النيل هبة الله لمصر
حلقة رقم 4
عرفنا سابقاً أن النيل فضل وهبة من الله لمصر، اكسبها الخصوبة والغني، والحقيقة أن مصر عصارة النيل وخلاصة افريقيا، النيل هو مصر ومصر هي النيل، وكما قال العمري: أن هذا النهر الأعظم ساقه الله إلي مصر فأحيا به بلدة ميتا وسقاه أمة عظمي، ولا عبرة لمصر بدون النيل، وكذلك لا عبرة للنيل بدون مصر، فحوض النيل كله يستقطب حضاريا في مصر، إذ حقق إقتصاداً وتاريخاً وحضارةً نعمت بها الإنسانية عبر القرون المختلفة.
وقد حول النيل تربة مصر إلى بيئه للرى مثالية في العالم كله فما يوجد بلد فى الدنيا يعتمد علي الرى إعتماداً مطلقاً بهذه الدرجة سواء علي النهر نفسه أو في الوادي علي جانبيه، تصل كثافة الرى إلي أقصي ما تعرفه منطقة مماثلة في العالم، ولنا أن نتصور إذا حرمنا من ماء النيل فكيف يكون الخراب والضياع في أرض مصر.
لقد عرف القدماء أهمية النيل وقدروُا وضعه أحسن تقدير، وامتزجوا به وغنوا له وعبروا عن حبهم له مساءاً وصباحاً، لذا حفظ الله لهم تلك النعمة من أن تزول، ولكننا في هذه الأيام جحدنا فضل النيل وأهملنا أمره، وأصبح مرتعاً للحيوانات النافقة، وأصبح أيضاً ملوثاً بما يلقى فيه من مصبات المصانع ومهملاتها، حتي تغير لونه وشذ طعمه، وأصبح يتحكم فيه غيرنا، فقد وجهوا مياهه لمصلحتهم ومصلحة أوطانهم ، فماذا نحن فاعلون إذ ضاع نصيبنا التاريخي من مياه النيل الذي كنا ننعم بها، وأصبحنا اليوم نبحث عن البدائل. وأرجوا أن يمهلنا الله حتى نصحح أنفسنا. وهو القائل "ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمةً أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم".
وقد تحدث القدماء عن فضل مصر علي غيرها من الامصار وقالوا: مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها، قال الله تعالي علي لسان يوسف عليه السلام: (قال إجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم)
ولم تكن تلك الخزائن إلا لمصر فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض.
وأجمع أهل المعرفة أن أهل الدنيا كانوا مضطرين إلي مصر يسافرون إليها ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، فسبحان الله مقلب الأحوال..


hgkdg ifm hggi glwv