🍒🍒أتود أن تكون من السابقين المقربين ؟
بقلم: د فتحي زغروت رحمه الله

يقول تعالى "وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُون أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيم ثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّوۡضُونَةٖ مُّتَّكِ‍ِٔينَ عَلَيۡهَا مُتَقَٰبِلِينَ"(سورة الواقعة،الآيات من 16:9)

تتحدث الأيات عن أهوال يوم القيامة، حيث ترج الأرض رجاً، وإذا الجبال الصلبة الراسية تتحول إلى فتتات يتطاير كالهباء، وهكذا تبدأ السورة بما يزلزل الكيان البشري، ويدرك الإنسان هول تلك القضية، وينتهي المشهد الأول للواقعة ببيان آثارها في الخفض والرفع، وفي أقدار البشر ومصائرهم، حينئذ ينقسم الناس إلى أصناف ثلاثة، وهم: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، ثم يذكر الفريق الثالث فريق السابقين، يذكرهم فيصفهم (السابقون السابقون)، وهذا الوصف فيه بلاغة كاملة، إذ يريد أن يقول أنهم هم وكفي،
ومن ثم يأخذ في بيان قدرهم عند ربهم، وتفصيل ما أعده من النعيم لهم، وتعديد أنواعه التي يمكن أن يدركها حس المخاطبين، وتتناوله معارفهم وتجاربهم:
أولئك المقربون. في جنات النعيم. ثلة من الأولين. وقليل من الآخرين. على سرر موضونة. متكئين عليها متقابلين. يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين. لا يصدعون عنها ولا ينزفون. وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون. وحور عين. كأمثال اللؤلؤ المكنون. جزاء بما كانوا يعملون. لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا: سلاما سلاما ..
إنه يبدأ في بيان هذا النعيم، بالنعيم الأكبر. النعيم الأسنى. نعيم القرب من ربهم: أولئك المقربون في جنات النعيم .. وجنات النعيم كلها لا تساوي ذلك التقريب، ولا تعدل ذلك النصيب.
ومن ثم يقف عند هذه الدرجة ليقول من هم أصحابها.. إنهم: ثلة من الأولين وقليل من الآخرين .. فهم عدد محدود. وفريق منتقى. كثرتهم في الأولين وقلتهم في الآخرين. واختلفت الروايات في من هم الأولون ومن هم الآخرون. فالقول الأول: إن الأولين هم السابقون إلى الإيمان ذوو الدرجة العالية فيه من الأمم السابقة قبل الإسلام. وإن الآخرين هم السابقون إلى الإسلام ذوو البلاء فيه.. والقول الثاني: إن الأولين والآخرين هم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فالأولون من صدرها، والآخرون من متأخريها. وهذا القول الثاني رجحه ابن كثير، وقد روي عن محمد بن سيرين أنه قال في هذه الآية: ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين.. قال: كانوا يقولون أو يرجون أن يكونوا كلهم من هذه الأمة.
وبعد بيان من هم يأخذ في تفصيل مناعم الجنة التي أعدت لهم. وهي بطبيعة الحال المناعم التي في طوقهم أن يتصوروها ويدركوها; ووراءها مناعم أخرى يعرفونها هنالك يوم يتهيأون لإدراكها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!
على سرر موضونة .. مشبكة بالمعادن الثمينة. متكئين عليها متقابلين . في راحة وخلو بال من الهموم والمشاغل، وفي طمأنينة على ما هم فيه من نعيم، لا خوف من فوته ولا نفاده وفي إقبال بعضهم على بعض يتسامرون.. يطوف عليهم ولدان مخلدون .. لا يفعل فيهم الزمن، ولا تؤثر في شبابهم وصباحتهم السن كأشباههم في الأرض. يطوفون عليهم بأكواب وأباريق وكأس من معين .. من خمر صافية سائغة لا يصدعون عنها ولا ينزفون .. فلا هم يفرقون عنها ولا هي تنفد من بين أيديهم. فكل شيء هنا للدوام والأمان. وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون .. فهنا لا شيء ممنوع، ولا شيء على غير ما يشتهي السعداء الخالدون. وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون .. واللؤلؤ المكنون هو اللؤلؤ المصون، الذي لم يتعرض للمس والنظر، فلم تثقبه يد ولم تخدشه عين! وفي هذا كناية عن معان حسية ونفسية لطيفة في هؤلاء الحور الواسعات العيون. وذلك كله: جزاء بما كانوا يعملون .. فهو مكافأة على عمل كان في دار العمل. مكافأة يتحقق فيها الكمال الذي كان ينقص كل المناعم في دار الفناء. ثم هم بعد ذلك كله يحيون في هدوء وسكون، وفي ترفع وتنزيه عن كل لغو في الحديث، وكل جدل وكل مؤاخذة: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا: سلاما سلاما .. حياتهم كلها سلام. يرف عليها السلام. ويشيع فيها السلام. تسلم عليهم الملائكة في ذلك الجو الناعم الآمن; ويسلم بعضهم على بعض. ويبلغهم السلام من الرحمن. فالجو كله سلام سلام.

"اللهم أجعلنا من السابقين المقربين إليك وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم"
إلى اللقــاء مع آية أخري...🍒🍒



Hj,] Hk j;,k lk hgshfrdk hglrvfdk ?