جيشين في بلد ... خربوا سنار ... وضيعوا البلد
إذا كنت سياسي أو مثقف او عسكري أو حتى مواطن عادي أقرأ وتأمل وتدبر وأعرف كيف أن التاريخ ليس للتسلية أو العب
# كانت (مملكة سنار) او الديار الفنجية أو السلطنة الزرقاء هو أسم السودان الأوسط منذ العام ١٥٠٤ وحتى العام ١٨٢١ ويضم كل أجزاء السودان الحالي تقريبا ماعدا دارفور، (وعاصمتها سنار) والتي تقع الآن في أجزاء من ولاية سنار وولاية الجزيرة.
# في حدود العام ١٧٢٤ حكم البلاد ملك قوي إسمه (بادي أبو شلوخ) والذي يعتبر أطول شخصية حكمة السودان وأقواها والذي امتد حكمه لأكثر من (٣٨ سنة).
# لم يكن الملك بادي يثق في المنظومة العسكرية والسياسية المتعارف عليها في ذلك الزمن والتي ورثها من أجداده والتي تتكون من (هيئات ومؤسسات) مختلفة تحت إمرة الملك.
# فعمد الملك بادي أبو شلوخ حينها في تكوين (مليشيات خاصة) وتقديم وجوه عسكرية جديدة في الساحة وذلك لكي يستعين بها عند الحاجة ضد خصومه وأعدائه.
# اختار الملك بادي أبو شلوخ (الشيخ محمد أبو الكيلك) والذي عرف بشجاعته وكارزميته وقوته ليكون قائد لتلك القوات.
# تمكن الشيخ محمد أبو الكيلك من تحقيق إنتصارات عظيمة فلقد كان أحد أكبر ثلاثة قادة ممن شاركوا في (حرب سنار الدولية) ضد الحبشة والتي أفضت إلى هزيمة قوات الإمبراطور إياسو الحبشية. لم يكتفي محمد أبو الكيلك من الانتصار شرقا على الأحباش بل قاد هجوم ناجح لينتصر غربا ويضم كردفان لصالح مملكة سنار.
# هذه الإنتصارات بالإضافة لإنتصارات محلية أخرى رفعت من مكانة الشيخ محمد أبو الكيلك والذي (بنى مجد لأسرته وعشيرته) والتي هي خليط من الجعليين العوضية ومن نوبة الجبال إحدى أقوى وحدات سنار القتالية والتي كان يستعان بها في حروب سنار ضد أعدائها منذ عهد الملك السابق بادي أبو دقن.
# ساهمت تلك الانتصارات في الترقية التدريحية لمحمد أبو الكيلك حتى صار مقدم الخيل أي (قائد للجيش) ومن ثم الوزير الأول (والرجل الثاني) في الدولة وذلك على حساب المنظومة العسكرية التقليدية والمتعارف عليها في ذلك العهد.
# ولكن رغم كل تلك الإنتصارات فلقد كان ملك سنار والسنانير أي الشعب يطلقون على تلك القوات إسم (الهمج) وذلك كناية لشراستهم وقوتهم وجاهزيتهم في القتال ضد خصومهم إلى حد الهمجية وظلت بهذا الإسم (مميزة عن المنظومة العسكرية الإعتيادية).
# في أواخر عهد الملك بادي (أتهم الملك بالتسلط والتجبر على الشعب والميلان للفساد وللهو)، فعمدت حينها المنظومة السياسة والعسكرية التقليدية والمكونة من الأمراء في سنار ومقاديم الخيل اي ضباط الجيش في سنار وجنود أولو أقوى الوحدات العسكرية جنوبا وشيوخ قري وكلاء الملك شمالا إلى (عزل الملك بادي ابو شلوخ والإطاحة به في إنقلاب أبيض).
# كانت المفاجأة أن محمد ابوالكيلك وافق على ذلك وساهم بشكل رئيسي في عزل الملك بادي (الذي أوصله لكل تلك المراتب) وكان الشريك الرئيسي في هذا التغيير الجديد، ليتم بعدها (نفي الملك بادي أبو شلوخ ذليلا بعد كل ذلك المجد إلى كسلا).
# تم تنصيب (ناصر) أبن بادي أبو شلوخ ملكا في مكان أبيه ولكن في الحقيقة كان (ملك صوريا) وكان (الحكم الحقيقي) في يد الشيخ أبو الكيلك يتلاعب به وبأمراء سنار كما يشاء. استمر هذا الحال حتى بين ذرية الطرفين.
# استمرت (سيطرة وزراء الهمج) على البلاد ٦٠ عام تقريبا، ولكن لم يرضي الوضع الجديد بطبيعة الحال المنظومة السياسية والعسكرية التقليدية والتي وجدت نفسها مهمشة فدخلت في حروب مع قوات أبو الكيلك، ولكن كان كل ذلك بعد فوات الأوان فلقد حشد محمد أبو الكيلك قواته وزحف نحو سنار صارخا هو وجنوده يا سنار جاكي النار فكانت له الغلبة والنصر.
# لم تكن هذه (الإنقسامات) والحروب الأهلية حكرا على العاصمة سنار فلقد إمتدت على طول البلاد وعرضها، ونذكر هنا على سبيل المثال أن قوات المك مساعد في المتمة مثلا كانت تقف إلى جانب أحد الفرقاء في سنار ضد أبنا عمومتهم من قوات المك نمر في شندي والتي تقف إلى الجانب الآخر.
# وقس على ذلك في أنحاء أخرى من البلاد. استمرت الحروب الأهلية ٦٠ عام واستمر الخراب والدمار وضعفت سنار ولم (تفق من غفوتها) إلا وجنود المستعمر التركي على الأبواب وخيول محمد علي باشا تدك الحصون في العام ١٨٢١. ولم تنفع كلمات محمد ود عدلان حفيد الشيخ أبو الكيلك النارية (لا يغرنك انتصارك فنحن الملوك وهم الرعية) من إيقاف الغزو وضياع البلاد، فعن أي ملك يتحدث والحرب الأهلية تنخر في البلاد ٦٠ عام.
# هل (أخطء بادي أبو شلوخ) في تكوين مليشيات خاصة تحت إمرته على حساب المنظومة العسكرية التقليدية.
# هل يمكن (محاكمة محمد أبو الكيلك وتجريمه) على أمر يتوافق مع الفطرة وهو أنه استغل الفرصة التي سنحت له وكون (مجد له ولأسرته وعشيرته) ليكون الحاكم الفعلي للبلاد.
# لا يهم كل ذلك بعد فوات الأوان ولكن (إذا جلس حينها) السنانير وهم الشعب مع المنظومة السياسة من ملك وأمراء في سنار والمنظومة العسكرية التقليدية من مقاديم الخيل وجنود أولو وشيوخ قري وشيوخ القبائل وعلما الدين وقوات محمد أبو الكيلك (إذا جلس الجميع دون إحتكار أو إستثناء) من أجل (إيجاد حل يضمن حقوق الجميع) لكان ذلك أولى للجميع. ولو تنازل كل طرف القليل لصالح الطرف الآخر (دون إستثناء) لربما تجنبت سنار الخراب.



[dadk td fg] >>> ovf,h skhv ,qdu,h hgfg]