قادة بني هلبا عبر القرون
يعقوب آدم عبد الشافعنشر في السودان اليوم يوم 26 - 11 - 2011

هذه مقدمة لدراسة بعنوان: قادة بني هلبا
من موسى بن نصير اللخمي
وجمعان العويصي الجذامي
حتى الناظر محمددبكه الجباري
يإذن الله ستنشر في حلقات وهذه مقدمة الدراسة
المقدمة
جذور ومسارات وبلدان بني هلبا عبر القرون
تبدء الجذور بالقرون الأولى في مسارات ومساكن اليمن مجتمعاً وثقافة وممالك وحضارات، ومن ثم المسارات والبلدان من الجنوب عدن وصتعاء وحضرموت ونجران نحو الشمال عند بالحجاز مروراً بتهامة والطائف ومكة ويثرب ثم عبوراً إلى بلاد الشام والرافدين وحضاراتهما في بادية غسان وبيت لحم (لخم) وتدمر والأنباط والأنبار البصرى والكوفة والحيرة وأهم أسباب تلكم الهجرة كارثة سد مأرب المعروفة في التاريخ العربي بالسيل العرم التي ورد ذكرها في القرآن الكريم وهو إنهيار سد مدينة مأرب وما نتج عنه من دمار وكانت له الآثار الاقتصادية التي ضربت الجزيرة العربية من جنوبها إلى شمالها، ولم يحجزها عن الغرب إلا أخدود البحر الأحمر وبينها كانت الهجرات الطبيعية ورحلات الشتاء والصيف من اليمن إلى الشام والعكس.
من ثم كان فجر الإسلام والدعوة وفتح أفريقيا عبر أرض الكنانة وتأسيس بلدة الفسطاط والجيزةوالاسكندرية وبلدات الجوف بالدلتا الشرقية ومنها انطلقت نجو الجنوب إلى الفيوم وبني سويف والبهنسا والميناء وأسوان حتى بلاد النوبة والبجا وكردفان ودارفور وتشاد، وإلى الغرب عبر الواحات الصحراوية إلى برقة وطرابلس وفزان وتمبكتو ونحو الشمال الغرب إلى غدامس وتونس والجزائر ودار شنقيط حتى شملت كل شمال أفريقيا وغربها.
من تلك المسارات انطلقت الهجرة العربية وفتوحاتها جنوباً إلى بلاد النوبة والبجا والنيل وإلى الغرب عبر الصحراء وواحاتها إلى برقة والقيروان وفاس وطنجة ثم تجاوزت لما وراء البحار لبلاد الأندلس إلى طليطلة وإشبيلية وغرناطة وسرقسطة وبلنسية والجزيرة فكانت الحضارات العريقة باسم إمارات الأندلس.
ثم كانت محاكم التفتيش والعودة إلى أفريقيا الغربية نحو بلاد السودان السنغالي ومالي وغانة والنيجر وكانم وبرنو وواداي ودارفور وكردفان والنيل، وهنا ساد الاستقرار وكانت البلدات الكثيرة ومن أميزها رهد الناقة وأبي حمرة وديري وكبم وعدالفرسان وأم جناح وأم لباسه ومركندي والصراخ وقندي وكروكرو وبينها المسارات والمراحيل والفرقان والحلال، ومراحيل الشوقارة والمنشاق في موسم الرشاش والخريف والدرت تبدأ من الشمال نحو الجنوب وحدها الأقصى عند بحر الغزال.
(فهم من القبائل العربية الجنوبية أواليمنية من العرب العاربة الخلص بنو قحطان فمنهم القبائل السبائية) أولاد كهلان وحمير اللذين تفرعت منهما شعوب وقبائل وبطون كثيرة.
فمن قبائل كهلان همامالك وعريب ومنهما بني المغيرة من الأزد بن مالك في البهنسا، وبنو الحجر من بني مالك بن كهلان في الجيزة، وبنو كعب الذين من نسلهم العالم الحنفي أبو جعفر الطحاوي رئيس الأحناف في مصر عام 321ه في مدينة طحا، وقبيلة همدان التي شاركت في فتح الاسكندرية ومن بطونها بكيل وبنو أرحب وبنو عوف. ومن قبائل كهلان أيضاً بنو مذحج وطئ وبنو الأشعر.
ومن عريب قبائل لخم وجذام وتفرعت منها بطون كثيرة كبني سماك وبنو شنوءة وبنو عدي وبنو عشم وبنو مسعود وبنو عمرو وبنو واصل وبنو حبان وبنو معمر وبنو حماس في البر الشرقي بأسيوط وبنو معاذ وبنو الفيض وبنو أشتوه وبنو بحر وبنو سهل وبنو معطار وبنو سباع في بلاد أسكر بالصعيد، وبنو راشد الذين تحالفوا مع شيعة علي بن أبي طالب في قتال معاوية وكذلك حاربوا محمد بن أبو بكر في معركة المسناة سنة38ه، ومن بطون بني راشد في بلاد الصعيد بنو جرير وبنو عدي بنو موسى وبنو نجم وبنو محرز وبنو مرة.
