شيخ العرب محمد بن سعدان العقيلي العوني السلمي

شيخ العرب محمد بن سعدان العقيلي العوني السلمي

بعد أحداث العام 853هـ وإعدام مشايخ العرب بالبحيرة، ظلت قبيلة بني عونه منقسمة كما هي بين أولاد رِحّاب وشيخهم صقر بن عشبة بن رِحّاب الذي سيصبح أميراً لإقليم البحيرة فيما بعد، والعقلة وشيخهم محمد بن إبراهيم بن سعدان الذي تزعم لبيد ممن لم يدخلوا في الطاعة، وكان أولاد بكار بن رِحّاب ومحارب قد دخلوا في طاعة السلطان وعدوا من عرب الطاعة كما ذكرنا سابقاً.

وفي تلك الفترة خاضت قبائل لبيد تحت زعامة ابن سعدان حروب شرسة ضد المماليك استمرت حتى نهاية القرن التاسع الهجري، وفي المقابل كانت سلطنة المماليك تمر بتقلبات كبيرة وصراعات دموية على السلطة بين أمراء المماليك الجراكسة.

ويذكر ابن تغري بردي في حوادث الدهور من أحداث شهر رجب العام 857هـ " وفي يوم الجمعة سادس عشرينه ورد الخبر بقتل الأمير قشتم المحمودي الناصري، كاشف البحيرة.

وأمره : أنه لما نزل عرب لبيد بالقرب من تروجة حسن إليه جماعة من عرب الطاعة أنه يتوجه إليهم ،ويردعهم، وكانوا لبيد في الاف من العربان، فتوجه قشتم - المذكور - إليهم وقاتلهم بمن معه من البلاصية لا غير وعربان الطاعة، ثم انكسر وقتل هو وجماعته وجماعة من العربان ، ولم ينج منهم إلا القليل .

وأما أمر الأمير طوخ أمير مجلس بمن معه من المماليك السلطانية، فإنه لم يوافق قشتم على قتال لبيد، واعتذر أنه لم يكن معه مرسوم بقتالهم، فسلم هو وجماعته، وقتل قشتم. "

وفي نفس العام في شعبان أوله الثلاثاء " وفيه عين السلطان تجريدة إلى البحيرة نجدة للأمير طوخ لقتال لبيد، وهم نحو خمسمائة مملوك من المماليك السلطانية، وجماعة من الأمراء الألوف والطبلخانات والعشرات. فأما الألوف فرأسهم الأمير خشقدم المؤيدي أمير سلاح، والأمير قرقماس الأشرفي رأس نوبة النوب، والأمير برسباي البجاسي.

ويذكر البقاعي وابن شاهين في العام 858هـ ذو القعدة يوم الثلاثاء سادسه " عين السلطان تجريدة إلى البحيرة بسبب عود عرب لبيد ومقدم العسكر الأمير الكبير تنبك الظاهري، فاستعفى تنبك - المذكور - فعين عوضه الأمير خير بك المؤيدي - أحد مقدمي الألوف - وعين معه عدة أمراء طبلخانات وعشرات.

وفي يوم السبت حادي عشره عرض السلطان المماليك السلطانية وكتب منهم جماعة كبيرة إلى البحيرة، ثم عرض في يوم الأحد من الغد - أيضاً - وكتب جماعة أخرى ثم في يوم الأربعاء خامس عشره، ثم سكن الحال، وورد بعد ذلك الخبر بردود عرب لبيد. "

وفي العام 860 هـ ذكر ابن تغري بردي وابن شاهين هجوم خاطف لقبائل لبيد غنموا منه عدد من خيول السلطان والجند بالجيزة " وفي يوم الخميس حادي عشرينه أمر السلطان الأمير يونس العلائي - أحد مقدمي الألوف - أن يخرج إلى المنصورية بالجيزية، لحفظ خيول السلطان والعساكر من عرب البحيرة الخارجة عن الطاعة فخرج من يومه إلى المنصورية، وأقام بها، وألزم السلطان - أيضاً - جماعة من الأمير آخورية بالتوجه إلى بر الجيزية والإقامة بها لهذا المعنى. "
" وكان عرب لبيد قد عاثوا في الجيزية، وأخذوا بعض الخيول من مرابعها. "

