الشيخ يوسف بن الشيخ نعمان السويدي العباسي

بقلم: نذير احمد بك العباسي نقيب السادة العباسيين العام

مولده وبداياته:
ولد في بغداد سنة 1270ه في بيت عريق في العلم والآداب . وبيتهم كان من أشهر البيوت. فنشأ على طلب المعالي وشب على ممارستها وتتلمذ لكثير من أفاضل عصره . ثم انتدب لمنصب القضاء في عدة ألوية بالعراق فقام بأعباء ذلك خير قيام


وفوده الى الاستانة
وكانت نفسه تواقة إلى المعالي وثابة إلى الفضائل وقد وفد إلى القسطنطينية وحل ضيفا على بلاط السلطان العثماني مبجلا محترما مدة تنوف على عشرة أشهر .
وفي أثنائها منحه السلطان رتبة (بروسة ) من بلاد خمس الوصلة لرتبة الحرمين .
وعزز ذلك بألطاف أخرى .

رجوعه من الاستانة
وبعد رجوعه من الأستانة انتخب عضوا لمحكمة الاستئناف في بغداد ثم عضوا في مجلس إدارة الولاية و كانت له الكلمة المسموعة والرأي النافذ.مع الجاه الواسع الذي كان يعين به على نوائب الحق.ويبذله في مواقف الشهامة .

ولما أعلى الدستور العثماني أرادت جمعية الاتحاد في بغداد أن تستفيد من نفوذ كلمته وسعة شهرته فحاولت استمالته إليها ولكنها لم تفلح لأنه كان لا يرغب أن يندفع في تيار الجمعيات ويذيب آراءه وشخصيته في آراء وشخصيات لايعتقد فيها النفع العام .
ومن جهة أخرى أوجس من هذه الجمعية خيفة على العروبة والعربية فعدت الجمعية أباء هذا من قبيل المناواة فأخذت تكيد له وتترقب به الدوائر .
وكان من اشد أعضائها حنقا عليه وموجدة جمال باشا عندما كان على ولاية بغداد وكان المترجم لا يحفل بذلك ولم يزل يجاهر بآرائه على رؤوس الملا وافقت آراء القوم أم خالفتها . وعندما أعلنت الحرب الكبرى ونصبت المشانق لأحرار العرب في سورية رأى القوم إن الفرصة قد سنحت للانتقام منه فسيق إلى جبل لبنان مع من سيق من كبار أبناء العرب إلى هناك و قبل أن يتم حكم القوم فيه بضعة أيام فوجؤا باضطرام الثورة العربية في الحجاز و هنا لمسوا عاقبة بغيهم فأوقفوا حركة التنكيل و التقتيل .
وفي الوقت نفسه لم يجدوا للمترجم أي ذنب سوى أصالته في العروبة و تفانيه في الذب عنها.
فاكتفوا بنفيه إلى بعض قرى الاناضول .
وبعد جهد تمكن كبار أصدقائه في الأستانة من نقله إليها فبقى هناك بعيدا عن الأهل و الوطن إلى أن وضعت الحرب أوزارها و عند ذاك رجع إلى العراق فوجده مثقلا بالأعباء التي لاتطاق بأن تحت كابوس الاحتلال المشين . فأبت عليه حميته إلا الوقوف في وجه السلطة المحتلة مطالبا بإنهاء عهد الاحتلال ورفع راية الاستقلال وفاء بالعهود التي قطعوها للعرب.
وبرا بالوعد التي وعدوا بها . فهال موقفه هذا في بادئ الأمر كثيرا من أهل المكانة و الوجاهة و خاف عليه بعضهم من بطش القوة المحتلة التي لم يكن يملك تجاهها سوى الأيمان بالحق و صراحة العزم وسطوع البرهان .
وهذا كله في نظر الكثير من الناس لايغيني فتيلا إمام القوة المادية الصماء.ولكن الشيخ ابى إلا إن يصدع بدعوته ويجهر بحجته وعند ذاك وجد بعض الزعماء الغيارى على رايه فوحدوا مساعيهم وجدوا في السعي إلى إن كان ما كان من اضرام نار الثورة في البلاد وعندها رأت السلطة المحتلة ان تبيته في داره للقبض عليه ولكنه كان شديد اليقظة فعلم بما بيتت له قبل التنفيذ بمدة يسيرة .

وبعد عناء لايوصف تمكن من مبارحه العامة إلى مركز الثورة وبقى هناك إلى إن راى ان الثورة قد اذنت بالانتهاء فخرج مع من خرج من الزعماء إلى البادية ولم يزل متنقلا فيها تتقادمه اغوارها ونجادها إلى ان حل ربوع الشام بعد ان لقى من الاهوال ما لقى وبقى هناك موضع التجلة والتكريم إلى إن اعلنت الحكومة البرطانية عزمها على تبديل سياستها في العراق على الوجه الذي يرغب فيه الوطنيون و اعلنت ايضا عن عفوها على زعماء الثورة فعقل راجعا مع من رجع من رجالات البلاد إلى الوطن العزيز بصحبة صاحب الجلالة الملك فيصل الأول .وكان لأرائه محلها من الاحترام إثناء القيام بتأسيس أوضاع الحكومة الوطنية وإحضار لائحة القانون الأساسي .ثم عند تأسيس البرلمان عين عضوا في مجلس الأعيان وانتخب لرئاسة هذا المجلس.ثم أعيد الصافية.مقام الرئاسة في كل عام إلى إن تم احد السنوات الأربع التي تعتبر نصف المدة القانونية لأعضاء هذا المجلس وكان المترجم طول هذه المدة مثال الهمة العالية.والفكرة الصافية.ونفوذ النظر في جلائل الإعمال .

وقوة التبصر في دقائق الأحوال .مرموقا بعين التبجيل والاجلال مرموقا بالتكريم والأفضال .وبالجملة فقد تحققت فيه فراسة المؤلف الفاضل عليه الرحمة باجلى مظاهرها واجل مفاخرها .وقد وافاه القضاء المحتوم في 28 آب سنة 1929 م على اثر مرض عضال لم يمهله أكثر من عشرة أيام فكان لمنفاه رنة أسف واسى في طول البلاد وعرضا .وشيع جثمانه إلى مرقده باحتفال عظيم مهيب لم تشهد عاصمة الرشيد إلا قليلا من أمثاله.

وقد رفع نعشه على عربة ومشت عشرات الألوف في تشييعه وأطلقت المدافع عندما أودع مرقده الأخير.وقد أعقب الفقيد أنجالا .بل أشبالا يفتخر بهم الوطن وتتباهى فيهم المعالي والأمل معقود بان سيكون لهم من الشأن في خدمة الشعب ما يحفظ لهذا البيت الرفيع مكانته ورفع منزلته والله ولي التوفيق.




hgado d,st fk kulhk hgs,d]d hgufhsd