وكذلك خولان من قبائل بني مالك بن مرة بن عريب وتفرعت منهم بنو عبدالله وبنو حدس في صعيد مصر في كل من البهنسا وإهناسا والقيس والمنيا ومنهم العالم علي بن عبدالله بن محمد المتوفي 287ه. وقبيلة مراد من قبائل كهلان ومنهم بنو جمع في الفيوم ومنف وبنو كعب الذين منهم قيس بن الحارث المرادي الذي كان يفتي الناس في حياته وله قرية تعرف باسمه القيس لأنه فاتح هذا الاقليم أثناء ولاية عمرو بن العاص، ومنهم عالم الحديث سويد بن قيس، ومن مراد أيضاً قبيلة بني البرسان في البهنسا وهم من أوائل القبائل العربية التي تصاهرت مع المصريين. هذه قبائل كهلان.
أما قبائل حمير في مصر وصعيدها هما قسمان كبيران مالك والهميسع، ومن قبائل مالك وأهم بطونها قضاعة بن مالك بن حمير ومن فروعها الكبيرة قبيلة بلّى ونفسها تفرعت منها بطون كثيرة كبني هني وبنو هرم وبنو سوادة وبنو خارفة وبنو رايس وبنو ناب وبنو شاد وبنو عجيل وبنو الريب وبنو طماخ بنو فضالة وبنو خيار وبنو عمرو حول منفلوط في الصعيد، من فروع بلى قبيلة بهراء ومن بطونها بنو مهرة وبنو خالد وحلفائها التاريخيين جماعة القوصية في سوهاج.
ومن أهم قبائل قحطان اليمنية وهم من أكثر القبائل العربية بالصعيد والشرقية وبلاد النوبة قبيلة جهينة زعيمة قبائل قضاعة التي جاءت مع الفتح الإسلامي لمصر سنة21ه ومن حليفائها قبيلة بلّى وكانت من أكثر القبائل حرباً ضد الفاطميين وكذلك حاربت النوبة وازالت ملكهم، وحاربت قبيلة رفاعة العربية في بلاد البجة عندعيذاب، ثم استمرت رحلت قبائل جهينة التي بلغت حوالي خمسين قبيلة حتى وصلت الحبشة والنيل والأزرق وكردفان ودارفور ومنها من ظل في ينبع والمدينة المنورةببلاد الحجاز.
وكذلك من قبائل قحطان اليمنية التي وصلت صعيد مصر طيئ ولها عدة بطون من أهمها بنوسوادة وبنوهني وبنوسنبس والخزاعلة وبنوعبيد وبنوجموع وكان أول موطن لها الجيزة.
وقبائل الهميسع (وائلة) من أهم بطون قبائل حمير بن سبأ بن قحطان وهي كثيرة العدد في الصعيد وكذلك قبائل حضرموت بن قحطان الذين جاءوا مع الفتح الإسلامي إلى مصر وسكنوا ببا من أعمال البهنسا في الصعيد فمنهم قبيلة الصدف في الفيوم وهاجر منهم إلى المغرب، وقبيلة يافع وهي بطن من رعين بن الهميسع بن حمير بن سبأ وسكنوا الجيزة. ومنها عرب جيشان من رعين بن الهميسع وهي قبيلة كبيرة العدد ومنه عبد الأعلى بن سعيد الجيشاني المتوفي 163ه وهو أول من ناصر العباسيين في الصعيد وكان شعارهم السواد ضد الأمويين وكان طابع هذه القبيلة علمي فمن أبنائها أبوغنيم من أئمة القراءات المتوفي سنة 577ه، والشاعر كريب بن مخلد المتوفي سنة 104ه. وكذلك من قبائل الهميسع قبيلة ذو أصبح بن رعين بن الهميسع في الجيزة.
قبائل الأوس والخزرج التي جاءت مع الفتح وعدة بطون في صعيد مصر ببلاد منفلوط كبني عكرمة من جملة قبائل الأوس المنتمون إلى سعد بن معاذ سيد قبيلة الأوس بالمدينة المنورة. وعاش بالصعيد من قبائل قحطان كبني النخع في أسوان والمعافر وغافق وبنو جعد) وغسان وكندة وعاملة فمن أولئك وهؤلاء جميعاً تنحدر قبائل هلبا"مالك وسويد وبعجه" في مصر وعبر التطور الاجتماعى وحركة مصائر الحياة منهم بالسودان وتشاد قبيلة هلبا جابر وجبارة وبطونهما لآل دبكه النظارة ومقرهم عدالفرسان ولآل زنتوت"عقيد الشوشة " ومقرهم مادي وأم لباسة، ولبني لبيد المقدمة ومقرهم كبم والحذاذره بفكارين ومرمنقو، والعلاونه بأم جناح وأم قوزين، ودارموسى بالصراخ وقندي، والرجبية"الهضاليل"كايا وفلندقي، والحبيبية في المايعة وأربعاء، وولاد جمعاني حملة نحاس القبيلة في عد الفرسان ونورلي، وبني منظور في مركندي، ومن بني لبيد دليل الفتح الإسلامي رافع بن عمرة اللبيدي، وولاد علي بفلندقي، وولاد غانم بأم بلود والمايعة، وغيات"غياث" بأم لباسه.