وفي العام 861 هـ نجح المماليك في اعتقال شيخ العرب محمد ابن سعدان فيذكر البقاعي " وفي آخر يوم الأحَدِ الثلاثين من شهر رمضان هذا قدم الشيخ أبو الفضل البجائي مِن إسكندرية وأخبر أنه خرج منها ضَحْوَة يوم الخميس سابع عشريه ، بعد بعد أَنْ جَهَّز معه نائبها جانبك النيروزي خمسة عشر جندياً يوصلونه إلى رشيد ؛ وذلك لأن عرب ابن سعدان بتلك الناحية يقطعون الطريق بين إسكندرية ورشيد لأن سودون قرقش ، قبض على شيخهم ابن سعدان المذكور ، وقدم به إلى السلطان فاعتقله. "

ولكن لم تدم سنوات اعتقاله كثيراً فقد عاد اسمه للظهور مرة أخرى في أحداث العام 865هـ وما بعدها زمن سلطنة المؤيد أحمد بن اينال.

وفي العام 862هـ حدثت فتنة كبيرة بين لبيد وأبناء عمومتهم من محارب فيذكر البقاعي " وفي هذا الحد، جاء الخبر ، بأن محارباً قتلوا كبراء لبید، فجردت لهم لبيد خَيْلَهم وَرَجِلَهُم ، وقدموا إلى البحيرة عازمين على إخرابها ، فجهز السلطان إليهم عسكرين من رؤوسهم : قائم التاجر وهو أحد أمراء الألوف وشرباش كرد أمير مجلس ، وبازير الناصري ، وكان تجهيزه لهم في أوائل ذي الحجة هذا ، ثم لم يسافروا من بر الجيزة حتى أرسلوا إلى السلطان أن يمدهم ، فإن العرب كثير ، فأمدهم بالأمير جانبك مُشِدَّ جُدَّة ، وبُردبك البَشْمَقْدار ، وكلاهما من مماليك الظاهر جقمق ، ثم أمدَّهُم أيضًا بجمع من مماليكه ، ثم لم تتحرر كثرة العرب ، فلم يذهب المدد."

وانتهت الفتنة بسيطرة لبيد على البحيرة وطرد محارب إلى الغربية وكانت محارب قد دخلوا في الطاعة مع أولاد رِحّاب عام 840هـ لهذا هب المماليك لنجدتهم.

وفي العام التالي 863هـ ورد الخبر بواقعة بين المماليك ولبيد فيذكر البقاعي " وفي هذا الحد، بلغ الخبر عن الأمراء الذين بالبحيرة أنه حصل بينهم ، وبين عرب لبيد العصاة وقعَةٌ ، هزم فيها العرب ، وقتل منهم جماعة ، وأخذ كثير من أموالهم."

ورغم كل هذه المحن حافظت لبيد على قوتها العسكرية وعادت لنزول البحيرة مرة أخرى عام 865هـ، فيذكر البقاعي وابن تغري بردي " وفي هذا الحدّ ، وصل الخبرُ ، بأن عَرَب لبيد أفسدوا في البحيرة ، فوقع اتفاق السلطان ومَن يليه من أوتاد الدَّوْلَةِ على أنْ يُجهز لذلك من مماليك الأشرف إينال جمعاً كبيراً نحو الألف مع أمير آخور برسباي البجاسِي ، ورأس نَوْبَةِ النُّوب ، وبيبرس خال العزيز وغيرهم من الأمراء العشروات ، فأجاب الكلُّ خاضعين. "

