بسم الله الرحمن الرحيم

نبذة عن أهل أحمين سالم

يعد أهل احمين سالم من أعيان سكان مدينة وادان التاريخية التي قدم إليها والدهم أبه سالم المعروف ب "دب أو أمب" في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي صحبة قافلة قادمة من "سيكو" بأرض السودان، حيث كانت توجد معادن الذهب ومراكز التموين من الحبوب. وكان الرجل قد ارتبط روحيا ببعض القائمين على هذه القافلة من مشايخ قبيلة كنته المجيدة.

ويذكر أهل احمين سالم أن جدهم عربي مغافري من قبيلة أولاد أمبارك الأصيلة، جاء منفيا من قومه إلى إمارة أولاد ماصه البمبارية التي كانت قائمة في " سيكو" بأرض السودان (جمهورية مالي حاليا) تزوج من أخت أمير البلاد التي أنجب منها ولده المعروف ب " دب أو أمب " وهي لفظ قد يستشف منه تحريف لاسم أبه، لكن الأرجح أن هذه الكلمة بمبارية ومعناها الأب أو الجد. وكان أخوال الرجل البنابرة يطلقون عليه هذا اللقب رغم حداثة سنه مما يدل على أنه كان يحظى لديهم بدرحة عالية من التقدير والاحترام. ومعلوم أن السودان كانوا يطلقون ألقابهم على كل من ساكنهم أو جاورهم.

يقال أن أبه سالم كان ملما بعلم الأسرار، والأكيد أنه كان محبا للعلماء والصالحين وأنه كان عزيز النفس، صاحب نخوة وشرف، امتنع من دخول منزل لا يملكه واشترى دارا دفع ثمنها من صرة ذهب جاء بها من بلاده.

وقد تزوج من امرأة من قبيلة آمكاريج تدعى بنت رقيه، أنجب منها ولداه: أحمد المعروف باحمين سالم وحمن سالم.
توفي ودفن رحمه الله في مدينة وادان.
خلف أبه ابنه أحمد (احمين سالم) الذي ولد في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وكان قوي البنية، شجاعا. لا يقبل الضيم، ينتصر للحق وأهله. لذلك اتفق أهل وادان على توليه أمن المدينة.

ورث الرجل عن والده حب العلماء والصالحين، فكان تلميذا مقربا للشيخ الفاضل الطالب أحمد بن اطوير الجنة.

له بنتين وأربعة أولاد. منهم ابنه محمد بن احمين سالم (الداه) المعروف بكجمول, المولود حوالي 1825 م في وادان، وكان رجلا دينا شجاعا، ذا فضل وخلق وصاحب إنفاق في سبيل الله.