ومن فروع قبيلة بني هلبا منهم في جنوب وشرق نيالا في كشلنقو ومجوك وجخنه وكاس وفي الشمال الغربي في وادي صالح ووادي أزوم والصهيب، وفي ولاية غرب دارفور في الجنينة وزالنجي وفي خارج دارفور في كردفان والنيل الأبيض والأزرق والقضارف وأم درمان والخرطوم وبورتسودان وعدد مقدر من بطون هلبا في دولة تشاد ومنهم أسر في القاهرة.
فهم ما زالوا وحدة ممثلة في البطون والعمائر والأفخاذ والفصائل والأسر والعوائل موزعين في البدو أكثر من الحضر. وفي كل عشيرة عدد من المشايخ والعمد. ولهم الحواضر العريقة في شرق وجنوب ولاية جنوب دارفور نيالا فذلك هو تطورهم عبر القرون وقد لعبت مع غيرها من القبائل العربية الدور البارز في نشر الإسلام والثقافة العربية وفي تغيير كثير من الممالك والسلطنات في الاتجاهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وفي مجالات الأمن والاستقرار وهذا الدور البارز هو تاريخ بداية الفتوحات الإسلامية من آسيا نحو أفريقيا ثم عبرها لبلاد الأندلس فنشرت عقيدة الإسلام وعمقت أركانها الإيمانية وزال الشرك والضلال والبدع والخرافات السائدة في تلكم المجتمعات الأفريقية والأوروبية.
فإذن الهدف السامي من كتابة هذا التاريخ ليس مجرد استعادة الماضي وصونه عبر السطور وإن كان هذا من ضمن الأهداف لكن الغاية المرجوة تحقيقاً لإعمال الفكر واستنتاجاً للعبر واستيعاباً للحاضر لتحري الدقة والضبط والوصول برواية محققة إلى آفاق الثابت من الحقائق التاريخية لهذه الجذرة الطيبة.
فإن من ذلك التاريخ وعي بالماضي وبعثه في روح الواقع صوباً لهدى خطى الغد ويمكن سياقة القول بأن التاريخ سبيل لمعرفة الذات بفعل الأمة وبلورة الهوية لإبراز الدور الحضاري لمعرفة الواقع، الأن التاريخ تجارب ومستودعات غنية تعتز بأرصدتها الأجيال، ومجد خالد عبر الزمان والمكان بالرواية المحققة عن الآباء للأحفاد مستمد من الأجداد. فهو من أكثر العلوم في السودان في حاجة للقراءة والتفسير والتحليل من قبل التسجيل والتدوين والنقد والمراجعة والتقويم المعتدل لتحري الدقة بهدف الوصول إلى الحقيقة التاريخية عن كل أمة أوقبيلة أوأي جماعة إنسانية سودانية.
فإن من هذا المنطلق كان تدوين تاريخ قادة بني هلبا عبر القرون من موسى بن نصير اللخمي وجمعان العويصي الجذامي إلى آل محمد دبكه الجباري وإن لم نوفها حقها فالنقصان جبلنا عليه، فلا حجر على أحد لإكمال فصول تاريخ هؤلاء القادة، لأن التاريخ كتاب مفتوح يكمل فصوله ويتم نقائصه المهتمين من الأجيال وذلك بوصل المقطوع وجمع المتفرق وتقيد الموجود وتصويبه وبذلك يكون تجاوز الهنات الذاتية والأخطاء غير المقصودة وهذا هو تحقيق المعرفة المنهجية البناءة والهادفة لصياغة جيل الغد المشرق بالموثق من المعلومات.
فإن الشعبة آنفة الذكر جذورها العريقة أثلة ولخصوبة تربتها كان هذا النبت الطيب الذي فتح القارات وعمّر البلدان ووثق العلاقات ونشر المعتقد وصهر القيم الحضارية ولاقح الأعراف في وسط الشعوب والقبائل الكثيرة وكل ذلك بكرم الأخلاق وسماحة المعتقد وتعايشه الاجتماعي السلمي .
وفي مسك ختام هذه المقدمة تكفي في حق هذه الجذرة العبقة المنبت إن لم ننسج عنها حروفاً لها مغزى وفحوى فأحرف عد الفرسان المركبة عن ذلك تغني.
تابع سنواصل
يعقوب آدم عبدالشافع



rh]m fkd igfh ufv hgrv,k