ثم يكمل البقاعي " وفي هذا الحد، كفى الله شرَّ العَرَب ، وهم لبيد الذين كان السلطان (المؤيد أحمد بن اينال) أراد تجهيز العسكر إليهم بالبحيرة ، فأبى أهل الشر ، فطمع العرب حَتَّى وَصَل أذاهم إلى الجيْزَةِ، فأَلْقَى قيوم السموات والأرض في قلوبهم ما أوجب أن طلب كبيرهم محمد بن سعدان ، الحضور إلى السلطان ، فأرسل السلطانُ أَحَدَ الدَّوَيْدَارِيَّةَ ، الأمير كَسْباي المؤيَّدي ، فأحْضَرَ ابن سعدان، فخلع عليه السلطان ، فلما رأى ذلك خَصْمُهُ الأمير مؤمن (أمير البحيرة)، طلب الحضور، فأذن له ، فحضر ، وجُبِر ، ثم طلب كلّ منهما صلح الآخر ، وكان لهما مُدَدٌ متطاولة على غايَةِ الشِّرِّ ،والحرب، بحيث لا يُطْمع في صلحهما ، فالله المسؤول في إصلاح النيات ، وتمهيد الأمور بغالب المقدور على أحسن وجه. "

ولكن الأمور عادت للاضطراب مرة أخرى وتوترت العلاقة بين لبيد والمماليك بعد خلع السلطان المؤيد أحمد بن إينال وأشيع أن لبيد تخطط لاستنقاذه من الأسر.

وفي العام 866هـ حدثت واقعة كبيرة بين المماليك ولبيد في البحيرة انتهت بهزيمة المماليك ومقتل عدد من أمرائهم فيذكر ابن تغري بردي" وفى يوم الخميس سادس عشره ورد الخبر من البحيرة بأن العسكر واقع عرب لبيد وقتل من عسكر السلطان أميران : تنبك الصغير الأشرف ، وسنطباى قرا الظاهري ، وجماعة من المماليك ، وسبب قتلهم أمر ذكرناه فى الحوادث ، إذ هو محل إطناب في الواقع ، وحاصل الخبر أن الذين قتلوا هؤلاء هم عرب الطاعة في الغوغاء لا عرب لبيد."

وفي العام 872هـ ورد الخبر بأن عرب البحيرة أعلنوا العصيان بسبب سوء الاحوال وكان السلطان قايتباي منشغلاً بقتال شاه سوار فاضطر لإجراء عدة تغيرات فأقر صقر بن عشبة بن رِحّاب في مشيخة البحيرة لتهدئة الأحوال، وفي العام 873هـ تم القبض على شيخ العرب محمد بن سعدان وإعدامه، فيذكر ابن حجر وابن تغري بردي أن السلطان قايتباي قتل ابن سعدان ومثل بجثته سلخاً وكان قد قبض عليه قبلها بشهر.

وكان غالب أسباب الصدام بين عرب لبيد والمماليك لسوء الأحوال الاقتصادية، وحاجة لبيد لمراعي أوقات الجفاف، واعتبارهم اقليم البحيرة وطن أجدادهم من بني عوف لقرون قبل خروجهم منها مرغمين، وأيضاً سوء معاملة أمراء المماليك من الكشاف وغيرهم للعرب واحتقارهم وهو مايظهر جلياً في كتابات المؤرخين لتلك الفترة وجميعهم محسوبين على المماليك، بجانب نظرة العرب للمماليك الجراكسة الأجلاب بأنهم مجرد عبيد يباعوا ويشتروا وأغلبهم حتى لايتكلم العربية، ولم يتم تربيتهم من الصغر تربية دينية كالمماليك البحرية، وليس لهم انجاز يذكر في خدمة الإسلام والمسلمين باستثناء فتح قبرص زمن برسباي، فتأبى نفوس العرب وأنفتهم أن يحكمهم أمثال هؤلاء الأعاجم ويتسلطوا عليهم بالنهب والتشريد والقتل دون وجه حق.

#بني_عون
#بني_سليم
#رموز_بني_عون

المصادر:
- حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور لابن تغري بردي.
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي.
- انباء الغمر بأنباء العمر لابن حجر العسقلاني.
- إظهار العصر لأسرار أهل العصر للبقاعي.
- نيل الأمل في ذيل الدول لابن شاهين الظاهري.

المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: ملتقى القبائل العربية . مجلس القلقشندي لبحوث الانساب .

---

ado hguvf lpl] fk su]hk hgurdgd hgu,kd hgsgld

بني سليم
اكرم وانعم