استلم رئاسة شؤون وادان بعد والده فكان من رواد مبادرة ترميم وتكملة سور المدينة الشهير، ثم عمل على استتباب الأمن، فقلت النزاعات في زمنه ونزلت البركة، بحيث أتيح لأهل وادان إمكانية إرسال قوافل تجارية كل سنة إلى أرض السودان جنوبا وإلى المغرب الأقصى شمالا، وكان محمد بن إحمين سالم يشارك في تجهيز وتسيير هذه القوافل. فالرجل رحمه الله تعالى، كان غنيا يملك العديد من المواشي وحدائق النخل والمنازل التي كان يخصص بعضها لاستقبال الضيوف وبعضها لسكن أتباعه والبعض الآخر لتخزين مختلف الموارد. ومازال أحفاده يملكون أكثر من ستة عشر منزلا قائما حتى اليوم في الجزء القديم من المدينة، تتوسط بعض هذه المنازل رحبة أهل الداه الشهيرة في مدينة وادان.
بفضل ذكائه وحكمته أقام محمد ولد احمين سالم علاقات حسنة ومتوازنة مع جميع قبائل مدينة وادان وزوارها، وكانوا كثر انذاك، نتيجة لموقعها الجغرافي المتميز الذي جعل منها مركزا تجاريا مهما على طريق القوافل المتجهة جنوبا وشمالا، مما مكنه من التعرف على أعلام عصره كالعلامة المجاهد الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل بن مامين والعالم المتمكن الورع الشيخ ولد حامني، وكانت له معهما قصص رائعة مازال ذكرها يشكل دعائم العلاقات الطيبة القائمة اليوم بين الأحفاد، وكذلك تعرف على شيخه الولي الصالح الشيخ محمد فاضل بن محمد لعبيدي الذي شاع ذكره في المنطقة كلها. وكان يحترم الشرفاء بل يجلهم ويعتبر تقديرهم واجب يمليه حب جدهم النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك بنى علاقات متينة مع قبيلة ايد والحاج قوامها المحبة والتقدير والاحترام.
وكان محمد بن احمين سالم مثابرا على توطيد علاقات المودة والصداقة مع أعيان زمانه، فكانت له صداقات في قبيلة الركيبات الذين كان لديه منهم أخ لأمه يسمى محمودي بن بوخريص، وكذلك كان له أصدقاء في قبيلة أولاد بسباع عن طريق أحد أعيانهم يسمى أحمد باب بن الخوماني.
وهكذا شاع الرجل وأورث أولاده الثمانية وبناته الأربعة الكثير من الحب والتقدير لدى كل من يعرفهم. وكان كل أبنائه يتصفون بالشجاعة والفضل وكان من أحفادهم فقهاء وشعراء. وقد تولى بعضهم من بعده شؤون أمن مدينة وادان كما هو مثبت بالوثائق.
من أبناء محمد بن احمين سالم ابنه محمد عبد الله المعروف بالتلميدي الذي حفظ القرآن في سن مبكرة واهتم بتحصيل العلم، فسافر إلى الشيخ ماء العينين ومكث عنده فترة طويلة من الزمن درس خلالها مختلف العلوم وأجاد الشعر، ثم عاد إلى وادان حيث كان يعلم القرآن الكريم ويتولى التوثيق.
له مكتبة تعرف بمكتبة أهل أحمين سالم تحتوي العديد من المخطوطات النادرة بعضها بخط يده، وقد تم عرض بعض محتويات هذه المكتبة ضمن مقتنيات أسلاف أهل احمين سلام وذلك خلال النسخة الأخيرة من مهرجان المدن القديمة الذي أقيم في مدينة وادان. وقد عرض كذلك ضمن هذه المقتنيات سيف محمد بن احمين سالم (الداه) الذي كان لا يفارقه.
وكان الفقيه الشاعر محمد عبد الله ولد احمين سالم تقيا، ورعا، حكيما، يقول في إحدى قصائده:
يتعكب اليوم ال يامس أول وأتج المتخاطمه أعيات مشانكه
لعوام شهر وليام دول والدهر أزمنت أحواله أمبانكه

ويقول في أخرى
والعاقل إبين إفوجه السرور وهو افصدر الكي بالجمر
واروق لعطاس ابشم الحرور وايمش بشور او هو اكد يجر
ويرض القضاء ويسلم المقدور ولا ينشاف متململ ولا ينشاف متكتر

حتى يقول
إل عاين الشمس بالنظر إحور وإل كاد أقدام افهواه مدهر

تشكل ذرية محمد بن احمين سالم مع أبناء عمومتهم وخاصة أهل السالك ولد أحمين سالم (بل) فروع أهل احمين سالم المعروفة اليوم.

وظلوا متميزين عن غيرهم حيث لديهم سجلهم الخاص، ومع ذلك فلهم صلات قرابة وطيدة مع العديد من القبائل وخاصة مع ابرابيش وادان عن طريق الخوالة المتبادلة.

أما حمن سالم أخي احمين سالم فكان مثل والده "أبه" قويا شجاعا يحب المساكين.
وله عقب نذكر منهم أبنه سيد أحمد الذي كان حسن الخلق والخلق كريما ومنفقا في سبيل الله.

يحكى أنه كان يملك " مزودا" فيه بعض المؤن فكان يأخذ منه باستمرار ويطعم عياله وينفق على المحتاجين، وظل على هذه الحال فترة من الزمن، فلم ينقص من محتواه شيئا، فتعجب من أمره وذكر الخبر لأحد الصالحين فقال له: << لو لم تذكر المزود لبقى على حاله طوال حياتك>>.

من ذرية حمن سالم العديد من العائلات يكونون اليوم مع أبناء عمومتهم أهل إحمين سالم جماعة مهمة يقدر تعداد أفرادها بأكثر من ألفين وخمس مائة شخص.


hsjtshv uk ksf Hsvm hig pldk shgl