر ثروة حيوانية في مناطقهم, وما تختزنه أراضي "البني عامر" من معادن كالذهب, وكذلك البترول, وإنتاجهم الوفير في الذرة, والقمح وغير ذلك من المحاصيل يجعلهم أهم الركائز الاقتصادية في السودان.

الموقع الإستراتيجي لقبائل "البني عامر"
تنبع أهمية قبائل "البني عامر" لموقعها الهام في شواطئ البحر الأحمر, وكان لهبوط عشائر "البني عامر" وبطونها في الساحل السوداني والإريتري وفي أطراف مملكة "البجة" أثاراً سياسية بعيدة المدى, فقد كانت قبائل "البني عامر" تربط الشاطئ العربي الأسيوي والأفريقي برباط وثيق, وأصبح من السهل على القبائل العربية التي تنزح إلى السودان الشرقي أن تفعل ذلك لأنها ستجد عضواً عربياً لها هناك, وكانت أهم القبائل العربية التي هاجرت إلى تلك الأراضي واستقرت هي قبيلة "بلو" اليمنية وهي إحدى قبائل "البني عامر", كما أن "بليا" هاجرت إلى الأراضي السودانية عن طريق "سيناء" وانحدرت إلى أراضي شرق السودان, بمحاذاة البحر حتى أصبحت تمتد مع قبائل "البجة" من أراضي ميناء "عيذاب" شمالاً إلى "مصوع" جنوباً, وأهم ما قامت به قبائل "البني عامر" وهي تشرف على شواطئ البحر الأحمر في "مصوع وسواكن", إنها استقبلت المهاجرين المسلمين الأوائل الذين لجئوا إلى أراضي "النجاشي", والمعروف أن قبائل "البني عامر" هي التي كانت تسيطر على الشواطئ الإفريقية, وعلى المرتفعات الإريترية والشيء المؤسف أن كثير من الكتاب السودانيين والعرب, لم يركزوا على كتابة تاريخ هذه القبائل العربية, كغيرها من القبائل الإفريقية, التي تملأ صفحات الصحف السودانية والمكتبة السودانية, سوى تلك الجهود التي كان يبذلها الشيخ (صالح ضرار), الذي سلط الأضواء على كل قبائل "الشرق والبجة" بشكل عام, ولولا ذلك لكان ربما ضاع تاريخ هذه القبائل في المنطقة, و"البني عامر" لها ملامح وجذور تاريخية عميقة في تاريخ المنطقة, ولهم من المآثر والبطولات ما يجعل الحجارة الصلدة تتحدث عن تاريخهم البعيد والقريب, وفي هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة التي تتزايد فيها المؤامرات على منطقة شرق السودان, بفعل التخطيط المرسوم لإضعاف وجود هذه القبائل في الشرق وفي غرب إريتريا, وفي مناطق "سمهر" والساحل التي تمثل مراكز تواجد قبائل "البني عامر" على امتداد الشاطئ الإريتري, نزولاً إلى مناطق "بركة" وشرق السودان بشكل عام, والتي تشكل في النهاية أساس راسخ لقوة قبائل " التيجري" التي تمثل العمق الاجتماعي والتواصل الديني والثقافي لقبائل "البني عامر" أصلاً, للوقوف في وجه التحالف الراسخ أمام قومية "التيجراي" المسيحية في إريتريا وإثيوبيا, لذلك فان تركيزنا على قبائل "البني عامر" ينطلق من وعينا بطبيعة المواجهة المباشرة في الوقت الراهن والتي تستهدف في النهاية إذابة قبائل "البني عامر" وتمزيق وجودهم القوي والعميق في شرق السودان وغرب إريتريا, وأن هذا الاتجاه في الحقيقة تساهم فيه قبيلة "الهدندوة" التي تنطلق من فهم خاطئ, وهو أن شرق السودان هي الأصل فيه وهم أصحاب الأراضي, وضمن عقلية "الدينكا" في الجنوب يسعون إلى زعزعة استقرار الشرق, ومحاولة انتزاع الزعامة لهم في ظل أية ظروف, وبالرغم أنهم حظوا في مجمل تاريخ الحكومات السودانية بالاهتمام, وأتيحت لهم فرص واسعة لحكم الإقليم الشرقي, لأن الحكومات السودانية كانت تحظر قبائل "البني عامر", بحكم امتداداتها القوية في إريتريا, وتتجاهل مجرد مشاركتها في حكم شرق السودان, وأظنها دفعت الثمن غالياً بسبب هذا الاعتقاد القائم على تقديرات خاطئة, خاصة وأن قبائل "البني عامر" تمثل مشروعاً حضارياً عربياً في شرق إفريقيا, وليس في منطقة محدودة بين السودان وإريتريا.
ولكن كان يفترض أن يستوعب الشماليين بأن "البني عامر" بحكم تكوينهم الديني والثقافي واعتزازهم بانتمائهم العربي والإسلامي, كانوا يمثلون مركز التحالف الطبيعي معهم, بل وكانوا يشكلون العمق "الإستراتيجي", وأثبتت جميع الأحداث التاريخية في السودان, بأن "البني عامر" كانوا خير عون للشماليين في السلطة, وخير من يحافظ على أمن وسلامة منطقة الشرق بخلاف "الهدندوة", الذين تتعارض جذورهم وانتماءاتهم مع التوجه العربي, ويتعامل مع الشماليين على أساس أنهم العنصر الغريب في الشرق, بل وأنهم يتطلعون إلى تمزيق الإقليم وفصله عن المركز في "الخرطوم", وكانوا يبدون الحماس القوي لمقاومة "الدينكا" في الجنوب ومحاربتهم للحكومة المركزية, وأنهم كانوا يشاركون دائماً في تقويض سلطة المركز في السودان, وبالمقابل فإن قبائل "البني عامر" في الشرق وحلفائها من أهلنا "الحباب والحلنقة", كانت تتصدى لطموحات "الهدندوة" الجامحة وتحول دون انفصالهم بالشرق, والعامل الوحيد الذي حجم أطماع "الهدندوة" وتخرصات رموزهم السياسية والقبلية فيما يسمى "بمؤتمر البجة" الذي تحركه العناصر الانفصالية في "أسمرا" وتنسق مع المشروع الطائفي بقيادة (أفورقي) المعادي للهوية العربية في إريتريا والسودان, الذي كان يتصدر دعم هذه التجمعات في "أسمرا", والتي لا صلة لها بمعانات قبائل الشرق, ولم يكلفهم أحد من هذه القبائل بمثل هذه الأعمال العسكرية, التي ساهمت في تدمير مشاريع وتجارة قبائل "البني عامر", التي تصدت لهذه المخططات الذي كان يقف ورائها نظام الطاغية (أفورقي) في "أسمرا", وهناك حروب تاريخية بينهم معروفة, نأمل أن لا تتكرر الآن بسبب تحالفهم الراهن ضد قبائل "البني عامر" لإضعاف مقاومتها للمشروع الطائفي, الذي يستهدف الإسلام والمسلمين في إريتريا.

وإذا نظرنا إلى قبائل "البجة" الخمسة والتي كانت تشكل تحالف تاريخي والمعروفة بالمودة فيما بينها ومجموعة "البجة" التي تتكون من:
1. قبائل البني عامر.
2. البشاريين.
3. الأمرار.
4. الحلنقة.
5. الهدندوة.



hg[hkf hgjugdld ,hghrjwh]d ggfkd uhlv